واشنطن تبدي «اهتماماً خاصاً» بإقليم دارفور «المنكوب» في السودان

سامنثا باور تلتقي رئيسي مجلسي السيادة والوزراء

TT

واشنطن تبدي «اهتماماً خاصاً» بإقليم دارفور «المنكوب» في السودان

أكدت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، سامنثا باور، أن حكومة بلادها ستبذل قصارى جهدها من أجل تقديم العون للشعب السوداني، وحثت دول العالم على تقديم كل الدعم والمساعدات له، فيما رحبت الحكومة السودانية بمبادرة دولة الجزائر الساعية لحل الخلافات بين الدول الثلاث في ملف سد النهضة.
وزارت باور، أمس، ولاية شمال دارفور، حيث التقت حاكم الولاية، نمر محمد عبد الرحمن، وبحثت معه قضايا النازحين واللاجئين والاحتياجات الخدمية في مجالات الصحة والتعليم والمياه والكهرباء. وقالت، بحسب وكالة أنباء السودان الرسمية، إن الإدارة الأميركية تبدي اهتماماً بشكل خاص بقضايا إقليم دارفور ومعاناة أهله جراء ظروف الحرب التي شهدها في السنوات الماضية.
وأضافت أن «ثورة ديسمبر (كانون الأول) ألهمت جميع شعوب العالم معاني الثورات، ويجب على العالم تقديم الدعم والمساعدات للشعب السوداني»، مؤكدة أن «السودان دولة تسعي لقيام نظام ديمقراطي يقوده المدنيون بعد أن أزال الشعب السوداني الشجاع النظام الديكتاتوري من الحكم». وأشارت إلى أنها زارت السودان في عام 2004 للتقصي حول الإبادة الجماعية في دارفور التي نفذها نظام كان يبدو أن قبضته في السلطة لن تتزعزع.
وتابعت: «لم أتخيل حينها أن السودان سيتمكن في يوم من الأيام من أن يصبح نموذجاً ملهماً للعالم بأنه لا يوجد أي زعيم عصي على إرادة الشعب أن تطيح به».
ووصلت مديرة المعونة الأميركية الخرطوم ليل أول من أمس، في زيارة تستغرق 4 أيام، تلتقي خلالها رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، ورئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وعدداً من المسؤولين في الحكومة السودانية. وقال حاكم شمال دارفور، نمر محمد عبد الرحمن، مخاطباً المجتمع الدولي: «إن التحديات التي تواجه السودان، خاصة دارفور، لتجاوز آثار الحرب والنزاعات، والانتقال إلى مرحلة البناء والتنمية، كبيرة، وهي تتطلب مساهمة المجتمع الدولي».
وأشار إلى ضرورة توفير متطلبات العودة الطوعية للنازحين واللاجئين، وبسط وتوفير الأمن وحماية المدنيين. ورافق باور في زيارتها لولاية شمال دارفور كل من القائم بأعمال سفارة الولايات المتحدة بالخرطوم براين شوكان، ومدير الوكالة الأميركية للتنمية الدولية بالسودان، ورؤساء الأقسام والمكاتب بالوكالة.
وستبحث مديرة المعونة الأميركية باور تعزيز شراكة الحكومة الأميركية مع قادة السلطة الانتقالية في السودان والمواطنين، وتوسيع دعم الوكالة للحكومة الانتقالية بقيادة المدنيين. وذكر بيان الوكالة الأميركية أن باور «ستركز في لقاءاتها بالمسؤولين السودانيين على تناول الوضع الانتقالي الواعد الهش، ودور المجتمع المدني ووسائل الإعلام المستقل».
ومن المقرر أن تزور مديرة الوكالة معسكرات اللاجئين الإثيوبيين على حدود السودان الشرقية مع إثيوبيا. وشدد البيان أن زيارة باور إلى إثيوبيا ستركز على ممارسة مزيد من الضغوط على الحكومة الإثيوبية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية دون عوائق لمنع وقوع مجاعة في إقليم التيغراي.
وفي غضون ذلك، عبر وزير الخارجية الجزائري، رمطان لعمامرة، الذي يزور الخرطوم هذه الأيام عن رغبة بلاده في التوسط لحل الخلافات بين السودان ومصر وإثيوبيا. وقد وجدت المبادرة ترحيباً من الحكومة السودانية التي أبدت قلقها إزاء الأوضاع في الجارة إثيوبيا، وحرصها على الأمن والاستقرار فيها. وقالت وزيرة الخارجية السودانية، مريم المهدي، لدى لقائها نظيرها الجزائري بالخرطوم أمس: «نأمل في عودة إثيوبيا إلى رشدها في التعاطي مع الموقف السوداني بمسؤولية وإرادة».
وأكد وزير الشؤون الخارجية الجزائرية والجالية الوطنية رمطان لعمامرة أن «الجزائر تسعى إلى معالجة أزمة سد النهضة بالدفع الإيجابي لتوفر الإرادة والثقة لدى الأطراف لفتح آفاق للتفاوض». وأشاد لعمامرة بدور السودان ودول الجوار في مساعدة ليبيا على الوصول إلى الاستقرار. وبحث الوزيران، بحسب بيان صحافي صادر عن الخارجية السودانية، إلى جانب علاقات التعاون بين البلدين، قضية سد النهضة والملف الليبي.
وأكدت المهدي أن بلادها تسعى إلى الوصول إلى حل دبلوماسي لأزمة سد النهضة، مشددة على ضرورة الاتفاق القانوني الملزم حول ملء وتشغيل السد. وبشأن الملف الليبي، دعت وزيرة الخارجية السودانية إلى ضرورة تنسيق الجهود لمساعدة الأطراف الليبية على الوصول إلى اتفاق وحل يحقق السلام والاستقرار، مشيرة إلى أن السودان لن يدخر جهداً في سبيل تحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا، ومحاصرة الصراع وتداعيات الوضع على الجوار والمنطقة.
ووصل وزير الخارجية الجزائري الخرطوم الجمعة حاملاً رسالة من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إلى رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».