25 ألف متر من القماش لتغليف قوس النصر في باريس

حلم الفنان البلغاري كريستو يتحقق بعد عام من رحيله

كريستو مع صورة لمشروع تغليف القوس
كريستو مع صورة لمشروع تغليف القوس
TT

25 ألف متر من القماش لتغليف قوس النصر في باريس

كريستو مع صورة لمشروع تغليف القوس
كريستو مع صورة لمشروع تغليف القوس

تأمل العاصمة الفرنسية أن تستعيد مئات الآلاف من زوارها، الشهر المقبل، للتمتع برؤية قوس النصر مغلفاً بالكامل مثلما تُغلف الطرود والهدايا. وكان الفنان الأميركي بلغاري المولد، كريستو، قد وضع خطة هذا المشروع لكن الموت عاجله، العام الماضي، فرحل عن 84 عاماً قبل تحقيق حلمه. ويتولى فلاديمير يافاشيف، نجل شقيق كريستو، الإشراف على ورشة تغليف هذا الصرح المشرف على جادة «الشانزليزيه» من طرفها الشمالي.
وحاز كريستو شهرة عالمية كمهندس لأعمال فنية مؤقتة تقوم على تغليف معالم وصروح ضخمة في كبريات المدن وتحويلها إلى ما يشبه علب الهدايا. وهي أعمال مؤقتة تبقى معروضة للجمهور لفترات محددة قبل إزالة التغليف. ولفت الفنان أنظار الباريسيين حين نجح عام 1985 في تغليف «بون نوف»، أحد أشهر جسور باريس القديمة. وكان يتولى رسم المشاريع الكبرى، بينما تشرف زوجته الفرنسية جان كلود على تنفيذها وملاحقة جميع الأعمال الإدارية والعلاقات العامة.
من أشهر تلك المشاريع تغليف مبنى البرلمان الألماني «الرايشتاغ» في برلين عام 1995، وهو العمل الذي احتاج 25 سنة من التحضير والتخطيط واستحصال الموافقات قبل أن يرى النور. لكن الزوجة توفيت عام 2009 وفي عام 1992، كان آخر أعمالها تعليق لوحة طولها 10 كيلومترات فوق نهر أركنساس في كولورادو. وبعد رحيل شريكته في الحياة والعمل عاد كريستو إلى فرنسا لتقديم منحوتة ضخمة باسم «مصطبة»، في بلدة جان بول دو فانس، جنوب البلاد. وكانت المنحوتة مؤلفة من المئات من براميل النفط بالحجم الطبيعي، ملونة بألوان قوس قزح.
وانطلقت منذ أيام الأعمال التحضيرية لتغليف قوس النصر. وهو مبنى تعود ملكيته إلى بلدية باريس، بوشر بتشييده أوائل القرن التاسع عشر بناء على مرسوم من الإمبراطور نابليون بعد معركة «أوسترليتز». وخطب الإمبراطور في جنوده قائلاً: «لن تعودوا إلى بيوتكم إلا تحت قوس أقواس النصر». وكان يقصد تلك الأقواس التي يقيمها الرومان لكي يمر تحتها القادة المنتصرون. ويبلغ ارتفاع القوس 50 متراً. وتولى هندسته المعماري جان فرنسوا شالغران. وجرى افتتاحه عام 1836، وهو يتوسط ساحة «الإيتوال» التي يتفرع منها 14 جادة عريضة. وكان متوسط عدد زواره، قبل الجائحة، مليونين وثلاثة أرباع المليون زائر في العام.
يمكن للمارة، حالياً، رؤية عدد من الرافعات والأساكل المنتشرة تحت القوس. وتهدف المرحلة الأولى إلى تحصين القوس وحمايته من أي ضرر أثناء أعمال التغليف. وفي مكان آخر، بالتحديد في مشغل بمدينة «لوبيك» في ألمانيا، قامت عشرات العاملات بخياطة 25 ألف متر من القماش لتنفيذ الكيس العملاق الذي من المنتظر أن يلبسه القوس في الشهر المقبل. لكن الكيس لن يحضر إلى موقع العمل إلا قبل أسبوع من الافتتاح. وتحتاج عملية إكساء القوس إلى يومين، لا أكثر. كما سيستخدم 3 آلاف متر من الحبال لشد الكيس على الصرح الحجري.
درس كريستو فلاديميروف يافاشيف، الشهير باسمه الأول، الرسم والنحت في معهد الفنون الجميلة في صوفيا. وبعد معاناة من التوجيه الذي كان النظام الشيوعي يفرضه على الفنانين، هرب من موطنه إلى النمسا، عام 1956. واستقر بعد سنتين في باريس، حيث كان يرسم لوحات زيتية لأشخاص حسب الطلب يوقعها باسم «يافاشيف». وكان من بين الذين رسمهم زوجة الجنرال جاك دو غيلبون، مدير معهد «البوليتكنيك». وبتلك المناسبة تعرف على ابنة الجنرال المولودة في الدار البيضاء حين كان والدها يخدم في المغرب، وتزوجها لتصبح مساعدته في كل مشاريعه الفنية الضخمة اللاحقة. وفي العاصمة الفرنسية تعرف الفنان البلغاري على جماعة الواقعية الجديدة واتجه إلى تقديم أعمال يستخدم فيها مواد مهملة في حاويات القمامة، مثل القناني الفارغة وعلب الطعام المحفوظ والأثاث المحطم.
انتقل الزوجان للإقامة في نيويورك، منتصف الستينات، وحصلا على الجنسية الأميركية. ومن مقرهما الواقع في الطابق الخامس من مبنى من دون مصعد، في حي سوهو، واصلا العمل كفنانين طليعيين. وتحولت جان كلود من مديرة لأعمال زوجها إلى شريكة تضع توقيعها على إبداعاته الفنية إلى جانب توقيعه.



الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
TT

الذكاء الصناعي يهدد مهناً ويغير مستقبل التسويق

روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)
روبوتات ذكية تعزّز كفاءة الخدمات وجودتها في المسجد النبوي (واس)

في السنوات الأخيرة، أثّر الذكاء الصناعي على المجتمع البشري، وأتاح إمكانية أتمتة كثير من المهام الشاقة التي كانت ذات يوم مجالاً حصرياً للبشر، ومع كل ظهور لمهام وظيفية مبدعةً، تأتي أنظمة الذكاء الصناعي لتزيحها وتختصر بذلك المال والعمال.
وسيؤدي عصر الذكاء الصناعي إلى تغيير كبير في الطريقة التي نعمل بها والمهن التي نمارسها. وحسب الباحث في تقنية المعلومات، المهندس خالد أبو إبراهيم، فإنه من المتوقع أن تتأثر 5 مهن بشكل كبير في المستقبل القريب.

سارة أول روبوت سعودي يتحدث باللهجة العامية

ومن أكثر المهن، التي كانت وما زالت تخضع لأنظمة الذكاء الصناعي لتوفير الجهد والمال، مهن العمالة اليدوية. وحسب أبو إبراهيم، فإنه في الفترة المقبلة ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير آلات وروبوتات قادرة على تنفيذ مهام مثل البناء والتنظيف بدلاً من العمالة اليدوية.
ولفت أبو إبراهيم إلى أن مهنة المحاسبة والمالية ستتأثر أيضاً، فالمهن التي تتطلب الحسابات والتحليل المالي ستتمكن التقنيات الحديثة من تطوير برامج حاسوبية قادرة على إجراء التحليل المالي وإعداد التقارير المالية بدلاً من البشر، وكذلك في مجال القانون، فقد تتأثر المهن التي تتطلب العمل القانوني بشكل كبير في المستقبل.
إذ قد تتمكن التقنيات الحديثة من إجراء البحوث القانونية وتحليل الوثائق القانونية بشكل أكثر فاعلية من البشر.
ولم تنجُ مهنة الصحافة والإعلام من تأثير تطور الذكاء الصناعي. فحسب أبو إبراهيم، قد تتمكن التقنيات الحديثة من إنتاج الأخبار والمعلومات بشكل أكثر فاعلية وسرعة من البشر، كذلك التسويق والإعلان، الذي من المتوقع له أن يتأثر بشكل كبير في المستقبل. وقد تتمكن أيضاً من تحديد احتياجات المستهلكين ورغباتهم وتوجيه الإعلانات إليهم بشكل أكثر فاعلية من البشر.
وأوضح أبو إبراهيم أنه على الرغم من تأثر المهن بشكل كبير في العصر الحالي، فإنه قد يكون من الممكن تطوير مهارات جديدة وتكنولوجيات جديدة، تمكن البشر من العمل بشكل أكثر فاعلية وكفاءة في مهن أخرى.

الروبوت السعودية سارة

وفي الفترة الأخيرة، تغير عالم الإعلان مع ظهور التقنيات الجديدة، وبرز الإعلان الآلي بديلاً عملياً لنموذج تأييد المشاهير التقليدي الذي سيطر لفترة طويلة على المشهد الإعلاني. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه مع تقدم تكنولوجيا الروبوتات، ما يلغي بشكل فعال الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير.
وأتاحت تقنية الروبوتات للمعلنين إنشاء عروض واقعية لعلاماتهم التجارية ومنتجاتهم. ويمكن برمجة هذه الإعلانات الآلية باستخدام خوارزميات معقدة لاستهداف جماهير معينة، ما يتيح للمعلنين تقديم رسائل مخصصة للغاية إلى السوق المستهدفة.
علاوة على ذلك، تلغي تقنية الروبوتات الحاجة إلى موافقات المشاهير باهظة الثمن، وعندما تصبح الروبوتات أكثر واقعية وكفاءة، سيجري التخلص تدريجياً من الحاجة إلى مؤيدين من المشاهير، وقد يؤدي ذلك إلى حملات إعلانية أكثر كفاءة وفاعلية، ما يسمح للشركات بالاستثمار بشكل أكبر في الرسائل الإبداعية والمحتوى.
يقول أبو إبراهيم: «يقدم الذكاء الصناعي اليوم إعلانات مستهدفة وفعالة بشكل كبير، إذ يمكنه تحليل بيانات المستخدمين وتحديد احتياجاتهم ورغباتهم بشكل أفضل. وكلما ازداد تحليل الذكاء الصناعي للبيانات، كلما ازدادت دقة الإعلانات وفاعليتها».
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للذكاء الصناعي تحليل سجلات المتصفحين على الإنترنت لتحديد الإعلانات المناسبة وعرضها لهم. ويمكن أن يعمل أيضاً على تحليل النصوص والصور والفيديوهات لتحديد الإعلانات المناسبة للمستخدمين.
ويمكن أن تكون شركات التسويق والإعلان وأصحاب العلامات التجارية هم أبطال الإعلانات التي يقدمها الذكاء الصناعي، بحيث يستخدمون تقنياته لتحليل البيانات والعثور على العملاء المناسبين وعرض الإعلانات المناسبة لهم. كما يمكن للشركات المتخصصة في تطوير البرمجيات والتقنيات المرتبطة به أن تلعب دوراً مهماً في تطوير الإعلانات التي يقدمها.