ميغان ماركل في أربعينها... الاستمتاع بالجمر

دوقة ساسكس كسرت القيود الملكية وهزّت العرش

دوقة ساسكس ميغان ماركل في سن الأربعين
دوقة ساسكس ميغان ماركل في سن الأربعين
TT

ميغان ماركل في أربعينها... الاستمتاع بالجمر

دوقة ساسكس ميغان ماركل في سن الأربعين
دوقة ساسكس ميغان ماركل في سن الأربعين

تبلغ ميغان ماركل الأربعين، والعمر يمرّ بصخب. لطالما أحبت الضوء وطاردت سطوعه، منذ زواجها الأول من منتج هوليوود الشهير تريفور إنغلسون. «هدأ» قصر باكنغهام بعد رحيل الأميرة ديانا عام 1997: لا زلزلة، لا عصف، لا مفاجآت مدوّية. إلى أن دخلت السمراء الأميركية قلب الأمير هاري وخضّت عقله. في أربعينها، هي أم لطفلين وزوجة مُحمّلة بضريبة «الانضمام إلى الأسرة المالكة». غادرت القصر وانتقلت للعيش مع عائلتها في كاليفورنيا، إلا أنه لم يغادرها. تتنازل عن السكن به ولا يتنازل عن اللحاق بها. استحال البقاء واستحال أكثر التحمّل. تنسلخ لتولد.
في الأربعين، تتحدث دوقة ساسكس عن الوقت. هو «من أعظم هدايانا، خصوصاً الذي تقضيه في خدمة الآخرين». تطلق مشروع 40×40 لدعم النساء، وتتوجه بفيديو إلى 40 من أصدقائها المؤثرين، لمنح 40 دقيقة من وقتهم لتوجيه سيدات يتحضرن للعودة إلى سوق العمل بعد الجائحة. تريد الرقم 40 أن يُلهم، فتخاطب نساء فقدن الوظائف بسبب «كوفيد»: «عليكن بالعودة».
تتوق للهناء الداخلي، ومن أجله انتقلت من بريطانيا إلى قصر فخم في الولايات المتحدة بقرب مشاهير أثرياء أميركيين. ماهرة في التعاطي مع «صناعة حياة جديدة». أرسلت طلب الطلاق من زوجها السابق، مرفقاً بإشارة: «هناك خلافات لا يمكن حلّها». كان ذلك في أغسطس (آب) 2013 فأسقطت حِملاً عن ظهرها. جرّها القدر إلى هاري المُعذّب. لم يُشفَ بعد من فاجعة الأم. يشعر دائماً بأنه لم يحزن كما يجب على وفاتها ولم يذرف الدمع الكفيل باستراحة الجرح. تكبره ميغان بنحو ثلاث سنوات. هو تقريباً في السابعة والثلاثين وهي في الأربعين. كسرا معاً القيود الملكية وهزّا العرش.
على عكس كيت ميدلتون «المسالمة»، فإنّ «شغب» السمراء الجذابة حرّك الأقلام وشغّل الميديا. ورغم الزعم أنّ الملكة إليزابيث، جدة الأميرين وليم وهاري، أورثت سائر أعضاء القصر «جينات المعاناة والألم»، فإنّ ما يحوم حول دوقة كمبريدج غيره ما يحوم حول دوقة ساسكس.
كيت زوجة وليم سيدة مجتمع، أزياؤها أنيقة، أعمالها الخيرية تسبق صيتها. ميغان زوجة هاري، ممثلة أميركية سابقة، «تحركش بوكر الدبابير»، تصريحاتها ملغومة. كيت تلعب بالماء. ميغان تستمتع بالجمر. تحرق أعصاب الملكة.
دوّى صوت قوي داخل قصر باكنغهام، أقلقت أصداؤه سيدة العرش. كان ذلك في مارس (آذار) الفائت، حين أطل الزوجان مع أوبرا وينفري على شبكة «CBS». يعلم الجميع حجم التصريحات وثقلها، حتى إنّ وزير شؤون المحيط الهادئ زاك غولدسميث غرّد حينها: «هاري فجّر لغماً بعائلته». لم يقل ميغان. ما كان شيء من ذلك ليحصل من دون إحساسه الكبير بـ«واجب» الدفاع عنها، «فلا يعيد التاريخ نفسه». إيقافهما التزاماتهما رسمياً في العائلة المالكة منذ أبريل (نيسان) 2020. تصريحاتهما غير المسبوقة عن الحياة داخل الأسرة، وانتقالهما من القصر، «تمرّد» مسَّ بسمعة العرش، خصوصاً مع ارتفاع أصوات من داخل بريطانيا تنادي بـ«مراجعةٍ وطنية للماضي الاستعماري»، ما قد يضع منطقة دول الكومنولث أمام احتمال الزعزعة.
لكن بطلة مسلسل «سوتس» ذهبت أبعد في قلب الطاولة. على طريقة أميرة ويلز الراحلة ديانا، أخرجت أشكالاً من معاناتها داخل العائلة بتصريحات صحافية. 11 مليون مشاهدة في بريطانيا و17 مليوناً في الولايات المتحدة، والعالم يصغي إلى ما تقوله الدوقة لأوبرا، وهاري يمسك يدها. ترمي القنابل وتترقّب الاشتعال، وهي تتحدث عن فرد في العائلة تساءل عن لون بشرة ابنها آرتشي خلال حملها. تقذف قصر باكنغهام دفعة واحدة بالعنصرية، وتستعد لردّ السهام المُوجّهة نحوها من الإعلام البريطاني وهو يتهمها وهاري بـ«إضعاف العائلة لمصالح شخصية». عدا السهام المُصوّبة من أقرب المقرّبين: والدها توماس ماركل.
حلّ الأمير تشارلز مكانه في مراسم زفافها بعد تعذّر حضوره «لأسباب صحية». لم يتردد مدير الإضاءة السابق توماس ماركل في التشكيك بصدقية ابنته. في لقاء مع محطة «itv»، رفض الاعتقاد بأنّ العائلة المالكة قد تكون عنصرية، وأرفق نسف الزعم بالتعبير عن شعوره بـ«الخيبة» من تصريحات الدوقة وزوجها.
علاقة باردة مع أب يهدّد بـ«رفع الأمر إلى المحكمة» إن حالت ميغان دون لقائه ولديها. تصفه بـ«الخائن»: «التصالح معه صعب».
وتتهم الإعلام البريطاني أيضاً بـ«العنصرية والتغطية الصحافية السلبية». تترسّب داخلها مشاعر تاريخية مرتبطة بالعرق ولون البشرة؛ فدفاعاتها جاهزة دائماً للهجوم ضد الكراهية. قالت مرة إنها كانت من أكثر الذين واجهوا حملات التنمّر عبر الإنترنت في عام 2019 بين النساء والرجال، وإنها عاشت «عزلة» و«تبعات مؤذية» لانتهاكات إلكترونية هطلت عليها وهي حامل بطفلها الأول آرتشي. أكثر ما هزّ هاري أنّ زوجته قوبلت بـ«الصمت والإهمال التام» حين شَكَت لعائلته أمرها. أشارت صراحةً إلى ميول انتحارية راودتها، فـ«رفض» القصر مساعدتها نفسياً. «العنصرية»، والتخاذل العائلي، وضغط الإعلام البريطاني؛ دوافع سرّعت انسحابها كلياً من البلاد. الملاذ الأميركي ردّ الاعتبار لوجودها.
ميغان في الأربعين سيدة سنّها وتقريباً سيدة نفسها. ترفض مهنة «المرأة العادية» وتستبدل بها الضجيج وحلقات النار. حياة حافلة بالمشاريع، من عقود بمبالغ ضخمة مع «نتفليكس» و«سبوتيفاي»، إلى المذكرات المرتقبة لهاري في نهاية 2022 التي تحاكي «الأخطاء والدروس واللحظات الجيدة والسيئة»، ففيلم «الهروب من القصر» وتفاصيل الفترة السابقة لانتقال الزوجين إلى كاليفورنيا.
نشرت قناة «لايفتايم» مقطعاً دعائياً من الفيلم يلمح إلى ما «حصل بالفعل داخل القصر»، قوبل بالنقد لـ«دراميته المفرطة». أراداه الواقع من وجهة نظرهما، والانعكاس الحقيقي لعزلة ميغان المتزايدة وخيبتها من العائلة المالكة حين تقاعست عن حمايتها من هجمات الصحافة وأفكارها المظلمة. هي اليوم أكثر ثقة بالمواجهة. الأربعون نضجٌ وقوة. تزيّنها برجل ترك «المجد» ولحق بها، بولدين كالملاك، وحياة تخيّطها على مقاسها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».