شواطئ ليبيا... «سوق مزدهرة» لعصابات تهريب المهاجرين

TT

شواطئ ليبيا... «سوق مزدهرة» لعصابات تهريب المهاجرين

دافع مصدر بمديرية أمن زوارة بـ(غرب) عن الجهود التي تبذلها الأجهزة الليبية في التصدي لعمليات تهريب المهاجرين غير النظاميين عبر شواطئ المنطقة الغربية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن هناك «عصابات ومافيا كبيرة تجني أموالاً طائلة من وراء التغرير بالوفدين، وتُمنيهم بسهولة الوصول إلى أوروبا». وتتعرض عديد السواحل بمدن غرب ليبيا خلال هذا الصيف لعمليات واسعة من تهريب مئات المهاجرين غير النظاميين، المقيمين في البلاد بقصد اللجوء إلى أوروبا سعياً للخلاص من وقوعهم في قبضة «متاجرين آخرين»، أو احتجازهم في مراكز الإيواء، وفقاً للمصدر الأمني. وخلال اليومين الماضيين فقط تمكنت قوات خفر السواحل الليبية من إعادة قرابة ألف مهاجر إلى العاصمة طرابلس، بعد إنقاذهم من الغرق في البحر المتوسط. وقال الناطق الرسمي برئاسة أركان القوات البحرية الليبية بغرب البلاد، مسعود إبراهيم، إن زورقين تابعين لحرس السواحل الليبية أنقذا مساء أول من أمس 113 مهاجراً أفريقياً في عمليتين منفصلتين كانوا في طريقهم نحو الشواطئ الأوروبية على متن قاربين. كما نفذت البحرية الليبية أربع عمليات إنقاذ متتالية شمال زوارة نهاية الأسبوع الماضي، وانتشلت 823 مهاجراً غير شرعي من جنسيات مختلفة، تمت إعادتهم إلى نقطة الإنزال بمصفاة الزاوية، وتقديم الدعم الطبي والنفسي لهم، قبل تسليمهم إلى الجهات المختصة. ومنذ بداية العام الجاري، اعترض خفر السواحل الليبي أكثر من 8500 مهاجر في البحر، وقبل شهر تقريباً وصل إلى جزيرة لامبيدوزا الإيطالية أكثر من 1400 مهاجر، موزعين على نحو 15 قارباً. وتنشط في ليبيا عصابات متخصصة في تهريب المهاجرين غير النظاميين إلى دول أوروبا، ويدير أفرادها أنشطتهم بعيداً عن أعين الأجهزة الأمنية في صبراتة وزوارة والزاوية، والقرة بوللي، ما جعل من بعض شواطئ غرب ليبيا «سوقاً مفتوحة» ومزدهرة لهذه الفئة بحسب المصدر الأمني، الذي قال إن أجهزة الأمن «تنجح من وقت لآخر في اعتقال بعض المهربين، وتمنع تسلل مئات المهاجرين إلى الشواطئ».وأحال مركز التجميع والعودة للمهاجرين غير الشرعيين بطرابلس 90 مهاجراً غير نظامي منتصف الأسبوع الماضي، إلى مركز الإيواء أبو رشادة - غريان. وتعترض منظمات دولية عديدة وجهات أوروبية مانحة على تعقب دوريات خفر السواحل الليبية لمهاجرين في عرض البحر، وإعادتهم بالقوة إلى مراكز الاحتجاز بالعاصمة طرابلس، مشيرة إلى أنهم «يتعرضون لانتهاكات واسعة، إلى جانب حرمان كثيرين من الطعام والماء النظيف».
في سياق قريب، رحلت السلطات الليبية مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين والمحكومين في قضايا جنائية إلى بلادهم، بإشراف وزارة العدل بحكومة «الوحدة الوطنية». وقالت الوزارة إنه تم ترحيل 84 نزيلاً ونزيلة بصحبة أطفالهم من المحكومين المفرج عنهم، ممن كانوا يُحتجزون بسجون «مؤسسات الإصلاح والتأهيل» عين زارة الرئيسي، و«النساء المحلي»، وذلك عبر مطار معيتيقة الدولي.
وحضر مراسم الترحيل السفير النيجيري المعتمد لدى ليبيا، وعدد من أعضاء السفارة، وفريق عمل إجراءات الإبعاد برفقة عناصر الحراسة الأمنية، التابعين لإدارة العمليات والأمن القضائي.
وكان المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان قد تحدث عن احتجاز 800 شاب سوري بعد إعادتهم من البحر إلى طرابلس خلال محاولتهم الهجرة إلى أوروبا، داعياً الحكومة الليبية إلى فتح تحقيق عاجل في ظروف احتجازهم، التي وصفها بأنها «سيئة وغير قانونية».


مقالات ذات صلة

مقتل 9 مهاجرين وفقدان 6 آخرين قبالة سواحل تونس

شمال افريقيا حرس جزر الكناري الإسبانية يقدم مساعدات لمهاجرين أفارقة انطلقوا من سواحل تونس بعد غرق مركبهم (إ.ب.أ)

مقتل 9 مهاجرين وفقدان 6 آخرين قبالة سواحل تونس

قضى تسعة مهاجرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وفُقد ستة آخرون بعد غرق قاربهم قبالة السواحل التونسية.

«الشرق الأوسط» (تونس)
العالم العربي دول أوروبية تعلق البت في طلبات اللجوء المقدمة من سوريين (أ.ف.ب)

دول أوروبية تعلق طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد الإطاحة بالأسد

علقت دول أوروبية كثيرة التعامل مع طلبات اللجوء المقدمة من سوريين بعد استيلاء المعارضة على دمشق وهروب الرئيس بشار الأسد إلى روسيا بعد 13 عاماً من الحرب الأهلية.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
شمال افريقيا عملية إنقاذ سابقة لمهاجرين غير نظاميين غرب ليبيا (جهاز مكافحة الهجرة)

سلطات طرابلس تضبط 40 باكستانياً قبل تهريبهم إلى أوروبا

يقول «جهاز دعم الاستقرار» الليبي بطرابلس إنه «تم جلب هؤلاء المهاجرين عبر تشكيل عصابي دولي يتقاضى 20 ألف دولار أميركي من كل مهاجر مقابل إرساله إلى ليبيا».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي قوات بحرية مصرية تحبط محاولة هجرة غير شرعية لمركب بالبحر المتوسط (المتحدث العسكري)

الجيش المصري يحبط محاولة هجرة غير شرعية عبر البحر المتوسط

أعلن الجيش المصري، الاثنين، تمكنه من إحباط محاولة هجرة غير شرعية لمركب على متنه 63 فرداً، بينهم 3 سودانيين، بالبحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا جانب من ترحيل السلطات الليبية عدداً من المهاجرين المصريين (جهاز مكافحة الهجرة)

الإعلان عن «تحرير» 9 مصريين من قبضة عصابة بشرق ليبيا

قالت سلطات أمنية بشرق ليبيا إنها نجحت في «تحرير» 9 مصريين من قبضة عصابة في عملية وصفتها بـ«المُحكمة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».