باحث أميركي: قصة أفغانستان لن تنتهي بسيطرة «طالبان»

أشخاص يصلون من أفغانستان يعبرون السياج عند نقطة عبور بوابة الصداقة في بلدة شامان الحدودية الباكستانية الأفغانية (رويترز)
أشخاص يصلون من أفغانستان يعبرون السياج عند نقطة عبور بوابة الصداقة في بلدة شامان الحدودية الباكستانية الأفغانية (رويترز)
TT

باحث أميركي: قصة أفغانستان لن تنتهي بسيطرة «طالبان»

أشخاص يصلون من أفغانستان يعبرون السياج عند نقطة عبور بوابة الصداقة في بلدة شامان الحدودية الباكستانية الأفغانية (رويترز)
أشخاص يصلون من أفغانستان يعبرون السياج عند نقطة عبور بوابة الصداقة في بلدة شامان الحدودية الباكستانية الأفغانية (رويترز)

قد يتبادر إلى الأذهان أن تطورات المشهد في أفغانستان قد تنحصر في سيطرة حركة «طالبان» على مفاصل الدولة وفرضها لرؤيتها المتشددة، إلا أن المشكلة على ما يبدو أعمق من ذلك، إذ تحتمل تقسيم أفغانستان نفسها بسبب تفاعلات إقليمية مع دول الجوار.
ويقول مايكل روبين، زميل معهد أميركان إنتربرايز، المتخصص في شؤون إيران وتركيا والشرق الأوسط بشكل عام، في تقرير نشرته مجلة ناشيونال إنتريست الأميركية إن حركة «طالبان» استولت على القصر الرئاسي في كابل، وأكملت حربها الخاطفة عبر أفغانستان. وفر الرئيس أشرف غني من البلاد بشكل مخزٍ. وكتب وزير الدفاع بسم الله خان محمدي: «لقد قيدوا أيدينا من الخلف وباعوا البلاد... اللعنة على غني وعصابته».
ولعبة اللوم جارية في واشنطن. وألقى الرئيس جو بايدن باللوم على سلفه الرئيس دونالد ترمب واتفاق السلام مع «طالبان»، الذي حدد موعداً نهائيا للانسحاب الأميركي. ولم يكن الاتفاق في عهد ترمب مدروساً، لكن أعذار بايدن مخادعة لثلاثة أسباب. أولاً، لم تلتزم «طالبان» بالاتفاق وأبطلته.
ثانياً، مر الموعد النهائي لانسحاب الولايات المتحدة قبل عدة أشهر، وأخيراً، لم يلتزم بايدن باتفاقات أخرى في عهد ترمب حول الجدار الحدودي وخط أنابيب كيستون إكس إل، وبالتالي فإن الفكرة القائلة بأن ترمب قيد يديه هي مجرد هراء.
ومع ذلك، ففي حين يرفرف علم «الإمارة» الآن فوق القصر الرئاسي في كابل، فإن انتصار «طالبان» ليس نهاية القصة. إن شعور «طالبان» بالزهو ليس مقياساً لشعبيتها قدر كونه نتيجة لدعمها من جانب باكستان، فنادراً ما يقاتل الأفغان حتى الموت، بل يجنحون بدلاً من ذلك إلى الجانب الأقوى.
وكان إظهار بايدن للضعف والقسوة هدية لقادة «طالبان» الذين يسعون إلى إقناع حكام الولايات بالتنحي عن السلطة مقابل النجاة بأرواحهم.
غير أن حركة «طالبان» ليست قوية كما قد تبدو. ويقول روبين إنه في مارس (آذار) 2000. زار إمارة لـ«طالبان». وفي ذلك الوقت، كانت «طالبان» تسيطر على 90 في المائة من البلاد. وقد مارست الحركة ضغوطاً على واشنطن للاعتراف بها. وقال روبين: «قدت السيارة عبر ممر خيبر من بيشاور في باكستان، ثم زرت جلال آباد وكابل وغزنة وقندهار. وفي كل مدينة، قال الأفغان إن الأمن الذي وعدت به (طالبان) عندما وصلت الحركة في البداية اختفى بسرعة عندما بدأت (طالبان) نفسها تفترس الشعب».
وفي حين يقول بعض التقدميين والانعزاليين وغيرهم من منتقدي السياسة الخارجية الأميركية التقليدية إن إدارة الرئيس الراحل رونالد ريجان أنشأت حركة «طالبان»، فإن هذا هراء عفا عليه الزمن: فقد دعمت الولايات المتحدة المجاهدين مثل أحمد شاه مسعود وآخرين من الذين أصبحوا نواة التحالف الشمالي الذي حارب «طالبان».
وخلال هذه الفترة، صمد التحالف الشمالي. وعبر العديد من المنتمين له الحدود الطاجيكية التي كانت من بين عدد قليل من الحدود المفتوحة أمامهم.
وقال روبين إنه في عام 1997. زار مزار الشريف أيضاً، وكانت في ذلك الوقت تحت سيطرة عبد الرشيد دوستم. ثم دخل من تيرميز في أوزبكستان، وهو الطريق الذي دعمت أوزبكستان وتركيا من خلاله أمير الحرب بالوكالة لهما. وفي عام 1999. كادت إيران وحركة «طالبان» أن تخوضا الحرب بعد أن ذبحت «طالبان» دبلوماسيين وعملاء استخبارات إيرانيين في قنصليتها بمزار الشريف. ودعم الإيرانيون إسماعيل خان كامير حرب بالوكالة في حين أنه لم يسيطر على الأرض.
ويقول روبين إن كل دولة من الدول المجاورة لأفغانستان باستثناء باكستان تخشى «طالبان». ومن المتوقع أن يرعى كل منها خلال الأسابيع القليلة القادمة الميليشيات وأمراء الحرب الذين سيحاولون الاستيلاء على الأراضي على طول الحدود لتكون بمثابة حاجز. ومن المؤكد أن روسيا سوف تساعد الجمهوريات السوفياتية السابقة المتاخمة لأفغانستان، لأن روسيا تخشى التطرف بين سكانها المسلمين المتزايدين.
ولأن «طالبان» اعتمدت على الزخم أكثر من براعتها العسكرية، فإن هذا يعني أنها قد تفقد قريباً بعض الولايات الطرفية. فولاية هيرات، على سبيل المثال، كانت جزءاً من إيران. وإذا بذلت إيران جهوداً متضافرة لوضع أحد من يعملون بالوكالة لحسابها في السلطة هناك، فمن المرجح أن تنجح. كما يمكنها تأكيد سيطرتها على فراه ونيمروز، وهما ولايتين أخريين تتقاسمان معها حدوداً. وينطبق الشيء نفسه على منطقة بدخشان في شمال شرقي أفغانستان المتاخمة لطاجيكستان، وذلك وفقاً لما ذكره مايكل روبين، زميل معهد أميركان إنتربرايز، المتخصص في شؤون إيران وتركيا والشرق الأوسط.
ومع نشاط الدول المجاورة لأفغانستان ورعايتها لوكلاء جدد، قد يستغرق الأمر عاماً أو عامين من القتال منخفض الشدة مع «طالبان» قبل أن تؤسس مناطق نفوذها الخاصة وتقسم أفغانستان مرة أخرى كما كانت خلال فترة الحرب الأهلية في التسعينيات.
وفي ختام تقريره يقول روبين إن «طالبان» قد تعلن انتصارها اليوم، ولكنها بالنسبة لأفغانستان لا تمثل نهاية القتال أكثر من كونها فصلاً في تاريخ دموي. ويضيف قائلاً: «استعدوا للمرحلة التالية في الحرب الأهلية الأفغانية».



رئيسة «الجنائية الدولية» تنتقد أميركا وروسيا بسبب التهديدات الموجّهة للمحكمة

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
TT

رئيسة «الجنائية الدولية» تنتقد أميركا وروسيا بسبب التهديدات الموجّهة للمحكمة

خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)
خارج المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بهولندا 26 يونيو 2024 (أ.ب)

انتقدت رئيسة المحكمة الجنائية الدولية، الولايات المتحدة وروسيا، بسبب تدخلهما في تحقيقات المحكمة، ووصفت التهديدات والهجمات على المحكمة بأنها «مروعة».

وقالت القاضية توموكو أكاني، في كلمتها أمام الاجتماع السنوي للمحكمة الذي بدأ اليوم (الاثنين)، إن «المحكمة تتعرض لتهديدات بعقوبات اقتصادية ضخمة من جانب عضو دائم آخر في مجلس الأمن، كما لو كانت منظمة إرهابية»، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وأضافت: «إذا انهارت المحكمة، فإنّ هذا يعني حتماً انهيار كلّ المواقف والقضايا... والخطر على المحكمة وجودي».

وكانت أكاني تشير إلى تصريحات أدلى بها السيناتور الأميركي، ليندسي غراهام، الذي سيسيطر حزبه الجمهوري على مجلسي الكونغرس الأميركي في يناير (كانون الثاني) المقبل، والذي وصف المحكمة بأنها «مزحة خطيرة»، وحض الكونغرس على معاقبة المدعي العام للمحكمة.

القاضية توموكو أكاني رئيسة المحكمة الجنائية الدولية (موقع المحكمة)

وقال غراهام لقناة «فوكس نيوز» الأميركية: «أقول لأي دولة حليفة، سواء كانت كندا أو بريطانيا أو ألمانيا أو فرنسا: إذا حاولت مساعدة المحكمة الجنائية الدولية، فسوف نفرض ضدك عقوبات».

وما أثار غضب غراهام إعلان المحكمة الجنائية الدولية الشهر الماضي، أن قضاة المحكمة وافقوا على طلب من المدعي العام للمحكمة كريم خان بإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق، والقائد العسكري لحركة «حماس» بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية فيما يتصل بالحرب المستمرة منذ ما يقرب من 14 شهراً في غزة.

وقوبل هذا القرار بإدانة شديدة من جانب منتقدي المحكمة، ولم يحظَ إلا بتأييد فاتر من جانب كثير من مؤيديها، في تناقض صارخ مع الدعم القوي الذي حظيت به مذكرة اعتقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العام الماضي، على خلفية تهم بارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

كما وجهت أكاني، اليوم (الاثنين)، أيضاً انتقادات لاذعة لروسيا، قائلة: «يخضع كثير من المسؤولين المنتخبين لمذكرات توقيف من عضو دائم في مجلس الأمن».

وكانت موسكو قد أصدرت مذكرات توقيف بحق كريم خان المدعي العام للمحكمة وآخرين، رداً على التحقيق في ارتكاب بوتين جرائم حرب بأوكرانيا.