أحزاب تونسية ترفض {التدخل الأجنبي} في جهود تجاوز الأزمة

قيادي في «النهضة»: أدركنا رسائل المواطنين الغاضبين وسنراجع أخطاءنا

تونسيون في شارع بالعاصمة تونس (رويترز)
تونسيون في شارع بالعاصمة تونس (رويترز)
TT

أحزاب تونسية ترفض {التدخل الأجنبي} في جهود تجاوز الأزمة

تونسيون في شارع بالعاصمة تونس (رويترز)
تونسيون في شارع بالعاصمة تونس (رويترز)

عبرت مجموعة من الأحزاب السياسية التونسية، بينها حركة الشعب وحزب التيار الشعبي وحزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (الوطد)، عن رفضها التدخل الأجنبي في الشأن التونسي في إطار جهود تجاوز الأزمة السياسية الحالية.
وتأتي هذه الموقف إثر زيارة أداها وفد أميركي رفيع المستوى إلى تونس، ودعوته إلى إجلاء الغموض السياسي في تونس، والعودة السريعة إلى الديمقراطية البرلمانية، بعد الإجراءات التي اتخذها الرئيس التونسي قيس سعيّد يوم 26 يوليو (تموز) الماضي.
وقال زهير المغزاوي، رئيس «حركة الشعب»، إن الحزب يدين بشدة كل دعوة للتدخل الأجنبي في الشأن الداخلي مهما كان مصدرها، ويرى أن  ما حصل في تونس «شأن تونسي صرف قرره رئيس الجمهورية استجابة لمطالب شعبية لوضع حد لمنظومة فاسدة أوصلت البلاد إلى حافة الهاوية والإفلاس».
وأضاف المغزاوي أن الشعب الذي خرج يوم الـ25 من الشهر الماضي للاحتجاج على المنظومة القائمة والمطالبة بإسقاطها، عبر عن ارتياحه لقرارات رئيس الجمهورية من خلال الخروج التلقائي احتفالاً بالحدث، ولن يقبل بالعودة إلى ما قبل 25 يوليو (تموز)، وهو يرفض أي تدخل خارجي في الشأن التونسي خدمة لأي أجندة داخلية أو خارجية.
وانتقد المغزاوي الأطراف التي تتطلع للتدخل الخارجي والاستقواء به من أجل إعادتها إلى سدة الحكم، أو فرض حلول لا تخدم مصلحة الشعب، قائلاً إنها فقدت علاقتها بالوطن والشعب، وصارت مجرد أدوات لقوى خارجية لا يهمها غير مصالحها في المنطقة وفي تونس، على حد قوله. 
وعلى صعيد متصل، أفاد القيادي علي العريض بـ«حركة النهضة» بأن أسباب غضب التونسيين من الطبقة السياسية تعود إلى تراكمات حصلت خلال مدة طويلة، وأن غضبهم كان أشد إزاء من هو في السلطة، سواء كان في الحكومة أو البرلمان. وأكد أن  أسباب الغضب كثيرة، أهمها تخلف التنمية، متمثلة في تحسين ظروف الحياة ومرافقها، من صحة وسكن وتعليم ونقل، وتوفير فرص عمل، علاوة على تراجع المقدرة الشرائية للتونسيين.
وأشار العريض إلى كثرة الصراعات والتجاذبات السياسية والحملات الإعلامية، ورأى أن حركة النهضة «نالت النصيب الأوفر من التشويه والشيطنة، وغالباً ما يقع تحميلها مسؤولية عشرية كاملة كأنها حكمت عشر سنوات، وهذا غير صحيح، أو كأنها كانت وحدها في الحكومة وفي البرلمان، وهذا غير صحيح أيضاً».
وأفاد العريض بأن حركة النهضة «تلقت الرسائل التي عبر عنها الشعب، ومطالبه المشروعة، وهي بصدد استخلاص الدروس والعبر من كل تلك الأحداث، وستراجع وتصوب أخطاءها وتعالجها، لتكون كما طمحت دائماً معبرة عن آمال الشعب وعن طموحاته».
ودعا العريض إلى الإقدام على إصلاحات كبرى، معتبراً أنها تأخرت وازدادت تكاليفها، مضيفاً أن هذه الإصلاحات تشمل خصوصاً الجباية والصناديق الاجتماعية والمالية العمومية وكتلة الأجور، وإصلاح الإدارة، وتوفير مناخ الاستثمار، وترشيد الدعم الموجه لعدد من القطاعات الاقتصادية.
وبشأن تفعيل قيس سعيّد للفصل الـ(80) من الدستور التونسي، وإقراره إجراءات استثنائية أدت إلى إسقاط حكومة المشيشي، وتجميد أنشطة البرلمان، ورفع الحصانة عن أعضائه، قال العريض إن ما أقدم عليه الرئيس التونسي كان «ضرباً لمبدأ الفصل بين السلطات، وتجميعاً للسلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية بين يديه، وكان خرقاً جسيماً للدستور، نصاً وروحاً». وأضاف أن تجميد البرلمان كان نوعاً من أنواع إلغاء السلطة التشريعية القائمة، كما أن إقالة الحكومة تعد ضرباً لكل المؤسسات الدستورية التي لم تبقَ منها غير رئاسة الجمهورية، على حد تعبيره.
وعد القيادي في حركة النهضة ما حصل انقلاباً، أو خرقاً جسيماً للدستور، وذلك وفق ما أقرته شخصيات أكاديمية كثيرة ذات مصداقية وأطراف سياسية، على حد قوله. وأضاف أنه في تقديره «لا يوجد -باستثناء المساهمين فيها (الإجراءات الرئاسية) أو في التحضير لها- من لم يعبر عن رفضه لها، أو رفض جزء منها، أو من لم يعبر عن خوف كبير على مصير الدولة المدنية، ومصير الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان في تونس»، وأن ما وقع هو «أقصر طريق للزج بالبلاد في مناخات الفوضى والفردانية».
وفي إشارة إلى الأزمة السياسية، قال العريض إن المشاعر الجياشة والشعبويات ستتبخر حالما تصطدم بحقائق الواقع الصلبة، وستنزل من سماء الشعارات إلى طين الأرض. وتابع أن «كل جهد أو مبادرة حل، ما دامت تحفظ الحرية والديمقراطية والفصل بين السلطات، وتساعد على مواجهة التحديات، جديرة بالدعم من قبل حركة النهضة».
وفي غضون ذلك، أعاد «الحزب الدستوري الحر» انتخاب عبير موسي رئيسة للحزب، إثر عقد مؤتمر انتخابي عن بعد خلال الفترة المتراوحة بين 12 و14 من الشهر الحالي. وتعد موسي من أشد أعداء ممثلي الإسلام السياسي في المشهد التونسي، كما تم انتخاب أعضاء الديوان السياسي للحزب، وعددهم 16 عضواً.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».