رحلة إلى فينيسيا... ما بين ساحة القديس مرقس وقصر دوغي

مع بدء سريان قرار منع السفن الضخمة من الدخول للبحيرة

ساحة القديس مرقس أهم مقصد للسياح في فينيسيا
ساحة القديس مرقس أهم مقصد للسياح في فينيسيا
TT

رحلة إلى فينيسيا... ما بين ساحة القديس مرقس وقصر دوغي

ساحة القديس مرقس أهم مقصد للسياح في فينيسيا
ساحة القديس مرقس أهم مقصد للسياح في فينيسيا

لم يسبق لفيتوريا كومباروني الذهاب إلى فينيسيا. لذلك حجزت رحلة الأحلام لشهر العسل القادم، بما في ذلك زيارة مهيبة للمدينة عبر ساحة القديس مرقس (سانت مارك)، وقصر دوغي، وكل المعالم المذهلة والمتألقة على طول قناة غيوديكا.
في فجر يوم السبت، أبحرت السفينة «إم إس سي أوركسترا» التي تتسع إلى 2500 راكب، نحو محطة فينيسيا المخصصة لها، وخرجت السيدة كومباروني (28 عاماً) رفقة زوجها، وكلاهما من كازيرتا في جنوب إيطاليا، إلى شرفة مقصورهما. وتحت السماء الرائعة الموشاة باللون البرتقالي الناري، استمتع الزوجان بالمنظر الخلاب.
أطلت الرافعات الشاهقة أعلى الحوض الواسع لبناء السفن، مع برج التبريد الكهروحراري المخطط باللون الأخضر الذي يظهر فوق الجدران الملتفة بالأسلاك الشائكة. وهناك لوحات الإعلانات على مسافة منها تدعو إلى المعلم الثقافي الرئيسي في المدينة، وهو متحف بناء السفن.
قالت السيدة كومباروني: «إنها ليست في مثل سحر فينيسيا».
وبسبب خطأ ملاحي لم تتمكن من الانتقال إلى مونفالكوني، ذلك الميناء الصناعي بالتاريخ المعروف من بناء السفن الذي يبعد أكثر من ساعتين بالسيارة إلى شرق فينيسيا.
في 13 يوليو (تموز)، أي بعد يوم واحد من حفل زفاف السيدة كومباروني، حظر رئيس الوزراء الإيطالي السفن السياحية وغيرها من القوارب الضخمة من دخول بحيرة فينيسيا وقنواتها - وهي خطوة طالما سعى إليها دعاة حماية البيئة والنشطاء المحليون لحماية النظام البيئي الهش والسكان الغاضبين بعد سنوات من النشاط السياحي الكبير.
وبحلول يوم السبت، وهو اليوم الأخير قبل سريان قرار الحظر في 1 أغسطس (آب)، كانت شركات السفن السياحية قد توقفت بالفعل عن دخول فينيسيا واتجهت إلى موانئ أخرى، بما فيها ميناء مونفالكوني. وقالت سابرينا راني (55 عاماً) التي كان زوجها يعمل على سفينة سياحية كبيرة لا تزال في حوض السفن، إن السكان المحليين الذين كانوا يتنزهون قبالة الميناء على الشاطئ المليء بالحطام الصدئ والمباني المهجورة ذات النوافذ المحطمة قد أعجبوا بالسفينة «المذهلة في ضوء الصباح».
ولكن بعض الركاب كانوا أقل رضا بميناء مونفالكوني بأكثر من ترحيب الميناء بهم.
قالت إريكا روسيني (43 سنة) التي علمت بالتغيير عندما أبحرت السفينة: «كنا منزعجين حقاً. لم يكن من الرائع أن تستيقظ هذا الصباح وترى هذا المشهد الرهيب».
فقررت أن تتجنب رحلة الحافلة الطويلة إلى فينيسيا وفضلت قضاء اليوم مع عائلتها في المركب. قالت وهي تقف بالقرب من أحدى المسابح: «إن المسابح مروعة»، تقول وهي تحاول التغلب على صوت الموسيقى الصاخبة وتحاول النظر إلى البحر بدلاً من حوض بناء السفن: «إنه صغير بعدد كبير من الناس».
وكان بعض الركاب، بمن فيهم العروسان، قرروا استقلال الحافلة.
قالت السيدة كومباروني وهي تنزل من الحافلة بالمحطة البحرية في فينيسيا مرتدية قميصاً أسود مكتوباً عليه (الحياة رائعة!): «كنت أتمنى أن نصل عن طريق البحر، ولكن مع هذه التغييرات علمنا أن شيئاً ما سيكون مختلفاً».
وأضافت: «ولكنه أمر قابل للتنفيذ».
صعدت هي وزوجها غيتانو لافاكارا (32 سنة)، وباقي مجموعتهما إلى قارب أصغر انتقل بهم إلى قناة غيوديكا نفسها التي كانت تجتاز بها سفن الرحلات البحرية. وتقاسموا المكان بشكل مريح مع حافلات «فابوريتو» العامة، وسيارات الأجرة المائية، ومجموعة من الزوارق الآلية، وقوارب الجندول الشهيرة.
وتحت أشعة الشمس الحارقة في ساحة القديس مرقس، اتبع الزوجان مرشداً سياحياً، ودخلا في جموع قللت الإحساس بالعدوى الوبائية. فكانا يمسكان بأيدي بعضهما، ويرفعان عنقيهما ليستمتعا بالفسيفساء المجيدة في الكنيسة، وتمثال الأسد المجنح الرابض فوق عمود وبرج الجرس الشاهق.
تعلما بعض دروس التاريخ والتقطا بعض الصور. بدوا مسرورين مع بعضهما ومع فينيسيا، دون شعور بالانزعاج من الخطوة الإضافية للوصول إلى هنا.
قال لافاكارا: «أعتقد أن ذلك صحيح» - وكانت تتدلى من عنقه حقيبة إلى جانب جسده، مع الدليل الصوتي الأزرق وبطاقات هوية - مشيراً إلى المرسوم الذي يمنع السفينة من الدخول: «إنه قرار أكثر احتراماً».
وبينما استمر الزوجان في التقدم نحو جسر ريالتو، تعالت صيحات الجزل من أنصار منع دخول السفن السياحية إلى فينيسيا.
قال توماسو كاكياري، الناطق باسم لجنة منع السفن الكبيرة: «واصلنا الاحتجاج طوال 10 سنوات على ضفاف البحيرة هنا»، مشيراً إلى القناة المتحدرة. وأضاف أنه عندما أعلن الحظر في الشهر الماضي، كان مع زوجته وابنه - البالغ من العمر 3 سنوات - ويصرخ «سفينة قبيحة» كلما رأى سفينة كبيرة تمر أمام المقهى الذي يرفع شعار «منع السفن الكبيرة».
وقال: «لقد نشأ حزب عن ذلك بالأساس»، واصفاً المرسوم الرسمي بالتحرر.
في السنوات التي سبقت الوباء، اجتاح السياح المدينة حتى إن السكان وصفوا التدفق بأنه «هجوم»، باعتباره تهديداً وجودياً مثل الفيضانات من المياه المرتفعة. لقد أصبح الاقتصاد لفترة طويلة متعلقاً بالسياحة. وقد حوّل السكان شققهم إلى فنادق صغيرة مؤقتة ومربحة وتركوا المدينة. وجلبت شركات الطيران منخفضة التكلفة المزيد والمزيد من الزوار من أماكن أكثر وأكثر.
ولكن السفن السياحية، رغم أنها تجلب فقط جزءاً صغيراً من السياح، أصبحت الرمز الأكثر وضوحاً لهذا السيل من الزوار، ومن ثم ألهمت المقاومة الشديدة. وعندما توقفت الرحلات الجوية جراء الوباء، اكتسب المعارضون زخماً مزيداً. وعندما عادت السفن لفترة وجيزة، رغم تصريح حكومي سابق بأنها لن تفعل، انفجر السخط في المدينة.
لفترة طويلة، كانت شعارات «منع السفن الكبيرة» تنتشر عبر المنازل، ومطبوعة على القمصان، وعلى نوافذ مكتب اللجنة في مكان مميز من المدينة، حيث نادراً ما يغامر رواد سفن الرحلات النهارية بالنزول. وعندما فعلوا ذلك، لم تمر الأمور على ما يرام في أغلب الأحيان.
قالت فالنتينا زاندا (31 سنة)، التي دعمت الحظر وكانت تعمل في الكشك السابق للجنة منع السفن الكبيرة: «يسألني بعض هؤلاء الأشخاص أين القديس بطرس أو برج بيزا المائل. ينبغي عليهم أن يختاروا من يمكنه القدوم إلى هنا».
ومع ذلك، لم تكن غير متعاطفة تماماً. إذ قالت السيدة زاندا إنها قبل نحو عقد من الزمان عملت هي نفسها في مكتب الاستقبال في صالة الرحلات البحرية، حتى إنها ذات مرة أمضت أسبوعين على متن سفينة سياحية تعمل كمضيفة.
وأضافت: «من ناحية، إنها تمنح عملاً. ولكن بأي تكلفة؟».
في الساعات الأخيرة من عصر السفن السياحية، كان هذا السؤال معلقاً فوق مدينة فينيسيا.
وقد وصفها أصحاب قوارب الجندول بأنها كمثل «اللكمة في المعدة» عندما كان الوباء قد دمّر المدينة بالفعل. وقال صناع الأقنعة الفينيقية التقليدية إن المحتجين الذين لا مصلحة لهم في صناعة السياحة قد تصرفوا بأنانية.
وعندما بدأت الشمس في المغيب، أبحرت السفينة أوركسترا مجدداً. وصعدت السيدة كومباروني إلى الشرفة وشاهدت حوض بناء السفن والرافعات وبرج التبريد وهي تتلاشى في الأفق. وقالت إنها فكرت في فينيسيا «بقصورها، وجسورها، وأبراج الجرس، وليس حوض بناء السفن».
- خدمة «نيويورك تايمز»



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».