يشير التأريخ بالكربون المشع للعظام والأسنان البشرية في أطلال بيرو إلى أن شعوب الإنكا عاشت لأول مرة بالقلعة في نحو عام 1420، وليس بعد عام 1440.
ربما تكون شعوب الإنكا قد شيدت قلعة الأنديز في ماتشو بيتشو قبل عقود من التاريخ الذي كان معتقداً سابقاً. وخلص فريق من الباحثين في إطار دراسة نشروها بدورية «أنتيكويتي» إلى أن الاختبارات العلمية للبقايا البشرية من أنقاض الموقع القائم في بيرو كشفت عن أن الإنكا عاشت لأول مرة بالموقع في نحو عام 1420، وليس من بعد عام 1440 وهو التاريخ الذي كان مقبولاً على نطاق واسع. ويشكل هذا الاكتشاف تحدياً للرؤية الحالية التي يطرحها العلماء لتاريخ الإنكا، وقد يدفع كذلك بتاريخ التوسع الأول لإمبراطوريتهم سنوات إلى الوراء؛ وفق موقع «آرت نيوزبيبر».
استخدم العلماء سابقاً السجلات الاستعمارية الإسبانية لتحديد أقرب تاريخ لماتشو بيتشو، التي كانت بمثابة ضيعة ملكية للإنكا وبها قصر ملكي. بناءً على هذه الحسابات، بنى الإمبراطور باتشاكوتي الموقع بعد غزو المنطقة خلال حملاته للتوسع، مما أدى في النهاية إلى تأسيس إمبراطورية الإنكا. وتبعاً لهذه الرؤية التاريخية، تولى باتشاكوتي السلطة عام 1438، مما يعني أن الأحداث المهمة في عهده يجب أن تقع بعد هذا التاريخ.
الآن؛ فإن اختبار العظام والأسنان البشرية التي جرى العثور عليها عام 1912، في 3 كهوف للدفن في ماتشو بيتشو باستخدام تقنية التأريخ بالكربون المشع التي تسمى مطياف الكتلة المسرّع (تعرف اختصاراً باسم «إيه إم إس»)، أتاح إمكانية تحديد تواريخ أكثر دقة، علاوة على أنه كشف عن حدود القدرة في الاعتماد على السجلات الإسبانية.
وأوضح الباحثون في دراستهم أن «ندرة قياسات الكربون المشع الموثوق بها لماتشو بيتشو جاءت نتيجة للرأي السائد بين علماء الآثار العاملين في جبال الأنديز بأن مثل هذه التحليلات لم تكن ضرورية، لأن التأريخ الدقيق لمواقع الإنكا مثل ماتشو بيتشو يمكن تحديده على أساس الروايات التاريخية الإسبانية». وأضافوا: «حتى وقت قريب، أنتجت جهود العمل الأثري في كوزكو القليل من تواريخ الكربون المشع لمواقع فترة الإنكا، وحتى الدراسات المتعمقة الحديثة اعتمدت على التأريخ الإسباني».
وأوضح الباحثون أنه «يبدو أنّ العظام والأسنان التي جرى اختبارها، التي تنتمي إلى نحو 26 شخصاً، هي بقايا أشخاص عملوا هناك خدماً. يذكر أنّه عاش المئات من الخدم في ماتشو بيتشو على مدار العام لرعاية الموقع، رغم أن وجود نخبة الإنكا هناك كان موسمياً فقط».
وكتب الباحثون: «نظراً للاعتقاد بأن عينات العظام تتعلق بخدم الموقع، فإنه يجب أن تمتد هذه المقابر على تاريخ ماتشو بيتشو منذ استخدامها المبكر قصراً حتى التخلي عنها». وأظهرت نتائجهم أن الموقع كان مأهولاً بالسكان بشكل مستمر من نحو عام 1420 إلى 1530، مع عدم وجود أي دليل على استخدامه بعد الغزو الإسباني لبيرو عام 1532.
وقد يضطر علماء الآثار الآن إلى إعادة كتابة تاريخ إمبراطورية الإنكا المبكرة. وعن ذلك، أوضح الباحثون: «إذا كانت تواريخ (إيه إم إس) المقدمة هنا مدعومة بتحليلات مستقبلية فإن التقدير التقليدي المستند إلى النص بأن عام 1438 بعد الميلاد شهد اعتلاء باتشاكوتي العرش وفتوحاته الأولية، يجب أن يتراجع إلى ما لا يقل عن عقدين من التاريخ».
يذكر في هذا الصدد أن ماتشو بيتشو تعدّ من روائع الإنكا في مجالات الفن والعمارة والعمران والهندسة، وأحد مواقع التراث العالمي لليونيسكو منذ عام 1983.
آثار ماتشو بيتشو في بيرو قد تكون أقدم مما كنا نعتقد
آثار ماتشو بيتشو في بيرو قد تكون أقدم مما كنا نعتقد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة