روحاني ينهي آخر اجتماعات حكومته بانتقاد عرقلة مسار فيينا

ظريف ينأى بنفسه عن «الثقة بالغرب»... تشاؤم أميركي من فرص إحياء النووي في زمن رئيسي

روحاني يتوسط فريق إدارته في صورة تذكارية بعد الاجتماع الأخير في طهران أمس (الرئاسة الإيرانية)
روحاني يتوسط فريق إدارته في صورة تذكارية بعد الاجتماع الأخير في طهران أمس (الرئاسة الإيرانية)
TT

روحاني ينهي آخر اجتماعات حكومته بانتقاد عرقلة مسار فيينا

روحاني يتوسط فريق إدارته في صورة تذكارية بعد الاجتماع الأخير في طهران أمس (الرئاسة الإيرانية)
روحاني يتوسط فريق إدارته في صورة تذكارية بعد الاجتماع الأخير في طهران أمس (الرئاسة الإيرانية)

على بعد خمسة أيام من انتهاء ولايته الثانية، أنهى الرئيس الإيراني حسن روحاني، آخر اجتماع للحكومة، بتكرار الانتقادات لعرقلة حكومته من رفع العقوبات، وحرمانه من نهاية ولايته الثانية في «أوضاع أفضل»، وذلك بعدما حمل «المرشد» الإيراني، علي خامنئي، واشنطن مسؤولية توقف مفاوضات فيينا، لإصرارها على مفاوضات لاحقة تشمل الملفين الصاروخي، والباليستي.
ويتولى المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي، الخميس، رسمياً منصب رئيس الجمهورية في إيران خلفاً للمعتدل نسبياً روحاني، ليبدأ ولاية من أربعة أعوام يواجه منذ مطلعها تحديات معالجة الأزمة الاقتصادية والعقوبات الأميركية والمباحثات بشأن الاتفاق النووي. وقبل أن يؤدي القسم الدستوري في البرلمان، سيصادق المرشد علي خامنئي على تنصيبه، الثلاثاء.
وقال روحاني في آخر دفاع عن نفسه: «طيلة هذه السنوات لم نقل شيئاً يتعارض مع الواقع»، وأضاف: «لم أخبر الناس ببعض الحقائق لكي لا تتضرر الوحدة الوطنية»، لافتاً إلى أن الظروف في ولايته الثانية لم تكن هي نفسها الظروف في الولاية الأولى. وقال: «في السنوات الأربع الأولى كنا في فترة التعامل مع العالم، وكنا واثقين من أنفسنا أن نكون أنداداً للقوى الكبرى في المفاوضات، ولم نشك في ذلك حتى بنسبة واحد في المليون، إننا لن ننهزم، ولم ننهزم، ورأينا كيف حقق الدبلوماسيون والحقوقيون نجاحات في ظرف حساس». وصرح: «لولا الحرب الاقتصادية، لاستمر مسار النجاحات». وتابع: «إذا لدينا نقص وعيوب أعتذر من الناس». وزاد: «في الظروف الصعبة للعقوبات والحرب الاقتصادية، حظرنا استيراد 2500 نوع من السلع، بما في ذلك السيارات، وكانت نتيجة هذا الحظر وجود ارتفاع أسعارها».
وكان روحاني يشير إلى إعادة العقوبات الأميركية على إيران بعد ثلاثة أشهر من انسحاب دونالد ترمب من الاتفاق النووي في مايو (أيار) 2018.
وقال روحاني إن «بعض القضايا التي كنا نسعى وراءها واجهت مشكلات»، وقال: «المعدات الدفاعية، كان حلمي أن تكون أجهزة الجيش والحرس الثوري بأحدث الأسحلة».

عرقلة فيينا
وانتقد روحاني عرقلة حكومته في مفاوضات فيينا، وجهود رفع الاتفاق النووي، «قد علقنا في مكان ليس وقت مناقشته الآن، لقد كان بإمكاننا تنفيذ أوامر وإطار وضعه المرشد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، لعودة أميركا إلى الاتفاق النووي، لكننا علقنا في مكان ليس وقت الخوض فيه الآن، وإلا لكان بإمكاننا إنهاء الحكومة بشكل أفضل».
وكان روحاني قد ألقى باللوم الأسبوع الماضي، على انتراع فرصة رفع العقوبات، منتقداً قانوناً أقره البرلمان في بداية ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تحت عنوان «الخطوة الاستراتيجية لرفع العقوبات الأميركية»، بموجبه رفعت إيران نسبة نقاء اليورانيوم المخصب إلى 20 في المائة، وبعد ذلك إلى 60 في المائة، وأوقفت العمل بالبروتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة حظر الانتشار النووي، كما أنتجت أول كميات من معدن اليورانيوم، بموازاة تشغيل أجهزة طرد مركزي متقدمة لا يسمح بها الاتفاق النووي، وكلها تزامنت مع تولي إدارة جو بايدن، قبل أن تستأنف الخارجية الأميركية مفاوضات لإعادة التماثل المتبادل في الاتفاق النووي.
وتوقفت محادثات فيينا بعد نهاية الجولة السادسة، في 20 يونيو (حزيران) الماضي، بعد يوم من فوز رئيسي في الانتخابات الرئاسية.
والأربعاء الماضي، وبخ «المرشد» علي خامنئي في اجتماع أخير، المسؤولين في حكومة روحاني على «الثقة بالغرب» و«يجب على الآخرين الاستفادة من تجارب حكومة الرئيس روحاني. وإحداها تجنب الثقة بالغرب. في هذه الحكومة، اتضح أن الثقة بالغرب لا تنفع».
وانتقد خامنئي سعي واشنطن إلى ربط عودتها للاتفاق بمباحثات لاحقة تطال الصواريخ الإيرانية والقضايا الإقليمية.
وبعد خطاب خامنئي، قال سفير إيران الدائم لدى الوكالة الدولية، كاظم غريب آبادي، إن الولايات المتحدة رفضت رفع العقوبات عن 500 شخص وكيان إيراني، مشيراً إلى أن الأميركيين رهنوا كل الاتفاق في فيينا، خصوصاً رفع الحرس الثوري من قائمة المنظمات الإرهابية، بقبول فقرة تنص على مفاوضات لاحقة حول البرنامج القضايا الإقليمية، موضحاً في الوقت ذاته، أن الأميركيين رفضوا إلغاء قانون مكافحة أعداء أميركا من خلال العقوبات (كاتسا).

تباين حول «الثقة بالغرب»
وفي تباين صريح مع موقف خامنئي، نأى ظريف بنفسه وفريقه من شبهة الثقة بالغرب، وقال: «أنا أشهد أن أياً من المفاوضين لم يثق بأميركا في أي وقت». وقال: «لو أردنا الوثوق لكانت النتيجة الصفحتين اللتين أرادهما ترمب والبعض، إذ وصلنا إلى وثيقة اتفاق من 160 صفحة بسبب عدم الثقة، لأننا أردنا أن نتطرق لكل الزوايا».
وأبلغ ظريف، الصحافيين، على هامش اجتماع الحكومة، أنه سينشر كتاباً قريباً من رسالته إلى أمين عام الأمم المتحدة حول «عدم الالتزامات التي لم تعمل بها أميركا خلال 6 سنوات». وقال: «أن يكون الأميركيون والأوربيون غير أوفياء بوعودهم أو لم يتمكنوا بالعمل على التزاماتهم، ليس دليلاً على ثقتنا بهم، وليس دليلاً على أننا أجرينا مفاوضات سيئة». وقال: «نحن ملزمون بالتفاوض بأعين مفتوحة مع العالم... العلاقات الدولية ليست مكاناً للثقة، لا يمكن الوثوق بأقرب الجيران، أقرب الأصدقاء، وأقرب الحلفاء»، وقال: «ليس لنا متحد في العلاقات الدولية».
لكن ظريف عاد، وقال: «يجب أن يعلم الناس مثلما قال المرشد يجب عدم الوثوق بالأجانب، يجب عدم وضع الخطط على أساس الوثوق بالخارج، يجب دائماً وضع الخطط وفق ثقة الناس بنا، لكن يجب الاعتقاد بالناس، يجب الاعتقاد بالطاقات الداخلية، يجب ألا نعتقد أنه سيحدث أي شيء تريده أميركا، لأنها ليست قوة كبيرة، الاتفاق النووي لم تفرضه علينا أميركا، لو فرضته علينا فلم تسعى اليوم وراء إضافة موضوعات أخرى على الاتفاق النووي؟».

مخاوف أميركية
قبل ذلك بيوم، قال المبعوث الأميركي الخاص بإيران، روب مالي في مقابلة نشرتها صحيفة «نيويورك تايمز» السبت، إن «هناك خطراً حقيقياً هنا من أنهم يعودون بمطالب غير واقعية بشأن ما يمكنهم تحقيقه في هذه المحادثات».
وذكرت الصحيفة أن مسؤولي إدارة بايدن دخلوا في حالة تشاؤم حاد بشأن فرصهم في إحياء الاتفاق النووي، قبل أيام من موعد تولي الرئيس المنتخب إبراهيم رئيسي. وأشار إلى تخوف المسؤولين الأميركيين من تسريع الحكومة الجديدة برنامج البحث والإنتاج النوويين، ما يعني إعداد مطالب جديدة للولايات المتحدة.
وسيؤدي رئيسي (60 عاماً) اليمين الدستورية أمام البرلمان الذي يهمين عليه المحافظون الخميس، في خطوة يتبعها تقديم أسماء مرشحيه للمناصب الوزارية من أجل نيل ثقة النواب على تسميتهم.
ونال الرئيس السابق للسلطة القضائية نحو 62 في المائة من الأصوات في الدورة الأولى للانتخابات التي خاضها بغياب أي منافس جدي، وشهدت نسبة مشاركة بلغت 48.8، وهي الأدنى في استحقاق رئاسي منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية عام 1979، فيما بلغت النسبة في العاصمة طهران 26 في المائة.
وسبق لرئيسي أن رفض التفاوض على البرنامجين الصاروخي والإقليمي، وقال إنه لن يسمح بـ«استنزاف الوقت» في فيينا.
وقال سعيد ليلاز، المحلل الاقتصادي المقرب من حكومة روحاني لوكالة الصحافة الفرنسية أمس، إن «مصير الاتفاق النووي» هو من العوامل المؤثرة في حل الأزمة الاقتصادية، معتبراً أن «عدم اليقين» الراهن حيال هذا الملف «مضرّ، وسيكون أشد ضرراً في حال أعلنت إيران أنها لن تفاوض وتالياً ستبقى العقوبات». لكنه يرجّح عدم بلوغ هذا الحد «لأن إيران والولايات المتحدة غير قادرتين على الإبقاء على الوضع القائم، وعلى الطرفين الوصول إلى تسوية».



قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
TT

قلق أميركي من سعي إيران لإعادة حضورها العسكري في سوريا

عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)
عناصر من الميليشيات الإيرانية في سوريا (المرصد السوري لحقوق الإنسان)

تخشى الولايات المتحدة من محاولات إيران لاستعادة حضورها العسكري في سوريا، بما في ذلك خط إمداد «حزب الله»، رغم سحبها الكبير لقواتها من الأراضي السورية بعد انهيار نظام الأسد، الشهر الماضي، في ضربة لاستراتيجيتها الإقليمية، وفقاً لمسؤولين غربيين وإقليميين.

وقال مسؤول أميركي رفيع لصحيفة «وول ستريت جورنال» إن الانسحاب الإيراني من سوريا يمثل نهاية لجهود طهران الإقليمية لنشر النفوذ وشن حروب بالوكالة ضد أميركا وإسرائيل، حيث فر أعضاء في «فيلق القدس»، وتم تفكيك الميليشيات.

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم الأسد خلال الحرب، وأرسلت قوات من «الحرس الثوري» إلى سوريا؛ لمساعدة حليفها على البقاء في السلطة.

بدأت إيران بسحب قواتها بعد انهيار الجيش السوري في أواخر العام الماضي، في ظل ضربات إسرائيلية متواصلة، وكانت غاضبة من الأسد الذي ظل غائباً خلال صراعها مع إسرائيل.

وامتدت شبكة إيران في سوريا من الشرق لنقل الأسلحة والمقاتلين إلى حدود لبنان لتسليح «حزب الله».

وقال مسؤولون غربيون وعرب إن معظم المقاتلين المدعومين من إيران في شرق سوريا، بينهم ضباط من «الحرس الثوري»، فروا إلى القائم بالعراق، بينما هرب بعض الإيرانيين المقيمين في دمشق إلى طهران، ومقاتلو «حزب الله» عبروا إلى لبنان.

وقالت باربرا ليف، المسؤولة عن شؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية، عن مغادرة القوات الإيرانية من سوريا: «إلى حد كبير، نعم... إنه أمر استثنائي».

الرئيس السوري بشار الأسد في لقاء مع وزير الخارجية الإيراني خلال زيارته لسوريا في 2 ديسمبر 2024 (د.ب.أ)

وقالت ليف إن سوريا أصبحت الآن أرضاً معادية لإيران، وأضافت: «هذا لا يعني أنهم لن يحاولوا العودة، لكن الأوضاع هناك معادية للغاية».

وهاجم المرشد الإيراني، علي خامنئي، الأسبوع الماضي، الانتقادات لحضور إيران الإقليمي، قائلاً: «بعض الأشخاص بسبب افتقارهم للفهم وقلة الوعي والتحليل الصحيح للقضايا يقولون إن الدماء التي أريقت في سبيل الدفاع عن الأضرحة قد ذهبت هدراً». وأضاف: «هذا التصور خطأ كبير؛ لأنه لولا قتال الجنرال سليماني ومدافعي الأضرحة لما بقي أثر من المراقد المقدسة، سواء السيدة زينب أو حتى كربلاء والنجف».

وقال دبلوماسيون غربيون إن العسكريين الإيرانيين وحلفاءهم أُجبروا على ترك كمية كبيرة من المعدات والذخائر العسكرية في أثناء هروبهم، وجرى تدميرها لاحقاً بواسطة إسرائيل، أو تم الاستيلاء عليها من قبل «هيئة تحرير الشام» وجماعات أخرى.

وقال مسؤول سابق في «البنتاغون» إن انهيار نظام الأسد قلل من تأثير إيران في المنطقة، وقدرتها على دعم الجماعات المسلحة لتحقيق أهدافها الإقليمية.

في الأيام الأخيرة، أفادت تقارير بأن إيران حاولت زيادة شحنات النقود إلى «حزب الله» في لبنان، وتم تأخير وتفتيش رحلة دبلوماسية إيرانية لدى وصولها إلى بيروت.

صورة نشرها موقع البرلمان الإيراني من سلامي خلال جلسة مغلقة حول سوريا ديسمبر الماضي

ويعتقد المسؤولون الأميركيون أن إيران ستسعى لإعادة الجسر البري، ولكن من غير المحتمل أن تسمح الحكومة السورية الجديدة لـ«الحرس الثوري» الإيراني بتجديد وجوده العسكري بسبب دعمه للأسد.

وفي نهاية ديسمبر (كانون الأول)، توقع خامنئي ظهور «قوة شريفة في سوريا»، قائلاً إن «الشباب الشجعان والغيارى في سوريا سيقومون بطرد إسرائيل».

ویخشی المسؤولون الأمیركيون من أن إيران قد تحاول إعادة نفوذها في سوريا على المدى الطويل، عبر تفعيل الشبكات القديمة، واستغلال عدم الاستقرار في البلد.

قال أندرو تابيلر، المدير السابق لسوريا في مجلس الأمن القومي: «هذا فشل كارثي لإيران. حجم الكارثة سيعتمد على ما إذا كانت سوريا ستظل موحدة»، وأضاف: «قد تجد إيران طريقاٌ للعودة بفضل الانقسامات الطائفية التي لا تزال غير محلولة في ظل النظام الجديد».