الجزائر لا تستبعد «مؤامرة» وراء اندلاع حرائق «مهولة» في القبائل

ألسنة اللهب تخلف قتلى بينهم عسكريون وأضراراً بليغة بالمزارع والماشية في ليلة واحدة

حرائق تشتعل في منطقة القبائل شرق العاصمة خلَّفت 7 قتلى (رويترز)
حرائق تشتعل في منطقة القبائل شرق العاصمة خلَّفت 7 قتلى (رويترز)
TT

الجزائر لا تستبعد «مؤامرة» وراء اندلاع حرائق «مهولة» في القبائل

حرائق تشتعل في منطقة القبائل شرق العاصمة خلَّفت 7 قتلى (رويترز)
حرائق تشتعل في منطقة القبائل شرق العاصمة خلَّفت 7 قتلى (رويترز)

اتهمت الحكومة الجزائرية أشخاصاً مجهولين بإشعال عدد كبير من الحرائق، ليل الاثنين، في منطقة القبائل بشرق العاصمة التي خلَفت أكثر من 25 قتيلاً بينهم عسكريون، بحسب حصيلة غير نهائية للدفاع المدني. وتسببت الحرائق المهولة في إتلاف مساحات زراعية كبيرة وهلاك رؤوس الماشية، ووصلت ألسنة اللهب إلى آلاف البيوت بالقرى والمداشر، دفعت سكانها إلى مغادرتها.
وتضاربت الأنباء مساء أمس (الثلاثاء) حول حصيلة الجنود الذين قتلوا أثناء تدخلهم لإنقاذ سكان مداشر وقرى منطقة القبائل الذين حاصرتهم النيران، فبينما ذكرت وزارة الدفاع أن عددهم 18، قال رئيس البلاد عبد المجيد تبون في تعزية لعائلات الضحايا، إن 25 هلكوا وسط ألسنة اللهب.
وذكرت وزارة الدفاع في بيان، أن بين القتلى الـ18 بينهم دركي، ينتمي لكتيبة مشاة خفيفة بمنطقة أشلاظن ولاية تيزي وزو، وأصيب أكثر من 20 بحروق بعضهم في حالة حرجة. وأكد أن الجيش أنقد 110 مدنيين من ألسنة اللهب، من بينهم نساء وأطفال.
ووصف البيان الحرائق بـ»الاجرامية»، مشيراً إلى أن الجيش «يبقى مجنداً إلى جانب إخوانه المواطنين حتى الإخماد النهائي للحرائق».
وصرَح كمال بلجود وزير الداخلية أمس، لدى وجوده بتيزي وزو (120 كلم شرق العاصمة)، وهي كبرى مدن القبائل، بأنه «لا يستبعد أن تكون أياد إجرامية قد تسببت في الحرائق»، وقال إنه «يستغرب اندلاع عشرات الحرائق في نفس التوقيت». وتحدث عن «حاقدين على الجزائر يصرَون على تحطيمها بكل الوسائل، لكن نملك الرجال للتصدي لهم»، من دون توضيح من هم «الحاقدون»، وعلى الأرجح، أعطى عضو حكومة الرئيس عبد المجيد تبون، الحرائق بعداً سياسياً ينسجم مع الخطاب الرسمي الذي يستنكر دائماً «المؤامرة على الدولة»، في حال وقوع أزمة. وأشاد بلجود بـ«الهبَة التضامنية» لسكان الولايات المجاورة مع المتضررين من ألسنة اللهب، وقال: «هذا هو الجزائري الحرَ». ونزل إلى تيزي وزو برفقة وزير الداخلية، زميليه في قطاعي التضامن والزراعة. وكان الوفد الحكومي محاطاً بعدد كبير من أفراد الدرك، في مشهد ترك انطباعاً بأن الحكومة تخشى ردَة فعل غاضبة من السكان المحليين، المعروف عنهم أنهم معارضون للسلطات المركزية ويرفضون كل مشاريعها، وبخاصة الانتخابات.
وعلَق المحلل السياسي سمير فارس على بلجود: «الرواية الرسمية على لسان وزير الداخلية، تتحدث عن أفعال إجرامية وراء الحرائق. وهي نفس رواية مصالح الغابات على مستوى ولاية تيزي وزو. هل نحن أمام حرب؟ ومن هي أطرافها؟ أم أن الفشل استدعى مشجب المؤامرة؟».
وسبق للرئيس تبون، أن اتهم جهات مجهولة بإضرام النار في غابات تيبازة، غرب العاصمة العام الماضي. وحمَلها أيضا، قبل عام ونصف، «افتعال» أزمة حادة في السيولة بمراكز البريد. وقال الشيء نفسه عن ندرة المياه، ومع كل أزمة يلمَح إلى «يد العصابة» التي تعني ما بقي في مواقع المسؤولية، من رموز حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. ولم تقنع هذه الرواية الأوساط السياسية، في غياب أي دليل يدين «الجهات الأجنبية» ويوضح من هي. وصرَح محافظ الغابات لولاية تيزي وزو، بأن «عملاً إجرامياً يقف وراء الحرائق... فبحكم تجربتنا، يستحيل أن تكون أسباب هذه الحرائق طبيعية».
وجاء في بيان لجهاز الدفاع المدني، أن 36 حريقاً شبَ في الغطاء النباتي بـ18 محافظة (58 محافظة في البلاد)، ليل الاثنين إلى الثلاثاء، 19 منها اندلع في تيزي وزو المعروفة بكثافة غاباتها بجبال جرجرة. وأبرز البيان أن رجال الدفاع المدني تمكنوا من إخماد 12 حريقاً في تيزي وزو، وعدة حرائق أخرى، في محافظات البويرة وبوعريريج وسكيكدة وبومرداس، وقالمة وخنشلة وتبسة، وهي مناطق تقع كلها في شرق البلاد. وأكد البيان أن الدفاع المدني «سخَر إمكانيات مادية وبشرية هائلة لإخماد الحرائق».
وبحسب خبراء متخصصين في البيئة والكوارث الطبيعية، نتجت الحرائق عن موجة عن الجفاف والحرَ الشديد تعرفها الجزائر حالياً، تسببت في شرارات نتج عنها بدورها، لمعان الزجاج واحتكاك الصخور، زيادة على حالة الإهمال التي توجد عليها الغابات، وعدم تنظيفها من النفايات.
وبدا من صور الحرائق التي تداولها سكان تيزي وزو، عبر المنصات الرقمية الاجتماعية، أن عشرات القرى امتدت إليها ألسنة اللهب فألحقت ضرراً بالغاً بالحقول والمزارع وقطعان الماشية. وحمل غالبية سكانها أغراضهم الثمينة، لدى مغادرتهم منازلهم إلى وسط المدينة بتيزي وزو، حيث قضت الليلة في قاعات الرياضة وصالات مخصصة للحفلات تابعة لخواص.


مقالات ذات صلة

البرازيل تكافح حرائق الغابات... وتحقق في أسبابها (صور)

أميركا اللاتينية عنصر إطفاء يحاول إخماد الحريق في حقول قصب السكر قرب مدينة دومون البرازيلية (رويترز)

البرازيل تكافح حرائق الغابات... وتحقق في أسبابها (صور)

أعلنت وزيرة البيئة البرازيلية مارينا سيلفا، أمس (الأحد)، أن البرازيل «في حالة حرب مع الحرائق والجريمة»، في وقت أُعلِنت فيه حالة الطوارئ في 45 مدينة.

«الشرق الأوسط» (ريبيراو بريتو (البرازيل))
أميركا اللاتينية انخفاض الرطوبة وارتفاع الحرارة متخطية 35 درجة مئوية يفاقم الظروف المواتية للحرائق (رويترز)

استدعت إصدار أعلى درجات التحذير... حرائق غابات تستعر في البرازيل

امتدت حرائق غابات أمس (الجمعة) في أنحاء ولاية ساو باولو، أكثر ولايات البرازيل اكتظاظاً بالسكان، ما استدعى إصدار أعلى درجات التحذير في 30 مدينة.

«الشرق الأوسط» (برازيليا)
شؤون إقليمية حرائق الغابات لا تزال مستمرة في إزمير وسط جهود للسيطرة عليها (إكس)

تركيا تعلن السيطرة على حرائق الغابات بشكل كبير

نجحت السلطات التركية في السيطرة على حرائق الغابات المستمرة منذ أسبوع بصورة كاملة في بعض المناطق، في حين تتواصل الجهود للسيطرة على بقيتها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية صورة جوية تُظهر خلايا نحل محترقة بعد حريق الغابات في قرية سنجقلي (أ.ف.ب)

الحرائق تحول قرية سنجقلي الخلابة في إزمير التركية إلى جحيم (صور)

كانت قرية سنجقلي توفر منظراً خلاباً من مرتفعات إزمير على ساحل تركيا الغربي، حتى حوّلت ألسنة اللهب أقساماً واسعة منها إلى أثر بعد عين.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
شؤون إقليمية منظر عام لمنطقتي بايراكلي وكارشياكا بعد الحريق مع استمرار جهود الإطفاء والتبريد في اليوم الثاني من حريق إزمير الكبير (د.ب.أ)

حريق غابات لا يزال يهدد مناطق سكنية في إزمير التركية

يستمر حريق غابات في تشكيل تهديد لمناطق سكنية في إزمير ثالثة مدن تركيا من حيث عدد السكان.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)

اعتداءات على الأكاديميين اليمنيين في ذمار ونهب للأراضي

بوابة جامعة ذمار اليمنية (إكس)
بوابة جامعة ذمار اليمنية (إكس)
TT

اعتداءات على الأكاديميين اليمنيين في ذمار ونهب للأراضي

بوابة جامعة ذمار اليمنية (إكس)
بوابة جامعة ذمار اليمنية (إكس)

استقال أعضاء عمادة وهيئة التدريس في كلية العلوم التطبيقية في جامعة ذمار اليمنية بشكل جماعي بعد اعتداء نجل قيادي حوثي في الجامعة على أحد المدرسين، ورفض رئاستها المعينة من قبل الجماعة اتخاذ أي إجراءات بشأن الحادثة، وذلك بالتزامن مع نهب مساحة من الحرم الجامعي وتخصيصها للاحتفالات.

وذكرت مصادر أكاديمية في ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) أن حسن محمد الحيفي، وهو ابن القيادي الحوثي محمد الحيفي المعين رئيساً للجامعة، وطالب دراسات عليا فيها، اعتدى على الأكاديمي وليد عبد الرزاق مدير إدارة الدراسات العليا بكلية العلوم التطبيقية، وتعمد إهانة عميد الكلية ونوابه.

عمادة وهيئة التدريس في كلية العلوم التطبيقية في جامعة ذمار تقدم استقالة جماعية (إكس)

ووفقاً للمصادر، فإن رئيس الجماعة رفض الاستجابة للشكوى التي تقدمت بها هيئة التدريس في الكلية وعمادتها، بل ووجه عميد الكلية بإيقاف المدرس الذي وقع الاعتداء عليه، ووجه بتعيين عميد جديد للكلية بدلاً عنه.

ومنذ أيام أعلنت الجماعة الحوثية عبر وسائل إعلامها أنه جرى دور تسليم وتسلم بين عميد الكلية وخلفه تنفيذاً لقرار الحيفي.

إلا أن المصادر أوضحت أن العميد المقال أُجبِر على الحضور إلى مقر الكلية والتقاط الصور مع العميد الجديد وبعض القادة الحوثيين، لتمييع القضية وتمريرها أمام الرأي العام، بتجاهل تام لحادثة اعتداء ابن القيادي الحيفي على مدرسه، والإجراءات التعسفية التي اتخذها الحيفي نفسه وإساءاته للعميد والمدرسين.

وبحسب المصادر، فإنه جرى تهديد العميد المقال بتلفيق قضايا فساد له، والتعاون مع الحكومة الشرعية، وأن الحيفي حذر جميع الأكاديميين مما سماه التطاول أو تجاوز حدودهم في التعامل معه.

واستغربت الأوساط الأكاديمية في الجامعة من تجاهل القيادات الحوثية في المحافظة للواقعة، رغم توجه عدد من الأكاديميين إليها بالشكوى بعد رفض الحيفي ورئاسة الجامعة اتخاذ الإجراءات القانونية بشأن الواقعة.

نهب أراضي الجامعة

اتهم عدد من الأكاديميين القيادات الحوثية المسيطرة على محافظة ذمار، وفي مقدمتها محمد البخيتي المعين في منصب المحافظ، بالتواطؤ مع رئيس الجامعة، مرجحين تجاهله الشكوى المقدمة له بالحيفي، لما بينهما من تعاون في العديد من الملفات في إطار تنفيذ مشروع الجماعة الحوثية، ومنها ما حدث أخيراً من نهب لأراضي الجامعة.

محمد البخيتي المعين محافظاً لذمار يشارك في إحدى فعاليات جامعة ذمار بسلاحه الشخصي (إعلام حوثي)

وكان البخيتي أقدم منذ نحو شهر على اقتطاع مساحة كبيرة من أراضي جامعة ذمار، وتحويلها إلى ساحة للاحتفالات، وذلك ضمن استعدادات الجماعة للاحتفال بذكرى المولد النبوي.

وبلغت المساحة التي اقتطعها البخيتي من حرم الجامعة، أكثر من 10 آلاف لبنة (وحدة قياس محلية، واللبنة الواحدة تساوي 44.44 متر مربع)، وجاء الكشف عن هذا الإجراء بعد أيام قليلة من الكشف عن استقطاع المساحة نفسها من أراضي جامعة صنعاء، لصالح مشاريع استثمارية لقيادات حوثية.

وتؤكد مصادر محلية أن البخيتي استأذن القيادي مهدي المشاط، رئيس المجلس السياسي الأعلى للجماعة الحوثية (مجلس الحكم الانقلابي)، في اقتطاع تلك المساحة، بحجة عدم احتياج الجامعة لها.

ووافق المشاط على طلب البخيتي موجهاً بتنفيذ إجراءات نقل ملكية تلك المساحة من الأرض من جامعة ذمار إلى السلطات الحوثية التي تشرف على المحافظة، والتي باشرت بأعمال تهيئتها لتنظيم الاحتفال بالمولد النبوي عليها.

واستنكرت شخصيات سياسية واجتماعية في محافظة ذمار واقعة اقتطاع أراضٍ تابعةٍ للجامعة لتنظيم الاحتفالات، وعدّوا التعدي على أراضي الجامعات جريمة بحق العملية التعليمية والأكاديمية.

تحجيم مساحة التعليم

تفيد المصادر الأكاديمية في ذمار بأن أراضي الجامعة التي يجرى التعدي عليها، كانت ضمن مخططات تعود إلى ما قبل الانقلاب الحوثي لتنفيذ مشاريع ومنشآت تابعة للجامعة، خصوصاً الكليات والمراكز التي ما زالت مقراتها خارج الحرم الجامعي، مثل كلية الآداب ومركز التعليم المستمر.

مبنى كلية الهندسة في جامعة ذمار (فيسبوك)

وأوضحت المصادر أنه رغم مصادرة الجماعة الحوثية لمبنيي كلية الآداب ومركز التعليم المستمر، واعتزامها تحويل مبنى كلية الحاسبات إلى أكاديمية للقرآن، وجميعها تقع وسط المدينة؛ فإنها لم تبدأ بأي إجراءات لتعويض هذه الجهات الثلاث بمنشآت داخل أراضي الحرم الجامعي، وبدلاً عن ذلك تصادر أراضي الجامعة لصالح مشروعها الطائفي.

كما تمتلك كليات الآداب والتربية والطب البشري والأسنان مباني أخرى في وسط المدينة، وكان مقرراً قبل الانقلاب أن تبدأ الجهات المعنية التخطيط لمشاريع بناء منشآت داخل أراضي الجامعة لنقل جميع الكليات إلى الحرم الجامعي.

وتخشى الأوساط الأكاديمية والاجتماعية في محافظة ذمار من أن تؤدي أعمال مصادرة مباني وأراضي الجامعة إلى الإضرار الكامل بالعملية التعليمية والأكاديمية، وتحجيم مساحتها وإمكاناتها.