لوحات نادرة من «شيخ الخطاطين» المصري لمكتبة الإسكندرية

توثق دور خضير البورسعيدي في تطوير الخط العربي

جانب من مجموعة «البورسعيدي» المهداة للمكتبة
جانب من مجموعة «البورسعيدي» المهداة للمكتبة
TT

لوحات نادرة من «شيخ الخطاطين» المصري لمكتبة الإسكندرية

جانب من مجموعة «البورسعيدي» المهداة للمكتبة
جانب من مجموعة «البورسعيدي» المهداة للمكتبة

أهدى «شيخ الخطاطين المصريين» الفنان مسعد خضير البورسعيدي، نقيب خطاطي مصر ورئيس الجمعية المصرية للخط العربي، مجموعة قيمة ونادرة من لوحاته الفنية الخطية إلى مكتبة الإسكندرية، للعرض والاقتناء، ما يعزز مكانة مكتبة الإسكندرية بصفتها حاضنة للفنون بوجه عام، واتجاهات الخط العربي المعاصرة، بشكل خاص، حيث تعد تلك اللوحات شاهدة على إبداع المدرسة المصرية لفن الخط العربي، بحسب وصف بيان مكتبة الإسكندرية الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أمس (الخميس).
وتضمن الإهداء 30 لوحة، توثق دور الفنان خضير البورسعيدي في تطوير المدرسة المصرية في الخط العربي من حيث صياغة الفنون المبتكرة المتعلقة بالخط العربي، بالإضافة إلى إبداعاته في تشكيل الحروف العربية والتكوينات الهندسية.
وتعددت أساليب تنفيذ اللوحات التي تم إهداؤها إلى المكتبة ما بين تنفيذ بالذهب والفضة وزخارف عربية وفارسية وعثمانية، تعكس مقدرة البورسعيدي كواحد من الخطاطين الملهمين في الخط أو الزخرفة الحديثة والتقليدية، ويمثل التصميم والابتكار فيه واحداً من أهم منطلقات الإبداع الذي تشتهر به المدرسة المصرية في الخط العربي.
وفي بداية العام الجاري، أصدر مركز دراسات الخطوط بمكتبة الإسكندرية، كتاب «خضير البورسعيدي... مدرسة مصرية في الخط العربي»، وهو العمل الذي استغرق إنجازه أكثر من 4 سنوات كاملة؛ بهدف توثيق أعمال الفنان خضير البورسعيدي الفنية ومسيرته المهنية، ليكون مرجعاً فنياً شاملاً عنه لكل محبي الفنون الجميلة سواء الخط العربي أو الزخارف الفنية البديعة.
وتنقسم الموسوعة إلى 4 فصول؛ الأول رحلة الفنان خضير من الميلاد في أسرة متوسطة ببورسعيد وحتى تحوله إلى أشهر خطاط مصري وعربي، فيما يركز الفصل الثاني على الحرف، ويتناول الفصل الثالث فكرة التكوينات الابتكارية، فيما يتضمن الفصل الرابع الروائع التي أبدعها الفنان خلال مشواره الطويل الذي يمتد لأكثر من نصف قرن.
إهداء البورسعيدي جاء بعد إهداء أسرة الشيخ محمد عبد الرحمن مجموعة من أهم أعماله الخطية، التي تنوّعت خطوطها بين الثلث والفارسي، وضمت مجموعة كبيرة ومبتكرة من الزخارف التقليدية والحديثة.
وتمثل مجموعة الخط العربي بالمكتبة في مجملها الاتجاهات الحديثة والتقليدية التي اشتهر بها الخط العربي، الأمر الذي يعزز مكانة مكتبة الإسكندرية كحافظة لتراث الفنون العربية والإسلامية، ومستودع أمين لتراث الفنون المصرية الحديثة والمعاصرة
ويشتهر خضير البورسعيدي الذي يقترب عمره من الـ80 عاماً، بين الجمهور المصري بإبداعاته على الشاشة، حيث «تترات» الأفلام والمسلسلات المصرية، الموقعة باسمه، ويلقب مسعد خضير بـ«البورسعيدي» نسبة إلى مولده بمحافظة بورسعيد المصرية (شمال شرقي القاهرة).
ويعد البورسعيدي أحد أكبر الخطاطين المصريين والعرب من حيث الإنتاج الفني، الذي يتخطى نحو 5 آلاف عمل وتصميم، لكن مؤلف موسوعة كتاب «خضير البورسعيدي... مدرسة مصرية في الخط العربي»، اختار من إبداعاته نحو 500 تصميم ملون لكي تعرض على صفحاتها، حيث لجأ إلى انتقاء أعمال بعينها تتبعَ بها تطور مراحل إبداعات الفنان، وصولاً إلى النضج الفني في التصميمات، إذ تقدم الموسوعة وجبة دسمة للقارئ بعدد 330 صفحة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».