سنوات السينما

شكري سرحان وبرلنتي عبد الحميد
شكري سرحان وبرلنتي عبد الحميد
TT

سنوات السينما

شكري سرحان وبرلنتي عبد الحميد
شكري سرحان وبرلنتي عبد الحميد

درب المهابيل ***
‪(1955)‬
العنزة التي أكلت الثروة

يدور «درب المهابيل» عن سيناريو لنجيب محفوظ وتوفيق صالح حول ما يحدث لأهل حارة قاهرية عندما يفوز أحد الساكنين فيها بألف جنيه في اليانصيب. لكن ماذا لو كان هذا الفائز هو «أهبل» الحارة؟ العبيط الذي يمسك بالبخور ويمر على المحلات بأدعيته الدينية التي يراها البعض بركة والبعض الآخر يتبرم منه ومنها؟
اختار المخرج البدء بتصوير البيت: أب متديّن (عبد العزيز أحمد). أم ذات خامة طيّبة (رفيعة الشال) وابنتهما الشابّة (برلنتي عبد الحميد) المخطوبة للشاب طه (شكري سرحان) الذي يسكن على السطح. من البيت إلى الشارع حيث يتم تعريفنا بباقي الشخصيات: صاحب محل العجلات البخيل عزوز (حسن البارودي) وابنه (توفيق الدقن) الذي على علاقة بابنة الليل ذات السمعة (نادية السبع)، أصحاب المحلات عبد الغني الجندي وشفيق نور الدين وأحمد الجزيري والفقير (أحمد أباظة) والأهبل طه (عبد الغني قمر). وسيلة توفيق صالح في التعريف بكل واحد من هؤلاء هي استطرادية وفي بعض الحالات يترك للكاميرا أن تسجيل دخول الشخصية الفيلم ثم رصد ما تقوم به في عملية تعريف نمطية من حيث إنها تتناول بعض هذه الشخصيات بالدور: شخصية المرأة المشبوهة أخلاقياً تصل إلى المبنى بسيارة أجرة. تخرج مترنّحة. تصعد السلم إلى شقّتها. يتعرّض لها ابن العجلاتي. تصدّه. تدخل. تأخذ وقتها لتبحث عن الفكّـة وترميها من الشبّاك للسائق.
مباشرة بعد ذلك ترصد الكاميرا العبيط حين تقدّمه - مثل ابنة الليل - لأول مرّة: يصل إلى شارع الحارة الرئيسي ويدخل ويخرج من المحال والكاميرا تتابعه. تسجل من يتبارك به ومن لا يأبه له ثم تتركه وقد جلس ومعزته لجانب رجل فقير على الأرض.
هذا نوع تقليدي من تسجيل الواقع روائياً. توفيق صالح في تجربته الأولى هنا يفضّـل هذا الأسلوب على أسلوب روائي بالكامل يلعب به المونتاج (قام به هنا سعيد الشيخ) دوراً أعلى. ما يبرهن عنه المخرج هو رغبته في التدليل على الشخصيات الملوّنة (الفيلم بالأبيض والأسود) قبل أن يدلف الفيلم إلى سرد حكايته.
وهذه الحكاية تبدأ ببائعة أوراق الحظ (إلهام زكي) وهي تحاول بيع تلك التذاكر. يصرفها معظم أهل الحارة. فقط رغب واحد في شراء ورقة (شفيق نور الدين) لكن الشيخ طه ينهاه عن ذلك. طه هو الوحيد الذي يشتري الورقة التي تفوز بالجائزة الكبرى. المفاجأة هي أن صاحب المحل بيع الدراجات (البارودي) وابنه (الدقن) يدعيان أنهما صاحبا الورقة. ثم ينضم إليهما في هذا الادعاء آخرون من أهل الحارة، مما يؤدي إلى معركة بالأيدي يفضها البوليس. النفوس لا تهدأ والمخرج ينجز بنجاح بعد ذلك رؤية الكاتب حول ازدواجية المواقف وثعلبة الأنفس المستميتة لثراء بلا تعب.
الفيلم مصوّر بأسره داخل الحارة عاصراً رمزياتها لكن ما يزعج هو تلك الموسيقى (عبد العزيز محمد) التي لا تريد أن تنتهي وتمثيل عبد الغني قمر لدور الأهبل الذي يتكرر من دون تشخيص واقعي. كذلك بعض السذاجة في تصوير حالات أريد تصوير تناقضاتها مثل المشهدين المتقاطعين: واحد بين توفيق الدقن وعشيقته (الحب الخاطئ) وآخر بين شكري سرحان وحبيبته (الحب البريء). لكن عين المخرج على البعد الاجتماعي يبقى الأهم والأكثر مدعاة للتقدير، حيث يستعد الفرقاء للتخلّـي حتى عن قناعاتهم الدينية حبّـاً في الثراء انعكاساً (وهذا هو لب المقصود في الفيلم) لوضع معوز ومستقبل مسدود.
في النهاية يعود المال لطه الذي سيتزوّج من خديجة. لكن النهاية ليست سعيدة لأن مال طه سينتهي إلى بطن عنزته التي وجدته حيث أخفاه فالتهمته. إنها نهاية من المثاليات الوعظية. قيمة الفيلم بعيداً عن كل ذلك. كفيلم أول يُحسن صالح ممارسة التفعيل الواقعي للحارة ويلتقط منها بعض أفضل ما تم عرضه على الشاشات المصرية في هذا الشأن وهو كثير.


مقالات ذات صلة

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)

نجم بوليوود عامر خان يصرف النظر عن الاعتزال ويواصل التمثيل والإنتاج

نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
TT

نجم بوليوود عامر خان يصرف النظر عن الاعتزال ويواصل التمثيل والإنتاج

نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)
نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)

خطرت فكرة اعتزال السينما في بال نجم بوليوود، عامر خان، في خضمّ فترة التأمل التي أمضاها خلال جائحة كوفيد-19، لكنّ الممثل والمنتج الهندي بدّل رأيه مذّاك ويعتزم مواصلة مسيرته المهنية الغنية التي بدأت في سبعينات القرن العشرين.

وقال خان لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، خلال مقابلة أجرتها معه في لندن، إنه مرّ قبل بضع سنوات بمرحلة إعادة نظر ذاتية.

وأضاف: «كان ذلك خلال أزمة كوفيد، وكنت أفكر في كثير من الأمور، وأدركت أنني قضيت حياتي بأكملها في عالم السينما السحري هذا منذ أن أصبحت بالغاً».

وتولى عامر خان بطولة عدد كبير من الأفلام التي حققت نجاحاً تجارياً واسعاً في بلده، ومنها «3 بلهاء» و«دانغال»، و«نجوم على الأرض»، كما اشتهر عامر خان بإنتاج وبطولة فيلم «لاغان Lagaan» الذي كان بين الأعمال المرشحة لجائزة الأوسكار للأفلام الأجنبية عام 2002.

وتابع خان الذي بدأت مسيرته التمثيلية منذ الطفولة في السبعينات، وأصبح لاسمه ارتباط وثيق ببوليوود: «لقد أدركت أنني لم أعطِ حياتي الشخصية الأهمية التي كنت أرغب فيها».

وزاد: «واجهتُ صعوبة في التغلب على الشعور بأنني أهدرت الكثير من الوقت، وكنت أشعر بالكثير من الذنب... كان رد فعلي الأول القول إنني اكتفيت من السينما».

لكنّ عائلته، وخصوصاً ابنه وابنته، أقنعته بالعدول عن الاعتزال. وقال: «في رأسي كنت أقول سأتوقف. ثم لم أفعل ذلك».

والآن، مع اقتراب عيد ميلاده الستين في مارس (آذار)، يريد عامر خان، الذي يعيش في مومباي، «مواصلة التمثيل والإنتاج لبعض الوقت».

«أحب أن أفاجئ جمهوري»

ويعتزم النجم الهندي أيضاً جعل شركته للإنتاج «عامر خان بروداكشنز» منصة «لتشجيع المواهب الجديدة التي تكون أحاسيسها قريبة» من أحساسيسه و«تريد أن تروي القصص» التي تهمه.

ومن ذلك مثلاً فيلم «لاباتا ليديز» Laapataa Ladies الكوميدي عن شابتين من منطقة ريفية في الهند، يطرح موضوع الزواج ووضع المرأة في بلده، وقد شارك في إنتاجه مع زوجته السابقة كيران راو، وحضر أخيراً إلى لندن للترويج له.

ويتناول عدد من أفلام عامر خان قضايا اجتماعية، مثل حقوق المرأة في المناطق الريفية، أو الصناعة الرياضية، أو الضغط المفرط في التعليم العالي أو حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.

لكن خان يرفض أن يحبس نفسه في نوع واحد فقط من الأفلام أو الأدوار، وقال في هذا الصدد: «أحب التنويع والتطرق إلى قصص مختلفة. أحب أن أفاجئ نفسي وجمهوري».

ولم يتردد النجم البوليوودي في انتقاد نفسه أيضاً، مشيراً إلى أنه «غير راضٍ» عن أدائه في فيلم «لا سينغ شادا» Laal Singh Chaddha الهندي المقتبس من فيلم «فورست غامب» تم إنتاجه عام 2022، لكنه لم يحظَ بالاستحسان المألوف الذي تُقابَل به أعماله.

وأما في «أن يكون هذا الفيلم أفضل»، في إشارة إلى عمله الجديد «سيتار زامين بار» Sitaare Zameen Par الذي يُطرَح قريباً.

ورغم فوزه بالعشرات من الجوائز السينمائية في الهند بالإضافة إلى ثالث أعلى وسام مدني في بلده، فإن عامر خان يحرص على تقويم كل فيلم من أفلامه.

وشدّد على أن «إخراج فيلم أمر بالغ الصعوبة». وقال: «عندما أنظر إلى الفيلم الذي أخرجناه، ثم إلى السيناريو الذي كتبناه، أتساءل هل حقق الفيلم الأهداف التي حددناها».

وأضاف: «إذا وصلنا إلى ما أردناه، وصنعنا الفيلم الذي أردناه، فيشكّل ذلك ارتياحاً كبيراً».