توفي ماكي كاجي، المتسرب من الجامعة، الذي حوّل لعبة الأرقام الشهيرة إلى واحدة من أكثر الألغاز المنطقية شيوعاً في العالم، وأصبح يُعرف باسم «الأب الروحي للعبة سودوكو»، في منزله في طوكيو في 10 أغسطس (آب) عن عمر 69 عاماً.
أعلنت شركة «نيكولي» المتخصصة في صناعة ألعاب الألغاز التي شارك في تأسيسيها، في بيان، أول من أمس (الثلاثاء)، أن سبب الوفاة هو سرطان القناة الصفراوية.
وكان كاجي قد ذكر في كلمة ألقاها عام 2008 أنه «وقع في حب» لعبة تسمى «Number Place» في عام 1984 وأعاد تسميتها باسم «سودوكو».
وذكر كاجي أنه أراد «استخدام اسم ياباني»، وأنه «ابتكر الاسم (يعني في اليابانية أرقاماً فردية) في نحو 25 ثانية»، مضيفاً أنه كان في عجلة من أمره للانصراف وحضور سباق الخيل، مشيراً إلى أنه لم يتوقع استمرار الاسم.
كان كاجي واثنان من أصدقائه قد أسسوا في مرحلة الطفولة الشركة التي أصبحت لاحقاً «نيكولي»، والتي يقال إنها من بين أكثر الناشرين العالميين إنتاجاً لمجلات وكتب الألغاز. ساعد نيكولي في دفع «سودوكو» إلى الشهرة منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وقالت الشركة، في بيانها، إنها كانت أول مجلة ألغاز يابانية.
اللافت أن الشركة نفسها لم تنتج كثيراً من الألغاز الجديدة. على سبيل المثال، يُعتقد أن أميركياً اخترع إصداراً سابقاً من لعبة «سودوكو»، لكن الأصول الحقيقية لا تزال غامضة. ويُرجع البعض اللعبة إلى ليونارد أويلر، عالم رياضيات سويسري من القرن الثامن عشر، ويقول آخرون إن الفكرة جاءت من الصين، عبر الهند، إلى العالم العربي في القرن الثامن أو التاسع.
غير أن الفضل يرجع إلى السيد كاجي الذي جعل من «سودوكو» وغيرها من ألعاب الألغاز المماثلة ألعاباً شائعة عالمياً. سرّ نيكولي، كما قال لصحيفة «نيويورك تايمز» في عام 2007، هو أنه اختبر إلى حد كبير الألغاز الموجودة وأتقنها.
وكان السيد كاجي قد قال في وقت سابق: «أريد أن أجعل شركة نيكولي مصدراً عالمياً لألعاب الألغاز. فلدينا كثير من الألغاز مثل سودوكو».
في أواخر التسعينات، عندما طرح لغز «سودوكو» للناشرين في نيويورك ولندن، لم تنجح الفكرة، بحسب تصريح كاجي لمجلة «ذا تايمز». لكن في غضون عقد من الزمن، جرى نشر اللغز عبر مئات الصحف على مستوى العالم، ودرّ ملايين الدولارات. وبحسب نيكولي، قام ما يقدر بنحو 200 مليون شخص في 100 دولة بحل اللغز المنطقي، الذي يتضمن ملء شبكة مرقمة، ما شجع على إقامة بطولة العالم في «سودوكو» كل عام.
وأضافت الشركة أنه في عام 2017 كتب رجل كبير السن من بلدة «أوتسوتشي» في شمال اليابان، بعد الزلزال المدمر عام 2011، إلى السيد كاجي لإبلاغه أن الألغاز صعبة للغاية، وهو ما ألهم كاجي لابتكار مزيد من الألغاز التي يمكن حلها من قبل الأطفال والكبار على حد سواء.
ولد كاجي في 8 أكتوبر (تشرين الأول) 1951 في مدينة «سابورو» اليابانية، لأب كان مهندساً في شركة اتصالات وأم عملت في متجر «كيمونو»، وفقاً لكتاب كتبه عن جنون عالم «سودوكو». تخرج كاجي في مدرسة «شاكوجو» الثانوية في طوكيو، لكنه ترك جامعة «كيو»، ورغم ذلك وصف خبراء الألغاز السيد كاجي بأنه قد شبع عالمهم بـ«الروح».
كتب نيك باكستر، قائد فريق الألغاز الأميركي، الذي يتنافس في بطولة العالم لألغاز «سودوكو»، في رسالة بريد إلكتروني: «إن أهم مساهماته في عالم الألغاز المنطقية كانت مساهمة خفية، ولم تحظَ بالتقدير». وأضاف باكستر قائلاً إنه في عصر يتم فيه تصميم غالبية ألغاز «سودوكو» وغيرها من الألغاز المماثلة بواسطة الكومبيوتر، فقد استمر نيكولي في إنتاج الألغاز التي تم تصميمها بواسطة البشر.
في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية عام 2007، ذكر كاجي أن سر اختراع ألغاز جيدة هو جعل القواعد «بسيطة وسهلة للجميع، بما في ذلك المبتدئون».
الجدير بالذكر أن المصمم الياباني قد استقال من منصبه رئيس لشركته في يوليو (تموز) بسبب اعتلال صحته. وعلى الرغم من الملايين التي تجتذبها ألغاز «سودوكو»، قال كاجي في مقابلة مع صحيفة التايمز إنه لم يتلقَ سوى مبلغ ضئيل من المال، ويرجع ذلك جزئياً إلى تأخره في وضع علامة تجارية على اللغز، مضيفاً أنه لم يشعر بأي ندم لذلك. واستطرد كاجي قائلاً: «نحن غزيري الإنتاج، لأننا نفعل ذلك لحبنا في الألعاب، وليس حباً في المال».
- خدمة «نيويورك تايمز»