محكمة أميركية تقضي بسجن فلسطينية بتهمة عمرها 20 عامًا

مؤيدوها اتهموا الحكومة بكبت النشاطات المعارضة للاحتلال الإسرائيلي

ناشطون مؤيدون لرسمية عودة يرفعون لافتات مؤيدة لها أمام مبنى محكمة ديترويت الفيدرالية أول من أمس(أ.ب)
ناشطون مؤيدون لرسمية عودة يرفعون لافتات مؤيدة لها أمام مبنى محكمة ديترويت الفيدرالية أول من أمس(أ.ب)
TT

محكمة أميركية تقضي بسجن فلسطينية بتهمة عمرها 20 عامًا

ناشطون مؤيدون لرسمية عودة يرفعون لافتات مؤيدة لها أمام مبنى محكمة ديترويت الفيدرالية أول من أمس(أ.ب)
ناشطون مؤيدون لرسمية عودة يرفعون لافتات مؤيدة لها أمام مبنى محكمة ديترويت الفيدرالية أول من أمس(أ.ب)

قضت محكمة أميركية فدرالية في شيكاغو، أول من أمس، بسجن الناشطة الفلسطينية رسمية عودة مدة 18 شهرا بعد إدانتها بالتزوير في أوراق الهجرة، لأنها لم تذكر أنها أمضت فترة داخل سجن في إسرائيل بسبب قضية تفجير متجر ومقتل شخصين عام 1969. وجاء هذا القرار بعد أن أدانت محكمة اتحادية في ديترويت رسمية العام الماضي بالحصول على الجنسية بطريقة غير قانونية. وبمجرد أن تناقلت وسائل الإعلام خبر هذا القرار حتى خرجت، أمس، مظاهرات في ديترويت وشيكاغو، تأييدا لرسمية التي تبلغ من العمر نحو 70 عاما، خاصة وأن القضية برمتها بنيت على اتهامات عمرها 20 عاما.
واشترك في المظاهرات، خاصة في ضاحية ديربورن بديترويت، حيث توجد أكبر جالية عربية في الولايات المتحدة، أميركيون عرب وأجانب، اتهموا الحكومة بالتعاون مع إسرائيل لكبت النشاطات المعارضة في الولايات المتحدة للاحتلال الإسرائيلي. وتحدثت رسمية عودة للمتظاهرين، بعد أن أمرت المحكمة بعدم اعتقالها، لأن محاميها أكد أنه سيستأنف الحكم، وشكرت المتظاهرين، لأنهم يشاركونها «هذه الأوقات الصعبة»، وأيضا لأنهم جمعوا قرابة 100 ألف دولار للدفاع عنها.
وحسب الحكم الذي أصدرته المحكمة، فإن عودة ستسجن عاما ونصف عام، ثم يجري إبعادها، ويصير سحب الجنسية الأميركية منها أمرا تلقائيا، بسبب إدانتها بالتزوير في أوراق الهجرة قبل أكثر من 20 عاما. وقالت عودة للقاضي جيرشوين درين قبل النطق بالحكم: «لست إرهابية.. ولست امرأة سيئة»، لكن القاضي قال إن الحكم ليس عن أخلاقها، ولكن عن الكذب عند أداء قسم الجنسية الأميركية. وأضاف مبررا حكمه: «نحن نتوقع من الناس في هذه البلاد أن يقولوا الحقيقة، خاصة عند أداء قسم المواطنة». كما أبرز أن تاريخ عودة يشتمل على بعض الأنشطة الإرهابية. لكنه أشاد بعملها في مساعدة النساء المهاجرات في مدينة ديترويت وشيكاجو. ولهذا خفض من مدة الحكم، حيث كانت ستواجه حكما بالسجن مدته 10 سنوات.
من جهته، قال المدعي الاتحادي إنها لم تكشف عن تاريخها الجنائي، عندما هاجرت من الأردن إلى الولايات المتحدة، وأيضا عندما حصلت على حق الإقامة في أميركا سنة 1995، مضيفا أنها أخفت حقيقة أنها كانت معتقلة في سجون إسرائيلية بسبب قضية تفجير متجر أسفر عن مقتل شخصين. وحسب قرار المحكمة، فإن عودة «تعمّدت الكذب على سلطات الهجرة الأميركية حين ملأت استمارة طلبها للإقامة، حيث لم تُشر فيها إلى قضية اعتقالها التي تعود لـ44 عامًا مضت». وحسب صحيفة «ديترويت نيوز»، فإن سلطات الاحتلال الإسرائيلي كانت اتهمت عودة عام 1969 بتنفيذ عملية تفجير في مدينة القدس المحتلة، عرفت باسم عملية سوق «محانيه يهودا»، وحُكم عليها بالسجن المؤبد. لكن بعد مرور 10 أعوام أفرج عنها، مع 75 أسيرا فلسطينيا في أول عملية تبادل للأسرى بين الفلسطينيين وسلطات الاحتلال الإسرائيلي عام 1980.
ولدت عودة عام 1948 في قرية لفتا، غرب القدس المحتلة، ونشطت في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ثم هاجرت إلى الأردن عام 1995 ومنها إلى الولايات المتحدة. وعملت خلال الأعوام الماضية مساعدة مديرة لمنظمة اجتماعية في منطقة شيكاجو تسمى «شبكة العمل العربية الأميركية»، ثم اشتركت في ديترويت في تأسيس وإدارة متحف التراث العربي هناك.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.