محروقات إيران تثير عاصفة سياسية في لبنان... وتحذيرات من «شق الطريق إلى جهنم»

صمت رئاسي على إعلان نصر الله عن انطلاق سفينة المازوت

محروقات إيران تثير عاصفة سياسية في لبنان... وتحذيرات من «شق الطريق إلى جهنم»
TT

محروقات إيران تثير عاصفة سياسية في لبنان... وتحذيرات من «شق الطريق إلى جهنم»

محروقات إيران تثير عاصفة سياسية في لبنان... وتحذيرات من «شق الطريق إلى جهنم»

أثار إعلان أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله أمس عن انطلاق سفينة محملة بالمازوت من إيران باتجاه لبنان، عاصفة سياسية وتحذيرات من «شق الطريق السريع إلى جهنم»، و«مصادرة القرار الاقتصادي» اللبناني، ودفع لبنان إلى العقوبات الدولية.
وفي ظل انقطاع المحروقات من الأسواق اللبنانية، عكس إعلان نصر الله ارتباكاً في المشهد السياسي اللبناني، وسط تصاعد التحذيرات لدى خصومه من مخاطر الخطوة التي «يمكن أن تشعل حرباً مع إسرائيل في حال اعتراض السفينة»، وصمت حلفاء له، في غياب أي إيضاحات من رئاسة الجمهورية ووزارة الطاقة المعنية إدارياً بالملف.
وقالت مصادر نيابية لبنانية غير معارضة لـ«حزب الله» إن القرار «لدى السلطة التنفيذية المتمثلة بالحكومة اللبنانية ووزارة الطاقة» وهي الجهة المخولة منح الإذن لتفريغ الشحنات في منشآت النفط التابعة إدارياً إلى المديرية العامة للنفط، مشددة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن السلطة التنفيذية «هي من يجب أن تتحمل تبعات خطوة مشابهة»، داعية إلى التريّث لمعرفة موقف الدولة اللبنانية من إعلان نصر الله.
ونفت مصادر في وزارة الطاقة اللبنانية تلقي «أي طلب رسمي لطلب إذن استيراد النفط الإيراني إلى لبنان براً أو بحراً»، مؤكدة في الوقت نفسه لقناة «إم تي في» أنه «لم يطلب منها إذن للتفريغ والتخزين والتوزيع».
وقال نصر الله في كلمته أمس في ذكرى عاشوراء: «سفينتنا الأولى التي ستنطلق من إيران محملة بالمواد النفطية أَنجزت كل الترتيبات»، مضيفاً أنها «حُمّلت بالأطنان المطلوبة، وستبحر خلال ساعات إلى لبنان» من غير الكشف عن الآليات التنفيذية لها، مكتفياً بالقول إنها لدى وصولها إلى البحر المتوسط سيجري الإعلان عن الخطوات.
وقال: «أعطينا الأولوية في السفينة الأولى لمادة المازوت من أجل «المستشفيات ومصانع الأدوية ومصانع المواد الغذائية وأفران الخبز ومولدات الكهرباء». وحذّر نصر الله الإسرائيليين والأميركيين من أن حزبه سيعتبر السفينة «أرضاً لبنانية»، ما ينذر بردّ منه في حال تعرضها لهجوم، بعدما شهدت سفن مرتبطة بإيران وإسرائيل هجمات في الأشهر الماضية، اتهم كل طرف الآخر بالوقوف خلف بعضها.
ويقدر أن تصل شحنة النفط الإيرانية إلى لبنان خلال مدة تتراوح بين 12 و15 يوماً، فيما لم يتم الجزم ما إذا كانت الشحنة ستُفرغ في الموانئ اللبنانية أم في ميناء سوري وتُنقل براً إلى لبنان.
ورفع إعلان نصر الله وتيرة المخاوف اللبنانية من تداعيات هذه الخطوة. وسأل الرئيس سعد الحريري في بيان: «هل ما سمعناه عن وصول السفن الإيرانية هو بشرى سارة للبنانيين أم إعلان خطير بزج لبنان في وحول صراعات داخلية وخارجية؟». وقال الحريري: «يعلم الحزب أن سفن الدعم الإيرانية ستحمل معها إلى اللبنانيين مخاطر وعقوبات إضافية على شاكلة العقوبات التي تخضع لها فنزويلا ودول أخرى».
ورأى الحريري أن اعتبار السفن الإيرانية وكأنها أراضٍ لبنانية «يشكل قمة التفريط بسيادتنا الوطنية، ودعوة مرفوضة للتصرف مع لبنان كما لو أنه محافظة إيرانية»، مضيفاً «نحن بما نمثل على المستوى الوطني والسياسي لن نكون تحت أي ظرفٍ غطاء لمشاريع إغراق لبنان في حروب عبثية تعادي العرب والعالم».
وسأل الحريري: «هل نحن في دولة تسلم فيها (حزب الله) كل الحقائب الوزارية، من الصحة إلى الاقتصاد إلى الدفاع إلى المرافئ والأشغال العامة، له ساعة يشاء أن يطلب الدواء من إيران، وأن يستدعي السفن الإيرانية المحملة بالمازوت والبنزين وأن يهدد بإدخالها بحراً وبراً وجهاراً نهاراً، رغماً عن السلطات العسكرية والأمنية؟».
وأكد الحريري أن «المواقف التي سمعناها تقول للبنانيين إنهم لا يريدون حكومة»، متسائلاً: «أي حكومة هذه التي يريدونها أن تفتتح عملها باستقبال السفن الإيرانية والاصطدام مع المجتمع الدولي، في وقت أحوج ما يكون فيه لبنان إلى حكومة تحظى بدعم الأشقاء والأصدقاء». وقال: «يستطيع (حزب الله) أن يحصل على تأشيرة تواطؤ مع العهد، وأن يغطي نفسه بصمت الفريق الرئاسي، لكنه لن يحصل من أكثرية اللبنانيين على إجازة مرور لتسليم لبنان للسطوة الإيرانية». ورأى أن «هذه مواقف ستضاعف من معاناة الناس المعيشية والاقتصادية، وتشق الطريق السريع إلى جهنم».
وإثر إعلان نصر الله، وجه رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع رسالة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون عن الباخرة الإيرانية موجهاً اللوم إلى وزير الطاقة الذي اعتبره جعجع محسوباً على عون، على خلفية عدم منح الوزير إذونات للشركات الخاصة وبعض القطاع الخاص لاستيراد البنزين والمازوت بأسعاره الحقيقية وطرحه في السوق بعدما عجزت الدولة عن تأمينه مدعوما. وقال: «تفاجأنا بأن (حزب الله) سيأتي بباخرة مازوت ويفرغها أغلب الظن في مصفاة الزهراني»، سائلاً: «هل يا فخامة الرئيس تتركون الحزب الذي صادر القرار الاستراتيجي والعسكري والأمني، بأن يصادر اليوم القرار الاقتصادي ضاربا اللبنانيين ومصالحهم عرض الحائط ومسقطا القطاع الخاص نهائيا، وقاطعا عن اللبنانيين كل سبل العيش الكريم والمقبول؟».
وحمل جعجع عون «المسؤولية الكاملة عما يمكن أن يلحق بالبلد من جراء عدم تحرير استيراد النفط والأدوية وغيرهما، في الوقت الذي تتركون فيه (حزب الله) يقوم بالأمر بوسائل ملتوية وغير قانونية دوليا، ستعرِّض لبنان لكارثة حقيقية».
بدوره، حذر رئيس حزب «الكتائب» النائب المستقيل سامي الجميل من أن «النفط الإيراني يخرق القانون الدولي ويتسبب بحصار وعقوبات للبنان»، معربا عن أسفه لـ«غياب رئيس الجمهورية التام والوزراء والنواب».
وقال الجميل: «ليس نصر الله من يفك الحصار بل الحصار سوف يأتي بسبب حسن نصر الله والباخرة تخرق القانون الدولي والعقوبات على إيران، وستتسبب للبنان بحصار وعقوبات». ورأى في حديث إذاعي أن «طريقة نصر الله تكبر المشكلة وهي مخالفة لسياسة لبنان ولكل القوانين اللبنانية، وهي تعد على السلطة اللبنانية والدولة والحكومة، التي هي من المفترض أن تكون سيدة على كل القرارات المهمة التي لها علاقة بمستقبل لبنان».



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.