«رمسيس وذهب الفراعنة» يستعد لعرض في هيوستن الأميركية

المعرض يضم 181 قطعة أثرية

مصطفى وزيري يتفقد قطعة أثرية من المقرر عرضها في هيوستن
مصطفى وزيري يتفقد قطعة أثرية من المقرر عرضها في هيوستن
TT

«رمسيس وذهب الفراعنة» يستعد لعرض في هيوستن الأميركية

مصطفى وزيري يتفقد قطعة أثرية من المقرر عرضها في هيوستن
مصطفى وزيري يتفقد قطعة أثرية من المقرر عرضها في هيوستن

يستعد متحف هيوستن للعلوم الطبيعية في ولاية تكساس الأميركية لاستضافة معرض للآثار المصرية يحمل عنوان «رمسيس وذهب الفراعنة»، يضم نحو 181 قطعة أثرية تحكي تاريخ الملك المصري الذي يوصف بأنّه واحد من «أعظم» حكام مصر القديمة، ومن المقرر افتتاح المعرض في 20 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إنّ «قرار تنظيم المعرض يعد جزءاً من خطة الوزارة لاستخدام الآثار والحضارة المصرية كسفير لمصر في الخارج، وكمحفز ترويجي للمقصد السياحي المصري»، مشيراً إلى أنّ «تنظيم مثل هذه المعارض يتم وفقاً لأعلى درجات التأمين للحفاظ على الآثار، وتمثيل مصر بالشكل اللائق».
وأضاف وزيري أنّه «عقد خلال زيارته لهيوستن اجتماعات مع المسؤولين عن تنظيم المعرض للتأكد من عرض القطع الأثرية بالشكل اللائق، واتباع كافة الإجراءات الاحترازية والتأمينية للحفاظ على القطع الأثرية المشاركة في المعرض».
يقام المعرض على مساحة 3 آلاف متر مربع، حيث تعرض القطع الأثرية داخل فتارين زجاجية أعدت خصيصاً لهذا الغرض، مع وجود لوحات إرشادية وتعريفية تشرح تاريخ وإنجازات الملك رمسيس الثاني.
ونشر موقع متحف هيوستن للعلوم الطبيعية فيديو للترويج للمعرض، وقال في خبر نشره على موقعه الإلكتروني أخيراً: «اكتشف المعرض الأول من نوعه على مستوى العالم، (رمسيس وذهب الفراعنة)، وسافر عبر الزمن في رحلة تعود بك نحو 2300 عام، عابرة رمال الصحراء وضفاف نهر النيل لتروي قصة واحد من أعظم حكام مصر البنائين»، ولفت إلى أن «المعرض يعد نافذة لعرض إنجازات الملك رمسيس الثاني، أو رمسيس العظيم كما يتم تلقيبه، حيث سيشاهد زوار المعرض 181 قطعة أثرية لا تقدر بثمن، بعضها قطع فريدة من نوعها تضم تماثيل للملك المصري، ومومياوات حيوانية، ومجوهرات، وأقنعة ملكية، وكنوز ذهبية»، واختتم المتحف الخبر بالتأكيد على أن «ذكر أسماء الموتى يحيي ذكراهم ويعيدها للحياة مجدداً»، ويبلغ سعر تذكرة الدخول إلى المعرض 35 دولاراً للبالغين، و27 دولاراً للأطفال.
بدروه قال مؤمن عثمان، رئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار، في بيان صحافي أصدرته وزارة السياحة والآثار مساء أول من أمس، إن «المعرض يضم 181 قطعة أثرية، تبرز بعض الخصائص المميزة للحضارة المصرية القديمة وخصوصاً في عصور الدولة الوسطى والحديثة وحتى العصر المتأخر، من خلال مجموعة من التماثيل والحلي وأدوات التجميل واللوحات والكتل الحجرية المزينة بالنقوش، وتماثيل لبعض المعبودات على هيئة طيور وحيوانات، بالإضافة إلى بعض التوابيت الخشبية الملونة».
ومن المقرر أن يجوب معرض «رمسيس وذهب الفراعنة»، 4 مدن حول العالم، وفقاً لقرار مجلس الوزراء المصري، بينهما مدينتان في الولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى العاصمة الفرنسية باريس، ومدينة سيدني في أستراليا.
وأضاف وزيري إن «العالم كله يعشق الآثار المصرية، ومثل هذه المعارض تجذب عدداً كبيراً من الزوار الذين يرغبون في التعرف بشكل أكبر على الحضارة المصرية، ولم تتح لهم فرصة زيارتها»، مشيراً إلى أن «المعارض الخارجية تحقق نجاحاً باهراً وتجذب الكثير من الزوار، كما حدث مؤخراً في معرض أسرار مصر الغارقة، ومعرض توت عنخ آمون».
وفي مارس (آذار) الماضي، عادت 293 قطعة أثرية إلى مصر، بعد انتهاء جولتها الخارجية في معرض حمل عنوان «أسرار مصر الغارقة»، بدأت عام 2015 بمعهد العالم العربي بالعاصمة الفرنسية باريس، قبل أن ينتقل المعرض إلى المتحف البريطاني، ثم متحف رايتبرغ في زيوريخ بسويسرا، وفي عام 2018 انتقل المعرض إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث زار أربعة مدن هي مدينة سانت لويس، ومتحف مينوبوليس للفن بمدينة مينوبوليس، ومتحف رونالد ريغان في المكتبة الرئاسية - بولاية كاليفورنيا، لتنتهي جولته في متحف فرجينيا للفنون بمدينة فرجينيا.
وقبلها تحديداً في أغسطس (آب) 2020 عاد معرض «توت عنخ آمون... كنوز الفرعون الذهبي» إلى مصر بعد جولة خارجية، بدأت عام 2018. وشملت 3 محطات وهي مدينة لوس أنجليس الأميركية وباريس ولندن، حيث حطم المعرض الرقم القياسي في تاريخ عدد زوار المعارض الثقافية في باريس مسجلاً مليون و400 ألف زائر، لكن لم تكتمل الجولة بنفس النجاح في لندن بسبب جائحة «كوفيد - 19» التي أدت إلى إغلاق المعرض قبل انتهاء مدة عرضه بـ44 يوماً.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».