المصمم الإماراتي أحمد الخييلي... تعلق قلبه بالأزياء فهجر الهندسة

قال لـ«الشرق الأوسط»: قيل لي في لندن إن وضعي ضعيف لأني عربي وخيبت رأيهم

TT

المصمم الإماراتي أحمد الخييلي... تعلق قلبه بالأزياء فهجر الهندسة

علاقة الموضة بالهندسة ليست بالجديدة، حسب قول المصمم الإماراتي الشاب أحمد الخييلي، وليس هو أول من انتقل من بناء العمارات والمباني إلى تفصيل الفساتين. فالعديد من مصممي الأزياء الكبار من أمثال بيير كاردان وراف سيمونز وتوم فورد وفيرجيل أبلو وغيرهم تخرجوا في أقسام الهندسة وفنون العمارة قبل أن يتوجهوا إلى تصميم الأزياء ويُثتبوا مهاراتهم في رسم وإرساء قواعد قوية تجمع الفنية بالاستدامة. يقول إنه رغم تخصصه الدراسي في مجال الهندسة فإن قلبه كان دائماً منجذباً نحو تصميم الأزياء، وتحديداً «تلك العلاقة التي تربط الإنسان بالأزياء، والتي تكون أحياناً واضحة ومباشرة كوسيلة للتعبير عن شخصية حقيقية، وأحياناً أخرى للتمويه بخلق شخصية يُراد منها التأثير على الآخر. وفي كل الحالات تُدخل السعادة على النفس». هذا على الأقل ما لاحظه في صغره. فمن أجمل الذكريات التي حُفرت في خياله صور نساء العائلة وهن يتحضرن لحفلات الزفاف. يتذكر كيف «كان حماسهن يُدخلني عالماً ساحراً يتخلله صخب الألوان وصوت الأقمشة الفخمة وهي تتحرك...كنت أنبهر بالثقة والسعادة التي تبدو على وجوههن عندما تكتمل أناقتهن...كانت هناك طاقة إيجابية لا يمكن وصفها تسود المكان».
هذه الصور بدأ يرسمها أحمد وهو في الـ11 من عمره. كان أكثر اهتماماً برسم اسكيتشات وتلوينها من الاهتمام إلى صوت المدرس وهو يشرح الدرس، الأمر الذي عرضه للكثير من العقوبات. لحسن حظه أن ناظر المدرسة كان أكثر تفهماً، بل «يمكن القول إنه هو الذي زرع في ذهني فكرة أن أكون مصمم أزياء بالمعني الحقيقي. في تلك السن لم آخذ ما كان يقوله عن إيلي صعب وغيره محمل الجد، لعدم فهمي له إلى أن كبرت. حينها فقط تذكرت كلماته وفهمتها». ويبدو أن عناده وتمسكه بما يحب كان ولا يزال جزءاً من شخصيته. فعندما افتتح محله في وسط لندن أول مرة، قابل مجموعة من وكالات العلاقات العامة للتعامل معهم للتسويق له كما تجري العادة. استغرب كيف كان رد فعلهم دائماً: «إن وضعي ضعيف لأنني عربي والسوق تزخر بأسماء المصممين الشباب. لكنني رميت هذه الآراء السلبية وراء ظهري ولم أُعرها اهتماماً كبيراً، وبالفعل لم أواجه على أرض الواقع أي مشاكل أو معيقات لها علاقة بكوني عربياً». من هذا المنظور يعزو الفضل في نجاحه إلى قناعته وإرادته، لكن أيضاً إلى أسلوبه الذي عززه بدراسة الموضة عندما التحق بدورة في معهد مارانغوني الشهير، لأنه بذلك مسك بيديه خيوطاً من ذهب تجمع عالمين: الهندسة والموضة. فهما، باستثناء الأحجام والمساحات والمواد، يخضعان إلى نفس الأساسيات والقواعد «من ناحية أنك تبدأ بفكرة يتبعها البحث عن الخامات أو المواد، ثم أنسب الطرق لتطويعها لكي تؤدي المهمة المُراد منها سواء كانت مبنى أو فستان سهرة».
تأثير عالم الهندسة عليه يبدو أكثر وضوحاً في اهتمامه بضرورة أن يؤدي الزي دوراً عملياً في أرض الواقع لا أن يكون مجرد قطعة تستعرض فنية وقدرات المصمم. أمر يتطلب حسب رأيه تحويل قطعة لها وظيفة محددة إلى قطعة تتمتع بجماليات تجعل صاحبتها تتألق «وهذا تحديداً مما يجعلني أعشق عملي كمصمم وأبارك قراري دراسة الهندسة، لأنه لولا دراستي لأساتذة في علوم وفنون الهندسة لما توصلت إلى أسلوبي الخاص». يستدل على قوله هذا بالمعماري الياباني تأداوو أندو، الذي درسه طويلاً وانبهر بعبقريته «في خلق مساحات شاسعة من لا شيء. فهناك دائماً انسيابية تشد الأنفاس مثل عمله (كنيسة النور) التي بناها على شكل مستطيل تخترقه شقوق على شكل الصليب يدخل منها الضوء الطبيعي». بنفس الأسلوب يميل أحمد إلى استعمال الخامات بسخاء في قطع أزياء تتخللها فتحات في جوانب مختلفة من دون أن يجعلها تُغطي على جمال المرأة التي تلبسها.
يقول إنه الآن وبعد أن أصبحت له محلات في الشرق الأوسط ولندن، لم يعد تصميم الأزياء بالنسبة له مجرد هواية «بل عُشق لا أمل منه، إذ يمكنني أن أرسم وأصمم لساعات من دون أن أشعر بمرور الوقت». بيد أنه لا يُخفي أن الأمر لا يخلو من التحديات لحد الآن، منها ضرورة الاهتمام والإلمام بالجانب التجاري أيضاً.
قول ربما يتضمن بعض التناقض إذا أخذنا بعين الاعتبار أنه يسبح ضد التيار. فالمتعارف عليه أن المرأة العربية أكثر ميلاً للتصاميم الرومانسية التي تتميز بالانسدال والانسيابية مع الكثير من التطريز منها إلى الأسلوب الهندسي، إلا أنه يصحح لي قائلاً: «من خلال تجربتي يمكنني أن أقول بكل ثقة إن الفكرة السائدة عن المرأة العربية لا تزال نمطية إلى حد كبير. فهناك شريحة تنتمي إلى نادٍ خاص لا يدخله العديدون، تفهم الموضة وتقدر الإبداع والابتكار، ولا تتخوف من تجربة الجديد. لكن هذه الشريحة من النساء لا يعرفها العديد من الناس، لأنها لا تستعرض نفسها».
ويتابع: «ورغم ذلك أؤكد أني لا يمكن أن أتنازل عن مبادئي عندما يتعلق بتصميم أي زي، انطلاقاً من قناعتي بأن زبوناتي هن أيضاً سفيراتي، لهذا أحرص ألا تتسلم أي واحدة منهن فستانها إلا وأنا مقتنع به تمام الاقتناع. لا أنكر أني آخذ بعين الاعتبار رغبة الزبونة وأسلوبها، لكن ليس إلى حد تغيير أسلوبي وقناعاتي».
ويشير إلى أنه رغم اختراقه السوق الأجنبية وظهور نجمات هوليووديات بتصاميمه، تبقى المرأة العربية الأهم بالنسبة له «فهي التي تربيت معها وأثرت علي بشكل مباشر، مع العلم أن العالم أصبح مفتوحاً على الغير بدرجة لم تعد هناك فروقات كبيرة بين ما تريده هذه المرأة ونظيرتها الغربية. صحيح أننا نحتاج إلى إجراء تعديلات طفيفة أحياناً على بعض التصاميم حسب ما تفرضه بيئة وثقافة كل واحدة، لكن التصميم الجيد والجميل يفرض نفسه بغض النظر عن الجغرافيا والثقافة، لا سيما مع انتعاش التسوق على المواقع الإلكترونية». هنا فقد يُظهر تحسره على أيام زمان عندما كانت الموضة تفاعلاً إنسانياً تُحركه العواطف والحواس قائلاً: «أشعر بالحزن على ما آل عليه حالنا. فبعد أن كنا نلتقي بالزبونة وجهاً لوجه نتناقش الأشكال والأحجام والألوان وننحن نلمس الأقمشة، أصبحنا نلتقي عبر منصة زووم». تغير جذري ومُؤسف بالنسبة له، لكنه الخيار الطبيعي والوحيد في الوقت الحالي إلى أن يستعيد العالم عافيته والموضة مُتعتها.


مقالات ذات صلة

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

لمسات الموضة توسعت الدار مؤخراً في كل ما يتعلق بالأناقة واللياقة لخلق أسلوب حياة متكامل (سيلين)

غادر هادي سليمان «سيلين» وهي تعبق بالدفء والجمال

بعد عدة أشهر من المفاوضات الشائكة، انتهى الأمر بفض الشراكة بين المصمم هادي سليمان ودار «سيلين». طوال هذه الأشهر انتشرت الكثير من التكهنات والشائعات حول مصيره…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كيف جمع حذاء بسيط 6 مؤثرين سعوديين؟

كشفت «بيركنشتوك» عن حملتها الجديدة التي تتوجه بها إلى المملكة السعودية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الملك تشارلز الثالث يتوسط أمير قطر الشيخ تميم بن حمد وزوجته الشيخة جواهر والأمير ويليام وكاثرين ميدلتون (رويترز)

اختيار أميرة ويلز له... مواكبة للموضة أم لفتة دبلوماسية للعلم القطري؟

لا يختلف اثنان أن الإقبال على درجة الأحمر «العنابي» تحديداً زاد بشكل لافت هذا الموسم.

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة تفننت الورشات المكسيكية في صياغة الإكسسوارات والمجوهرات والتطريز (كارولينا هيريرا)

دار «كارولينا هيريرا» تُطرِز أخطاء الماضي في لوحات تتوهج بالألوان

بعد اتهام الحكومة المكسيكية له بالانتحال الثقافي في عام 2020، يعود مصمم غوردن ويس مصمم دار «كارولينا هيريرا» بوجهة نظر جديدة تعاون فيها مع فنانات محليات

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الممثلة والعارضة زانغ جينيي في حملة «بيربري» الأخيرة (بيربري)

هل يمكن أن تستعيد «بيربري» بريقها وزبائنها؟

التقرير السنوي لحالة الموضة عام 2025، والذي تعاون فيه موقع «بي أو. ف» Business of Fashion مع شركة «ماكنزي آند كو» للأبحاث وأحوال الأسواق العالمية، أفاد بأن…

«الشرق الأوسط» (لندن)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».