الانقطاع المتواصل للكهرباء يهدد سلامة الغذاء في لبنان

TT

الانقطاع المتواصل للكهرباء يهدد سلامة الغذاء في لبنان

دخلت الأزمة في لبنان مرحلة شديدة الخطورة نتيجة الانقطاع المتواصل للكهرباء بسبب شح الفيول ما يؤدي لتقنين قاسٍ من قبل مؤسسة كهرباء لبنان، وشح المازوت ما أدى إلى إطفاء عدد كبير من المولدات الخاصة. وانعكس ذلك تلقائياً على توضيب وتخزين الأطعمة والمواد الغذائية في المنازل والمطاعم والمحلات الكبرى (السوبرماركت)، وأدى إلى ارتفاع في حالات التسمم الغذائي.
وقال مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر لـ«الشرق الأوسط» إن الوزارة تلقت في الأيام والأسابيع القليلة الماضية عدداً كبيراً من الشكاوى عن حالات تسمم نتيجة تناول مواد غذائية لم تعد صالحة. وأشار إلى أن الوزارة كثفت أخيراً عمليات فحص المواد المبردة داخل السوبرماركت للتأكد من صلاحيتها وذلك من خلال أخذ عينات لفحصها في المختبرات، كاشفاً أن عدداً من المحال والسوبرماركت عمد أخيرا إلى تخفيض أسعار الألبان والأجبان كي لا يضطروا لإتلافها بسبب انقطاع الكهرباء نتيجة شح المازوت.
وأشارت ناديا مراد (36 عاماً) وهي من سكان إحدى بلدات بعبدا في جبل لبنان إلى أنها اضطرت إلى رمي كل محتويات البراد والثلاجة لديها قبل يومين بعدما انقطعت الكهرباء التي تؤمنها الدولة كما تلك التي تؤمنها المولدات الخاصة لعشر ساعات على التوالي، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن صاحب المولد أبلغهم بأنه أطفأه كلياً لأنه لم يعد قادراً على تأمين مادة المازوت.
وأكد رئيس الصليب الأحمر اللبناني ومدير قسم الطوارئ في مستشفى «أوتيل ديو» في بيروت الدكتور أنطوان الزغبي أنه يسجل ارتفاعا ولو طفيفا بحالات التسمم الغذائي، موضحا في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه عادة ما تزداد هذه الحالات خلال فصل الصيف، لكن مؤخراً تم تسجيل ارتفاع أكبر من المعتاد. ودعا الزغبي اللبنانيين إلى عدم تخزين الطعام في الثلاجات في المنازل كما حث المطاعم على الانتباه والمراقبة الدائمة للأطعمة في براداتهم.
وتنبه إخصائية التغذية ربى الأسمر إلى أن الكثير من الأطعمة التي تكون عادة في البراد يجب رميها في حال استمر تقنين الكهرباء أكثر من 4 ساعات وخصوصاً اللحوم والدجاج والسمك والألبان والأجبان، مشددة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على وجوب عدم الاعتماد على رائحة ومذاق الطعام لحسم ما إذا كان لا يزال صالحاً. وتضيف: «يجب في هذه المرحلة الاكتفاء بشراء الطعام الأساسي الذي يستهلك سريعاً وعدم التخزين خاصة أن الطعام في الثلاجة أيضاً يصبح غير صالح بعد 24 أو 48 ساعة من الانقطاع المتواصل للكهرباء وذلك حسب كمية الطعام داخلها».
وتحدث رئيس جمعية حماية المستهلك في لبنان زهير برو عن مخاوف كبيرة لديهم حول سلامة الغذاء نتيجة الانقطاع المتواصل للكهرباء خاصة في غياب أي حلول في الأفق، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على وجوب اعتماد أصحاب المولدات على «التقنين الذكي» بحيث لا يتم قطع الكهرباء لأكثر من 5 ساعات على التوالي. وأضاف: «للأسف خسارة الأطعمة التي في الثلاجات في ظل الغلاء الفاحش جريمة وتسميم الناس جريمة أكبر».
ويعاني أصحاب المحال التجارية الصغيرة التي تبيع مواد غذائية والميني ماركت بشكل أكبر من هذه الأزمة مقارنة بأصحاب السوبرماركت الكبيرة، بحيث إن هذه الأخيرة تمتلك مولدات خاصة بها لا تزال تؤمن لها المازوت ولو بصعوبة، أما المحال الصغيرة فهي رهينة أصحاب مولدات المناطق الذين باتوا يلجؤون لتقنين قاسٍ، ما يهدد بتلف المواد الغذائية في البرادات والثلاجات. وأشار أحد أصحاب هذه المحال إلى أنه قلص كثيراً شراء المواد التي تحتاج لبرادات وبات يؤمن الأساسيات وتلك التي يدرك أنها قابلة للبيع سريعاً، لافتاً إلى أن عدداً من أصحاب هذه المحلات يتجه لإقفالها بشكل نهائي.
أما رئيس نقابة أصحاب السوبرماركت نبيل فهد فلفت إلى أن أصحاب هذه السوبرماركت ما زالوا يؤمنون المازوت لمولداتهم، قسم منها عبر الشركات الخاصة وقسم من السوق السوداء، موضحاً أن التقنين الذي يقومون به يلحظ خفض عدد البرادات، ووقف العمل بالسلالم الكهربائية ووقف التكييف لساعات معينة داخل السوبرماركت.



​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
TT

​الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)
الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون في سجون مخابرات الجماعة الحوثية، أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق سراح مجموعة كبيرة من المعتقلين، في طليعتهم قيادات في حزب «المؤتمر الشعبي»، رغم انقضاء شهرين على إيداعهم السجن بتهمة التحضير للاحتفال بذكرى الثورة التي أطاحت أسلاف الجماعة.

وذكرت مصادر حقوقية يمنية لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أفرجوا أخيراً عن خمسة فقط من المعتقلين في مدينة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء)، لكنها مستمرة في رفض إطلاق سراح وكيل وزارة الشباب والرياضة والقيادي في حزب «المؤتمر الشعبي» أحمد العشاري وزميليه في الحزب أمين راجح وسعد الغليسي.

الحوثيون يرون قادة جناح «المؤتمر الشعبي» بصنعاء خصوماً لهم (إعلام محلي)

وقالت المصادر إن الجماعة تتهم المعتقلين بالتآمر مع الحكومة الشرعية لقيادة انتفاضة شعبية في مناطق سيطرتها تحت شعار الاحتفال بالذكرى السنوية لقيام «ثورة 26 سبتمبر» التي أطاحت نظام حكم الإمامة في شمال اليمن عام 1962.

ووفق هذه المصادر، فإن الاتصالات التي أجراها جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين للمطالبة بالإفراج عن قياداته قوبلت بتعنت وتسويف.

وأشارت المصادر إلى أن مجموعة كبيرة من المعتقلين لا يُعرف مصيرهم، وأن كلّاً من فهد أحمد عيسى، وعمر أحمد منة، وأحمد البياض، وعبد الخالق المنجد، وحسين الخلقي لا يزالون رهن الاعتقال، إلى جانب الناشطة سحر الخولاني، والكاتبين سعد الحيمي، ومحمد دبوان المياحي، والناشط عبد الرحمن البيضاني، ورداد الحذيفي، وعبد الإله الياجوري، وغالب شيزر، وعبد الملك الثعيلي، ويوسف سند، وعبده الدويري، وغازي الروحاني.

شروط الإفراج

تقول مصادر سياسية في صنعاء إن «التحالف الشكلي» الذي كان قائماً بين جناح «المؤتمر الشعبي» والحوثيين قد انتهى فعلياً مع تشكيل حكومة الانقلاب الأخيرة، حيث تم استبعاد كل المحسوبين على هذا الجناح، وسيطرة الحوثيين على كل المناصب.

وبالتالي، فإن الحزب لا يعول على ذلك في تأمين إطلاق سراح المعتقلين، والذين لا يُعرف حتى الآن ما نيات الحوثيين تجاههم، هل سيتم الاحتفاظ بهم لفترة إضافية في السجون أم محاكمتهم؟

أكدت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية استخدام الحوثيين التعذيب لانتزاع الاعترافات (إعلام حوثي)

ووفق إفادة بعض المعتقلين الذين أفرج الحوثيون عنهم، فقد تم استجوابهم بتهمة الانخراط في مخطط تآمري للإطاحة بحكم الجماعة في صنعاء بدعم وتمويل من الحكومة الشرعية.

وبعد جلسات من التحقيق والاستجواب وتفتيش الجوالات، ومراجعة منشورات المعتقلين في مواقع التواصل الاجتماعي، أفاد المعتقلون المفرج عنهم بأنه يتم الموافقة على إطلاق سراحهم، ولكن بعد التوقيع على تعهد بعدم العودة للاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر» أو أي فعالية وطنية أخرى، وأن يظلوا رهن الاستعداد للحضور متى ما طُلب منهم ذلك إلى جهاز المخابرات الحوثي.

ولا تقتصر شروط الإفراج على ذلك، بل يُلزم المعتقلون بإحضار ضامن من الشخصيات الاجتماعية، ويكون ملزماً بإحضارهم متى طُلب منهم ذلك، ومنعهم من مغادرة منطقة سكنهم إلا بإذن مسبق، وعدم تغيير رقم جوالاتهم أو إغلاقها، وأن يظل تطبيق «الواتساب» يعمل كما كان عليه قبل اعتقالهم. كما يلحق بذلك تهديدات شفهية بإيذاء أطفالهم أو أقاربهم إذا غادروا إلى مناطق سيطرة الحكومة، أو عادوا للنشر ضد الجماعة.

تعذيب مروع

بالتزامن مع استمرار الحوثيين في اعتقال المئات من الناشطين، كشف النائب اليمني المعارض أحمد سيف حاشد، عما سماها «غرف التعذيب» في سجون مخابرات الجماعة.

وقال حاشد إن هناك مسلخاً للتعذيب اسمه «الورشة» في صنعاء، وتحديداً في مقر سجن «الأمن والمخابرات» (الأمن السياسي سابقاً)، وإن هذا المسلخ يقع في الدور الثالث، وموزع إلى عدة غرف، وكل غرفة تحتوي على وسائل تعذيب تصنع في نفوس الضحايا الخوف المريع والبشاعة التي لا تُنسى.

الناشطة اليمنية سحر الخولاني انتقدت فساد الحوثيين وطالبت بصرف رواتب الموظفين فتم اعتقالها (إعلام محلي)

ووفق ما أورده حاشد، الذي غادر مؤخراً مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، توجد في هذا المكان سلاسل ترفع الشخص إلى الأعلى وتعيده إلى الأسفل بواسطة زر تحكم، حيث يُعلَّق الضحية ويُثبَّت بالطريقة التي يريد المحققون رؤيته عليها.

وذكر أن البعض من الضحايا يُعلق من يديه لساعات طويلة، وبعضهم يُعلق من رجليه، وبعد ذلك يتم إنزاله وقد صار عاجزاً أو محمولاً في بطانية.

ووفق هذه الرواية، فإن هذا القسم يشمل وسائل تعذيب متنوعة تشمل الكراسي الكهربائية، والكماشات لنزع الأظافر، والكابلات، والسياط، والأسياخ الحديدية، والكلاب البوليسية، وكل ما لا يخطر على البال من وسائل صناعة الرعب والخوف والألم.