الشيف ليلى فتح الله... صوت المرأة العربية ومرآتها

وصلت إلى مليون متابع عبر «إنستغرام» واحتلت قلوبهم بعفويتها

الشيف اللبنانية ليلى فتح الله
الشيف اللبنانية ليلى فتح الله
TT

الشيف ليلى فتح الله... صوت المرأة العربية ومرآتها

الشيف اللبنانية ليلى فتح الله
الشيف اللبنانية ليلى فتح الله

يقال إن «العين تعشق قبل القلب أحياناً»، ولكن إذا زرت حساب الطاهية اللبنانية ليلى فتح الله على شبكات التواصل الاجتماعي فستقول: «العين تعشق قبل المعدة أحياناً»، والسبب هو طريقة طهيها الشهية وأسلوبها في التقديم والتصوير وعرض المحتوى على المتابعين التي تجعلهم ينشدون إليها ويشعرون بأنها امرأة عربية تمثلهم بغض النظر عن جنسهم وجنسيتهم.
الشيف ليلى فتح الله اسم لامع في عالم الطهي كانت بدايتها عام 2009 على قناة «فتافيت» المتخصصة بالطهي، لتصبح اليوم رائدة في مجالها وسفيرة لأهم الأسماء في عالم الطعام، وتحتفل اليوم بوصول عدد متابعيها على تطبيق «إنستغرام» إلى مليون متابع ومتابعة من شتى أصقاع العالم، في حين وصل عدد متابعيها على «فيسبوك» إلى مليون و800 ألف متابع.
الشيف ليلى معروفة بعفويتها وخفة دمها وتعليقاتها الجميلة على الأطباق والفيديوهات التي تنشرها، كما أنها قريبة من قلب النساء لأنها في المقام الأول أم لثلاثة أولاد وزوجة لرجل وقف بجانبها خلال رحلة نجاحها ودعمها في جميع محطات حياتهما معاً.
في مقابلة مع «الشرق الأوسط» مع الطاهية فتح الله تم التركيز على دورها في دعم المرأة العربية من خلال تجربتها الشخصية ووصولها إلى شهرة واسعة لتصبح اليوم من بين أبرز سيدات الأعمال في عالمنا العربي.
في سؤالها عما إذا كان من السهل الوصول إلى ما آلت إليه اليوم، فكان جوابها بأن السهولة الوحيدة تكمن في توفر التكنولوجيا والابتكارات التي تساعدك على الانتشار، فالهاتف الجوال هو مفتاح العمل أو بمعنى آخر فهو من بين أهم المعدات المتوفرة في أيادي الجميع، ولكن الصعوبة فهي برهن المحتوى المفيد والغني ومعرفة نوعية واهتمام المتابعين الذين نوجه محتوانا لهم.
وعن ازدياد الاهتمام بالطهي على شبكات التواصل الاجتماعي، تقول الشيف ليلى إن السبب يعود إلى كون الطهي أمراً مهماً ورئيسياً في حياة الجميع، ومع توفر الصفحات والحسابات المتخصصة بالطعام أصبح هناك نوع من الاهتمام الزائد بتطبيق الوصفات في المنزل، كما أن هناك شريحة كبرى من السيدات اللاتي تأثرن بطاهيات وقمن بخلق حسابات خاصة بالطهي وكانت تجربة ناجحة جداً. وعلقت هنا بالقول: «هدفي الأول هو عرض محتوى جيد يقوي ويفعل دور المرأة العربية ويصقل شخصيتها، وأكثر ما يروق لي هو سماع الكثير من متابعيّ وهم يقولون إن حسابي شجّعهم على الطهي أو بدء مشروع ما».
هناك عدة مشاهير طهي في تطبيق «إنستغرام» أو «فيسبوك»، ولكن ما الذي يجعل بعض تلك الحسابات جذابة؟ ردت على ذلك الشيف فتح الله بأن «العفوية والصدق في التقديم هما مفتاح النجاح والوصول إلى قلوب المتابعين، ولكن تغذية الحساب وتأمين محتوى متجدد ليس بالأمر السهل فهو صعب وفيه الكثير من المسؤولية تجاه المتابعين، كما يجب انتقاء ما يتناسب مع رغباتهم، ومن الضروري أن تكون المنشورات دائمة التجدد ومفيدة».
وعن الوصفات التي يفضلها متابعو الشيف ليلى، فتقول إن الوصفة الأقل تعقيداً هي الوصفة المفضلة لدى الجميع، فمن الضروري أن تكون المنتجات المستخدمة في الوصفة قليلة ومتوفرة في مطبخ كل بيت، فهناك وصفات عديدة تعتمد على الكثير من المفردات غير المتوفرة في المطابخ العربية، وهذا الأمر قد يجعل المتابع ينأى بنفسه عن متابعة الحساب لأنه قد لا يجد ضالته فيه.
المرأة اليوم تتبوأ أهم المناصب ويمكنها أن تقوم بأعمال كانت مقتصرة على الرجال فقط في الماضي، ولهذا تشدد الشيف ليلى على أن ربة المنزل يمكنها اليوم خلق حساب إلكتروني جميل ومفيد، فالهاتف الجوال موجود في يدها معظم الأوقات والطهي أمر يومي والتصوير متعة والباقي يعتمد على العفوية التي تعزز الثقة بالنفس وتفاعل المتابعين وعدم التأثر بالتعليقات المسيئة.
الشيف ليلى حاصلة على شهادة من Le Cordon Bleu وهنا تقول إن التعلم مهم جداً، فالجميع يمكنهم الطهي ولكن إذا أردت أن تكون محترفاً في أي مجال فلا بد من تعلم خفايا المضمار الذي اخترته لأنه لا يجوز أن يبرع الطاهي في عمله إذا لم يتعرف على تقنيات الطهي ومفرداته الصغيرة مثل الطريقة الأمثل في خلق النكهات من خلال معرفة ما يقلى أولا البصل أو الثوم (على سبيل المثال) والحرارة، والتسميات، حتى السلطة فلها أصولها وقد تكون وصفة معقدة في حال اخترنا تركيبة صلصلة تعتمد على الابتكار.
ولاحظت الشيف ليلى أن التفسير الممل في الوصفات قد يكون مفيداً والسبب هو أن هناك من يجهل أبسط الأمور التي يظنها الطاهي المتمرس بأنها سهلة ويتقنها الجميع، كما أنه من الضروري أن يكون صانع المحتوى منفتحاً على الانتقادات والتركيز على التعليقات الإيجابية، فمن شبه المستحيل أن يرضي صانع المحتوى جميع المتابعين.
وكونها امرأة محجبة منذ بداية مشوارها في تقديم برامج الطهي الناجحة على التلفزيون، تقول الشيف ليلى إن الحجاب لم يقف عائقاً في مسيرتها لا بل ساعدها من التقرب إلى السيدات لا سيما في منطقة الخليج ورأت في حجابها دعماً لثقة المرأة العربية والمسلمة بنفسها وتشجيعها على الإبداع والابتكار.
وترى الشيف ليلى أن نجاح أي طاهٍ يعتمد على الانفتاح على ثقافات العالم وتوسيع آفاق العلاقات الاجتماعية واحترام الغير والتعلم منهم.
تقوم الشيف ليلى بدعم عدة جمعيات خيرية في لبنان وتستغل موقعها كطاهية محترفة في تقديم الطعام للعائلات المحتاجة عن طريق جمعيات مثل «غيث» و«كرامة»، وتلك الجمعيات تساعد المحتاجين والمتضررين من انفجار 4 أغسطس (آب) وتقدم لهم يد العون من خلال توصيل وجبات الطعام والأدوية والمساعدات المالية.
وبما أنها تحب البساطة لدرجة أنها برعت في عرض وصفات تقديم السندويتشات البسيطة التي لاقت صورها أعلى نسبة مشاهدة، وصلت إلى 3 ملايين مشاهدة و31 ألف مشاركة، تقول الشيف ليلى إن «المنقوشة» بالزعتر تبقى وجبتها المفضلة من دون منازع.
وفي نهاية المقابلة وبابتسامة معهودة ختمت ليلى فتح الله كلامها بالقول: «نصيحتي لأي امرأة بأن تقوم بخلق صورة خاصة بها وعدم تقليد أي امرأة أخرى».



«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن
TT

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

«عناب براسري» منافس قوي على ساحة الأكل اللبناني بلندن

عندما يأتي الكلام عن تقييم مطعم لبناني بالنسبة لي يختلف الأمر بحكم نشأتي وأصولي. المطابخ الغربية مبنية على الابتكار والتحريف، وتقييمها يعتمد على ذائقة الشخص، أما أطباق بلاد الشام فلا تعتمد على الابتكار على قدر الالتزام بقواعد متَّبعة، وإنني لست ضد الابتكار من ناحية طريقة التقديم وإضافة اللمسات الخاصة تارة، وإضافة مكون مختلف تارة أخرى شرط احترام تاريخ الطبق وأصله.

التبولة على أصولها (الشرق الاوسط)

زيارتي هذه المرة كانت لمطعم لبناني جديد في لندن اسمه «عناب براسري (Annab Brasserie)» فتح أبوابه في شارع فولهام بلندن متحدياً الغلاء والظروف الاقتصادية العاصفة بالمدينة، ومعتمداً على التوفيق من الله والخبرة والطاهي الجيد والخبرة الطويلة.

استقبلنا بشير بعقليني الذي يتشارك ملكية المشروع مع جلنارة نصرالدين، وبدا متحمساً لزيارتي. ألقيت نظرة على لائحة الطعام، ولكن بشير تولى المهمة، وسهَّلها عليَّ قائلاً: «خلّي الطلبية عليّ»، وأدركت حينها أنني على موعد مع مائدة غنية لا تقتصر على طبقين أو ثلاثة فقط. كان ظني في محله، الرائحة سبقت منظر الأطباق وهي تتراص على الطاولة مكوِّنة لوحة فنية ملونة مؤلَّفة من مازة لبنانية حقيقية من حيث الألوان والرائحة.

مازة لبنانية غنية بالنكهة (الشرق الاوسط)

برأيي بوصفي لبنانية، التبولة في المطعم اللبناني تكون بين العلامات التي تساعدك على معرفة ما إذا كان المطعم جيداً وسخياً أم لا، لأن هذا الطبق على الرغم من بساطته فإنه يجب أن يعتمد على كمية غنية من الطماطم واللون المائل إلى الأحمر؛ لأن بعض المطاعم تتقشف، وتقلل من كمية الطماطم بهدف التوفير، فتكون التبولة خضراء باهتة اللون؛ لأنها فقيرة من حيث الليمون وزيت الزيتون جيد النوعية.

بقلاوة بالآيس كريم (الشرق الاوسط)

جربنا الفتوش والمقبلات الأخرى مثل الحمص والباباغنوج والباذنجان المشوي مع الطماطم ورقاقات الجبن والشنكليش والنقانق مع دبس الرمان والمحمرة وورق العنب والروبيان «الجمبري» المشوي مع الكزبرة والثوم والليمون، ويمكنني الجزم بأن النكهة تشعرك كأنك في أحد مطاعم لبنان الشهيرة، ولا ينقص أي منها أي شيء مثل الليمون أو الملح، وهذا ما يعلل النسبة الإيجابية العالية (4.9) من أصل (5) على محرك البحث غوغل بحسب الزبائن الذين زاروا المطعم.

الروبيان المشوي مع الارز (الشرق الاوسط)

الطاهي الرئيسي في «عناب براسري» هو الطاهي المعروف بديع الأسمر الذي يملك في جعبته خبرة تزيد على 40 عاماً، حيث عمل في كثير من المطاعم الشهيرة، وتولى منصب الطاهي الرئيسي في مطعم «برج الحمام» بلبنان.

يشتهر المطعم أيضاً بطبق المشاوي، وكان لا بد من تجربته. الميزة كانت في نوعية اللحم المستخدم وتتبيلة الدجاج، أما اللحم الأحمر فهو من نوع «فيليه الظهر»، وهذا ما يجعل القطع المربعة الصغيرة تذوب في الفم، وتعطيها نكهة إضافية خالية من الدهن.

المطعم مقسَّم إلى 3 أقسام؛ لأنه طولي الشكل، وجميع الأثاث تم استيراده من لبنان، فهو بسيط ومريح وأنيق في الوقت نفسه، وهو يضم كلمة «براسري»، والديكور يوحي بديكورات البراسري الفرنسية التي يغلب عليها استخدام الخشب والأرائك المريحة.

زبائن المطعم خليط من العرب والأجانب الذين يقطنون في منطقة فولهام والمناطق القريبة منها مثل شارع كينغز رود الراقي ومنطقة تشيلسي.

حمص باللحمة (الشرق الاوسط)

في نهاية العشاء كان لا بد من ترك مساحة ليكون «ختامه حلوى»، فاخترنا الكنافة على الطريقة اللبنانية، والبقلاوة المحشوة بالآيس كريم، والمهلبية بالفستق الحلبي مع كأس من النعناع الطازج.

المطاعم اللبنانية في لندن متنوعة وكثيرة، بعضها دخيل على مشهد الطعام بشكل عام، والبعض الآخر يستحق الوجود والظهور والمنافسة على ساحة الطعام، وأعتقد أن «عناب» هو واحد من الفائزين؛ لأنه بالفعل من بين النخبة التي قل نظيرها من حيث المذاق والسخاء والنكهة وروعة المكان، ويستحق الزيارة.