«سياحة التعويض» بنسختها العائلية

تبحث عن مغامرات بعيدة في الصيف أو العام المقبل

أمضت بريانكا أغراوال وعائلتها 9 أيام في عالم ديزني
أمضت بريانكا أغراوال وعائلتها 9 أيام في عالم ديزني
TT

«سياحة التعويض» بنسختها العائلية

أمضت بريانكا أغراوال وعائلتها 9 أيام في عالم ديزني
أمضت بريانكا أغراوال وعائلتها 9 أيام في عالم ديزني

قالت كارين أكبان، مالكة شركتي «ذا موم تروتر»، و«بلاك كيدز دو ترافيل»، للسفر العائلي ومجتمعات وسائل التواصل الاجتماعي، «فجأة، حدثت الطفرة، وبات الجميع يبحث عن عودة السفر، وأصبح الكثير من الآباء أكثر ارتياحاً لفكرة السفر عما كانوا عليه من قبل».
ولكن حتى بالنسبة للعائلات التي تتوق إلى السفر، فإن «متغير دلتا» المقلق ونقص اللقاحات للأطفال لا يزالان يحتلان المرتبة الأولى في أذهان الآباء. وللتحضير لرحلة إلى «عالم ديزني»، في أورلاندو بولاية فلوريدا في منتصف أغسطس (آب)، طبقت إيريكا تيغرينا روخاس (36 عاماً)، نصائح التباعد الاجتماعي، وارتداء الأقنعة، وغسل اليدين مع ابنتيها (10 و11 عاماً) اللواتي لم يذهبن إلى المدرسة منذ مارس (آذار) 2020.
قالت إيريكا، «ما زلت متوترة قليلاً حيال ذلك. أنا وزوجي مطعَّمان بالكامل، لكن الفتيات لم تطعمن بعد».
يمثل «متغير دلتا» الآن غالبية حالات الإصابة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة، وأنشأ مجموعة أخرى من النقاط الساخنة للفيروسات، والعديد منها على ساحل الخليج. أعادت «ديزني» تطبيق سياسة الأقنعة الداخلية في أواخر شهر يوليو (تموز) للموظفين والضيوف الذين تتراوح أعمارهم بين عامين وما فوق، بغض النظر عن حالة التطعيم.
ستكون السيدة إيريكا أول من يعوض الوقت الضائع. ففي تقرير أرباح الربع الثاني لشركة «والت ديزني»، استُشهد بأرقام الحضور لمتنزهات أورلاندو وكاليفورنيا التي وصلت أو «قاربت» مستويات السعة المنخفضة. ورغم أن الأسرة تزور جزيرة ساوث بادري بانتظام وهي تبعد مسافة ساعة عن منزلها في تكساس، فإن أسبوعاً واحداً في «ديزني» له وزن كبير ومعنى آخر.
قالت تيغرينا روغاس، مديرة مكتب في وكالة عقارات، «قد تكون هذه هي الفرصة الأخيرة للذهاب إلى (ديزني)، لأن الأسعار قد ترتفع كثيراً».
في دراسة استقصائية حديثة لحوالي 3500 مسافر نشط للترفيه، وجدت شركة الأبحاث «MMGY Travel Intelligence» أن المسافرين من العائلة - تحديداً أولئك الذين لديهم أطفال دون 18 عاماً - يهتمون أكثر بقضاء إجازة هذا العام مقارنة بالمسافرين من دون عائلة، حيث تظهر البيانات الواردة من «فاسكا»، وهي منصة تأجير كبيرة لقضاء الإجازات، أن الحجوزات الصيفية بصحبة الأطفال قد ارتفعت بنسبة 33 في المائة تقريباً مقارنة بعام 2019. وفي خطوة لتعزيز فكرة اصطحاب الأطفال، فإن هيلتون في طور تنفيذ فكرة «الغرف المتصلة»، وهي ميزة جديدة عبر الإنترنت يسمح للضيوف بالحجز والتأكيد الفوري للغرف المتصلة بغرف أخرى (للأطفال) في 18 علامة تجارية فندقية. حتى شركات السفر غير المهتمة بترتيبات اصطحاب الأطفال بدأت تشارك في اللعبة، حيث شرع متنزه «ساوث بيتش» الذي جُدده مؤخراً، في تقديم دروس اليوغا في الهواء الطلق للأطفال.
في السياق ذاته، قالت نيكول وينلاند - طومسون، مديرة الرحلات الاستكشافية العائلية في شركة «طومسون فاميلي أدفينتشرز»، التي تدير مجموعات صغيرة ورحلات خاصة، «لقد كان الوباء بمثابة دعوة للاستيقاظ إذ يشعر الآباء بالإلحاح للسفر بشكل لم يشعروا به قبل عامين».
حتى في الوقت الذي تراقب بريانكا ديساي أغراوال (36 عاماً)، بحذرٍ، معدلات العدوى والتطعيم أثناء التفكير في المكان الذي ستذهب إليه في رحلة دولية مدتها أربعة إلى ستة أسابيع في ديسمبر (كانون الأول)، فإنها لا تزال مصرة على عدم البقاء في المنزل مع طفليها الذي يبلغ أحدهما ثلاثة أعوام وتسعة شهور، والآخر عاماً واحداً.
وفي الإطار نفسه، قالت أغراوال، التي تعيش في «تايسونز كورنر» بولاية فرجينيا، «كان ابني الأكبر قد سافر 32 رحلة عندما كان لا يزال في عامه الثاني. لقد شعرت بالكآبة لعدم تمكني من السفر وكنت أحاول على الأقل الذهاب للتنزه، لكن هذا لم يكن ليرضيني».
في الربيع عندما قُيدت القدرة على الحضور بشدة، أمضت أغراوال وعائلتها تسعة أيام في مدينة ألعاب «ديزني وورلد»، واصطحبت أبناءها إلى ولاية إنديانا لرؤية العائلة، وهناك كانت رحلة ليوم واحد مخطط لها إلى «Dutch Wonderland» في مدينة لانكستر بولاية بنسلفانيا، بالإضافة إلى عطلة نهاية الأسبوع في عيد العمال في «ميرتل بيتش» بساوث كارولينا.
تشمل رحلات «طومسون فاملي أدفنتشرز» الأكثر شهرة هذا العام جزر هاواي، وباها، وكذلك كوستاريكا، وجميعها وجهات خارجية يسهل الوصول إليها نسبياً. ولكن في عامي 2022 و2023، كان هناك طلب غير مسبوق على الرحلات الأكثر طموحاً ومغامرة إلى أوروبا وخارجها مع إعادة افتتاح العالم إلى وجهات مثل إيطاليا، وبيرو.
قالت السيدة وينلاند طومسون، إن الناس «يتطلعون إلى المستقبل ويفكرون في أن هناك فرصة أننا قد نكون قادرين على الوصول إلى هذه الأماكن التي لم نتمكن حتى من لمسها خلال الـ18 شهراً الماضية».
في «باكرودز»، وهي شركة سفر مغامرات تقسم رحلاتها العائلية حسب أعمار الأطفال، ارتفعت حجوزات الرحلات العائلية في العام المقبل بنسبة 150 في المائة، عما كانت عليه في هذه المرحلة من عام 2019، مع ارتفاع معدلات السياحة إلى الإكوادور وكوستاريكا وبيرو في الخريف والعطلات.
وقال توم هيل، مؤسس ورئيس شركة «باكرودز» إن «الطلب المكبوت ضخم، فالناس يخططون مسبقاً، ويضعون الإجازات في التقويمات الخاصة بهم الآن، حتى يتمكنوا من خوض مغامرة وقتما يتنسى ذلك».
ولكي لا يمر المزيد من الوقت قبل أن يدخل ماديسون، البالغ من العمر 21 عاماً، وهو أكبر أطفاله الثلاثة إلى عالم العمل، كان كريس ميلر (56 عاماً) الذي يعيش في هيوستن، مصمماً أيضاً على تحقيق أهداف كبيرة هذا الربيع.
وقال ميللر، رئيس الخدمات المصرفية للاستثمار في الطاقة بأميركا الشمالية في «سيتي غروب»، «ربما لن نحظى بفرصة أخرى للوجود سوياً لمدة أسبوعين كعائلة، لذلك كنا على يقين من أننا سنذهب إلى مكان ما عندما تصبح الأوضاع مناسبة».
واستعانت عائلة ميلرز بشركة «إنداغار» المتخصصة في تخطيط السفر للأعضاء فقط، لتنسيق رحلة مدتها 12 ليلة إلى مصر، وهي مفتوحة للأميركيين الذين يخضعون لاختبار الفيروس. أبحروا أسفل نهر النيل، وذهبوا للتزلج الشراعي في شرم الشيخ، وتعجبوا لرؤية أهرامات الجيزة العظيمة. قال ميلر، «يحب الأطفال مغامرة الرحلات الجوية الطويلة عبر المحيط الأطلسي. فقد كان هناك الكثير من البهجة في مجرد ركوب الطائرة والسفر».
* خدمة «نيويورك تايمز»



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».