مركب خوفو الأولى تستقر في المتحف المصري الكبير

بعد عملية نقل استغرقت 48 ساعة

مركب خوفو الأولى تستقر في المتحف المصري الكبير
TT

مركب خوفو الأولى تستقر في المتحف المصري الكبير

مركب خوفو الأولى تستقر في المتحف المصري الكبير

بعد أكثر من 4600 سنة، خرجت مركب خوفو الأولى، المعروفة بـ«مركب الشمس»، للمرة الأولى من مكانها بجوار أهرامات الجيزة، لتستقر في موقعها الجديد بالمتحف المصري الكبير، في أعقاب عملية نقل استغرقت 48 ساعة، قطعت خلالها المركب مسافة تبلغ نحو 7.5 كيلومتر، من منطقة أهرامات الجيزة إلى المتحف المصري الكبير المقرر افتتاحه قريباً في ميدان الرماية بالجيزة.
عملية النقل التي بدأت صباح الخميس الماضي، بتجهيز المركب، والتأكد من ثباتها على العربة المخصصة للنقل، وعمل الاختبارات الأخيرة اللازمة للحرارة والرطوبة وغيرها، لتبدأ المركب رحلتها من موقعها في متحف مركب خوفو بجوار الهرم في الساعة الخامسة عصر اليوم نفسه، قاطعة مسافة 200 متر حتى وصلت للطريق الأسفلتي داخل منطقة الهرم، قبل أن تتوقف للاستعداد للرحلة، وفقاً للدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الذي أوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «المركب استكملت الرحلة في الساعة 4:30 عصر الجمعة داخل منطقة الهرم حتى بوابة الفيوم التي وصلت إليها في التاسعة والربع مساء».
وبعد توقف لمدة ساعة، استكملت المركب رحلتها إلى المتحف المصري الكبير الذي وصلت إليه في الثالثة من فجر السبت. ومع بداية الصباح، رُفعت المركب بالونش لتستقر داخل مبنى أعد خصيصاً لها في المتحف المصري الكبير في الساعة الـ11 صباح أمس (السبت)، بعد أن «قطعت مسافة تقدر بنحو 7.5 كيلومتر، بسرعة تتراوح بين 400 و600 متر في الساعة»، حسب وزيري الذي أشار إلى أن مؤتمراً صحافياً سيُعقد، وسيُدعى الصحافيون لرؤية المركب في موقعها الجديد، منتصف الأسبوع الحالي.
وتعد مركب خوفو أكبر وأقدم أثر عضوي مصنوع من الخشب في التاريخ الإنساني، ويبلغ عمرها أكثر من 4600 عام، وقد اكتشفها المهندس كمال الملاخ في مايو (أيار) عام 1954 بجوار الأهرامات، مع مركب أخرى، وتولى المرمم المصري أحمد يوسف عملية ترميم وإعادة تركيب مركب خوفو الأولى في موقعها، بينما ظلت الثانية مفككة داخل الحفرة التي اكتشفت بها.
وشكل نقل المركب تحدياً هندسياً وأثرياً، حسب اللواء عاطف مفتاح، المُشرف العام على مشروع المتحف المصري الكبير والمنطقة المحيطة، الذي أكد في بيان صحافي أمس أن «عملية نقل مركب خوفو الأولى تعد واحدة من أهم المشروعات الهندسية الأثرية المعقدة الفريدة، لذلك لم يترك فريق العمل شيئاً فيها للصدفة أو التجربة، فهي نتاج جهد وتعب ومجهود ودراسة وتخطيط وإعداد وعمل جاد امتد قرابة العام لضمان سبل الحماية كافة للمركب التي نُقلت على صورة قطعة واحدة داخل هيكل معدني، ووضعت على عربة ذكية آلية التحكم عن بعد، جُلبت خصيصاً لهذا الغرض من الخارج، لتستقر المركب بموقعها الجديد في مبنى متحف مراكب خوفو بالمتحف المصري الكبير».
وكانت مركب خوفو الأولى معروضة في متحف مراكب الشمس بجوار الأهرامات الذي أنشأه مكتشفها فوق الحفرة التي اكتشفت فيها المراكب في خمسينيات القرن الماضي. وعند إنشاء المتحف المصري الكبير، وُضعت خطة لنقل مركب خوفو الثانية، وهي المركب المفككة التي ما زالت موجودة بالحفرة. وبالفعل بدأ تنفيذ مشروع لنقلها وتركيبها في المتحف. لكن في مايو 2019، عرض اللواء مفتاح على الرئيس عبد الفتاح السيسي فكرة نقل مركب خوفو الأولى إلى المتحف الكبير، بعد اتخاذ قرار بإزالة مبنى متحف مراكب الشمس لأنه يشوه منطقة الأهرامات.
وشكلت عملية النقل تحدياً كبيراً، وفقاً لوزيري الذي أكد أن «تنفيذ عملية نقل مركب طولها 42 متراً ليست أمراً سهلاً، لكنها كانت ضرورية لأن المبنى الذي كانت به عند الضلع الجنوبي للهرم الأكبر يشوه المنطقة، كما أنه لا يوفر وسائل العرض المناسبة للمركب»، مشيراً إلى أن «الأعمال التحضيرية لتنفيذ مشروع النقل تمت على يد لجان هندسية أثرية رفيعة المستوى، بالتعاون مع جهات علمية محلية ودولية، مع الالتزام التام بضرورة تأمين المركب، وعدم تعرضها لأي مخاطر في أثناء عملية النقل».
وقبل إتمام العملية، أُجريت عدة تجارب محاكاة للتأكد من سلامة عملية النقل، إذ حُملت العربة الذكية بالأوزان نفسها، وقال مفتاح إن «العربة الذكية أثبتت قدرتها على تنفيذ المهمة لنقل المركب بنجاح في أثناء تجارب المحاكاة الكثيرة التي قامت خلالها بالرحلة نفسها محملة بأوزان وأبعاد وبروز المركب نفسها التي يصل طولها إلى 42 متراً، ووزنها إلى 20 طناً».
وتمهيداً لعملية النقل، أُغلق متحف مراكب الشمس في أغسطس (آب) 2020، وبدأت أعمال تأهيل المركب لنقلها لمبنى مراكب خوفو في المتحف المصري الكبير. وقال الدكتور الطيب عباس، مساعد وزير السياحة والآثار للشؤون الأثرية في المتحف المصري الكبير، في بيان صحافي، إنّه «قبل عملية النقل، تم عمل مسح راداري للأرض الصخرية تحت مبنى المتحف القديم بمنطقة آثار الهرم حتى الطريق الأسفلتي في الجهة الشرقية للتأكد من قدرتها على تحمل الأوزان والممرات والشدادات المعدنية التي تمت إقامتها لتأهيل المبنى والمركب للنقل، كما تولى فريق من مرممي مركز ترميم المتحف المصري الكبير والمجلس الأعلى للآثار عمل مسح بأشعة الليزر للمركب لتوثيق أدق تفاصيلها وتغليفها استعداداً للنقل»، مشيراً إلى أن «إخراج المركب من مقرها القديم واجه تعقيدات وتحديات كبيرة».
وتضمنت عملية توثيق المركب رصد جميع العلامات الموجودة على أخشاب المركب بواسطة المصري القديم التي أشار إليها المرمم أحمد يوسف من قبل، وهي علامات تخص اتجاهات القطع الخشبية وربطها ببعض، وكذلك أرقام وترتيب تلك القطع، إضافة إلى تقييم حالة المركب، وجميع أجزائها ككل، وإعداد تقرير مفصل لحالتها قبل عملية النقل، بحسب الدكتور عيسى زيدان، المدير العام التنفيذي للترميم ونقل القطع الأثرية بالمتحف المصري الكبير، الذي أشار إلى «تنظيف المركب ميكانيكياً، وتعقيمها بالكامل، وتقوية الأجزاء الضعيفة بجسم المركب، وحقن وتدعيم بعض الشروخ، قبل تنفيذ النقل».
ومراكب الشمس هي قوارب رمزية دينية استخدمها إله الشمس (رع) في معتقد المصرين القدماء خلال رحلة الليل والنهار لتخليص العالم من الأرواح الشريرة، حيث زودت بمجاديف مسننة لقتل الأرواح الشريرة. ويعتقد العلماء أن مركب خوفو بنيت حتى يصاحب الفرعون الإله رع في رحلته إلى العالم الآخر.


مقالات ذات صلة

تابوت مصري قديم يحظى بحياة جديدة في بريطانيا

يوميات الشرق استقبال للتابوت بعد ترميمه (جامعة سوانزي)

تابوت مصري قديم يحظى بحياة جديدة في بريطانيا

حظي تابوت مصري قديم بحياة جديدة في بريطانيا بعد فترة من أعمال الترميم وإعادته إلى «مركز مصر» (متحف للآثار المصرية) بجامعة «سوانزي» في ويلز.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق بعض النقوش في المرصد الفلكي المُكتَشف (وزارة السياحة والآثار)

مصر: اكتشاف «أول وأكبر» مرصد فلكي في كفر الشيخ

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الجمعة، اكتشاف «أول وأكبر مرصد فلكي» في محافظة كفر الشيخ (دلتا مصر)، يعود تاريخه إلى القرن السادس قبل الميلاد.

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق المومياء تعود إلى فترة تتراوح بين 2000 و3000 سنة حينما كان تحنيط الحيوانات في مصر القديمة في ذروته (جامعة مانشستر)

الوجبة الأخيرة القاتلة: أسرار حياة ونفوق تمساح مصري محنّط

كشف الباحثون، أخيراً، رؤى جديدة ومثيرة حول حياة ونفوق تمساح مصري قديم محنّط، مسلطين الضوء على وجبته الأخيرة وتفاصيل أخرى مذهلة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا إحدى القطع الأثرية التي عرضت بمزادات خارجية (الدكتور عبد الرحيم ريحان)

مصر: تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين»

عادت قضية الاتجار في الآثار المصرية إلى الواجهة من جديد، بعد تحرك برلماني لمواجهة بيع الآثار «أونلاين» عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

محمد الكفراوي (القاهرة )
سفر وسياحة تلسكوب برج القاهرة يمنحك رؤية بانورامية للقاهرة (الهيئة العامة للاستعلامات)

من أعلى نقطة... إطلالات بانورامية على القاهرة

تتمتع القاهرة بمزيج فريد من التاريخ العريق والحياة العصرية النابضة، ما يجذب إليها ملايين الزوار من حول العالم، الذين يبحثون ويفتشون عن سحرها كل من منظوره الخاص.

محمد عجم (القاهرة )

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
TT

إشادة بانفتاح السعودية على تقديم الفن الراقي

نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»
نجوم حفل روائع الموجي في ضيافة المستشار تركي آل الشيخ «فيسبوك»

شهدت الرياض وجدة فعاليات مسرحية وغنائية عقب انتهاء شهر رمضان، انطلقت مع عيد الفطر واستقطبت مشاركات مصرية لافتة، منها مسرحية «حتى لا يطير الدكان»، من بطولة الفنانَيْن أكرم حسني ودرة، في موسمها الثاني على مسرح «سيتي ووك جدة»؛ إلى عرض ستاند أب كوميدي «ذا إيليت» المقام على «مسرح محمد العلي» بالرياض، بينما شاركت الفنانة المصرية أنغام بحفلات «عيد القصيم»، والفنان عمرو دياب بحفلات «عيد جدة».
وتشهد العاصمة السعودية حفل «روائع الموجي»، الذي تحييه نخبة من نجوم الغناء، بينهم من مصر، أنغام وشيرين عبد الوهاب ومي فاروق، بالإضافة إلى نجوم الخليج ماجد المهندس وعبادي الجوهر وزينة عماد، مع صابر الرباعي ووائل جسار، بقيادة المايسترو وليد فايد وإشراف فني يحيى الموجي، ومشاركة الموسيقار رمزي يسى.
عن هذا الحفل، يعلّق الناقد الفني المصري طارق الشناوي لـ«الشرق الأوسط»: «نشجّع تكريس الكلمة الرائعة والنغم الأصيل، فحضور نجوم مصر في فعاليات المملكة العربية السعودية، يشكل حالة تكامل من الإبداع»، معرباً عن غبطته بمشهدية الزخم الفني، التي يواكبها في الرياض وجدة.
ووفق «جمعية المؤلفين والملحنين الرسمية» في مصر، ورصيد محمد الموجي، صاحب مقولة «أنا لا أعمل كالآلة تضع فيها شيئاً فتخرج لحناً؛ إنها مشاعر وأحاسيس تحتاج إلى وقت ليخرج اللحن إلى النور»، قد وصل إلى 1800 لحن، ليعلّق رئيسها مدحت العدل لـ«الشرق الأوسط» بالتأكيد على أنّ «الاحتفاء بالرموز الفنية من (الهيئة العامة للترفيه)، كاحتفالية الموجي، أمر غاية في الرقي ويدعو للفخر»، موجهاً التقدير للجميع في المملكة على النهضة الفنية الكبيرة.
واستكمالاً لسلسلة الفعاليات الفنية، فإنّ مدينة جدة على موعد مع حفلين للفنان تامر عاشور يومي 5 و6 مايو (أيار) الحالي، بجانب حفل الفنانَيْن محمد فؤاد وأحمد سعد نهاية الشهر عينه. وعن المشاركات المصرية في الفعاليات السعودية، يشير الناقد الموسيقي المصري محمد شميس، إلى أنّ «القائمين على مواسم المملكة المختلفة يحرصون طوال العام على تقديم وجبات فنية ممتعة ومتنوعة تلائم جميع الأذواق»، مؤكداً أنّ «ما يحدث عموماً في السعودية يفتح المجال بغزارة لحضور الفنانين والعازفين والفرق الموسيقية التي ترافق النجوم من مصر والعالم العربي». ويلفت شميس لـ«الشرق الأوسط» إلى أنّ «هذا التنوع من شأنه أيضاً إتاحة مجال أوسع للمبدعين العرب في مختلف الجوانب، التي تخصّ هذه الحفلات، وفرصة لاستقطاب الجمهور للاستمتاع بها بشكل مباشر أو عبر إذاعتها في القنوات الفضائية أو المنصات الإلكترونية»، معبّراً عن سعادته بـ«الحراك الفني الدائم، الذي تشهده المملكة، بخاصة في الفن والثقافة وتكريم الرموز الفنية والاحتفاء بهم».
وشهد «مسرح أبو بكر سالم» في الرياض قبيل رمضان، الحفل الغنائي «ليلة صوت مصر»، من تنظيم «الهيئة العامة للترفيه»، احتفالاً بأنغام، إلى تكريم الموسيقار المصري هاني شنودة في حفل بعنوان «ذكريات»، شارك في إحيائه عمرو دياب وأنغام، بحضور نخبة من نجوم مصر، كما أعلن منذ أيام عن إقامة حفل للفنانة شيرين عبد الوهاب بعنوان «صوت إحساس مصر».
مسرحياً، يستعد الفنان المصري أحمد عز لعرض مسرحيته «هادي فالنتين» في موسمها الثاني، ضمن فعاليات «تقويم جدة» على مسرح «سيتي ووك‬» بين 3 و6 مايو (أيار) الحالي. وعنه كان قد قال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الحراك الثقافي الذي تشهده المملكة يفتح آفاقاً وفرصاً متنوعة للجميع لتقديم المزيد من الفن الراقي».