«العلا» السعودية وجهة متجددة للفنون والثقافة

نورا الدبل لـ «الشرق الأوسط» : نعمل على تطوير برامج للجميع

العلا تعد وجهة جذابة للثقافة والفنون (واس)
العلا تعد وجهة جذابة للثقافة والفنون (واس)
TT

«العلا» السعودية وجهة متجددة للفنون والثقافة

العلا تعد وجهة جذابة للثقافة والفنون (واس)
العلا تعد وجهة جذابة للثقافة والفنون (واس)

تعد العلا (شمال غربي السعودية)، موقعا تاريخيا يزخر بالثقافة والتراث الذي يمتد لقرون عديدة ما قبل الميلاد وما بعده، فيها تفاصيل لحضارات مرت بأرضها وأثرت؛ لمراحل بعدها من تاريخها وفنوها.
تلك المراحل تضع العلا اليوم، في مرحلة متجددة، تضع الفنون والثقافة ضمن ركائز العمل المستقبلي في صميم «الهيئة الملكية لمحافظة العلا»، وحول ذلك، تتحدث، نورا الدبل، رئيسة قسم برامج الفن والثقافة في الهيئة، التي أكدت أن العلا ستعزز الشراكات الدولية، كذلك إقامة برامج تدريبية تستهدف أهالي العلا وأخرى تستهدف الزوار، وسيكون هناك أيضاً برنامج للإقامة الفنية.
وحول ذلك تتحدث الدبل في الحوار التالي:
- العلا ذات بصمة عالمية اليوم... هل من اتجاه نحو تعزيز الشراكات مع مراكز ثقافية وفنية في العالم؟
الفن وسيله للتحاور بين الأشخاص، بين الشعوب وبين الشخص والبيئة المحيطة، وبدأنا خلال العامين الماضيين العمل مع شركاء من القطاعين العام والخاص، عالميا ومحليا ولشركائنا دور أساسي في تحقيق ما نطمح إليه وتطوير مخطط «رحلة عبر الزمن» الذي تم إطلاقه في شهر أبريل الماضي.
جزء أساسي من عملنا هو وضع الفنان في محور مرحلة التخطيط، فنحن نطمح أن تكون العلا «وجهة تبنى من قبل الفنانين» مع أخذ القصص والأساليب القديمة التي كانت في العلا لتلهم المخططات المستقبلية، وهذه ‎رحلة استكشافية في متحف مفتوح تدعوك للتعرف على روائع العلا الطبيعية.
> مدرسة الديرة... أصبحت علامة ثقافية ما رؤيتكم لهذه المدرسة؟
- مدرسة الديرة، هي أول مدرسة بنات في العلا، تم إنشاؤها في السبعينات الميلادية، هجرت المدرسة خلال العشرين سنه الماضية، ونقوم حاليا بإعادة ترميمها لإحيائها كمركز للإبداع والفنون في حي الفنون، وستشمل مدرسة الديرة برامج تدريبية تستهدف أهالي العلا وأخرى تستهدف الزوار، وسيكون هناك أيضاً برنامج للإقامة الفنية.
إضافة إلى ذلك ستكون أكاديمية العلا للفنون مستقلة، تستهدف الطلاب للدراسة الأكاديمية والأبحاث التخصصية في مجالات الفنون المختلفة.
> التجربة السعودية الثقافية من خلال الهيئة الملكية لمحافظة العلا حققت حضورا لافتا... هل من توجه لتعزيز هذ الدور بدءا من الخارج لجذب الزائر الأجنبي؟
- العلا كوجهة سياحية عالمية تستهدف الزوار من داخل وخارج المملكة، ونعمل على تطوير برامج ومعارض مختلفة تستهدف جميع شرائح الزوار للعلا، كذلك نعمل مع شركائنا على تطوير المنتجات لتشمل السائح الأجنبي والمحلي، ونذكر مثلا «صحراء X العلا» (ديزرت X) والذي أقيم في عام 2020 قدم برامج عدة خلال مدة عرضه، وبعض هذه البرامج استهدفت الزائر الأجنبي من خلال دمج المعرض والتنسيق مع عدة معارض قائمة في المنطقة، مع العلم أننا قدمنا برامج فنية تدريبية تستهدف طلبة العلا.
> حي الفنون في العلا... ما الآفاق التي يحملها لنشر ثقافة وفنون المنطقة عالميا؟
- يهدف الحي لتطوير بيئة خصبة للإبداع في مجالات الفنون والتصميم وخاصةً المستوحاة من هوية العلا الثقافية والطبيعية لدعم الاقتصاد الإبداعي. مدرسة الديرة وأكاديمية العلا للفنون داعمين أساسيين للحي بالإضافة إلى معارض فنية (galleries)، استديوهات فنية، ومتاجر، إضافة إلى المطاعم والمقاهي والتي بدورها ستحيي المنطقة.
سيكون حي الفنون مكانا حيا، إذ يقدم كل ما هو جديد، وهو نبض العلا الإبداعي، وهو حي بطبيعته يجمع القديم والحديث، سيتم دمج فيه الهندسة المنتقاة مع المباني القديمة والتاريخية، مع حي متجدد يتبنى جيلا جديدا من المبدعين والمفكرين.
> شركاؤكم من أهالي العلا... كيف يعزز المخطط من دورهم خاصةً على جوانب البرامج الثقافية؟
- استلهام القصص وكل القصص القديمة التي كانت في العلا لتلهم المخططات المستقبلية، أحد أهم الأهداف هو تمكين الفنانين والحرفيين من العمل والعيش في العلا وذلك من خلال تكوين سلسة متكاملة لقطاع الفنون والحرف.
أطلقت مدرسة الديرة هذا العام برنامج مختص لتصميم المجوهرات بالتعاون مع «دار بياجيه» للمجوهرات يستهدف متدربين ومتدربات من أهالي العلا. يهدف البرنامج إلى تطوير حرفة تصميم المجوهرات في العلا وعمل تصاميم حديثة مستلهمة من إرثها.
> ماهي أبرز المعارض والفعاليات التي ستمثل عوامل جذب للفنانين من حول العالم؟
- نعمل حاليا على استراتيجية الفنون والتي تشمل المعارض والمتاحف الدائمة في العلا وكون المنطقة بمثابة المتحف المفتوح، هناك العديد من طرق التعاون والعمل مع الفنانين والمختصين في مجال الفنون من حول العالم. بدأنا في الأعوام السابقة عدة فعاليات تمهد الطريق للمشاريع القادمة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».