مهرجان قلعة صلاح الدين لاستقبال 4 آلاف مشاهد يومياً بالقاهرة

الدورة الـ29 تتضمن 31 حفلاً على مدار أسبوعين

لقطة من إحدى حفلات مهرجان قلعة صلاح الدين عام 2019
لقطة من إحدى حفلات مهرجان قلعة صلاح الدين عام 2019
TT

مهرجان قلعة صلاح الدين لاستقبال 4 آلاف مشاهد يومياً بالقاهرة

لقطة من إحدى حفلات مهرجان قلعة صلاح الدين عام 2019
لقطة من إحدى حفلات مهرجان قلعة صلاح الدين عام 2019

بعد توقفه العام الماضي بسبب جائحة «كورونا»، يستأنف مهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء نشاطه خلال الشهر الحالي، بعدما تم اعتماد برنامج حفلاته بضوابط جديدة تراعي الاحتراز من الوباء.
وتضم فعاليات الدورة الـ29 من المهرجان الذي تنظمه دار الأوبرا المصرية بالتعاون مع وزارة السياحة والآثار، 31 حفلاً موسيقياً وغنائياً متنوعاً، ستبدأ يوم 15 أغسطس (آب) الحالي، وتستمر على مدار 16 يوماً.
واعتبرت الدكتورة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة المصرية، مهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء من بين الفعاليات الفنية الراسخة التي تنظمها وزارة الثقافة ممثلة في دار الأوبرا المصرية منذ عام 1990، مشيرة في بيان صحافي أمس إلى أن «المهرجان نجح في تحقيق شعبية ضخمة بسبب تنوع وثراء محتواه الفني»، ولفتت إلى أنه «يعد ملحمة فنية تشرق في سماء القاهرة كل عام لتجسد مشهداً تنويرياً تلتف حوله الأسرة المصرية وضيوف مصر من مختلف دول العالم».
ويشتهر مهرجان القلعة باجتذابه عشرات الآلاف من المشاهدين سنوياً، بسبب أسعار دخوله الرمزية، ومخاطبته المواطن البسيط، حسب الدكتور مجدي صابر، رئيس دار الأوبرا المصرية، الذي قال في بيان صحافي أمس، «إن مهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء يعد تجسيداً للدور المجتمعي لدار الأوبرا، لأنه يخاطب الموطن المصري البسيط، ولذلك فهو يعد أحد أهم المهرجانات التي تنظمها الأوبرا»، وكشف «أنه تم تخصيص 6 منافذ لبيع التذاكر بسعر رمزي في المدخل الأول للقلعة تعمل يومياً قبل بدء الحفلات بثلاث ساعات بحد أقصى 4 آلاف مشاهد يومياً، بالإضافة إلى رفع كفاءة خشبة المسرح وتعديل زوايا الرؤية للمشاهدين، كما تم وضع شاشات ضخمة لنقل جميع الفعاليات».
وقررت دار الأوبر المصرية توفير وسائل لنقل الجمهور مجاناً من بوابات الدخول حتى مسرح المحكى، وأقامت أماكن للخدمات بجانب تحديد مسار خاص لكبار السن وذوي القدرات الخاصة.
ومن المقرر تكريم 12 شخصية فنية وإدارية ساهمت في إثراء الساحة الإبداعية المصرية، وشاركوا في صنع نجاح الدورات المتتالية للمهرجان، من بينهم المطرب أمجد العطافي، وعازف البيانو، والموزع الموسيقي عمرو سليم، والدكتورة عزة مدين، والفنان خالد شهدي، وكورال الفرقة القومية العربية للموسيقى، والإعلامي أمجد مصطفى، والمطربة ريم كمال، والسوبرانو داليا فاروق.
ووفق الدكتور خالد داغر رئيس البيت الفني في الأوبرا المصرية، ومدير المهرجان، فإن الدورة الـ29 من مهرجان قلعة صلاح الدين الدولي للموسيقى والغناء تشهد تنوعاً وثراءً فنياً، إذ تشمل الفعاليات عروضاً لنخبة من نجوم الموسيقى والغناء في مصر والوطن العربي على غرار المطربة مي فاروق، وأحمد عفت، وفريق «كايرو كافيه» بقيادة علي شرف، وأحمد جمال، وياسر سليمان، وفرقة «جوهرة الشرق»، والشيخ ياسين التهامي، ونجوم فرقة أوبرا القاهرة مع فرقة الباليه، وعلي الحجار، ونادية مصطفى، وهاني شاكر، ووائل الفشني، والفنانة السورية لينا شاماميان، وهلا رشدي، وطارق العربي، وحازم شاهين، وكارمن سليمان، والأردنية نداء شرارة، ومحمد الشرنوبي، ونوران أبو طالب، وهشام عباس، ومحمد محسن، ومحمد حسن، والمغربية جنات، ونسمة محجوب، ودينا الوديدي، ونسمة عبد العزيز، ومدحت صالح.
وشهدت الدورة الـ28 من المهرجان في عام 2019 إقبالاً وزحاماً كبيرين من الجمهور بلغ نحو مائة ألف مشاهد. وحسب مسؤولي المهرجان، فإن هذا الإقبال الكبير أعطى له سمعة عالمية طيبة، لا سيما بعد مشاركة فرق دولية به، ومواصلة العديد من نجوم الطرب المصري في الغناء به منذ عدة سنوات، على غرار مدحت صالح وعلي الحجار وهاني شاكر وهشام عباس، بجانب نجوم الألفية الجديدة.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».