مصممات أزياء يحاربن السرطان بـ«تياب» سودانية على الموضة

تحت شعار «ثوبك المشغول يفرح غيرك»

تصاميم بألوان زاهية وجميلة وريعها لصالح مرضى السرطان
تصاميم بألوان زاهية وجميلة وريعها لصالح مرضى السرطان
TT

مصممات أزياء يحاربن السرطان بـ«تياب» سودانية على الموضة

تصاميم بألوان زاهية وجميلة وريعها لصالح مرضى السرطان
تصاميم بألوان زاهية وجميلة وريعها لصالح مرضى السرطان

أثارت معاناة مرضى السرطان في السودان اهتمام مصممات أزياء مختصات بالثوب السوداني المعروف محلياً بـ«التوب»، ونظمت تبعاً لذلك «بازاراً» حمل شعار «توبك يفرح غيرك»، يعود ريعه بالكامل لتوفير الأدوية والرعاية الصحية لمرضى الداء الوبيل في استراحة السرطان بالخرطوم.
استمر «بازار التوب» من أجل مكافحة السرطان لثلاثة أيام، وشاركت فيه أكثر من 120 مصممة أزياء محترفة، عرضن خلاله تصاميم بألوان زاهية وجميلة، هدفت لزرع الأمل في نفوس المرضى، وإتاحة واقع أفضل لهم.
ويميز «التوب السوداني» النساء السودانيات عن غيرهن من النساء، وهو عبارة عن قطعة قماش مطرزة أو مشجرة أو بلون واحد، تلفه المرأة حول جسدها، وهو يشبه إلى حد كبير «الساري الهندي»، ويختلف عنه في طريقة ارتدائه، وله أسماء وموضات وتقليعات تتأثر بتقلبات الواقع الاجتماعي والسياسي، وأشهر أنواعه «رسالة لندن»، ومن تقليعات تسمياته: «توب حمدوك» و«توب الدعم السريع». وكان يتم استيراده جاهزاً، لكن أخيراً دخلت ساحة تصميمه مصممات سودانيات.
وقالت مصممة الأزياء مروة زروق إن الفكرة جاءت بعد مشاهدتها لوقفة احتجاجية نظمها الأطفال «مرضى السرطان»، بأجسامهم النحيلة والمنهكة أمام وزارة الصحة، احتجاجاً على شح أدوية السرطان وغلاء أسعارها، وتابعت: «طرحت الفكرة في قروب (فكرة خير) بوسائط التواصل الاجتماعي على المصممات، وجاءت الاستجابة سريعة، فحولن هذا التعاطف إلى طاقة إيجابية، نتج عنها تصميم أكثر 120 ثوباً مشغولاً خلال أيام قليلة، وتم تحديد مكان العرض بالتعاون مع (نور بازار)».
وبدورها، قالت مصممة الأزياء مواهب الأمين إنها شاركت بثوب مرسوم بـ«الأيبروا» أو تقنية الرسم على الماء، تعبيراً عن رغبتها في فعل الخير، ولذلك جاء تصميمها للثوب مختلفاً عن أعمالها السابقة، فيما ترى زميلتها المصممة ميساء المبارك، أن المبادرات الشبيهة تزرع الأمل في نفوس المرضى، وتعود بعائد معنوي لا يقدر بثمن لصاحبات المبادرة، وتشجع الأخريات على العطاء وتحمل المسؤولية المجتمعية تجاه الشرائح.
ورحب رواد البازار بالمبادرة، وبينهم الإعلامية رجاء بابكر التي قالت: «المبادرة يمكن أن تنتج عنها سلسلة مبادرات، مثل مساعدة متضرري السيول والفيضانات»، وتابعت: «لقد خدمت الفكرة المصممات ومرضى السرطان والزبائن الذين اشتروا في الوقت ذاته أزياء احترافية، بسعر تخفيض يصل 50 في المائة».
ووفقاً لإحصاءات رسمية فإن مركز «استراحة مرضى السرطان» يستقبل 500 - 600 طفل أسبوعياً، يتم تقديم العلاج والرعاية الصحية الكاملة والإقامة لهم، في وقت تعاني فيه البلاد من شح الأدوية المنقذة للحياة ومن بينها أدوية السرطان، التي ارتفعت أسعارها بأكثر من عشرة أضعاف خلال الآونة الأخيرة. وتزايدت الإصابات بالسرطان في السودان بشكل لافت في السنين الأخيرة، وعلى وجه الخصوص عند الأطفال الذي بلغ المصابون منهم بالأورام السرطانية نحو 8 في المائة من جملة الإصابات في البلاد.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».