قال الفنان أحمد ماهر، إنه يستعد للقيام بجولة في محافظات مصر لعرض مسرحيته «عاشق ومداح» التي عرضها أخيراً بالعاصمة المصرية القاهرة، ولاقت نجاحاً كبيراً، وهي تؤكد دور القوى الناعمة في مساندة قضايا المجتمع، مؤكداً في حواره مع «الشرق الأوسط»، أنه يعتز بتاريخه المسرحي الذي جعله الفنان العربي الوحيد الملقب بـ«فارس المسرح» بعدما ظهر على المسرح وهو يمتطي جواداً، مشيراً إلى أنه يدين بالفضل للفنان الراحل أحمد مظهر في تعليمه رياضة الفروسية.
ويعد أحمد ماهر صاحب تاريخ فني كبير، حيث يُعرف بصوته القوي وقدرته على الأداء باللغة العربية الفصحى ببراعة، وبرز بشكل خاص في تجسيد الشخصيات التاريخية والدينية، حيث جسد شخصيات عديدة، من بينها «أحمد عرابي، الظاهر بيبرس، الملك أحمس، خالد بن الوليد، حمزة عم الرسول، عقبة بن نافع»، كما قدم أفلاماً سينمائية، من بينها «ناصر 56، شمس الزناتي، انتخبوا الدكتور سيلمان عبد الباسط، قاتل مقتلش حد».
وقال ماهر، أعتبر مسرحية «عاشق ومداح» عرضاً مميزاً ومختلفاً، يجدد روح الانتماء لدى الأجيال الجديدة، ونستعرض من خلاله مصر منذ فجر التاريخ، وكيف كانت عوناً لأشقائها، وهو عرض يجمع بين الإلقاء والغناء والاستعراض من تأليف محمد الصواف، وإخراج عبد الغني زكي، ومعي مداح الرسول المطرب أحمد الكحلاوي والفنانة فاطمة محمد علي، ونجوم قطاع الاستعراض، وقد عرضناه لمدة شهر وحضرته الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، وأثنت عليه، ومنحتني حقوق تسويقه، فهذه العروض يجب أن تصل لكل الناس، ولي تجربتان أعتز بهما في المسرح قدمتهما في مختلف المحافظات، وهما «المحاكمة»، و«ست الحسن»، كما قدمت مسرحية «قلبي عليك يا مصر» خلال ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011
ويتمتع أحمد ماهر بصوت جهوري قوي على المسرح، كما يجيد الأداء باللغة العربية الفصحى؛ الأمر الذي يمكّنه من أداء الأدوار التاريخية والدينية، ويدين ماهر بالفضل في ذلك لوالدته «أمي صاحبة فضل عظيم عليّ بعد الله، فقد كان لدى أمي رحمها الله ميول فنية، لكن حلمها وئد بحكم انتمائها لأسرة صعيدية، وحين أردت دراسة التمثيل أقسم والدي بطلاقها إذا اتجهت أنا للفن؛ لذا أخفيت عن أسرتي الأمر طوال سنوات دراستي بمعهد الفنون المسرحية، وكانت أمي الوحيدة التي تعرف ذلك، وفي يوم ما فوجئ والدي عن طريق صديق له بأنه ستعرض لي سهرة تلفزيونية، فقلت له لقد تخرجت وعينت في وزارة الثقافة وأصبحت مسؤولاً عن نفسي، ومع الوقت بدأ يشاهد أعمالي، ويقتنع بسلامة اختياري، وقد جعلتني أمي منذ صغري أحب اللغة العربية الفصحى، فكانت تشرح لي الآيات القرآنية والأناشيد فعشقت اللغة العربية، وتمكنت من الأداء بها ببساطة ويسر».
غرام بالشخصيات التاريخية
ويبرر ماهر غرامه بالشخصيات التاريخية والدينية بنشأته في حي بولاق أبو العلا، الشعبي (وسط القاهرة) «هو حي البطولة الذي قضيت به صباي وأجمل سنوات عمري، وكان جدي قائداً للترسانة البحرية في عهد محمد علي وله أثر في بولاق، وما زلت أحتفظ بسيف جدي حتى الآن، وقد أثرت مشاهدتي للموالد وحلقات الذكر والمديح والطرق الصوفية والاحتفالات الشعبية وذكرى السلطان أبو العلا، ولها عبق وخصوصية في نفسي، وانعكست بالطبع على أعمالي، فقدمت نموذج المصري (ابن البلد) أحد أبطال مقاومة الاحتلال الإنجليزي في مسلسل (السيرة الهلالية)، وشخصية أحد تجار العطارة في مسلسل (حديث الصباح والمساء)، كما جسدت شخصيات دينية على غرار (خالد بن الوليد، أحمس، وحمزة عم الرسول) الذي رفض الأزهر تجسيده فقمنا بتصويره في السودان، وعرض بها، وتم تكريمي في احتفالية كبيرة حضرها الرئيس الأسبق نميري».
كما تألق ماهر في تقديم الدراما الصعيدية مثل مسلسلي «ذئاب الجبل، البوابة الثانية»، «أنا من الفنانين الذين يحترمون المشاهد، فلا بد أن يصدقني وألا يشعر للحظة أنني أمثل لذلك أقوم بعمل تدريبات شاقة على الدور واللهجة».
تلميذ أحمد مظهر
وارتبط ماهر بعلاقة وثيقة مع الفنان الراحل أحمد مظهر، وحسبما يؤكد «أنا تلميذ هذا الفنان الكبير الذي علمني الفروسية، فقد عُرض عليّ بطولة مسلسل يتطلب ركوب الخيل بمهارة في بعض مشاهده، ولم أكن أعرف عنها شيئاً، فقام المنتج محمد عمارة بالتقديم لي في نادي الفروسية، وفي أحد الأيام وجدتني أمام الفنان الكبير وأخبرته بأنني أتدرب بالنادي فقرر تدريبي بنفسه، حتى أصبحت فارساً بشهادته، وقد اقتربت منه في تلك الفترة وشعرت كم هو فنان راقٍ وبرنس حقيقي، ومثلنا معاً في أعمال عديدة، منها مسلسل (على هامش السيرة) و(محمد رسول الله والذين معه)، وقد برعت في رياضة الخيل وأطلق على لقب (فارس المسرح)؛ لأنه لم يصعد على خشبة المسرح فنان يمتطي الخيل سواي في مسرحيات عديدة، منها (القاهرة في ألف عام)، وكنت أجسد فيها شخصية أمير الحج الذي يحمل كسوة الكعبة، ومسرحية (عرابي زعيم الفلاحين) على مسرح السلام وهو يمتطي خيله ويواجه الخديو بكل قوة، وفي مسرحية (لولي) كنت أدخل بالفرس في اتجاه الجمهور».
فرص التمثيل
وعن أجواء العمل الحالية وفرص الاختيار الجيد، يقول ماهر «أنا وبعض أبناء جيلي يُعرض علينا أعمال فنية، لكننا نرى أنه من العيب قبولها ومن الظلم بعد كفاح السنين أن نلقي بالتراب على تاريخنا؛ لذلك نعتذر أكثر مما نقبل، وقد حدث بعد اعتذارات عديدة أن عرض على مسلسل (طلقة حظ) وندمت على مشاركتي به أشد الندم، ولن أقبل بتكرار ذلك وأرى أننا وصلنا لانهيار فني في ظل عدم وجود قطاع الإنتاج وشركة (صوت القاهرة) وهي القطاعات التي حققت لمصر الريادة الإعلامية».