بعد سقوط كابل... بريطانيا تتساءل: هل عادت أميركا أم أدارت ظهرها؟

عناصر من الفرقة البحرية الأولى في مقاطعة نمروز الافغانية عام 2010(ارشيفية-رويترز)
عناصر من الفرقة البحرية الأولى في مقاطعة نمروز الافغانية عام 2010(ارشيفية-رويترز)
TT

بعد سقوط كابل... بريطانيا تتساءل: هل عادت أميركا أم أدارت ظهرها؟

عناصر من الفرقة البحرية الأولى في مقاطعة نمروز الافغانية عام 2010(ارشيفية-رويترز)
عناصر من الفرقة البحرية الأولى في مقاطعة نمروز الافغانية عام 2010(ارشيفية-رويترز)

أثارت سيطرة طالبان الخاطفة على أفغانستان بعد حرب استمرت 20 عاما وأزهقت أرواح مئات الآلاف تساؤل
بريطانيا، أوثق حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين: هل عادت أميركا حقا مثلما وعد الرئيس جو بايدن؟
تخشى بريطانيا من أن تسمح عودة طالبان المفاجئة إلى السلطة والفراغ الذي تركه انسحاب الغرب غير المنظم من أفغانستان لمتشددي تنظيمي القاعدة وداعش بكسب موطئ قدم في ذلك البلد بعد مرور 20 عاما على هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 في الولايات المتحدة.
وقد وصف وزير الدفاع البريطاني بن والاس اتفاق الانسحاب الذي أبرمته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مع طالبان في الدوحة عام 2020 بأنه «اتفاق عفن». وقال والاس إن قرار بايدن الانسحاب من أفغانستان كان خطأ مكن طالبان من العودة إلى الحكم.
وتساؤلات من هذا القبيل ومشاعر جياشة على هذا النحو، والتي وصلت إلى حد أن والاس كان على شفا سفح الدموع في مقابلة، أمر نادر الحدوث بالنسبة لأقرب حلفاء واشنطن الأوروبيين والتي وقفت كتفا بكتف إلى جانب الولايات المتحدة في كل صراع كبير تقريبا منذ نهاية الحرب العالمية الثانية باستثناء حرب فيتنام.
وبعد الصخب الذي اتسمت به رئاسة ترمب، كرر بايدن الوعد بأن «أميركا عادت». ويثير بعض الدبلوماسيين البريطانيين التساؤلات ليس فحسب بشأن هذا التقييم بل أيضاً عن آثاره على الأمن القومي على المدى البعيد.
قال مسؤول بريطاني تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لوكالة رويترز للأنباء: «هل عادت أميركا أم أدارت ظهرها؟» ومضى قائلا «يبدو الأمر إلى حد بعيد كما لو أن الأميركيين عادوا إلى بلادهم بطريقة ترمب إلى حد ما - في عجلة وفوضى وذل».
وتخشى مصادر أمنية غربية من أن يكون بإمكان القاعدة التي وفرت طالبان لمؤسسها أسامة بن لادن المأوى قبل هجمات 11 سبتمبر كسب موطئ قدم مرة أخرى في أفغانستان في غضون شهور. ويقولون إن هذا الاحتمال سيمثل تهديدا لكل من بريطانيا والغرب على اتساعه.
وشبه دبلوماسيون بريطانيون ما حدث في أفغانستان بمدى الذل الذي ذاقه الغرب لدى سقوط سايغون عام 1975 إيذانا بنهاية حرب فيتام، أو بأزمة السويس عام 1956 والتي كانت خطأ استراتيجيا فادحا أكد فقدان بريطانيا سلطتها الإمبراطورية.
وقورنت صور طائرة هليكوبتر تقوم بإجلاء دبلوماسيين من السفارة الأميركية في كابل بأخرى التقطت عام 1975 وظهرت فيها طائرة هليكوبتر تلتقط الدبلوماسيين من فوق سطح السفارة الأميركية في سايغون.
خيانة؟
كرر بايدن القول إن استمرار الوجود العسكري الأميركي في أفغانستان لن يغير وضعها تغييرا كبيرا إلا إذا استطاع الجيش الأفغاني الإمساك بزمام الأمور.
لكن الدبلوماسيين البريطانيين قالوا بعد سقوط كابل إن كارثة أفغانستان ستقوض مكانة الغرب في العالم وتوحد صفوف المجاهدين في كل مكان وتقوي حجج روسيا والصين بأن الولايات المتحدة وحلفاءها يفتقرون للهمة والقدرة على إنجاز المهام في الظروف الصعبة.
قال مارك سيدويل الذي كان أكبر موظف مدني ومستشار الأمن القومي في حكومة رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي «لا بد أن نكون واضحين بشأن هذا: هذه لحظة مذلة للغرب».
وتساءل بعض المحاربين القدماء البريطانيين عن التضحيات التي قدموها. وتحدث بعضهم عن شعور بالخيانة. وقال البعض إن زملاءهم القتلى ماتوا هباء.
قال جاك كامينجز وهو جندي بريطاني سابق فقد ساقيه وهو يبحث عن العبوات الناسفة البدائية الصنع في أفغانستان يوم 14 أغسطس (آب) عام 2010 «هل كانت (الحرب) تستحق مني ذلك؟ ربما لا. هل فقدت ساقي بلا مقابل؟ يبدو ذلك. هل مات رفاقي هباء؟ نعم».
ومضى كامينجز قائلا «كثير من المشاعر تجيش داخلي: غضب، خيانة، حزن... (هذا) قليل من كثير».
كانت بريطانيا واحدة من عدد قليل من الدول المستعدة للقيام ببعض أصعب الأعمال القتالية إلى جانب الجنود الأميركيين في أفغانستان، على سبيل المثال في إقليم هلمند في الجنوب، وهو الإقليم الذي يعد أخطر أقاليم البلاد.
وقد فقدت بريطانيا 457 من أفراد قواتها المسلحة في أفغانستان، أو 13 في المائة من قتلى التحالف العسكري الدولي وعددهم 3500 قتيل منذ 2001.
تشير تقديرات (مشروع تكلفة الحرب) في جامعة براون إلى أن 241 ألفا لقوا حتفهم كنتيجة مباشرة للحرب، وإلى أن الحرب كلفت الولايات المتحدة 2.26 تريليون دولار.
سايغون أم السويس؟
يرى الدبلوماسيون البريطانيون أن كلا من اتفاق الدوحة، المبرم في فبراير (شباط) شباط 2020 خلال رئاسة ترمب، وإعلان بايدن في أبريل (نيسان) الانسحاب، استسلام دمر المعنويات في أفغانستان.
قال ترمب إن بايدن خرب خطته للانسحاب. وجاء في بيان أصدره «لم يعد لدى طالبان خوف من أميركا أو احترام لها، أو لقوتها».
وعانت الإمبراطورية البريطانية من الإذلال في أفغانستان خلال الحرب الإنجليزية الأفغانية من عام 1839 إلى عام 1842 لكن بعد هجمات القاعدة على الولايات المتحدة في 11 سبتمبر 2001 انضم رئيس وزراء بريطانيا في ذلك الوقت توني بلير إلى الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش في غزو أفغانستان للإطاحة بطالبان.
وبعد 20 عاما مرت سراعا عادت طالبان إلى السلطة. وقال توم توجيندات رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني «سقوط كابل أكبر كوارث السياسة الخارجية منذ السويس».
وقال توجيندات الذي كان جنديا بريطانيا في كل من العراق وأفغانستان إن الكارثة «كشفت عن طبيعة القوة الأميركية وعجزنا عن أن يكون لنا موقف منفصل».
ومضى قائلا «مثلما تظهر كابل، ينبغي أن يقف حلفاؤنا معنا».



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.