تقرير أممي: «كورونا» يقتل الاستثمار الأجنبي بأميركا اللاتينية

أفاد تقرير أممي بأن الاستثمار الأجنبي في دول أميركا اللاتينية ينهار بسبب «كورونا» (رويترز)
أفاد تقرير أممي بأن الاستثمار الأجنبي في دول أميركا اللاتينية ينهار بسبب «كورونا» (رويترز)
TT

تقرير أممي: «كورونا» يقتل الاستثمار الأجنبي بأميركا اللاتينية

أفاد تقرير أممي بأن الاستثمار الأجنبي في دول أميركا اللاتينية ينهار بسبب «كورونا» (رويترز)
أفاد تقرير أممي بأن الاستثمار الأجنبي في دول أميركا اللاتينية ينهار بسبب «كورونا» (رويترز)

أفاد تقرير للجنة تابعة للأمم المتحدة، بأن الاستثمار الأجنبي في دول أميركا اللاتينية ينهار، مشيراً إلى تراجع معدلات الاستثمار الأجنبي في المنطقة على مدار العامين الماضيين بمعدلات كبيرة بسبب «كورونا».
ونقلت صحيفة «بوينس أيريس تايمز» الأرجنتينية عن لجنة الأمم المتحدة الإقليمية للتعاون الاقتصادي، أن الاستثمار الأجنبي في أميركا اللاتينية انخفض بنسبة 35 في المائة في عام 2020، مقارنة بالعام السابق، فيما عانت الأرجنتين من انخفاض بنسبة 39.7 في المائة وفقاً للتقرير الأممي. وأفاد تقرير للجنة الاقتصادية لأميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي بأن المنطقة كانت من بين الأكثر تضرراً في العالم جراء وباء كوفيد. وأشارت إلى أن تراجع الاستثمارات وصل إلى 54 مليون دولار. وقالت الأمينة التنفيذية للجنة أليسيا بارسينا: «نتحدث عن تراجع كبير، اتجاه كان يتضاءل منذ عام 2013». وتلقت أميركا اللاتينية استثمارات أجنبية مباشرة تبلغ قيمتها الإجمالية 105 مليارات دولار في 2020.
وأشار التقرير إلى أن التراجع سجل للعام الثاني على التوالي، وجاء في إطار «ركود» لوحظ منذ العام 2010... وشبه التراجع بذاك المسجل سنة 2009 عندما كان الاقتصاد العالمي يعيش أزمة مماثلة.
ولم تسجل إلا خمس من دول المنطقة الـ33 (جزر الباهاما والإكوادور وباراغواي والمكسيك) زيادة في الاستثمارات الأجنبية عام 2020. وذكرت بارسينا أن البرازيل تتحمل الجزء الأكبر من التراجع المسجل في المنطقة، حيث تعد القوة الاقتصادية الأكبر مع تسجيلها تراجعاً في الاستثمارات الأجنبية بلغت نسبته 35.4 في المائة. وعانت الأرجنتين من انخفاض قدره 2.644 مليار دولار عن العام السابق ليصل إلى 4.019 مليار دولار في 2020، أو ما يمثل تراجعاً 39.7 في المائة.
وكانت أميركا الوسطى الأكثر تضرراً مع تراجع نسبته 89 في المائة، بينما شهدت أميركا الجنوبية تراجعاً بنسبة 40 في المائة، والكاريبي بنسبة 25.5 في المائة.
وجاء في التقرير: «في وقت تحتاج المنطقة إلى استثمارات من شأنها أن تسمح لها بالتقدم باتجاه التعافي المستدام، ويمكن للاستثمار الأجنبي لعب دور إيجابي (في هذا الصدد)، تراجعت الاستثمارات الدولية».
وفي شأن منفصل، أجرى البنك المركزي الفنزويلي، مساء الخميس، تعديلاً على الوحدة النقدية للبلاد، وقال إن فنزويلا ستزيل ستة أصفار من عملتها التي تعاني من التضخم، لتسهيل تداولها.
وذكرت صحيفة «بوينس أيريس تايمز» الأرجنتينية أن التغيير سيصبح ساري المفعول في أول أكتوبر (تشرين الأول) مع إصدار أوراق عملات جديدة تسمى «البوليفار الرقمي». وقال البنك المركزي: «سيتم تقسيم جميع المبالغ النقدية المعبر عنها بالعملة الوطنية على المليون». وأضاف أن الهدف من التغيير هو «تسهيل» استخدام البوليفار.
وتعتبر هذه هي المرة الثالثة خلال 13 عاماً التي تستخدم فيها فنزويلا - التي تعاني من أسوأ أزمة اقتصادية في عصرها الحديث - مثل هذا الإجراء... ففي أغسطس (آب) 2018، أزالت الحكومة خمسة أصفار من أوراقها البنكية، بعد أن أزالت ثلاثة في عام 2008، وفي عام 2018، بدلت الحكومة «البوليفار القوي» بـ«البوليفار السيادي».
وتعاني الدولة منتجة النفط، التي كانت ثرية في يوم من الأيام، من العام الرابع من التضخم الشديد والثامن من الركود. ومنذ يناير (كانون الثاني) حتى مايو (أيار) الماضيين، ارتفعت الأسعار 265 في المائة. وبحسب أرقام البنك المركزي، بلغ التضخم ما يقرب من 3000 في المائة في 2020، وأكثر من 9500 في المائة في العام السابق له.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.