السلطات اللبنانية تلاحق مهربي ومخزني المحروقات

ضبط عشرات آلاف اللترات من المازوت والبنزين

دراجات نارية تنتظر أمس أمام إحدى المحطات في بيروت للحصول على البنزين (رويترز)
دراجات نارية تنتظر أمس أمام إحدى المحطات في بيروت للحصول على البنزين (رويترز)
TT

السلطات اللبنانية تلاحق مهربي ومخزني المحروقات

دراجات نارية تنتظر أمس أمام إحدى المحطات في بيروت للحصول على البنزين (رويترز)
دراجات نارية تنتظر أمس أمام إحدى المحطات في بيروت للحصول على البنزين (رويترز)

ضبط الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي عشرات آلاف لترات من المحروقات، في حملة متواصلة ضد مهربي ومخزني المحروقات، في ظل شح كبير بالمادة، ما رفع التحذيرات من أن يؤثر انقطاعها على قطاعات حيوية، بينها الاستشفاء والاتصالات، وتم توزيع بعض المضبوطات على الأفران والمستشفيات.
ويواصل الجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي مداهمة مواقع تُخزن فيها المحروقات بانتظار رفع سعرها بعد رفع الدعم، وهي حملة مستمرة منذ يوم السبت الماضي؛ حيث أجبرت السلطات اللبنانية أصحاب المحطات على فتح أبوابها، كما داهمت مواقع تخزين في جميع المناطق اللبنانية وأجبرت أصحابها على توزيعها على الأفران ومولدات الكهرباء ومحطات ضخ المياه ضمن نطاق البلديات.
وكان مصرف لبنان أكد الأسبوع الماضي أنه عاجز عن توفير الدعم المالي لاستيراد المحروقات، بعدما أنفق نحو 820 مليون دولار الشهر الماضي من غير أن تتوفر المادة في السوق اللبنانية.
وأعلن الجيش اللبناني أمس عن دهم مستودع في المدينة الصناعية في زوق مصبح في جبل لبنان؛ حيث صودرت كمية 65 ألف لتر من المازوت و48 ألف لتر من البنزين، تم توزيعها على المستشفيات والأفران في المنطقة. كما أفاد بدهم خزان محروقات في محلة وادي هونين في جنوب لبنان، وضبطت عناصره بداخله نحو 47 ألف لتر من المازوت. وطلب من اللبنانيين الإبلاغ عن مخزني المحروقات وبائعيه في السوق السوداء.
من جهة أخرى، أعلنت قوى الأمن الداخلي عن ضبط أكثر من 70 ألف لتر من مادة المازوت مخزنة داخل خزانات وصهاريج وإحدى بؤر الخردة في محلة طريق المطار، وضبط كمية أخرى داخل مرملة في المنطقة ذاتها من قبل دورية من مفرزة الضاحية القضائية. وأشارت إلى توزيع الكمية المضبوطة على المستشفيات وأصحاب المولدات.
ودفعت أزمة انقطاع الكهرباء والسلع الأساسية اللبنانيين إلى الشارع، فقطع محتجون في أكثر من منطقة طرقاً بالإطارات المشتعلة احتجاجاً على تردي الأوضاع المعيشية وانقطاع الخبز والكهرباء.
وأثار انقطاع مادة المازوت مخاوف من أزمة خبز إثر توقف بعض المطاحن والأفران في الأسبوع الماضي عن الإنتاج، فضلاً عن مناشدة المستشفيات للمعنيين بتوفير مادة المازوت لها لتشغيل مولداتها الكهربائية.
وأصدرت القاضية المنفردة الجزائية في بيروت، عبير صفا، أمس، قراراً بتكليف فصيلة النهر وبالسرعة القصوى، بتسليم المازوت المخزن المصادر إلى مستشفى الجامعة الأميركية ومستشفى رفيق الحريري الجامعي اللذين يعانيان من أزمة توفر مازوت في خزاناتهما.
وفاقمت أزمة شح مادة المازوت في السوق اللبنانية أزمة انقطاع الكهرباء في الشبكة الموازية التي تعمل مولداتها على مادة المازوت، ما أدى إلى غرق جزء من لبنان بالعتمة. وأشار رئيس تجمّع أصحاب المولدات الخاصة، عبدو سعادة، إلى أنه «لا تسليم مازوت لأصحاب المولّدات، وأي مولّد ينتهي مخزونه سيتمّ إطفاؤه»، ودعا الجيش للكشف على مستودعات الشركات والمصافي فوراً.
وتحدثت معلومات أمس عن أن مصرف لبنان قرر فتح اعتمادات لباخرتين محمّلتين بـ80 مليون لتر من المازوت لإفراغهما على السعر المدعوم، أي 3900 ليرة للدولار الواحد، علماً بأن سعر صرف الدولار في السوق السوداء ناهز 19 ألف ليرة للدولار.
وتصاعدت التحذيرات من تأثير انقطاع مادة المازوت على قطاع الاتصالات. وقال رئيس لجنة الاتصالات والإعلام في البرلمان اللبناني النائب حسين الحاج حسن بعد اجتماع حضره مسؤولون في شركات الاتصالات، إن هناك اقتراحين لمواجهة أزمة شركات الاتصالات، يتمثل الأول في فتح اعتماد إضافي لهيئة «أوجيرو» لتوفير المحروقات، لأن سعر المحروقات واعتماداتها لدى «أوجيرو» لم تعد تكفي بسبب ارتفاع سعر المحروقات في السوق، وعدم توفر المازوت وارتفاع سعر قطع الغيار. وقال: «إننا نحضر اقتراح قانون لزيادة موازنة شركات الاتصالات لمتابعة عملها»، مشدداً على أن «الأزمة الأساسية اليوم هي أزمة المحروقات». وأشار إلى مشكلة «مصادرة بعض الصهاريج»، مضيفاً: «إننا وصلنا إلى فوضى».
وأفادت وسائل إعلام محلية أمس بأن فقدان مادة المازوت تسبب بانقطاع شبه تام للاتصالات الهاتفية الأرضية والخليوية في كثير من القرى والبلدات في منطقة عكار في شمال البلاد، ومعها خدمة شبكة الإنترنت التي أحدثت إرباكاً كبيراً لدى كل القطاعات المصرفية والمالية والإنتاجية، والمؤسسات العامة والخاصة، حيث لا كهرباء ولا ماء. وأشارت إلى أن «ما تؤمّنه بعض المولدات الكهربائية من تغذية لا تتعدى الساعتين نهاراً، ليست كافية لتشغيل القطاعات كافة، ما انعكس جموداً كبيراً في الأسواق التي تعاني بالأساس ركوداً اقتصادياً بسبب تدني القيمة الشرائية لليرة اللبنانية».



مصر: أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت «اتفاق غزة»

مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
TT

مصر: أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت «اتفاق غزة»

مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)

تزامناً مع إعلان هيئة قناة السويس المصرية نجاحها في قطر ناقلة نفط تعرضت لهجوم «حوثي» قبل نحو 7 أشهر، أكدت مصر، الاثنين، أن تحقيق أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال نائب وزير الخارجية والهجرة المصري السفير أبو بكر حفني، إن «أمن البحر الأحمر وثيق الصلة بالأزمات التي تشهدها المنطقة»، مُشيراً إلى «أهمية التوصل إلى حل عادل للأزمة اليمنية، والعمل على تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، بالإضافة إلى تسوية الأزمة السودانية».

جاء ذلك في افتتاح البرنامج التدريبي الذي ينظمه «مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام»، بدعم من الحكومة اليابانية، بعنوان «مكافحة التهديدات العابرة للحدود: نحو تعزيز الأمن البحري في منطقة البحر الأحمر».

ويشارك في البرنامج التدريبي عدد من الكوادر المدنية والأمنية المعنية بالدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، ومنها السعودية، واليمن، وجيبوتي، والسودان، والصومال، والأردن، ومصر، وفق الإفادة.

وأشار حفني، في كلمته خلال مراسم افتتاح البرنامج التدريبي، إلى «تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة على استقرار منطقة البحر الأحمر وتصاعد التوتر بها على نحو غير مسبوق». وقال إن «الحفاظ على أمن البحر الأحمر وحرية الملاحة فيه، مسؤولية جماعية تتطلب تعاوناً دولياً وإقليمياً مكثفاً»، وأضاف: «مصر تؤكد دوماً محورية إدماج الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن في أي مبادرات تُعنى بالمنطقة».

وشدد نائب وزير الخارجية المصري على «أهمية تفعيل مجلس الدول العربية والأفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، باعتباره إطاراً إقليمياً ضرورياً لتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول المشاطئة».

تشكو مصر من تراجع إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، غيرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبة المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أخيراً، إن إيرادات قناة السويس تراجعت نحو من 40 إلى 50 في المائة، بسبب «الأزمات» على حدود البلاد المختلفة، بعد أن كانت تدرّ نحو 10 مليارات دولار سنوياً.

في سياق متصل، قال أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس المصرية، في إفادة رسمية، الاثنين، إن ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان، والتي هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية العام الماضي، جرى قطرها بنجاح عبر القناة بعد إنقاذها من البحر الأحمر.

ووفق البيان، «جرت عملية القطر بواسطة 4 قاطرات تابعة للهيئة في رحلتها عبر قناة السويس ضمن قافلة الجنوب، مقبلة من البحر الأحمر ومتجهةً إلى اليونان».

وأوضح رئيس الهيئة أن «تجهيزات عملية قطْر الناقلة استلزمت اتخاذ إجراءات معقدة على مدار عدة أشهر لتفريغ حمولة الناقلة البالغة 150 ألف طن من البترول الخام قبل السماح بعبورها القناة، وذلك لخطورة وضع الناقلة بعد تعرضها لهجوم بالبحر الأحمر في أغسطس (آب) الماضي، أسفر عن حريق هائل بغرفة القيادة، وغرفة الماكينات، وغرف الإعاشة، وتعطل أجهزة التحكم والسيطرة، بشكل يصعب معه إبحار الناقلة وتزداد معه مخاطر حدوث التلوث والانسكاب البترولي أو الانفجار».

ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان (هيئة قناة السويس)

وأضاف ربيع أن «عملية تفريغ الحمولة في منطقة غاطس السويس خضعت لإجراءات معقَّدة قامت بها شركتا الإنقاذ AMBERY وMEGA TUGS المعينتين من مُلَّاك الناقلة، حيث عملتا من خلال خطة عمل مشتركة، بالتعاون وتحت إشراف كامل من فريق الإنقاذ البحري التابع للهيئة، على تفريغ الحمولة بناقلة أخرى مماثلة، وفق معدلات تفريغ وحسابات دقيقة منعاً لحدوث أي تضرر أو انقسام في بدن الناقلة».

وأوضح أن «عملية القطْر استغرقت نحو 24 ساعة، بمشاركة 13 مرشداً في مناطق الغاطس والقناة، وجرت على عدة مراحل».

وأكد ربيع «جاهزية قناة السويس للتعامل مع حالات العبور الخاصة وغير التقليدية من خلال منظومة عمل متكاملة»، مشيراً إلى «ما تتيحه الهيئة من حزمة متنوعة من الخدمات البحرية والملاحية التي تلائم متطلبات العملاء المختلفة في الظروف الاعتيادية والطارئة».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023، إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024، بحسب التصريحات الرسمية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

بدوره، قال خبير الشؤون الأفريقية اللواء محمد عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يحدث في البحر الأحمر يجب النظر إليه من منظور جيوسياسي، لا سيما أن ما يحدث فيه يؤثر في دول عدة حول العالم، كونه أحد ممرات الملاحة العالمية التي كانت ولا تزال محل تنافس عالمي»، وأشار إلى «أهمية تعاون الدول المشاطئة لحماية أمن البحر الأحمر واستقراره». وأضاف: «إنهاء الصراعات في المنطقة أحد أهم شروط استعادة استقرار البحر الأحمر».

ووفق تقرير للبنك الدولي الشهر الماضي، «أدى تعطيل النقل البحري في البحر الأحمر إلى زيادة كبيرة في تكاليف الشحن العالمية بنسبة 141 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، مقارنةً بما قبل الأزمة».

كما شهدت قناة السويس ومضيق باب المندب انخفاضاً حاداً في حركة السفن، حيث تراجعت بنسبة تصل إلى 75 في المائة بحلول أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2024، مقارنةً بانخفاض 50 في المائة تم توثيقه في مايو (أيار) 2024، وفق التقرير.