الحكومة الليبية تراهن على الشباب... وتتعهد بـ50 ألف زيجة

رصدت مليار دينار خلال احتفالية كبيرة بيومهم العالمي

الحكومة الليبية تراهن على الشباب... وتتعهد بـ50 ألف زيجة
TT

الحكومة الليبية تراهن على الشباب... وتتعهد بـ50 ألف زيجة

الحكومة الليبية تراهن على الشباب... وتتعهد بـ50 ألف زيجة

وسط حضور جماهيري كبير احتفلت ليبيا باليوم العالمي للشباب، وقرر رئيس حكومة «الوحدة الوطنية» عبد الحميد الدبيبة، تخصيص مليار دينار كـ«منحة زواج» لمساعدة الشباب على الاستقرار، والتقليل من عزوفهم عن الزواج، بالإضافة لتوفير فرص عمل لهم.
الاحتفالية التي احتضنها مسرح لبدة الأثري بمدينة الخمس (غربي ليبيا) مساء أول من أمس، حضرها محافظ المصرف المركزي الصديق الكبير، ورئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك، وعدد من الوزراء والمسؤولين، في أجواء غلب عليها البهجة والمرح.
ولوحظ حضور شباب من مختلف المناطق الليبية إلى مدينة لبدة الأثرية شرقي مدينة الخمس، التي كانت تعد من أبرز مدن الشمال الأفريقي في عصر الإمبراطورية الرومانية، وبدا أن السلطة التنفيذية في ليبيا تراهن على هذه الفئة للمرحلة السياسية المقبلة. هذا وتعاني ليبيا من ارتفاع نسبة عزوف الشباب عن الزواج لأسباب عديدة، من بينها المغالاة في المهور والبطالة التي تعد أحد الأسباب المؤدية إلى عزوفهم عن الارتباط ما تسبب في ارتفاع نسبة العنوسة بين الفتيات.
وانطلق الاحتفال باليوم العالمي للشباب نهاراً بالعاصمة، بمسيرة إيقاد الشعلة بـ(ميدان الشهداء) وسط طرابلس، وفي المساء توافدت الحشود على مسرح لبدة. ومع تصفيق وهتاف حشود الشباب، فاجأ الدبيبة، الحضور بالإعلان عن تخصيص مليار دينار لدعم الزواج، بالإضافة إلى مليار و700 مليون دينار قروضاً سكنية، بهدف تقليل عزوف الشباب على الزواج. (والدولار في السوق الموازية يساوي 5.07 مقابل الدينار).
ومع تصاعد هتاف الشباب قال الدبيبة: «ابتداءً من شهر سبتمبر (أيلول) المقبل، سيحصل 50 ألف شاب وشابة على دعم منحة الزواج، بشرط أن يقدم الشاب ما يثبت إقباله على الزواج».
وتحدث الدبيبة عن جملة من القرارات التي تصب في مصلحة فئة الشباب، من بينها تخصيص يوم وطني للشباب، وإنشاء المجلس الوطني للشباب كآلية حكومية للعمل على تطوير وتنمية قطاع الشباب بشكل استراتيجي وسيكون برئاسة رئيس مجلس الوزراء وعضوية عدد من الوزراء.
كما وجه بتنظيم آلية لرعايتهم وتمكينهم من خلال إعداد مشروع قانون خاص بالشباب والذي يُعد أول تشريع في ليبيا يُعنى بهذه الشريحة منذ دولة الاستقلال، بالإضافة لتأسيس المجالس المحلية للشباب لتعزيز مشاركتهم في الحياة العامة على المستوى المحلي والوطني وبعث الثقة في نفوسهم «بأنهم الأقدر على قيادة الوطن حاضراً ومستقبلاً».
وأعلن رئيس الحكومة عن توجيه وزارة الشباب والوزارات والجهات الأخرى ذات الصلة للعمل على تنفيذ حزمة من المبادرات الوطنية من أجل تذليل الصعاب التي تواجه الشباب والمتمثلة في قلة فرص العمل وارتفاع معدلات البطالة والعزوف عن الزواج الناتجة عن أزمة السكن.
ودفعت الأوضاع الاقتصادية المتردية، وزيادة مستوى البطالة، غالبية الأُسر خصوصاً جنوب ليبيا إلى تدابير أكثر تيسيراً على الشباب، مثل الزواج الجماعي الذي يحظى بعضه بدعم من صندوق حكومي.
وفي هذه المناسبة العالمية التي تصادف كل عام الثاني عشر من أغسطس (آب)، رأى رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الذي لم يحضر الاحتفالية، أن «إعادة بناء الدولة لن تكتمل إلا بسواعد وعقول شبابها، لأنهم العنفوان والقوة والإرادة الواثقة، والعزيمة التي لا تلين في المساهمة في نهضة الوطن ورفعته».
وقال إن «هذه المرحلة من تاريخ ليبيا، تحتاج للوقوف الحازم مع الشباب، للمضي قدماً نحو مستقبل واعد، يكون لهم فيه دور رائد في صنع التغيير للأفضل».
وقد هنأ المجلس الرئاسي شباب ليبيا على امتداد الوطن بهذه المناسبة، التي قال إنها «فرصة حقيقية في هذا الوقت بالذات، لإبراز السبل التي تثري بها مشاركة الشباب في الجهود الدولية لمواجهة فيروس كورونا»، لافتاً إلى ضرورة «تسخير كل جهود التنمية البشرية، من أجل دعم الشباب واستثمار طاقاتهم وقدراتهم وحماسهم، لصالح بناء الوطن وإعادة استقراره»، آملاً ألا يكون الشباب «بعد اليوم، أدوات لإشعال الاضطرابات السياسية، ووقوداً للمواجهات العسكرية».
وتجدر الإشارة إلى أن «صندوق دعم الزواج» في ليبيا يدعم من وقت لآخر مئات من الزيجات، بالمال والمساعدات العينية مثل تأثيث شقة الزوجية، وسط حرص كبار الشخصيات والمشايخ والأعيان والمسؤولين على مساندة مبادرات الأعراس الجماعية، والإسهام في تكاليفها، والحرص على حضورها، ومشاركة أبنائهم فرحتهم، مساهمة في الحد من ظاهرة العنوسة في ليبيا.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».