اتهمت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، أمس، السلطات اللبنانية بالإهمال «جنائياً» وانتهاك الحق في الحياة، وأظهرت في تحقيق نشرته تقصير مسؤولين سياسيين وأمنيين في متابعة قضية شحنة نيترات الأمونيوم التي أدت إلى وقوع الانفجار في مرفأ بيروت.
وأوصت المنظمة بفرض عقوبات على المسؤولين وبإجراء الأمم المتحدة تحقيقاً مستقلاً في الكارثة التي أوقعت 214 قتيلاً على الأقل وأكثر من 6500 جريح ونتجت عن 2750 طناً من مادة نيترات الأمونيوم بقيت مخزنة لسنوات في العنبر رقم «12» بالمرفأ.
ووثقت المنظمة في تقرير مفصل من 126 صفحة عرضته في مؤتمر صحافي في بيروت أمس، الأخطاء والإغفالات التي ارتكبها موظفون ومسؤولون سياسيون وأمنيون في إدارتهم شحنة نيترات الأمونيوم منذ وصولها إلى المرفأ على متن السفينة «روسوس» في 2013 وحتى وقوع الانفجار.
وقالت مديرة قسم الأزمات والنزاعات في «هيومن رايتس ووتش»: «تُظهر الأدلة بشكل كاسح أن انفجار أغسطس (آب) 2020 في مرفأ بيروت نتج عن أفعال كبار المسؤولين اللبنانيين وتقصيرهم؛ إذ لم يبلغوا بدقة عن المخاطر التي تشكلها نيترات الأمونيوم، وخزّنوا المواد عن سابق علم في ظروف غير آمنة، وتقاعسوا عن حماية الناس».
وبالإضافة إلى مقابلات أجرتها مع مسؤولين، نشرت المنظمة عشرات المراسلات بين جهات عدة من إدارة المرفأ ومديرية الجمارك وموظفي الميناء وجهازي المديرية العامة للأمن العام وأمن الدولة، ووزارة الأشغال العامة والنقل ووزارة المالية، وصولاً إلى قضاة وقيادة الجيش ورئيس الجمهورية ورئيس الحكومة.
وكانت تحقيقات إعلامية، بينها تحقيق لوكالة الصحافة الفرنسية، أظهرت أن مسؤولين؛ بينهم الرئيس ميشال عون وقادة أمنيون وعسكريون، كانوا على علم بمخاطر تخزين تلك المادة في المرفأ، من دون أن يحركوا ساكناً.
وذكرت المنظمة أن «الأدلة تشير إلى أن العديد من المسؤولين اللبنانيين كانوا، على أقل تقدير، مهملين جنائياً بموجب القانون اللبناني في تعاملهم مع الشحنة». وأضافت: «تُظهر الوثائق الرسمية أن بعض المسؤولين الحكوميين توقعوا وقبلوا ضمنياً مخاطر الوفاة التي يشكلها وجود نيترات الأمونيوم في المرفأ»، و«بموجب القانون المحلي، يمكن أن يرقى هذا الفعل إلى جريمة القتل قصداً و/ أو القتل بغير قصد».
وتُبين وثائق عدة تقصير جهات مختصة وإغفالها خطوات ضرورية كان يمكن اتخاذها لضمان سلامة المواد أو تدميرها. وجرى تخزين المواد إلى جانب مواد «قابلة للاشتعال أو متفجرة»، وفق ما أظهر التحقيق.
واكتفت قيادة الجيش بالإبلاغ عن عدم حاجتها لتلك المواد، مع أنه تقع على عاتقها مسؤولية الموافقة على استيراد وتصدير وإعادة تصدير مادة نيترات الأمونيوم في حال كانت نسبة الأزوت فيها تتجاوز 33.5 في المائة، كما كانت الحال في الشحنة المخزنة. كما لم يتخذ «أي من الأجهزة الأمنية العاملة في المرفأ خطوات مناسبة لضمان سلامة المواد أو وضع خطة طوارئ أو إجراءات احترازية في حال اندلاع حريق».
وقبل أشهر من الانفجار، ذكر جهاز أمن الدولة في تقرير أن اشتعال تلك المواد قد يؤدي إلى انفجار مدمر. وأبلغ لاحقاً السلطات بخطورتها. وعدّت المنظمة أن جهاز أمن الدولة تأخر في إبلاغ المسؤولين بنتائج تحقيقه، مشيرة إلى أن إدارة الجمارك كان بإمكانها التخلص من المواد لكنها فشلت في اتخاذ الإجراءات المناسبة.
وقال رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب لـ«هيومن رايتس ووتش» إنه طلب من جهاز أمن الدولة تحضير تقرير خلال أيام. وأضاف: «نسيت أمره لاحقاً ولم يتابع أحد الموضوع. هناك كوارث تقع كل يوم».
وفي 20 يوليو (تموز) 2020 تلقى رئيس الجمهورية ميشال عون ودياب تقريراً مختصراً «غير كامل» من جهاز أمن الدولة حول مخاطر نيترات الأمونيوم في حال اشتعالها أو سرقتها.
ووجهت «هيومن رايتس ووتش» الاتهام لكل من عون ودياب ومدير عام جهاز أمن الدولة طوني صليبا وقائد الجيش السابق جان قهوجي ووزير المالية السابق علي حسن خليل ووزيري الأشغال العامة السابقين غازي زعيتر ويوسف فنيانوس. وعدّت أن هؤلاء وغيرهم «فشلوا في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الناس».
ودعت المجتمع الدولي إلى فرض عقوبات على المسؤولين «المتورطين في الانتهاكات الحقوقية المستمرة المتعلقة بالانفجار والسعي إلى تقويض المساءلة».
وأوصت «مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان» بإجراء تحقيق مستقل في الانفجار، مشيرة إلى أن تحقيقاً مستقلاً قد يتمكن من تحديد الشرارة التي أدت لوقوع الانفجار.
«هيومن رايتس»: تقصير مسؤولين سياسيين وأمنيين أدى إلى انفجار المرفأ
بيروت: «الشرق الأوسط»
«هيومن رايتس»: تقصير مسؤولين سياسيين وأمنيين أدى إلى انفجار المرفأ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة