«كاوست» و«سباير» تتعاونان لإطلاق «كاوست كيوب سات»

يجمع بيانات عالية الدقة عن النظم البيئية للأرض والمحيطات

يعد إطلاق القمر «كاوست كيوب سات» الأول من نوعه في السعودية والأكثر تطوراً من الناحية التكنولوجية (الشرق الأوسط)
يعد إطلاق القمر «كاوست كيوب سات» الأول من نوعه في السعودية والأكثر تطوراً من الناحية التكنولوجية (الشرق الأوسط)
TT

«كاوست» و«سباير» تتعاونان لإطلاق «كاوست كيوب سات»

يعد إطلاق القمر «كاوست كيوب سات» الأول من نوعه في السعودية والأكثر تطوراً من الناحية التكنولوجية (الشرق الأوسط)
يعد إطلاق القمر «كاوست كيوب سات» الأول من نوعه في السعودية والأكثر تطوراً من الناحية التكنولوجية (الشرق الأوسط)

أعلنت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) وشركة سباير، الرائدة في تزويد وتحليلات البيانات والخدمات الفضائية، عن خططهما لإطلاق القمر الاصطناعي البحثي «كاوست كيوب سات» المتخصص بجمع بيانات عالية الجودة وفائقة الدقة للأنظمة البيئية الأرضية والساحلية وفي المحيطات، وذلك لمدة ثلاث سنوات تبدأ في نهاية عام 2022.
من جانبه، قال ماثيو مكابي، مدير مبادرة المناخ في «كاوست»: «نظراً للتكلفة العالية التي تفوق قدرة أي جامعة أو مؤسسة بحثية، كان إطلاق الأقمار الصناعية في الماضي حِكراً على الحكومات. ولكن مع تطور أقمار (كيوب سات)، سيكون بإمكان الجميع إطلاق منصات متخصصة إلى الفضاء بتكلفة أقل بكثير من الطرق التقليدية، تساعد في الأبحاث العلمية».
وأضاف: «تقدم السعودية جهوداً كبيرة في مجال حماية النظم البيئية وترميمها على اليابسة وفي البحار، وستكون البيانات المزودة من هذا القمر الصناعي في غاية الأهمية، خصوصاً في تقديم تفاصيل عالية الدقة حول أحوال النظم البيئية الحالية في المنطقة، ورصد التحسينات الناتجة عن استراتيجيات إدارة البيئة، وبالتالي دعم مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر».
ويعد إطلاق هذا القمر الاصطناعي الأول من نوعه في السعودية، والأكثر تطوراً من الناحية التكنولوجية، إذ يجمع بين خبرة «سباير» في تطوير عاكسات نظام أقمار الملاحة العالمية (GNSS - R)، وأجهزة التصوير فوق الطيفي المدعومة بقدرات متقدمة في المعالجة والذكاء الصناعي، مما سيسمح لباحثي «كاوست» بتجميع صور عالية الدقة لسطح الأرض وتحليلها واستخدامها، لرسم خرائط مفصلة للبيئات الأرضية، فضلاً عن مراقبة صحة الغطاء النباتي وحالته، واستكشاف الأنظمة البيئية الساحلية والشعاب المرجانية، وتطوير أبحاث الزراعة الدقيقة، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من تطبيقات علوم الأرض والبيئة.
من ناحيته، أكد دان ريفرا، المدير التنفيذي لتطوير الأعمال في «سباير»، أن السعودية والمنطقة حققت في السنوات الأخيرة قفزة تقنية مبهرة، مضيفاً: «يسرنا أن تستضيف السعودية أول اتفاقية لنا في مجال الخدمات الفضائية في الشرق الأوسط، ونتطلع إلى مزيد من التعاون مع (كاوست) لاستكشاف الفوائد العلمية لتقنيات تحليل البيانات والاستشعار عن بعد، وفي دعم المملكة لتحقيق أهدافها الطموحة في رؤية 2030».
وسيحمل «كاوست كيوب سات» جهاز استشعار للتصوير فوق الطيفي، يستطيع تصوير مناطق الاهتمام في أي مكان في العالم عبر أكثر من 30 نطاقاً طيفياً يمكن تعديله بواسطة المستخدم في الطيف المرئي للأشعة تحت الحمراء القريبة (VNIR) كما يمكن أيضاً دمج البيانات الناتجة عن جهاز الاستشعار مع مستقبل نظام (GNSS) الخاص بشركة سباير لمراقبة المتغيرات البيئية الدقيقة مثل نسبة الرطوبة في التربة، وسيساعد ذلك في مجالات عديدة مثل الزراعة وإدارة الغابات والأراضي.
يشار إلى أن خدمات نظام القمر الاصطناعي البحثي «كاوست كيوب سات» لن تكون محصورة فقط داخل السعودية، بل يمكن توسيعها لتشمل العالم كله، مما يمكّن باحثو «كاوست» وشركائهم الدوليين من العمل معاً وتركيز اهتمامهم على أبحاث النظم البيئية العالمية المتنوعة والمترابطة براً وبحراً.
وتعتبر المهمة المبتكرة لـ«كاوست» نقطة انطلاق طموحة نحو تعاون مستقبلي فريد بين الجامعة و«سباير»، وتبشر بمزيد من التطوير لمنصات الأقمار الاصطناعية الجديدة «كيوب سات»، التي يمكن الاستفادة منها ليس في تقديم رؤى جديدة وأبحاث مؤثرة لشتى أنواع لأنظمة البيئية المحلية فحسب، بل أيضاً لرصد عوامل التغيّر البيئي المحلية وعلى المستوى العالمي وتوفير المعلومات اللازمة للاستجابة لها في الوقت المناسب.


مقالات ذات صلة

صور أقمار اصطناعية تظهر أن روسيا تستعد لسحب عتاد عسكري من سوريا

المشرق العربي صورة بالقمر الاصطناعي تُظهر القسم الشمالي من قاعدة «حميميم» الجوية الروسية بالقرب من اللاذقية (رويترز) play-circle 01:09

صور أقمار اصطناعية تظهر أن روسيا تستعد لسحب عتاد عسكري من سوريا

أظهرت صور أقمار اصطناعية نُشرت بعد إطاحة قوات المعارضة بالرئيس بشار الأسد مطلع الأسبوع الجاري أن روسيا تجمع فيما يبدو عتاداً عسكرياً في قاعدة جوية بسوريا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي مقاتلون من الفصائل المسلحة المناهضة للحكومة السورية أثناء دخولهم إلى مدينة حماة التي استولوا عليها في وسط غرب سوريا... 6 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

إيران تعتزم إرسال صواريخ ومسيرات ومستشارين عسكريين إلى سوريا

قال مسؤول إيراني كبير، إن إيران تعتزم إرسال صواريخ وطائرات مسيرة إلى سوريا وزيادة عدد مستشاريها العسكريين هناك لدعم الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تكنولوجيا إطلاق صاروخ يحمل قمرين اصطناعيين من مركبة الفضاء «بروبا-3» التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية من مركز ساتيش داوان الفضائي في الهند 5 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

إطلاق قمرين اصطناعيَين أوروبيَين من الهند لدراسة الشمس

أطلقت وكالة الفضاء الأوروبية، اليوم (الخميس)، مهمة «بروبا-3» لدراسة وملاحظة الشمس عن قرب على متن الصاروخ الرئيسي للمنظمة الهندية لأبحاث الفضاء.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
علوم توفر أقمار «ستارلينك» اتصال إنترنت سريعاً في جميع أنحاء العالم (أ.ف.ب)

باحثون: أقمار ماسك الاصطناعية تعوق البحث الفلكي و«تحجب» رؤية الكون

قال باحثون هولنديون إن الموجات الراديوية الصادرة عن شبكة أقمار «ستارلينك» الاصطناعية التابعة للملياردير الأميركي إيلون ماسك، تعوق قدرة العلماء على رؤية الكون.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شؤون إقليمية صورة نشرتها وزارة الدفاع الإيرانية لعملية إطلاق الصاروخ الذي يحمل الأقمار الاصطناعية الثلاثة في محطة سمنان الفضائية في يناير الماضي (إ.ب.أ)

إيران تطلق قمرها الاصطناعي الثاني هذا العام

نقلت «رويترز» عن وسائل إعلام رسمية أن إيران أطلقت قمرها البحثي «جمران - 1» إلى مداره، اليوم (السبت)، وهو ثاني إطلاق ناجح لقمر قمر اصطناعي هذا العام.

«الشرق الأوسط» (لندن)

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)
ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)
TT

قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)
ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

رئيس أميركي جديد... حرب تجارية مهددة... استمرار تعثر اقتصاد الصين... اضطرابات سياسية في مراكز القوة بأوروبا... توترات جيوسياسية في الشرق الأوسط... يبدو أن عام 2025 سيكون عاماً آخر استثنائياً. فكيف سيشكل كل ذلك الاقتصاد العالمي في عام 2025؟

في عام 2024، اتجه الاقتصاد العالمي نحو التحسن في ظل تباطؤ معدلات التضخم، رغم استمرار المخاطر.

لكن العام المقبل يقف عند منعطف محوري. فمن المرجح أن يرفع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب الرسوم الجمركية، واضعاً حواجز حمائية حول أكبر اقتصاد في العالم، بينما سيستمر قادة الصين في التعامل مع عواقب العيوب الهيكلية داخل نموذج النمو في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم. أما منطقة اليورو، فستظل محاصرة في فترة من النمو المنخفض للغاية.

ترمب ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو يتحدثان قبل اجتماع حلف شمال الأطلسي (أ.ب)

وعلى الرغم من كل هذه التحديات، يُتوقع أن يظل الاقتصاد العالمي ككل مرناً نسبياً في 2025. ويفترض صندوق النقد الدولي بتقرير نشره في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أي قبل حسم نتائج الانتخابات الأميركية، أن يظل النمو ثابتاً عند 3.2 في المائة بالعام المقبل، وهو نفسه الذي توقعه لعام 2024. بينما التوقعات بتباطؤ النمو في الولايات المتحدة إلى 2.2 في المائة في عام 2025، من 2.8 في المائة في عام 2024، مع تباطؤ سوق العمل. في حين توقعت جامعة ميشيغان في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بأميركا إلى 1.9 في المائة في عام 2025.

وفي منطقة اليورو، من المتوقع أن يبلغ النمو 1.2 في المائة في عام 2025، وهو أضعف قليلاً من توقعات الصندوق السابقة. ويشار هنا إلى أن الأحداث السياسية في كل من فرنسا وألمانيا سيكون لها وقعها على نمو منطقة اليورو ككل. فالسياسات الاقتصادية الفرنسية والألمانية تعوقها حالة كبيرة من عدم اليقين السياسي بعد استقالة رئيس الوزراء الفرنسي ميشال بارنييه ضحية الموازنة، وانهيار الائتلاف الحكومي في ألمانيا للسبب نفسه.

أما الصين، فيتوقع الصندوق أن ينمو ناتجها المحلي الإجمالي بنسبة 4.6 في المائة في عام 2025 مع مخاوف تحديات استمرار ضعف سوق العقارات، وانخفاض ثقة المستهلكين والمستثمرين، وذلك في وقت تكافح فيه بكين للتوفيق بين إعادة توجيه استراتيجيتها للنمو والضغوط قصيرة الأجل لإجراءات التحفيز غير المكتملة. لكن وكالة «فيتش» أقدمت منذ أيام على خفض توقعاتها السابقة بالنسبة لنمو الاقتصاد الصيني من 4.5 في المائة إلى 4.3 في المائة.

موظف يعمل بشركة تصنيع قطع غيار سيارات في تشينغتشو (أ.ف.ب)

السياسة النقدية في 2024

لقد كان من الطبيعي أن يمثل تباطؤ التضخم المسجل في عام 2024، أرضية لبدء مسار خفض أسعار الفائدة من قبل المصارف المركزية الكبرى. وهو ما حصل فعلاً. فالاحتياطي الفيدرالي خفّض أسعار الفائدة الفيدرالية مرتين وبمقدار 75 نقطة أساس حتى نوفمبر 2024 - و25 نقطة أساس أخرى متوقعة باجتماع في 17 و18 ديسمبر (كانون الأول) الحالي - لتصل إلى 4.50 - 4.75 في المائة، رغم نمو الاقتصاد بواقع 3 في المائة.

رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يتحدث إلى رئيسة المصرف المركزي الأوروبي كريستين لاغارد ويتوسطهما محافظ بنك اليابان كاز أودا في مؤتمر «جاكسون هول» (رويترز)

أما المصرف المركزي الأوروبي، فأجرى خفضاً للفائدة 4 مرات في 2024 وبواقع 25 نقطة أساس كل مرة إلى 3.00 في المائة بالنسبة لسعر الفائدة على الودائع.

بنك إنجلترا من جهته، خفّض أسعار الفائدة مرتين بمقدار 25 نقطة أساس (حتى اجتماعه في نوفمبر).

باول ومحافظ بنك إنجلترا أندرو بيلي ورئيس بنك كندا المركزي تيف ماكليم (رويترز)

وبالنسبة لبنك الشعب (المصرف المركزي الصيني)، فلقد كان التيسير مع مجموعة أدواته الموسعة حافلاً هذا العام، حيث تم الإعلان عن إصلاح إطار عمل جديد للسياسة النقدية في شهر يونيو (حزيران)، وتخفيضات بمقدار 30 نقطة أساس في سعر إعادة الشراء العكسي لمدة 7 أيام، وتخفيضات بمقدار 100 نقطة أساس في سعر إعادة الشراء العكسي، وبرامج جديدة لدعم أسواق الأسهم والعقارات.

إلا أن المفاجأة كانت في تغيير زعماء الصين موقفهم بشأن السياسة النقدية إلى «ميسرة بشكل معتدل» من «حكيمة» للمرة الأولى منذ 14 عاماً، ما يعني أن القيادة الصينية تأخذ المشاكل الاقتصادية على محمل الجد. وكانت الصين تبنت موقفاً «متراخياً بشكل معتدل» آخر مرة في أواخر عام 2008، بعد الأزمة المالية العالمية وأنهته في أواخر عام 2010.

ولكن ماذا عن عام 2025؟

سوف تستمر المصارف المركزية في خفض أسعار الفائدة على مدى العام المقبل، ولكن في أغلب الاقتصادات الكبرى سوف تمضي هذه العملية بحذر.

بالنسبة للاحتياطي الفيدرالي، يبدو أن التوقف عن الخفض في اجتماع يناير (كانون الثاني) أمر محتمل، حيث إنه سيكون لديه بحلول اجتماع مارس (آذار)، فهم أكثر وضوحاً لخطط الرئيس دونالد ترمب بشأن التعريفات والضرائب والإنفاق والهجرة وغيرها. ومن المؤكد أن احتمالات خفض الضرائب المحلية لدعم النمو التي ستدفع بالطبع التضخم إلى الارتفاع، ستؤيد مساراً أبطأ وأكثر تدريجية لخفض أسعار الفائدة العام المقبل. وهناك توقعات بحصول خفض بمقدار 25 نقطة أساس لكل ربع في عام 2025.

متداول في سوق نيويورك للأوراق المالية يستمع إلى مؤتمر باول الصحافي (رويترز)

أما المصرف المركزي الأوروبي، فيبدو أنه مصمم الآن على المضي قدماً في إعادة أسعار الفائدة إلى المستوى المحايد بأسرع ما يمكن مع ضعف النمو الشديد وتباطؤ ظروف سوق العمل، وسط توقعات بأن يخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نحو 1.5 في المائة بحلول نهاية عام 2025. ومن بين العواقب المترتبة على ذلك أن اليورو من المرجح أن يضعف أكثر، وأن يصل إلى التعادل مقابل الدولار الأميركي العام المقبل.

وعلى النقيض من المصرف المركزي الأوروبي، يتخذ بنك إنجلترا تخفيضات أسعار الفائدة بشكل تدريجي للغاية. ومن المتوقع أن تعمل الموازنة الأخيرة وكل الإنفاق الحكومي الإضافي الذي جاء معها، على تعزيز النمو في عام 2025. وهناك توقعات بأن يقفل العام المقبل عند سعر فائدة بواقع 3.75 في المائة، قبل أن ينخفض ​​إلى أدنى مستوى دوري عند 3.50 في المائة في أوائل عام 2026.

أما بنك الشعب، فسوف يبني العام المقبل على الأسس التي وضعها هذا العام، حيث تشير التوقعات إلى تخفيضات تتراوح بين 20 و30 نقطة أساس في أسعار الفائدة، مع مزيد من التخفيضات إذا جاءت الرسوم الجمركية الأميركية في وقت مبكر أو أعلى مما هو متوقع حالياً، وفق مذكرة للمصرف الأوروبي «آي إن جي». ومن المتوقع على نطاق واسع خفض آخر لمعدل الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس في الأشهر المقبلة، حتى إنه يمكن حصول تخفيضات تراكمية بمقدار 100 نقطة أساس في معدل الفائدة قبل نهاية عام 2025.

حرب تجارية على الأبواب؟

وبين هذا وذاك، هناك ترقب كبير للتعريفات الجمركية التي تعهد ترمب بفرضها، والتي يرجح على نطاق واسع أن تلعب مرة أخرى دوراً رئيساً في أجندته السياسية، وهو ما ستكون له انعكاساته بالتأكيد على الاقتصاد العالمي.

سفن حاويات راسية في ميناء أوكلاند (أ.ف.ب)

فترمب هدّد في البداية مثلاً بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع الواردات الصينية، ورسوم جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على الواردات من جميع البلدان الأخرى. ثم توعّد المكسيك وكندا بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25 في المائة على جميع الواردات منهما، إذا لم تحلّا مشكلة المخدرات والمهاجرين على الحدود مع الولايات المتحدة، و10 في المائة رسوماً جمركية على الواردات من الصين (تضاف إلى الرسوم الحالية) بمجرد تنصيبه في 20 يناير. ولاحقاً، توعد مجموعة «بريكس» بفرض تعريفات جمركية تصل إلى 100 في المائة، إذا أقدمت على إنشاء عملة جديدة من شأنها إضعاف الدولار.

ويبدو أن ترمب جاد هذه المرة في فرض التعريفات الجمركية التي يصفها بأنها أجمل كلمة في القاموس، بدليل ترشيحه الرئيس التنفيذي لشركة «كانتور فيتزجيرالد» في وول ستريت، هوارد لوتنيك، لتولي منصب وزير التجارة، والذي قال عنه إنه «سيتولى ملف التجارة والتعريفات».

وينص قانون سلطات الطوارئ الاقتصادية الدولية على قدرة الرئيس على إصدار إجراءات اقتصادية طارئة للتعامل مع «أي تهديد غير عادي واستثنائي، يكون مصدره بالكامل أو جزئياً خارج الولايات المتحدة، للأمن القومي أو السياسة الخارجية أو اقتصاد الولايات المتحدة». وهو ما يطلق يد ترمب في إقرار رسوم جمركية جديدة.

من هنا، قد تشكل الحرب التجارية أكبر خطر يهدد النمو العالمي في عام 2025. ورسم المحللون أوجه تشابه مع ثلاثينات القرن العشرين، عندما أدى فرض التعريفات الجمركية الأميركية إلى رد فعل انتقامي من قبل حكومات أخرى، وأدى إلى انهيار التجارة العالمية الذي أدى بدوره إلى تعميق الكساد الأعظم.

وفي أواخر أكتوبر، تناول صندوق النقد الدولي في تقرير له، التأثيرات المترتبة على النمو والتضخم في حرب تجارية محتملة عام 2025. فوضع التقرير سيناريو حرب تجارية مع افتراض فرض تعريفات جمركية أميركية بنسبة 10 في المائة على جميع الواردات، تقابلها إجراءات انتقامية واسعة النطاق من جانب أوروبا والصين تعادل 10 في المائة تعريفات جمركية على الصادرات الأميركية، وعلى جميع التجارة بين الصين والاتحاد الأوروبي، على أن يتم تنفيذها بحلول منتصف عام 2025.

في هذا السيناريو، يتوقع صندوق النقد الدولي أن تؤدي التعريفات الجمركية إلى خفض نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة -0.1 في المائة في عام 2025، مما يخفض توقعاته الأساسية من 3.2 في المائة إلى 3.1 في المائة.

مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) من جهته يحذر من آفاق غير مؤكدة تواجه التجارة العالمية عام 2025، بسبب تهديد الحروب التجارية. ويعدّ أن «آفاق التجارة في عام 2025 مشوبة بتحولات محتملة في السياسة الأميركية، بما في ذلك التعريفات الجمركية الأوسع نطاقاً التي قد تعطل سلاسل القيمة العالمية وتؤثر على الشركاء التجاريين الرئيسين».

وفي استطلاع أجرته «رويترز» مؤخراً مع 50 اقتصادياً، قدّر هؤلاء أن ينخفض معدل النمو الاقتصادي في الصين ​​بمقدار من 0.5 إلى 1.0 نقطة مئوية في عام 2025، حال تم فرض التعريفات الجمركية.

الدين العالمي إلى مستويات قياسية

ولا تقتصر التحديات التي يواجهها الاقتصاد العالمي على ما سبق تعداده، فالعالم يواجه اليوم تحدياً غير مسبوق مع تصاعد الديون العالمية إلى 323 تريليون دولار، بحسب بيانات معهد التمويل الدولي، وهو رقم يصعب تخيله أو استيعابه، والمتوقع ارتفاعه أكثر في 2025 إذا نفذ ترمب تعهداته.

لافتة إلكترونية في محطة انتظار الحافلات حول حجم الدين الوطني الحالي للولايات المتحدة (رويترز)

فالتقلبات المتوقعة لسياسات ترمب دفعت بعض الدول إلى إصدار ديون قبل توليه منصبه، عندما قد تصبح الأسواق أقل قابلية للتنبؤ.

وحذر معهد التمويل الدولي من أن التوترات التجارية المزدادة وانقطاعات سلسلة التوريد تهدد النمو الاقتصادي العالمي، مما يزيد من احتمالات حدوث دورات ازدهار وكساد صغيرة في أسواق الديون السيادية مع عودة الضغوط التضخمية وتشديد المالية العامة. وسوف تفاقم زيادة تكلفة الفائدة نتيجة لذلك الضغوط المالية وتجعل إدارة الديون صعبة بشكل مزداد.

وأخيراً لا شك أن التحولات الجيوسياسية تلعب دوراً مهماً في تشكيل الاقتصاد العالمي عام 2025. وهي تفترض مراقبة خاصة ودقيقة ومعمقة لتداعيات التنافس بين الولايات المتحدة والصين، التي قد تزداد وتيرتها حدة لتكون عواقبها الاقتصادية محسوسة على مدى سنوات، وليس أشهراً، بحيث يتردد صداها طوال العام المقبل وما بعده.