مستقبل معارض الكتب وصناعة النشر موضع تساؤل

ميلاد جديد للأدب أم قيامة؟

جانب من معرض القاهرة للكتاب في دورته الأخيرة
جانب من معرض القاهرة للكتاب في دورته الأخيرة
TT

مستقبل معارض الكتب وصناعة النشر موضع تساؤل

جانب من معرض القاهرة للكتاب في دورته الأخيرة
جانب من معرض القاهرة للكتاب في دورته الأخيرة

حتى إذا انتهى وباء «كورونا» لن يعود العالم كما كان قبله!
هذه هي خلاصة النقاشات التي تدور في أوساط المال والأعمال على المستوى الدولي. لقد اكتشفت الشركات الكبرى مزايا كثيرة للعمل عن بُعد، كما اكتشفت أن المقرات الواسعة باهظة التكلفة في الأحياء التجارية من المدن ليست ضرورية، لأن قوة الشركة يحددها ما تقدمه من أي مكان.
وربما آن الأوان لمناقشة مستقبل صناعة النشر ومعارض الكتب في ضوء هذا النقاش؛ فهي ليست استثناءً. وقد بدأت بوادر التغيير من قبل الجائحة بفعل تكنولوجيا الاتصالات التي أوجدت شركة الشحن الدولية العملاقة «أمازون» التي يدخل توزيع الكتب ضمن نشاطها، وسرعان ما تبعتها سلاسل عربية، كذلك ساهمت التكنولوجيا في مولد سلاسل مكتبات عربية تعتمد وسائل التسويق الحديثة، ولديها القدرة على التواصل السريع مع دور النشر في مختلف البلاد العربية. وفي ظل التنافس بين هذه السلاسل بدأت خدمة توصيل الكتب، وتدعمت بشكل كبير مع إجراءات الوباء الاحترازية.
الأجيال القديمة من القراء _في مصر على سبيل المثال- لم تكن لديها من فرصة للإطلال على ما تصدره الدور العربية إلا في معرض القاهرة مرة في العام، بينما كان لدى بعض ما يصدر في بيروت تحديداً فرصة الظهور في القاهرة بغير أوقات المعرض من خلال «مكتبة مدبولي» بشكل أساسي. الآن صارت هناك سلاسل حديثة سريعة التواصل. وما يقال عن القاهرة يقال عن مراكز قراءة كثيفة كالمملكة العربية السعودية بسلاسل مكتباتها الحديثة المنتشرة في مختلف مناطق المملكة.
هذا التطور يقلل من أهمية وجود دار النشر في الأحياء الغالية التكلفة ويُقلِّص من حجم مكاتبها، كما أن تطور وسائل توصيل الكتاب يقلل من الحاجة إلى المكتبات، ويضع مستقبل معارض الكتب موضع تساؤل.
من جهة دور النشر يمثل المعرض مخاطرة اقتصادية، خصوصاً في دول يعاني قراؤها محدودية الدخل مثل مصر وتونس والجزائر والمغرب، وغياب أشكال العون التي قد يجدها الناشرون في العواصم الخليجية.
وكثيراً ما يشتكي الناشرون من الخسارة في كثير من المعارض. وبالطبع في معرض القاهرة الذي انتهى الشهر الماضي. صحيح أنه معرض استثنائي أقيم في غير موعده، فاجتمع ضده الوباء والحر وامتحانات الثانوية العامة التي تقف لها الأسر المصرية وكذلك الاستعداد للعيد.
وبالنسبة للقراء، بدأت مركزية المعرض تتراجع لدى جمهور الكتاب من قراء العاصمة والمدن الكبرى -أتحدث هنا عن مصر بشكل محدد- لكنّ المعرض لا يزال فرصة مهمة لقطاع عريض لا يتعامل مع المكتبات الكبرى، خصوصاً الشباب من قراء الأقاليم الذين يعوّلون على المعرض كظاهرة ثقافية عامة.
من جهة أخرى، لم يزل المعرض يمثل نقطة بدء لموسم النشر. وعلى مدار نصف قرن ارتبط موسم النشر المصري بمعرض القاهرة الذي يقام في أواخر فبراير (شباط) وأوائل مارس (آذار)، في ارتباط بعطلة الربيع في المدارس والجامعات. وقد تسبب الشك في إقامته هذا العام بتراخٍ في أداء دور النشر، ولم تلبث أن نشطت فور تأكيد إقامته، وصدر عدد كبير من الكتب الجديدة صار جاهزاً مع موعد الافتتاح، مع ذلك لم تركز الدور الكبرى كل مجهودها على المعرض، كما كان يحدث في السابق، وطرحت الكتب في التوقيت ذاته بمختلف المنافذ التي تصل إليها بالقاهرة ومختلف المحافظات.
هناك تغيير، واضح في مركزية المعرض التي تمتع بها طوال عقود بوصفه المصدر الأساسي للكتب المسافرة، لكن المعارض ستظل مناسبة للاحتفال بالكتب على أي حال، والمستقبل كفيل بكتابة مصيرها؛ فربما يتحول بعضها إلى معارض لتعارف الناشرين والتعاقد، شأنها شأن معارض دولية كمعرض فرانكفورت مثلاً.
على صعيد آخر، أسفر معرض القاهرة عن مؤشرات نشر وقراءة للكتب الخفيفة تسترعي الانتباه. ربما تكون الظاهرة مصرية بالأساس (لا أدَّعي المعرفة النافية للجهالة بظروف النشر في أقطار عربية أخرى) إذ صارت في مصر دور متخصصة في إصدار كتب ضعيفة المحتوى، معظمها روايات، وبعضها مستنسخ من أفلام أجنبية يكتبها عدد كبير من الشباب، ويستهلكها عدد غفير من أترابهم، تربطهم صفحات التواصل الاجتماعي دون حاجة إلى الوسط الثقافي، بنقاده وكتَّابه.
بعض المهتمين بصناعة النشر يرى أن هذه الظاهرة من علامات يوم قيامة الأدب ونهاية دور النشر العريقة، ويستند هؤلاء في رأيهم إلى الأرقام التي يقال إن مثل هذه الكتب توزعها، والتزاحم الشديد على أجنحة تلك الدور في المعرض. الظاهرة ليست وليدة اليوم، بل توشك أن تُكمل عقداً من الزمن، وهناك شواهد على أن بعض هذه الكتب يلقى رواجاً كبيراً، وبدأ الانتباه إلى حضورها الكاسح في معرض 2015 عندما تقوض المبنى الخشبي للمقهى الثقافي بتدافع الشباب في حفل توقيع كتاب «حبيبتي» لمغني الراب زاب ثروت. وقعت حالات إغماء في حفل التوقيع وباع الكتاب 10 ألف نسخة في تلك الساعة.
ولأن صناعة النشر تفتقر حتى الآن إلى وسائل التحقق من الانتشار، يبقى الأمر مجرد تكهنات، وهناك من يرى العكس تماماً، ويتحدث عن خداع تسويقي ونشر مدفوع الثمن من المؤلف، أما ظواهر المعرض فتعود إلى طبيعة التشبيك الذي أتاحته «الإنترنت» لهذا الجيل من الكتاب والقراء الذين يتحركون في جماعات كبيرة، لا تعكس حجم بيع كبيراً بالضرورة. وقد كتب الزميل عبد الوهاب داود مقالاً في جريدة «الدستور» المصرية بمناسبة المعرض الأخير، يتحدث فيه عن طبعات ديجيتال من خمسين نسخة، وعن كتب يبدأ طرحها في السوق من الطبعة الثالثة دون وجود لطبعة أولى أو ثانية، داعياً اتحادي الكتاب والناشرين المصريين لمراقبة هذه الظاهرة.
أظن أن التركيز على هذه الظاهرة يشبه النظر إلى نصف الكوب، لأن توزيعها الكثيف لم يعلن نهاية الأدب، بل زاد توزيع الكتب الجادة زيادة ملحوظة كذلك، وربما كان الإيجابي هذا العام أن مسارَي الأدب الجاد وكتابات التسلية بدآ يتحددان بوضوح كما في الثقافات موفورة العافية.
ومن الظواهر الإيجابية كذلك ما يَلوح كأنه عودة إلى التوازن بين الأجناس الأدبية المختلفة؛ إذ شهد موسم النشر المصري ظهور عدد من المجموعات القصصية بعد إهمال استمر ثلاثة عقود لهذا الفن، وهناك أربعة كتب منها فرضت حضورها أحدها «رق الحبيب» للكاتب المخضرم محمد المخزنجي، وثلاثة لكتاب تدور أعمارهم حول الأربعين: «مملكة مارك زوكربيرج وطيوره الخرافية» لأحمد عبد اللطيف، «عن البشر والسحالي» لحسن عبد الموجود، و«قميص لتغليف الهدايا» لأحمد القرملاوي.
أحسب أن هذه النقلة مرتبطة بظاهرة جديدة في القراءة تتمثل في تفهم وتسامح القراء بخصوص النوع الأدبي، والاهتمام بجودة النص، وكذلك بروز دور التعاقد غير المكتوب بين الكاتب والقارئ، الذي يقضي بانتظار نص جديد لهذا الكاتب أو ذاك استناداً إلى كتبه السابقة بغضّ النظر عن نوع الكتاب. وهذا فأل خير لصالح القصة وربما تكون هذه الخطوة مقدمة لرفع الغبن عن الشعر.


مقالات ذات صلة

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

ثقافة وفنون «أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

«أمومة مُتعددة» في مواجهة المؤسسة الذكورية

في كتابها «رحِم العالم... أمومة عابرة للحدود» تزيح الكاتبة والناقدة المصرية الدكتورة شيرين أبو النجا المُسلمات المُرتبطة بخطاب الأمومة والمتن الثقافي الراسخ

منى أبو النصر (القاهرة)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق كاميلا ملكة بريطانيا تحصل على الدكتوراه الفخرية في الأدب بحضور الأميرة آن (رويترز)

قدمتها لها الأميرة آن... الملكة كاميلا تحصل على دكتوراه فخرية في الأدب

حصلت الملكة البريطانية كاميلا، زوجة الملك تشارلز، على الدكتوراه الفخرية؛ تقديراً لـ«مهمتها الشخصية» في تعزيز محو الأمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
كتب سوزان بلاكمور وابنتها أميلي تروسيانكو  أثناء حفل توقيع كتاب "الوعي: مقدمة"

الشبحُ في الآلة

شغل موضوع أصل الأشياء The Origin مكانة مركزية في التفكير البشري منذ أن عرف البشر قيمة التفلسف والتفكّر في الكينونة الوجودية.

لطفية الدليمي
كتب سيمون سكاما

قصة اليهود... من وادي النيل حتى النفي من إسبانيا

يروي الكاتب البريطاني اليهودي «سيمون سكاما»، في كتابه «قصة اليهود»، تفاصيل حياة اليهود ابتداءً من استقرارهم في منطقة الألفنتين

سولافة الماغوط (لندن)

«مطلق العنان»... مذّكرات بوريس جونسون في السلطة

بوريس جونسون والرئيس الأميركي المنتخب ترامب
بوريس جونسون والرئيس الأميركي المنتخب ترامب
TT

«مطلق العنان»... مذّكرات بوريس جونسون في السلطة

بوريس جونسون والرئيس الأميركي المنتخب ترامب
بوريس جونسون والرئيس الأميركي المنتخب ترامب

تفترض بالطبع عندما تقدم على شراء نسخة من مذكرات رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون الصادرة حديثاً فيما يقرب من 800 صفحة بأنّك حصلت لتوّك على سِفر ثمين من الحكمة السياسيّة وخبرة الإدارة في المنصب التنفيذي الأهم في إحدى دول العالم العظمى، لا سيما أن الرجل جاء إلى فضاء السلطة من الصحافة كاتباً ورئيس تحرير لمجلّة سبيكتاتور الأسبوعيّة العريقة، ومؤرخاً نشر عدّة كتب مهمة - بما فيها سيرة لملهمه وينستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني خلال الحرب العالمية الثانية - قبل أن يُنتخب عمدة للعاصمة لندن ثم رئيساً للوزراء وزعيماً لحزب المحافظين. ولعل مما يرفع وتيرة التوقعات أيضاً أنّه كان في موقع التأثير واتخاذ القرار في مراحل مفصليّة في تاريخ بلاده المعاصر، سواء الأشهر الأخيرة من عصر الملكة الراحلة إليزابيث الثانية، أو خروج المملكة المتحدة من عضويّة الاتحاد الأوروبي، أو وباء «كوفيد 19». أو الحرب في أوكرانيا، ناهيك عن شهرته عبر العالم كنسخة من دونالد ترمب على الجهة الأخرى من المحيط الأطلسي، حتى أنّه ربما يكون السياسي البريطاني الوحيد الذي يعرفه سكان هذا العالم باسمه الأول (بوريس). لكن الحقيقة أن المذكرات ورغم تضمنها مقاطع مهمة هنا وهناك ولحظات صاعقة من الصراحة، فإنها في المحصلة أقرب إلى موجة جارفة من التبرير المقعّر، والإعجاب النرجسي بالذات، وتصفية الحسابات السياسيّة ولوم للجميع لأنهم أضاعوه، ويا ويلهم أي فتى أضاعوا؟

ومع ذلك، فإن «مطلق العنان» قراءة سهلة، يتم سردها بلغة قريبة من لغة الحوار اليومي أكثر منها لغة متعجرفة كما يتوقع من خريجي المدرسة النخبوية في إيتون وجامعة أكسفورد، مع كثير من علامات التعجب، والأصوات الشارعيّة المكتوبة بحروف كبيرة، والصفات المرصوفة كجمل طويلة، والإهانات الشخصيّة لمنافسيه، والأسئلة البلاغيّة عديمة الفائدة، فيما غلب عليها مزاج من السخريّة والهزل حتى في التعاطي مع القضايا التي يفترض أنّه جاد بشأنها.

هذا النّفس الذي اختاره جونسون لسرد مذكراته (والتي قد تدر عليه دخلاً سيتجاوز الثلاثة ملايين جنيه إسترليني وفق تقديرات صناعة النشر) أفقد الكتاب كثيراً من قيمته المتوقعة كوثيقة تاريخيّة، وبدت أجزاء كبيرة منه روايات ربما يتمنى كاتبها لو كانت الحقيقة، أو ربما أعتقد بالفعل أنها كانت الحقيقة كجزء مما يسميه جونسون نفسه التنافر المعرفي الذي يصيب الساسة المغمسين في وظيفتهم القياديّة لدرجة أنهم يصابون بالعمى عن المشاكل السياسية الهائلة التي تتراكم خارج مكاتبهم. هذا سوى بعض الأخطاء التفصيليّة في تسجيل الأحداث أيضاً والتي لا يفترض أن تمرّ على مؤرخ معتّق أو على ناشره المرموق (يقول مثلاً إن حكومة حزب العمال في أسكوتلندا أطلقت سراح الليبي المتهم بتفجيرات لوكربي، فيما الواقع أنها كانت حكومة الحزب القومي الأسكوتلندي).

من الناحية الإيجابيّة فإن جونسون يضمِّن كتابه تعليقات ذكيّة حول مسائل استراتيجيّة تبدو في ميزان اليوم أفضل من أدائه الفعلي رئيساً للوزراء كما مثلاً في رؤيته لأسباب اللامساواة الاقتصاديّة بين الأجيال، وتفسيره للانقسام الاقتصادي العميق بين العاصمة لندن الكبرى وبقيّة المملكة المتحدة، وتصوّراته حول رفع سويّة الأجزاء الأقل حظاً منها من خلال برامج تحديث البنية التحتية وتكنولوجيا الاتصال والاستفادة من أموال الخزينة العامّة لجذب استثمارات القطاع الخاص، وكذلك تحوّله من منكر لتحولات المناخ إلى منذر من مخاطرها ومفسّر للحجج الأخلاقيّة والاقتصاديّة الدّاعية إلى التصدي لجذورها من أجل مصلحة الأجيال المقبلة.

أثناء زيارة لمكتبه في عام 2017 طلب منه نتنياهو استخدام المرحاض بعد ذلك، وجدت أجهزة الأمن جهاز تنصت تم زرعه هناك

يفشل بوريس في تقديم مرافعة كانت متوقعة منه بشأن دوره فيما يعرف بـ«بريكست»، أو القرار بتخلي بريطانيا عن عضوية الاتحاد الأوروبيّ. وهو يعترف بأنّه كان مشتتاً وقتها بين اعتقاده بضرورة أن تتخلص بلاده من سلطة بروكسل عليها (مقر الاتحاد الأوروبي) من ناحية، وتفهمه لمشاعر كثيرين من عائلته وأصدقائه الذين أرادوا منه دعم حملة البقاء في النادي الأوروبيّ، ويقرّ بأنه في المساء الذي أعلن فيه قراره بدعم التوجه إلى الخروج من الاتحاد، كتب نسختين من المقال نفسه، واحدة (مع) وواحدة (ضد) كي يمكنه اختبار حنكة حججه، ليجد في النهاية أن حملة تأييد البقاء افتقدت إلى الحماس، ولم تمتلك أي رسالة إيجابيّة واضحة لتقولها. في المقابل، فإن جونسون يبدو في هذه المذكرات ليس مفتقراً فحسب لأي شعور بالمسؤولية عن الفوضى التي أعقبت التصويت على المغادرة، والإدارة السيئة للمفاوضات التي قادتها حكومات المحافظين وهو فيها مع الاتحاد الأوروبي، بل يبدو غاضباً حتى على مجرد اقتراح مساءلته من حيث المبدأ متسائلاً: «وماذا بحق الجحيم كان من المفترض علينا أن نفعل؟»، بينما يقفز للعب دور البطولة منفرداً فيما يتعلق برد حكومة المملكة المتحدة على حالات التسمم النووي التي نسبت لروسيا في سالزبوري عام 2018. في وقت صار فيه من المعلوم أن تيريزا ماي، رئيسة الوزراء حينها، هي من كانت وراء ذلك الموقف الحازم. ويخلص جونسون للقول إن حزب المحافظين كان سيفوز في انتخابات هذا العام لو بقي على رأس السلطة ولم يتعرّض للخيانة من رفاقه، وهي مسألة يكاد معظم المراقبين يتفقون على استحالتها بالنظر إلى تراكم سلسلة الفضائح وسوء الإدارة وهزالة الطرح الآيديولوجي لحكومات حزب المحافظين خلال الخمسة عشر عاماً الماضية على نحو تسبب للحزب النخبوي بأقسى هزيمة له في مجمل تاريخه العريق. في المذكرات يكتب جونسون عن زيارة قام بها بنيامين نتنياهو إلى مكتبه في عام 2017، طلب خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي استخدام المرحاض. بعد ذلك، وجدت أجهزة الأمن جهاز تنصت قد تم زرعه هناك. وقال جونسون إنه على وفاق مع نتنياهو وإن القراء يجب ألا يستخلصوا استنتاجات أوسع حول الزعيم الإسرائيلي من تلك الحكاية!