تتعدد أصناف الحلويات الشرقية ما بين البسبوسة والكنافة والهريسة والزلابية والبقلاوة والجلاش وبلح الشام، حيث تتميّز بلذتها ومذاقها الطيب، لذا فهي من أكثر الحلويات طلباً، سواء في المناسبات أو في مختلف أوقات العام.
وتتميز مصر بخيارات متعددة من هذه الأصناف التي لا نهاية لها، خصوصاً التي تصنع هناك، لتصدق عليها المقولة الشهيرة التي تناقلتها الأجيال المتعاقبة وتغنت بها ألسنة المصريين منذ مئات السنين: «اللي بنى مصر كان في الأصل حلواني».
فالمحال المتخصصة في تحضير الحلويات الشرقية بمصر سعت مبكراً لوضع لمساتها على كل أصناف الحلويات الشرقية، فامتدت يد «الحلواني» مطورة أصنافها وأشكالها ومذاقاتها، لذا تظل هذه المحال هي مقصد المصريين من كل الفئات الاجتماعية، لا سيما في الأحياء الشعبية، نظراً لتخصصها منذ عشرات السنين في صناعة الحلويات الشرقية، ولا تزال تحافظ على سمعتها وريادتها وزبائنها، وكذلك تناسب أسعارها مختلف الفئات.
في أحد أحياء القاهرة العريقة، الذي ارتبط بعالم الدراما التلفزيونية، يكتسب «حلواني الحلمية» شهرة كبيرة، متخذاً اسمه من الحي الشعبي، بل أضاف هو للمترددين على هذا الحي شغفاً خاصاً، فلا يمكن لزائر هذا المكان بشرق القاهرة إلا ويذهب إلى «حلواني الحلمية»، كي يتذوق أصنافه المتعددة، وينعش بها ذائقته أو ينفض بها همومه.
فقبل نحو مائة عام؛ بدأت النواة الأولى لهذا الحلواني الشهير، عندما اشتهرت عربة صغيرة لبيع البسبوسة في أول شارع الحلمية، كان يقف عليها العم محمد علي، الذي كان يصنع البسبوسة ويقدمها لمرتادي الحي، كما كان يتعمد بيع كمية قليلة لكل زبون يقصده، بغرض تسويقي بأن تصل إلى أكبر عدد من الزبائن، وبالتالي تشتهر بضاعته التي وجدت بالفعل استحسان متذوقيها.
مع وفاة العم محمد انتقلت العربة والصناعة إلى نجله محمود، الذي عمل على افتتاح أول محل في الحي نفسه، لتبدأ صناعته في التطوير والتوسع في الأصناف، وعاماً بعد آخر اشتهرت الحلويات الشرقية التي يقدمها، حتى أصبحت بسبوسة «الحاج محمود» - على وجه الخصوص - ذات شهرة في المنطقة وتجتذب إليها العشرات يومياً من كل الأحياء، لتكون الخطوة التالية افتتاح فروع جديدة بالقاهرة، لتلبية رغبات الزبائن المتطلعين لتذوق الحلويات الشرقية على أصولها.
حالياً يدير الجيل الثالث أفرع الحلويات، التي ما زالت تحافظ على الشهرة وسر المذاق الذي وضعه الجد الأول وحافظ عليه الأبناء لعقود متتالية، خصوصاً البسبوسة، ما جعله يُلقّب بـ«ملك البسبوسة في مصر»... لكن ما السر وراء هذه الشهرة؟
يجيب محمد محمود، أحد أصحاب «حلواني الحلمية»، عن سؤال «الشرق الأوسط»، بقوله: «من أسباب شهرتنا أن المكونات التي نعتمد عليها لم تتغير، وأساسها السمن البلدي الصافي، المحسوب كمياته بدقة، لتكون ظاهرة أمام أعين الزبون ويشعر بمذاقها في الحلويات، فالبسبوسة على سبيل المثال يجدها الزبون غارقة في السمن، كما أننا لم نغير نوع السمن المستخدم في كل الحلوى منذ عقود».
ويكمل: «الحفاظ على المكانة يأتي أيضاً من خلال ضبط نسب المكونات الأخرى، فغرام واحد يزيد أو ينقص من السكر أو العسل يمكنه أن يفسد الخلطة، فيجعلها هشة أو صلبة، لذا فالحفاظ على الجودة أهم ما نسعى إليه، يضاف إلى ذلك الابتكار المتجدد في أصناف وأشكال الحلويات الشرقية بما يلبي رغبات الزبائن من مختلف الفئات والطبقات، لكن مع الحفاظ على الطابع الكلاسيكي، الذي يحافظ على المذاق في المقام الأول، وهو من أهم أسرار نجاحنا».
ويؤكد محمود أنه بتطبيق هذه الفلسفة تتربع البسبوسة على عرش مبيعاته، سواء كانت سادة أو بالمكسرات (البندق والفستق)، ما جعل زبائنه يطلقون عليه «ملك البسبوسة في مصر»، ورغم ذلك يلفت إلى أن الجلاش والكنافة يحملان نفس شهرة البسبوسة لديهم، كما يقدم الكعك بأنواعه، ولم يمنع هذا التخصص أن تمتد صناعتهم إلى الحلويات الغربية كذلك، مثل «البيتي فور» والتورتات والجاتوهات والشيكولاتات.
ويشير إلى أن مذاق الحلويات الشرقية لديه يجتذب الزبائن من بلدان عديدة، على رأسها السعودية والإمارات والبحرين، إلى جانب دول الشام التي تشتهر بالحلويات الشرقية، لافتاً إلى أن الـ«يوتيوبرز» السعوديان حسين سلام، الملقب بـ«سحس»، وسلطان الفيصل، قاما بالزيارة والتصوير لديهم، مؤكداً أن عشرات الأجانب من دول روسيا وأميركا وأستراليا وفرنسا وألمانيا يأتون خصيصاً إليه لتذوق حلويات «الحلمية»، بعد أن وصلت شهرة مذاقاتها إليهم، بل ويحملونها كهدايا إلى ذويهم مع انتهاء زيارتهم لمصر.
«حلواني الحلمية»... 100 عام على سر المذاق
عربة صغيرة اجتذبت الجمهور محلياً ودولياً
«حلواني الحلمية»... 100 عام على سر المذاق
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة