إشارات طهران توحي بأن رئيسي مرتاح للتصعيد مع الغرب

رغم أجواء المحاكمة الجارية في السويد

الضغوط الابتزازية المتزايدة من قِبل إيران على الدول الغربية، قد تؤدي إلى اقتناع الطرفين الأميركي والأوروبي بضرورة العودة لسياسة الضغوط القصوى على إيران
الضغوط الابتزازية المتزايدة من قِبل إيران على الدول الغربية، قد تؤدي إلى اقتناع الطرفين الأميركي والأوروبي بضرورة العودة لسياسة الضغوط القصوى على إيران
TT

إشارات طهران توحي بأن رئيسي مرتاح للتصعيد مع الغرب

الضغوط الابتزازية المتزايدة من قِبل إيران على الدول الغربية، قد تؤدي إلى اقتناع الطرفين الأميركي والأوروبي بضرورة العودة لسياسة الضغوط القصوى على إيران
الضغوط الابتزازية المتزايدة من قِبل إيران على الدول الغربية، قد تؤدي إلى اقتناع الطرفين الأميركي والأوروبي بضرورة العودة لسياسة الضغوط القصوى على إيران

عندما أُعلن فوز إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية الإيرانية يوم 19 يونيو (حزيران) الماضي، كان دبلوماسيون أوروبيون في العاصمة النمساوية فيينا يتهامسون سراً حول تأثير فوزه على مستقبل العلاقات مع الغرب. إذ إن الرجل موضوع على لائحة العقوبات الأميركية لدوره في إعدامات عام 1988 في إيران. ومع أن الاتحاد الأوروبي لم يصنفه بالشكل نفسه، فإن الدبلوماسيين هؤلاء كانوا يعرفون أن التعامل معه لن يكون سهلاً أو مقبولاً، على الأقل من الناحية الأخلاقية. غير أنهم، سرعان ما أدركوا بعد ذلك، بأنه سيكون عليهم التعامل معه ومع حكومته، على الرغم من إصرارهم آنذاك على الإحجام عن تهنئته بشكل مباشر له؛ نظراً لرفضهم الاعتراف بشرعية الانتخابات التي أوصلته إلى السلطة.
من ناحية أخرى، كانت المباحثات النووية مع الوفد الذي كانت أرسلته حكومة حسن روحاني إلى فيينا، قد انتهت بعد يوم على إعلان فوز رئيسي، أو قل دخلت في غيبوبة ما زالت مستمرة حتى اليوم بانتظار اتخاذ رئيسي قراراً باستئنافها. ومع استمرار هذه الغيبوبة، واستغلال إيران غياب مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية لبرنامج النووي للتقدم به، بدت الدول الغربية وكأنها قرّرت التغاضي عن تاريخ رئيسي الدموي، وبالتالي، مدّ يدها له. وفعلاً، بعث الاتحاد الأوروبي، الوسيط في المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن، بأنريكي مورا الذي يقود المفاوضات النووية، إلى طهران للمشاركة بحفل تنصيب الرئيس الجديد؛ عله يعود بوعود ثابتة لاستئناف المباحثات. ومع أن مورا عاد بوعد على ما يبدو باستئنافها في سبتمبر (أيلول) المقبل، فإن الصورة التي خرجت من حفل تنصيب روحاني قالت الكثير. فالمبعوث الأوروبي، وهو نائب مفوض الشؤون الخارجية في الاتحاد، كان يجلس في الصف الثاني وعلى الطرف. وأمامه، في وسط ومقدمة القاعة، جلس ممثلا حركة «حماس» و«حزب الله»، التنظيمان الموضوعان على لائحة الإرهاب الأوروبية («حزب الله» بذراعه العسكرية فقط). ولذا؛ تساءل عدد من المعلقين على الصورة، وما إذا كانت العلاقة بين الغرب وإيران في ظل حكم رئيسي ستكون شبيهة بتلك الصورة.
قد لا يكون من المبكر جداً الحكم على ما إذا كانت الدول الغربية ستسمح لإيران بالتحكم بشكل العلاقة أو وديناميكيتها بينهما. فحقيقة الأمر، أنه لم يمض على تنصيب إبراهيم رئيسي رئيساً جديداً لإيران بعد إلا أيام قليلة، ولكن، مع ذلك تشير تشكيلته الحكومية التي قدمها إلى البرلمان هذا الأسبوع للموافقة عليها، وبوضوح تام إلى الاتجاه المتشدد الذي يبدو أن إدارة رئيسي ستسير فيه.
حقاً، من الواضح بأن التشكيلة التي اختارها رئيسي لفريق عمله تحمل شيئاً من التحدي للغرب. ذلك أن نصف الوجوه في التشكيلة المقترحة وزراء سبق لهم أن خدموا في حكومة محمود أحمدي نجاد المتشددة. ومعلوم أن بين الوزراء المقترحة أسماؤهم، أحمد وحيدي الذي رشحه رئيسي لتولي منصب وزارة الداخلية مع أنه مطلوب على لائحة «الإنتربول» الحمراء لدوره في تفجيرات بوينس آيرس عاصمة الأرجنتين عام 1994، ثم إنه كان رئيساً سابقاً لـ«فيلق القدس» في «الحرس الثوري». كذلك، اختار رئيسي لمنصب وزير الخارجية متشدداً آخر هو حسين أمير عبد اللهيان، الدبلوماسي المحافظ المدعوم من «الحرس الثوري»، والذي يتكلم العربية بطلاقة، وهو معروف بعلاقته الوثيقة من «حزب الله» اللبناني. وكان أمير عبد اللهيان قد خدم في وزارة الخارجية إبان فترة أحمد جواد ظريف... غير أنه ابتعد عن الوزارة في العامين الأخيرين إثر خلافات مع فريق ظريف.
- لا نية للتفاهم
بهنام بن طالبلو، الباحث في «مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات» في العاصمة الأميركية واشنطن، يصف أمير عبد اللهيان في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» بأنه «أكثر تشدداً بكثير» من وزير الخارجية السابق طريف. ويرى بن طالبلو أن اختياره يشير إلى أن رئيسي «لا يشعر بالحاجة إلى إرضاء الغرب كما كان يفعل سلفه (الرئيس السابق حسن روحاني) عبر اختياره وزيراً للخارجية (ظريف) يتقن اللغة الإنجليزية ويستطيع التفاهم مع الغرب». ويعتقد ويرى الباحث الأميركي - الإيراني الأصل، أن اختيار أمير عبد اللهيان يثبّت الاعتقاد بأن إدارة رئيسي «مرتاحة مع فكرة التصعيد» مع الغرب بدرجة أكبر بكثير من إدارة روحاني.
على صعيد آخر، مع أن الرئيس في إيران ليس السلطة الأقوى في هرم السلطة، ولا يعود له القرار الأخير في القضايا الكبرى، فهو ما زال يحمل تأثيراً معيناً. وهنا يقول علي واعظ، الباحث في «مجموعة الأزمات الدولية» - وهو مقرّب من الدكتور روبرت مالي، المبعوث الأميركي إلى إيران، الذي يقود المفاوضات النووية في فيينا - شارحاً «... رغم ذلك، فإن الرئيس ووزراءه يلعبون دوراً كبيراً في إدارة المفاوضات وتمثيل إيران على الساحة الدولية». ويضيف فايز خلال لقاء مع «الشرق الأوسط» بأن وصول «رئيسي المتشدد إلى الحكم يدعو للقلق» فيما يتعلق باتجاه السياسة الداخلية والخارجية لإيران. ويرى فائز «أن ماضي رئيسي وخطابه إبان الحملة الانتخابية وبعدها، ومن ثم تسلم المتشددين مقاليد السلطة في إيران، قد تكون كلها إشارات إلى مقاربة أكثر آيديولوجية وأقل براغماتية خاصة تجاه الغرب».
- ماضي رئيسي
وبالفعل، لا يظهر أن ماضي إبراهيم رئيسي ليس في وارد مفارقته. فهذا الماضي يطارده الآن في المحاكم الأوروبية، حيث افتتحت محكمة سويدية في استوكهولم مطلع الأسبوع محاكمة ضد مسؤول إيراني يدعى حميد نوري، كان قاضياً عندما ألقي القبض عليه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019. وهو يحاكم اليوم بتهم ارتكاب جرائم ضد الإنسانية، والتورّط بعمليات قتل جماعي، وتعذيب سجناء في إيران عام 1988. وترتبط هذه القضية بشكل مباشر بإبراهيم رئيسي الذي عرضت حتى صورته داخل قاعة المحكمة أمام قضاة سويديين، وعرّف عنه الادعاء الذي عرض صورته بأنه كان خلال عام 1988 أحد القضاة الأربعة في «لجنة الموت». وكانت هذه «اللجنة» - حسب تعريف الادعاء - قد أصدرت آنذاك «أوامر تعسفية بقتل مئات السجناء السياسيين من دون محاكمات وخلال بضع دقائق». ووفق كلام المدعي العام، فإن المتهم حميد نوري - الذي عمل آنذاك مساعد آمر سجن غوهرداشت، في ضواحي طهران - كان يصطحب السجناء إلى «لجنة الموت» ثم يقودهم إلى المشانق.
وعلى الرغم من أن رئيسي ليس هو من يخضع للمحاكمة، فإن توريط الادعاء السويدي إياه بجرائم القتل الجماعية تلك قد يكون له تأثير كبير على رئاسته. ولكن حول هذه النقطة يلفت علي واعظ إلى أن رئيسي «يتمتع بالحصانة الدبلوماسية؛ كونه رئيس دولة»، وهذا ما قد يمنع محاسبته في محاكم غربية تعتمد مبدأ الولاية القضائية العالمية، التي تسمح لها بمقاضاة أي شخص متورّط بجرائم ضد الإنسانية ارتكبت في أي مكان بالعالم. غير أن فائز يعتقد بأن هذه الحصانة لن توقف عنه تأثيرات أخرى. ويشير إلى أن دوره في الإعدامات الجماعية التي نفّذت عام 1988 (يعتقد أنها أدت إلى قتل قرابة 5 آلاف سجين سياسي) «ستزيد بشكل كبير بالنسبة للحكومات الغربية التكلفة السياسية للانخراط الدبلوماسي مع حكومته».
من جهتها، تصف سنام وكيل، الباحثة في معهد تشاتام هاوس بالعاصمة البريطانية لندن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، محاكمة السويد وما قد يخرج منها عن دور رئيسي بأنها «شديدة الإحراج بالنسبة إليه». وتضيف «ستكشف الرئيس الإيراني بطريقة خطرة للغاية، وهذا ما سيحد من قدرته على التعامل بشكل مباشر مع الدول الأوروبية». وتستطرد قائلة إنها «لا تتوقع» من رئيسي السفر إلى أوروبا أو أماكن معينة من العالم؛ تفادياً لأي إحراج أو حتى تفادياً لخطر القبض عليه. والجدير بالذكر، أن الشرطة السويدية كانت قد ألقت القبض على نوري عندما جاء إلى السويد عبر مطار ستوكهولم - أرلاندا الدولي في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، من دون أن يكون على علم بأن ثمة قضية مرفوعة ضده، وبأنه مطلوب في السويد. ولذا؛ فور خروجه من الطائرة أوقف وأدخل السجن، حيث يقبع منذ ذلك الحين.
ولكن التفاوض مستمر!
مع هذا، فإن أوروبا ما زالت حريصة على استقبال الوفد الإيراني المفاوض الذي لم يحدّده رئيسي بعد، لاستكمال المفاوضات النووية مع واشنطن في فيينا بهدف إعادة العمل بالاتفاق النووي كاملاً. ومعلوم، أن إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب كانت قد أخرجت الولايات المتحدة من الاتفاق عام 2018.
وعلى ما يبدو، فإن الرئيس الإيراني أبلغ الاتحاد الأوروبي بأنه سيرسل الوفد في سبتمبر المقبل بعد تسميته لاستئناف المفاوضات غير المباشرة مع واشنطن. لكن عودة الوفد الإيراني المفاوض إلى فيينا، وهو سيكون وفداً جديداً من دون شك، لا تعني بالضرورة إكمال التفاوض بهدف التوصل لاتفاق. وهنا يقول فائز «مع وصول المتشددين إلى السلطة، فإن مناورة شفير الهاوية قد تحصد تأييداً في طهران كطريقة لسحب المزيد من التنازلات من واشنطن». ويتابع «غير أن هذا التقدير خاطئ للغاية»، ويمكن أن يؤدي إلى إعادة فرض كامل العقوبات على إيران. ويستبعد الباحث الأميركي - الإيراني أن يؤدي التشدد الإيراني إلى ليونة أميركية أكبر في المفاوضات، ويقول إن أي ليونة أميركية «سيُنظر إليها في طهران على أنها دليل بأن مقاربتهم الأكثر تشدداً تجبر الولايات المتحدة للتراجع، وتشجع بالتالي على المزيد من التعنت الإيراني».
مع هذا، أظهرت الولايات المتحدة حتى الآن ليونة غير قليلة في محاولاتها إقناع إيران بالعودة لالتزاماتها النووية. ويرى بن طالبلو أن «واشنطن حريصة على تقديم تنازلات لإيران... وهذا كان ظاهراً في الأشهر الماضية من خلال رفع الحوثيين عن لائحة الإرهاب مثلاً»، وتطرق أيضاً إلى الخطوات التي اتخذتها أو لم تتخذها واشنطن، مثل تفادي الرد على استفزاز واستهداف قواتها في العراق من قبل ميليشيات عراقية مدعومة من إيران، والامتناع عن الرد على اعتداء إيران على سفن في البحر الأحمر.
وبالتالي، يعتبر بن طالبلو أن السؤال المطروح الآن هو إلى أي مدى ستواصل إدارة بايدن منح إيران الفرصة تلو الفرصة والتغاضي عن التصعيد؟ وحول هذا الأمر يقول «الخطيئة الأولى لإدارة (الرئيس جو) بايدن أنها قبلت بأن تأتي المفاوضات للعودة للاتفاق النووي في المقام الأول، وكل شيء آخر يحل ثانياً». ويتابع، أن «هذا المبدأ يجعل من الصعب على الإدارة الأميركية الحالية أن تتراجع عن سياسة اليد إلى إيران لأنها بنت خطابها حول إيران حول انعدام جدوى سياسة الضغوط القصوى التي اعتمدتها إدارة ترمب».
- اجتماع فيينا المقبل
قد يكون الاجتماع المقبل لمجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، الاختبار الأول لـ«مدى طول صبر» إدارة بايدن مع إيران. فالاجتماع الدوري الذي سيعقد في منتصف سبتمبر المقبل في مقر الوكالة بفيينا، سيناقش الالتزامات الإيرانية النووية وخروق طهران المتزايدة لها، وتخصيبها اليورانيوم لدرجة تصل إلى 60 في المائة، علماً بأن الاتفاق النووي لا يسمح لها بالتخصيب بمستوى أعلى من 3.75 في المائة. ويزيد من كل ذلك، أن مفتشي الوكالة لم يعد لهم وصول كبير إلى المواقع النووية منذ فبراير (شباط) الماضي، كما لم تسلّم إيران أشرطة الفيديو من كاميرات المراقبة التي نصبتها الوكالة في المواقع النووية أيضا منذ ذلك الحين.
قبل أكثر من شهر، قال أمين عام الوكالة رافائيل غروسي بأنه ما عاد بإمكان الوكالة أن تعرف بالضبط ما الذي يحصل في برنامج إيران النووي، وأنها تعمل على التقديرات فقط من خلال الوصول المحدود المسموح لها الآن. وفي الاجتماع الأخير لمجلس المحافظين في يونيو الماضي، تفادى المجلس إصدار أي إدانة لإيران لأن الجولة السادسة كانت منعقدة آنذاك في فيينا.
بناءً عليه؛ يصف بن طالبلو اجتماع المجلس المقبل بأنه «سيكون حاسماً؛ لأن الجميع كان يظن أن تخصيب إيران اليورانيوم بمستوى 20 في المائة كان هو الحد الأقصى، ولكن إيران الآن وصلت لتخصيب اليورانيوم بمستوى 60 في المائة ولم يصدر أي رد فعل». وعندما أعلنت حكومة روحاني رفع التخصيب لهذا المستوى المرتفع في يونيو الماضي، اكتفت الدول الأوروبية بإصدار بيان يدعوها فيه للتراجع رغم إشارتها المهمة بأنه «ليس هناك سبب سلمي وجيه» يدعو لتخصيب اليورانيوم بهذا المستوى. وهنا يعتقد بن طالبلو، أن على الدول الأوروبية والولايات المتحدة اعتماد «سياسة الضغط المشتركة» لحث إيران على التراجع عن تصعيدها النووي.
هذه الضغوط الابتزازية المتزايدة من قِبل إيران على الدول الغربية، قد تؤدي إلى اقتناع الطرفين الأميركي والأوروبي بضرورة العودة لسياسة الضغوط القصوى على إيران. وحسب الباحث علي واعظ «في حال لم يعد العمل بالاتفاق النووي في نهاية العام الحالي، فإنه سيصبح عديم الفائدة على الأرجح... ويؤدي إلى عودة العقوبات الأممية والأوروبية على إيران؛ لأن خبراء أميركيين يقدرون أن نقطة اللاعودة عن التقدم في البرنامج النووي الإيراني باتت على بعد أسابيع أو أشهر قليلة».
- شهر مقبل حاسم بين إيران والقوى الغربية
> خلال الأشهر الماضية اكتسبت إيران من دون شك تكنولوجيا نووية يصعب عكسها، وهي نقطة كانت تقلق المفاوضين الأوروبيين والأميركيين في فيينا.
لقد نجحت إيران في تحقيق هذا التقدم بعدما أعلنت في فبراير (شباط) الماضي وقف التعاون بالبروتوكول الإضافي للاتفاق النووي؛ وهو ما كان يكفل للمفتشين الدوليين وصولاً واسعاً وغير محدد إلى المواقع النووية الإيرانية. وحينذاك، أوقفت طهران أيضاً تسليم الوكالة الدولية أشرطة الفيديو من المواقع النووية، وقالت إنها ستسلمها إياها فقط في حال حصل اتفاق سياسي مع واشنطن لرفع العقوبات عنها، وإلا فستتلف الأشرطة؛ ما يعني بأن الوكالة الذرية ستبقى في الظلمة حول تقدم برنامج إيران النووي. ثم زاد الوضع تعقيداً رفض إيران في منتصف يونيو (حزيران) الماضي، تمديد اتفاق مؤقت كانت توصلت إليه مع رافائيل غروسي (أمين عام الوكالة) إثر تعليقها العمل بالبروتوكول الإضافي، بعدما مددته مرة واحدة. وحتى الآن من غير المعروف ما إذا كانت إيران قد أطفأت كاميرات المراقبة الخاصة بالوكالة وأتلفت أشرطة الفيديو التي تسجل النشاطات داخل المفاعل النووية منذ قرابة سبعة أشهر، أم أنها ما زالت تبقي عليها بانتظار التوصل لاتفاق.
هذا التصعيد الإيراني في مواجهة الغرب قد يكون اقترب من «الانفجار». فالشهر المقبل سيكون حاسماً في تحديد العلاقة بين الطرفين، سواءً كان في المفاوضات النووية التي يعتقد مسؤولون أميركيون بأن التوصل لاتفاق فيها بات أبعد، أو في اجتماع مجلس المحافظين التابع للوكالة الذي قد يشهد تبنيه قراراً يدين تصرفات إيران النووية ورفضها التعاون مع الوكالة. وبغض النظر عن أي طريق ستختارها إدارة إبراهيم رئيسي في التعاطي مع الغرب، فإن العلاقة بين الطرفين ستكون «وعرة» بأقل تقدير – حسب تعبير الخبير بهنام بن طالبلو - الذي يرى أن لدى رئيسي «كل الحوافز للتصعيد مع الغرب بهدف تقوية موقفه». ويضيف، أن إيران «ستصل إلى نقطة ترى فيها أن سلطة الولايات المتحدة بدأت تتضاءل» في حال استمرت بتقديم تنازلات لها، وفي حال رفض الغربيون الالتزام عملياً بتعهدهم بمحاسبة إيران فيما يتعلق بحقوق الإنسان، خاصة، في ظل المحاكمة الجارية في السويد.



نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا
TT

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

نيتومبو ندايتواه... أول امرأة تترأس ناميبيا

سطرت نيتومبو ناندي ندايتواه، 72 عاماً، اسمها في التاريخ بوصفها أول امرأة تتولى رئاسة ناميبيا منذ استقلال البلاد عام 1990، بعدما حصدت 57 في المائة من الأصوات في الانتخابات الرئاسية التي جرت نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، فيما حصل أقرب منافسيها باندوليني إيتولا على 26 في المائة فقط من الأصوات. شكَّل فوز نيتومبو الملقبة بـ«NNN»، حلقةً جديدةً في حياة مليئة بالأحداث، عاشتها المرأة التي ناضلت ضد الاحتلال، واختبرت السجن والنفي في طفولتها، قبل أن تعود لتثبت نفسها بصفتها واحدة من أبرز النساء في السياسة الناميبية وقيادية فاعلة في الحزب الحاكم «سوابو».

في أول مؤتمر صحافي لها، بعد أسبوع من إعلان فوزها بالانتخابات الرئاسية، تعهدت نيتومبو، التي ستتولى منصبها رسمياً في مارس (آذار) المقبل، بإجراء «تحولات جذرية» لإصلاح مستويات الفقر والبطالة المرتفعة في ناميبيا، الدولة الواقعة في الجنوب الأفريقي، والتي يبلغ عدد سكانها ثلاثة ملايين نسمة.

نيتومبو أشارت إلى أنها قد تنحو منحى مختلفاً بعض الشيء عن أسلافها في حزب «سوابو» الذي يحكم ناميبيا منذ استقلالها عن جنوب أفريقيا في عام 1990. وقالت نيتومبو: «لن يكون الأمر كالمعتاد، يجب أن نُجري تحولات جذرية من أجل شعبنا».

لم توضح نيتومبو طبيعة هذه التحولات الجذرية التي تعتزم تنفيذها، وإن أشارت إلى «إصلاح الأراضي، وتوزيع أكثر عدالة للثروة». وبينما يصنف البنك الدولي ناميبيا على أنها دولة ذات «دخل متوسط»، فإنها تعد واحدة من أكثر الدول التي تعاني من عدم المساواة في توزيع الدخل على مستوى العالم، مع ارتفاع مستويات الفقر التي ترجع جزئياً إلى إرث عقود الفصل العنصري وحكم الأقلية البيضاء.

ووفق تقرير رسمي من البنك الدولي صدر عام 2021 فإن «43 في المائة من سكان ناميبيا يعيشون فقراً متعدد الأبعاد». وهو مؤشر يأخذ في الاعتبار عوامل عدة إلى جانب الدخل، من بينها الوصول إلى التعليم والخدمات العامة.

ولأن طريق نيتومبو السياسي لم يكن أبداً ممهداً، لم يمر إعلان فوزها بالانتخابات دون انتقادات. وقالت أحزاب المعارضة إنها ستطعن على نتيجة الانتخابات الرئاسية، متحدثةً عن «صعوبات فنية وقمع ضد الناخبين». لكنَّ نيتومبو، المعروفة بين أقرانها بـ«القوة والحزم»، تجاهلت هذه الادعاءات، واحتفلت بالفوز مع أعضاء حزبها، وقالت: «أنا لا أستمع إلى هؤلاء المنتقدين».

نشأة سياسية مبكرة

وُلدت نيتومبو في 29 أكتوبر (تشرين الأول) عام 1952 في قرية أوناموتاي، شمال ناميبيا، وهي التاسعة بين 13 طفلاً، وكان والدها رجل دين ينتمي إلى الطائفة الأنغليكانية. وفي طفولتها التحقت نيتومبو بمدرسة «القديسة مريم» في أوديبو. ووفق موقع الحزب الحاكم «سوابو» فإن «نيتومبو مسيحية مخلصة»، تؤمن بشعار «قلب واحد وعقل واحد».

في ذلك الوقت، كانت ناميبيا تعرف باسم جنوب غرب أفريقيا، وكان شعبها تحت الاحتلال من دولة «جنوب أفريقيا»، مما دفع نيتومبو إلى الانخراط في العمل السياسي، والانضمام إلى «سوابو» التي كانت آنذاك حركة تحرير تناضل ضد سيطرة الأقلية البيضاء، لتبدأ رحلتها السياسية وهي في الرابعة عشرة من عمرها.

في تلك السن الصغيرة، أصبحت نيتومبو ناشطة سياسية، وقائدة لرابطة الشباب في «سوابو»، وهو ما أهّلها فيما بعد لتولي مناصب سياسية وقيادية، لكنها تقول إنها آنذاك «كانت مهتمة فقط بتحرير بلدها من الاحتلال»، مشيرةً في حوار مصوَّر نُشر عبر صفحتها على «فيسبوك» في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أن «السياسة جاءت فقط بسبب الظروف، التي لو اختلفت ربما كنت أصبحت عالمة».

شاركت نيتومبو في حملة «ضد الجَلْد العلنيّ»، الذي كان شائعاً في ظل نظام الفصل العنصري، وكان نشاطها السياسي سبباً في إلقاء القبض عليها واحتجازها، عدة أشهر عام 1973، وهي ما زالت طالبة في المرحلة الثانوية. ونتيجة ما تعرضت له من قمع واضطهاد، فرَّت نيتومبو إلى المنفى عام 1974، وانضمت إلى أعضاء «سوابو» الآخرين هناك، واستكملت نضالها ضد الاحتلال من زامبيا وتنزانيا، قبل أن تنتقل إلى المملكة المتحدة لاستكمال دراستها.

تدرجت نيتومبو في مناصب عدة داخل «سوابو»، فكانت عضواً في اللجنة المركزية للحركة من عام 1976 إلى عام 1986، والممثلة الرئيسية للحركة في لوساكا من عام 1978 إلى عام 1980. والممثلة الرئيسية لشرق أفريقيا، ومقرها في دار السلام من عام 1980 إلى عام 1986.

درست نيتومبو في كلية غلاسكو للتكنولوجيا، وحصلت على دبلوم في الإدارة العامة والتنمية عام 1987، ودبلوم العلاقات الدولية عام 1988، ودرجة الماجستير في الدراسات الدبلوماسية عام 1989 من جامعة كيل في المملكة المتحدة، كما حصلت على دبلوم في عمل وممارسة رابطة الشبيبة الشيوعية التابعة للاتحاد السوفياتي، من مدرسة «لينين كومسومول العليا» في موسكو.

ونالت الكثير من الأوسمة، من بينها وسام النسر الناميبي، ووسام «فرانسيسكو دي ميراندا بريميرا كلاس» من فنزويلا، والدكتوراه الفخرية من جامعة دار السلام بتنزانيا.

تزوجت نيتومبو عام 1983 من إيبافراس دينجا ندايتواه، وكان آنذاك شخصية بارزة في الجناح المسلح لجيش التحرير الشعبي في ناميبيا التابع لـ«سوابو»، وتولى عام 2011 منصب قائد قوات الدفاع الناميبية، وظل في المنصب حتى تقاعده في عام 2013، ولديها ثلاثة أبناء.

العودة بعد الاستقلال

بعد 14 عاماً من فرار نيتومبو إلى المنفى، وتحديداً في عام 1988، وافقت جنوب أفريقيا على استقلال ناميبيا، لتعود نيتومبو إلى وطنها، عضوة في حزب «سوابو» الذي يدير البلاد منذ الاستقلال.

تدرجت نيتومبو في المناصب وشغلت أدواراً وزارية عدة، في الشؤون الخارجية والسياحة ورعاية الطفل والمعلومات. وعُرفت بدفاعها عن حقوق المرأة.

وعام 2002 دفعت بقانون عن العنف المنزلي إلى «الجمعية الوطنية»، وهو القانون الذي يعد أحد أبرز إنجازاتها، حيث دافعت عنه بشدة ضد انتقادات زملائها، ونقلت عنها وسائل إعلام ناميبية في تلك الفترة تأكيدها أن الدستور يُدين التمييز على أساس الجنس.

وواصلت صعودها السياسي، وفي فبراير (شباط) من العام الماضي، أصبحت نائبة رئيس ناميبيا. كانت أول امرأة تشغل مقعد نائب رئيس حزب «سوابو» بعدما انتخبها مؤتمر الحزب في عام 2017 وأعيد انتخابها في مؤتمر الحزب نوفمبر 2022، مما أهَّلها لتكون مرشحة الحزب للرئاسة عام 2024، خلفاً للرئيس الحاج جينجوب، الذي توفي خلال العام الماضي، وتولى رئاسة البلاد مؤقتاً نانجولو مبومبا.

صعوبات وتحديات

لم تكن مسيرة نيتومبو السياسية مفروشة بالورود، إذ اتُّهمت في فترة من الفترات بدعم فصيل منشق في حزب «سوابو» كان يسعى لخلافة سام نجوما أول رئيس لناميبيا بعد الاستقلال، لكنها سرعان ما تجاوزت الأزمة بدعم من هيفيكيبوني بوهامبا، خليفة نجوما.

يصفها أقرانها بأنها قادرة على التعامل مع المواقف الصعبة بطريقة غير صدامية. خلال حياتها السياسية التي امتدّت لأكثر من نصف قرن أظهرت نيتومبو أسلوباً عملياً متواضعاً في القيادة، ولم تتورط -حسب مراقبين- في فضائح فساد، مما يمنحها مصداقية في معالجة مثل هذه الأمور، لكنَّ انتماءها منذ الطفولة إلى «سوابو»، وعملها لسنوات من خلاله، لا ينبئ بتغييرات سياسية حادة في إدارة البلاد، وإن تعهَّدت نيتومبو بذلك.

ويرى مراقبون أنها «لن تبتعد كثيراً عن طريق الحزب، ولن يشكل وجودها على سدة الحكم دعماً أكبر للمرأة». وأشاروا إلى أن نيتومبو التي كانت رئيسة المنظمة الوطنية الناميبية للمرأة (1991-1994)، والمقررة العامة للمؤتمر العالمي الرابع المعنيّ بالمرأة في عام 1995 في بكين، ووزيرة شؤون المرأة ورعاية الطفل 2000-2005، «لا يمكن وصفها بأنها نسوية، وإن دافعت عن بعض حقوق النساء».

خلال الانتخابات قدمت نيتومبو نفسها بوصفها «صوتاً حازماً يتمحور حول الناس، وزعيمة سياسية وطنية، مخلصة للوحدة الأفريقية، مناصرةً لحقوق المرأة والطفل والسلام والأمن والبيئة»، وتبنت خطاباً يضع الأوضاع المعيشية في قمة الأولويات، متعهدةً بـ«خلق 250 ألف فرصة عمل خلال السنوات الخمس المقبلة» ليتصدر هذا التعهد وسائل الإعلام الناميبية، لكن أحداً لا يعرف إن كانت ستنجح في تنفيذ تعهدها أم لا.

تبدأ نيتومبو فترة حكمها بصراعات سياسية مع أحزاب المعارضة التي انتقدت نتيجة الانتخابات التي جعلتها رئيسة لناميبيا، تزامناً مع استمرار تراجع شعبية الحزب الحاكم. وفي الوقت نفسه تواجه نيتومبو عقبات داخلية في ظل ظروف اقتصادية صعبة يعيشها نحو نصف السكان، مما يجعل مراقبون يرون أنها أمام «مهمة ليست بالسهلة، وأن عليها الاستعداد للعواصف».

ويندهوك عاصمة ناميبيا (أدوب ستوك)

حقائق

ناميبيا بلد الماس... و43% من سكانه يعيشون تحت خط الفقر

في أقصى جنوب غربي القارة الأفريقية تقع دولة ناميبيا التي تمتلك ثروات معدنية كبيرة، بينما يعيش ما يقرب من نصف سكانها فقراً متعدد الأبعاد.ورغم مساحة ناميبيا الشاسعة، فإن عدد سكانها لا يتجاوز 3 ملايين نسمة؛ ما يجعلها من أقل البلدان كثافة سكانية في أفريقيا، كما أن بيئتها القاسية والقاحلة تصعّب المعيشة فيها. ومن الجدير بالذكر أن البلاد هي موطن صحراء كالاهاري وناميب.وفقاً لموقع حكومة ناميبيا، فإن تاريخ البلاد محفور في لوحات صخرية في الجنوب، «يعود بعضها إلى 26000 عام قبل الميلاد»، حيث استوطنت مجموعات عرقية مختلفة، بينها «سان يوشمن»، و«البانتو» وأخيراً قبائل «الهيمبا» و«هيريرو» و«ناما»، أرض ناميبيا الوعرة منذ آلاف السنين.ولأن ناميبيا كانت من أكثر السواحل القاحلة في أفريقيا؛ لم يبدأ المستكشفون وصيادو العاج والمنقبون والمبشرون بالقدوم إليها؛ إلا في منتصف القرن التاسع عشر، لتظل البلاد بمنأى عن اهتمام القوى الأوروبية إلى حدٍ كبير حتى نهاية القرن التاسع عشر عندما استعمرتها ألمانيا، بحسب موقع الحكومة الناميبية.سيطرت ألمانيا على المنطقة التي أطلقت عليها اسم جنوب غربي أفريقيا في أواخر القرن التاسع عشر، وأدى اكتشاف الماس في عام 1908 إلى تدفق الأوروبيين إلى البلاد، وتعدّ ناميبيا واحدة من أكبر 10 دول منتجة للماس الخام في العالم، وتنتج وفق التقديرات الدولية نحو مليونَي قيراط سنوياً.شاب فترة الاستعمار صراعات عدة، وتمرد من السكان ضد المستعمر، تسبَّبا في موت عدد كبير، لا سيما مع إنشاء ألمانيا معسكرات اعتقال للسكان الأصليين، وعام 1994 اعتذرت الحكومة الألمانية عن «الإبادة الجماعية» خلال فترة الاستعمار.ظلت ألمانيا تسيطر على ناميبيا، التي كانت تسمى وقتها «جنوب غربي أفريقيا» حتى الحرب العالمية الأولى، التي انتهت باستسلام ألمانيا، لتنتقل ناميبيا إلى تبعية جنوب أفريقيا، فيما تعتبره الدولة «مقايضة تجربة استعمارية بأخرى»، وفق موقع الحكومة الناميبية.في عام 1966، شنَّت المنظمة الشعبية لجنوب غرب أفريقيا (سوابو)، حرب تحرير، وناضلت من أجل الاستقلال، حتى وافقت جنوب أفريقيا في عام 1988 على إنهاء إدارة الفصل العنصري. وبعد إجراء الانتخابات الديمقراطية في عام 1989، أصبحت ناميبيا دولة مستقلة في 21 مارس (آذار) 1990، وأصبح سام نجوما أول رئيس للبلاد التي ما زال يحكمها حزب «سوابو». وشجعت المصالحة بين الأعراق السكان البيض في البلاد على البقاء، وما زالوا يلعبون دوراً رئيسياً في الزراعة والقطاعات الاقتصادية الأخرى.وتعد ناميبيا دولة ذات كثافة سكانية منخفضة، حيث يعيش على مساحتها البالغة 824 ألف متر مربع، نحو ثلاثة ملايين نسمة. ويشير البنك الدولي، في تقرير نشره عام 2021، إلى أن ناميبيا «دولة ذات دخل متوسط»، لكنها تحتل المركز الثالث بين دول العالم من حيث عدم المساواة في توزيع الدخل، حيث يمتلك 6 في المائة فقط من السكان نحو 70 في المائة من الأملاك في البلاد، وتعيش نسبة 43 في المائة من سكان ناميبيا في «فقر متعدد الأبعاد». وتدير ثروات البلاد الطبيعية من الماس والمعادن شركات أجنبية.وتمتلك ناميبيا ثروة برية كبيرة، لكنها تعاني بين الحين والآخر موجات جفاف، كان آخرها الصيف الماضي، ما اضطرّ الحكومة إلى ذبح أكثر من 700 حيوان بري من أجناس مختلفة، بينها أفراس نهر، وفيلة، وجواميس وحمير وحشية، وهو إجراء ووجه بانتقادات من جانب جمعيات البيئة والرفق بالحيوان، لكن حكومة ناميبيا دافعت عن سياستها، مؤكدة أنها تستهدف «إطعام السكان الذين يعانون الجوع جراء أسوأ موجة جفاف تضرب البلاد منذ عقود».ووفق برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة منتصف العام الحالي، فإن «نحو 1.4 مليون ناميبي، أي أكثر من نصف السكان، يعانون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، مع انخفاض إنتاج الحبوب بنسبة 53 في المائة ومستويات مياه السدود بنسبة 70 في المائة مقارنة بالعام الماضي».