«النقد الدولي» يعلق مساعدات أفغانستان بعد تدخل أميركي

أعلن صندوق النقد الدولي أنه علق المساعدات لأفغانستان (رويترز)
أعلن صندوق النقد الدولي أنه علق المساعدات لأفغانستان (رويترز)
TT

«النقد الدولي» يعلق مساعدات أفغانستان بعد تدخل أميركي

أعلن صندوق النقد الدولي أنه علق المساعدات لأفغانستان (رويترز)
أعلن صندوق النقد الدولي أنه علق المساعدات لأفغانستان (رويترز)

أعلن صندوق النقد الدولي أنه علق المساعدات المرصودة لأفغانستان بسبب «الضبابية المحيطة» بوضعية القادة في كابل بعد سيطرة حركة «طالبان» على البلاد، وذلك بعد إعلان مسؤولين أميركيين اتخاذ خطوات للحيلولة دون وصول المبالغ المالية لحركة «طالبان».
وصرح متحدّث باسم «الصندوق» لوكالة الصحافة الفرنسية، مساء الأربعاء، بأنّ الهيئة المالية «تتبع رؤى المجتمع الدولي». وتابع: «هناك حالياً عدم وضوح لدى المجتمع الدولي بالنسبة للاعتراف بحكومة في أفغانستان، وبالتالي لا يمكن لهذا البلد أن يستفيد من حقوق السحب الخاصة أو غيرها من موارد صندوق النقد الدولي».
وقال مسؤول بوزارة الخزانة الأميركية، الأربعاء، إن الوزارة تتخذ خطوات لمنع «طالبان» من الوصول إلى نحو 455 مليون دولار قيمة مخصصات جديدة في صندوق النقد الدولي من المنتظر أن تكون متاحة لأفغانستان الأسبوع المقبل.
ولم يقدم المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، تفاصيل بشأن الإجراءات المحددة التي تتخذها «الخزانة الأميركية»، والتي تأتي في أعقاب رسالة من مشرعين جمهوريين تحث وزيرة الخزانة جانيت يلين على «التدخل» لدى صندوق النقد لضمان ألا تكون أي من حقوق السحب الخاصة في الصندوق متاحة لـ«طالبان».
وكان من المقرّر أن يحرّر صندوق النقد دفعة أخيرة من المساعدات لأفغانستان في إطار برنامج تمّت المصادقة عليه في 6 نوفمبر (تشرين الثاني) 2020 بإجمالي قدره 370 مليون دولار. وكان البرنامج الممتد على 42 شهراً قد أفضى إلى تحرير دفعة أولى فورية بلغت 115 مليون دولار. وحُررت الدفعة الثانية التي بلغت 149.4 مليون دولار في مطلع يونيو (حزيران) بعد تقييم أول للتقدّم الذي أُحرز على صعيد تنفيذ البرنامج. وبقيت الدفعة الأخيرة البالغة 105.6 مليون دولار.
وحقوق السحب الخاصة التي أطلقت في عام 1969 ليست عملة ولا وجود مادياً لها. وتستند قيمتها إلى سلة من 5 عملات دولية رئيسية هي: الدولار، واليورو، والجنيه الإسترليني، والرينمينبي (اليوان)، والين. وبمجرد إصدارها، يمكن استخدام حقوق السحب الخاصة كعملة احتياطية تعمل على استقرار قيمة العملة المحلية أو تحويلها إلى عملات أقوى لتمويل الاستثمارات. وتكمن الفائدة بالنسبة للبلدان الفقيرة في الحصول على العملات الصعبة دون الحاجة إلى دفع أسعار فائدة كبيرة.
ويجوز للصندوق، بمقتضى اتفاقية تأسيسه، وعند استيفاء شروط محددة، أن يوزّع مخصّصات من حقوق السحب الخاصة على البلدان الأعضاء المشاركة في إدارة حقوق السحب الخاصة. ويضمّ صندوق النقد الدولي حاليا 190 بلداً.
وبعدما حاربت «طالبان» طوال عقدين، تجد الدول الغربية نفسها أمام معضلة إقامة علاقات مع الحركة المتشدّدة التي سيطرت على السلطة في أفغانستان. وأفغانستان؛ التي تعتمد بشكل كبير على المساعدات الدولية، إحدى أفقر دول العالم.
بدوره؛ يموّل البنك الدولي حالياً نحو 20 مشروعاً تنموياً في أفغانستان، وقد قدّم منذ عام 2002 ما مجموعه 5.3 مليار دولار؛ القسم الأكبر منها على شكل هبات. ولم يتّضح حتى الآن مستقبل هذه البرامج التنموية في وقت يبذل فيه البنك الدولي قصارى جهوده لإخراج موظفيه من أفغانستان.
ووفقاً لمذكرة داخلية موجّهة إلى موظفي البنك الدولي اطّلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية، فإنّ «الإدارة تعمل على مدار الساعة على تنظيم إجلاء عاجل لموظفينا وأفراد عائلاتهم». والأربعاء أعلنت شركة «ويسترن يونيون» المختصة في الحوالات المالية أنّها علّقت مؤقتاً كل التحويلات المالية إلى أفغانستان، علماً بأن هذه التحويلات تشكّل مصدر تمويل حيوياً للسكان.
وقال مسؤولون أفغان وأميركيون إن معظم أصول البنك المركزي الأفغاني البالغة نحو 10 مليارات دولار موجودة خارج أفغانستان، مما يجعلها بعيدة عن متناول «طالبان». وقال مسؤول بإدارة الرئيس الأميركي جو بايدن إن أي أصول للبنك المركزي الأفغاني محتفظ بها في الولايات المتحدة لن تكون متاحة لـ«طالبان».
وقال رئيس البنك المركزي الأفغاني، الأربعاء، إنّ «طالبان» لن تتمكن من الوصول إلى معظم احتياطات البلاد من النقد رغم استيلائها السريع على السلطة. وكتب أجمل أحمدي، محافظ «البنك المركزي الأفغاني»، على «تويتر»، إن «المصرف لديه احتياطات تقدر بنحو 9 مليارات دولار، لكنّ معظمها موجود في مصارف خارج البلاد، بعيداً عن متناول (طالبان)».
وأضاف أحمدي؛ الذي فر من البلاد الأحد خوفاً على سلامته مع دخول «طالبان» العاصمة كابل: «وفقاً للمعايير الدولية، فإن معظم الأصول محتفظ بها في أصول آمنة سائلة مثل سندات الخزانة والذهب».
وأشار أحمدي إلى أن «الاحتياطي الفيدرالي» يحتفظ بـ7 مليارات دولار من احتياطات البلاد؛ بما فيها 1.2 مليار دولار من الذهب، في حين أن البقية موجودة في حسابات دولية؛ منها في «بنك التسويات الدولية» في بازل.
ووسط تقارير عن قيام «طالبان» باستجواب موظفي البنك المركزي بشأن موقع الأصول، قال: «إذا كان هذا صحيحاً؛ فمن الواضح أنهم في حاجة ماسة إلى إضافة خبير اقتصادي إلى فريقهم».
وقال إن واشنطن قطعت الجمعة الشحنات النقدية إلى البلاد مع تدهور الوضع الأمني، «وهو ما يكون قد غذّى تقارير عن سرقة (طالبان) الاحتياطات؛ لأن مصارف البلاد لم تتمكن من إعادة المبالغ بالدولار لأصحاب الحسابات».
وبالإضافة إلى تجميد الأصول، يمكن لواشنطن أيضاً أن تحظر المساعدات لأفغانستان من مقرضين متعددي الأطراف مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، كما فعلت مع أنظمة أخرى لا تعترف بها، مثل فنزويلا.


مقالات ذات صلة

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الاقتصاد يعرض الناس البضائع للمشاة في ساحة تايمز سكوير بنيويورك (رويترز)

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» ينخفض قرب مستويات ما قبل الجائحة

أعلنت الحكومة الأميركية، يوم الخميس، أن مؤشر التضخم، الذي يراقبه «الاحتياطي الفيدرالي» من كثب، قد انخفض إلى مستويات قريبة مما كانت عليه قبل الجائحة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد خلال مشاركة محمد الجاسر في نقاش المائدة المستديرة (البنك الإسلامي للتنمية)

«البنك الإسلامي»: البيانات والمعرفة مفتاح التنمية المستدامة في الاقتصادات النامية

أكد رئيس البنك الإسلامي للتنمية الدكتور محمد الجاسر، دور شراكات البيانات والمعرفة في دفع عجلة التنمية الإقليمية والعالمية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد وزير المالية المصري في لقائه بأمين لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا ونائب السكرتير التنفيذي للجنة على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين بواشنطن (وزارة المالية)

مصر: مبادلة الديون بالاستثمارات من أهم الحلول المبتكرة للأزمة

قال وزير المالية المصري إن مبادلة الديون بالاستثمارات تمثل أحد أهم الحلول المبتكرة لأزمة الديون، وتُسهم في تعزيز المسار التنموي بالدول الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص وزير الاقتصاد اللبناني أمين سلام في مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط» (الشرق الأوسط) play-circle 01:11

خاص وزير الاقتصاد اللبناني لـ«الشرق الأوسط»: حجم الخسائر الاقتصادية قارب 20 مليار دولار

قال وزير الاقتصاد اللبناني، أمين سلام، في مقابلة خاصة مع «الشرق الأوسط»، إن حجم الخسائر الاقتصادية في لبنان خلال الحرب وصل إلى نحو 20 مليار دولار.

رنا أبتر (واشنطن)

«المركزي التركي» يرفع توقعات التضخم ويؤكد استمرار السياسة النقدية المتشددة

الناس يتسوقون في البازار الكبير في إسطنبول (رويترز)
الناس يتسوقون في البازار الكبير في إسطنبول (رويترز)
TT

«المركزي التركي» يرفع توقعات التضخم ويؤكد استمرار السياسة النقدية المتشددة

الناس يتسوقون في البازار الكبير في إسطنبول (رويترز)
الناس يتسوقون في البازار الكبير في إسطنبول (رويترز)

رفع البنك المركزي التركي توقعاته لمعدل التضخم للعام الحالي والعام المقبل إلى 44 في المائة و21 في المائة على التوالي، وذلك في خطوة جديدة تعكس صعوبة المعركة المستمرة ضد التضخم. وفي الوقت نفسه، أكد محافظ البنك، فاتح كاراهان، عزم المركزي الاستمرار في تطبيق سياسة نقدية متشددة بهدف تسريع عملية خفض التضخم وتحقيق الأهداف.

وكان التقرير السابق للبنك المركزي، الذي صدر قبل ثلاثة أشهر، قد توقع أن يصل معدل التضخم إلى 38 في المائة بنهاية عام 2024، و14 في المائة في 2025. ويبرز التعديل الأخير التحديات الكبيرة التي يواجهها البنك في مواجهة التضخم، الذي بدأ فعلياً منذ 18 شهراً، مع تنفيذ زيادات حادة في أسعار الفائدة، وفق «رويترز».

وفي تقديمه لتحديث ربع سنوي في أنقرة، أشار كاراهان إلى تحسن في الاتجاهات الأساسية للتضخم، رغم أن أسعار الخدمات تتراجع بوتيرة أبطأ من المتوقع. وأضاف قائلاً: «سنحافظ بشكل حاسم على موقفنا الصارم في السياسة النقدية حتى يتحقق استقرار الأسعار. ومع تراجع التضخم في قطاع الخدمات، من المتوقع أن يواصل الاتجاه الأساسي للتضخم انخفاضه بشكل أكبر في عام 2025».

وظل التضخم السنوي في أكتوبر (تشرين الأول) أعلى من المتوقع، إذ وصل إلى 48.58 في المائة سنوياً على خلفية السياسة المتشددة، وما يسمى بالتأثيرات الأساسية، انخفاضاً من ذروة تجاوزت 75 في المائة في مايو (أيار).

من جهة أخرى، سجل التضخم الشهري، الذي يراقبه البنك عن كثب لتحديد التوقيت المناسب لخفض الفائدة، زيادة بنسبة 2.88 في المائة نتيجة لارتفاع أسعار الملابس والغذاء.

ومنذ يونيو (حزيران) 2023 حتى مارس (آذار) 2024، قام البنك المركزي برفع أسعار الفائدة بمقدار 4150 نقطة أساس إلى 50 في المائة، في تحول مفاجئ نحو سياسة نقدية تقليدية بعد سنوات من الفائدة المنخفضة التي كانت تهدف إلى تحفيز النمو الاقتصادي.

إردوغان يلتزم بالانضباط الاقتصادي

من جانبه، أكد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، الذي كان يُنظر إليه في الماضي على أنه كان له تأثير مباشر على السياسة النقدية، أنه «لا يجب أن يشكك أحد في الانخفاض المستمر للتضخم»، مشيراً إلى أن الإجراءات الاقتصادية ستستمر بثبات وعزم لتخفيف ضغوط الأسعار.

كان البنك المركزي قد حذر الشهر الماضي من أن الارتفاعات الأخيرة في بعض مؤشرات التضخم قد أدت إلى زيادة حالة عدم اليقين، مما دفع المحللين إلى تأجيل توقعاتهم بشأن أول خفض لأسعار الفائدة إلى ديسمبر (كانون الأول) أو يناير (كانون الثاني) المقبلين.

وفي هذا السياق، أوضح كاراهان أن التوقعات الجديدة للتضخم تعتمد على الاستمرار في السياسة النقدية المتشددة، مضيفاً أن البنك المركزي سيقوم «بكل ما هو ضروري» للحد من التضخم، مع الإشارة إلى التراجع الكبير في المعدل السنوي للتضخم منذ مايو الماضي.