واشنطن ترحب بالعقوبات الأوروبية لتعزيز مساءلة القادة «الفاسدين»

TT

واشنطن ترحب بالعقوبات الأوروبية لتعزيز مساءلة القادة «الفاسدين»

في خطوة اعتبرها مراقبون ثمرة تنسيق أوروبي أميركي من أجل زيادة الضغوط على السياسيين اللبنانيين، وفي الوقت الذي تتحدث فيه أوساط سياسية عن قرب صدور خطوة أميركية مشابهة، رحبت الولايات المتحدة بتبني الاتحاد الأوروبي «نظام عقوبات جديدا لتعزيز المساءلة والإصلاح في لبنان». وقال بيان مشترك صدر عن وزيري الخارجية أنتوني بلينكن ووزيرة الخزانة جانيت يلين، إن العقوبات تهدف من بين أمور أخرى، إلى فرض تغييرات في السلوك وتعزيز مساءلة المسؤولين اللبنانيين والقادة الفاسدين الذين شاركوا في سلوك خبيث. ورحب الوزيران باستخدام الاتحاد الأوروبي لهذه الأداة القوية لتعزيز المساءلة على نطاق عالمي، قائلين إن الولايات المتحدة تتطلع للتعاون مع الاتحاد في المستقبل ضمن جهودنا المشتركة. وأضاف البيان أنه مع تزايد أعداد اللبنانيين الذين يعانون بسبب الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في البلاد، من الأهمية بمكان أن يستجيب القادة اللبنانيون لدعوات شعبهم المتكررة لوضع حد للفساد المستشري وتقاعس الحكومة عن العمل وتشكيل حكومة قادرة على الشروع في الإصلاحات الحاسمة لمعالجة الوضع المتردي في البلاد.
وكان الاتحاد الأوروبي أعلن أول من أمس (الجمعة) أنه أرسى الإطار القانوني لفرض عقوبات على قادة لبنانيين مسؤولين عن التعطيل السياسي في البلاد، وذلك في مسعى لتسريع تشكيل حكومة لبنانية جديدة، ووضع إصلاحات بنيوية وتنفيذها لإخراج البلد من أزمته. ويتيح الإطار القانوني إمكانية فرض عقوبات على الأشخاص والكيانات «المسؤولة عن التعرض للديمقراطية أو لسيادة القانون في لبنان». ويتعين أن تحظى قائمة الأشخاص والكيانات الذين ستشملهم العقوبات، بموافقة أعضاء الاتحاد الـ 27 بالإجماع، حيث يتوقع أن يتم ذلك في اجتماع وزراء الخارجية المقبل في 21 سبتمبر (أيلول) المقبل.
في هذا الوقت نشر معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، شهادة مكتوبة قدمها المساعد السابق لوزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شنكر، أمام اللجنة الفرعية للشؤون الخارجية في مجلس النواب حول الشرق الأوسط، يصف فيها «عجز مؤسسات الدولة اللبنانية وكيفية مواجهة الفساد الراسخ وهيمنة إيران و(حزب الله) على لبنان». وقال شنكر إنه حتى لو تم تشكيل حكومة في بيروت اليوم، فالأمور يمكن أن تزداد سوءا وهي ستزداد قبل أن تتحسن، لأن تنفيذ الإصلاحات سيستغرق وقتا طويلا، وفي أحسن الأحوال يحتاج الأمر لعقود حتى يتعافى لبنان. وحذر من زيادة تدهور الأمن العام ومن زيادة الإحباط والجوع، والجرائم الصغيرة والعنيفة، قائلا إن نزاهة المؤسسات اللبنانية، بما في ذلك الأجهزة الأمنية ستكون على المحك، وتحديدا دور الجيش اللبناني.
وأضاف شنكر أنه تظل العقوبات أداة مفيدة وعلى واشنطن أن تستمر في معاقبة النخب السياسية اللبنانية، بغض النظر عن الطائفة، التي تديم نظام الفساد المستشري الذي أدى إلى خراب الدولة. وهذا لا يشمل مسؤولي «حزب الله» فقط، ولكن أيضا يشمل حلفاءه السياسيين وغيرهم ممن يعرقلون تشكيل حكومة ذات توجه إصلاحي وتنفيذ الإصلاحات.
وقال شنكر: «يجب على إدارة الرئيس بايدن، التي تفتخر بإعادة بناء العلاقات مع الشركاء الأوروبيين، التعامل مع هؤلاء الشركاء لمتابعة الالتزامات بتعيين النخب اللبنانية للمساعدة في تعزيز سلوك أكثر إنتاجية». وأضاف أنه من نواحٍ عديدة، تكون العقوبات الأوروبية أكثر تأثيرا وذات مغزى لهذه الجهات الفاعلة في لبنان من العقوبات الأميركية. وتأتي موافقة الاتحاد الأوروبي على الإطار القانوني، بعد أيام على تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل حكومة جديدة، بعد اعتذار سعد الحريري الذي كلف طوال 9 أشهر لتشكيلها، لكنه عجز عن ذلك في ظل الانقسام السياسي وهيمنة «حزب الله». وتستهدف العقوبات الأوروبية من يعرقلون تأليف الحكومة، وتشمل حظر سفرهم إلى دول الاتحاد وتجميد أصول أفراد وكيانات، كما يحظر على الأفراد والكيانات الأوروبيين إتاحة الأموال للمدرجين على قائمة العقوبات. ويحتفظ الاتحاد الأوروبي بحق معاقبة المسؤولين عن تقويض تنفيذ الخطط التي أقرتها الحكومة اللبنانية وتدعمها الجهات الفاعلة الدولية ذات الصلة، بما فيها الاتحاد الأوروبي، بهدف تحسين المساءلة والحوكمة الرشيدة في القطاع العام أو تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الأساسية.
كما ذكر البيان القطاع المصرفي والمالي، طالبا «اعتماد تشريعات شفافة وغير تمييزية بشأن تحويل الأموال» إلى الخارج. وجاءت الخطوة الأوروبية بعد ساعات من إعلان المتحدّثة باسم الخارجية الفرنسية أنياس فون در مول خلال مؤتمر صحافي عبر الإنترنت أن بلادها «مستعدة لزيادة الضغط مع شركائها الأوروبيين والدوليين على المسؤولين السياسيين اللبنانيين» لتسريع تشكيل الحكومة.
وشدّدت على أن «تشكيل حكومة على وجه السرعة، تعمل بأقصى طاقتها وقادرة على إطلاق الإصلاحات التي يتطلبها الوضع وتشكل شرطا لأي مساعدة بنيوية، تبقى الأولوية».
وتنظم باريس الأربعاء المقبل في الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت مؤتمر دعم دولي بهدف «تلبية احتياجات اللبنانيين الذين يتدهور وضعهم كل يوم»، في إطار مساعدات إنسانية يقدّمها المجتمع الدولي مباشرة إلى اللبنانيين، من دون المرور بالمؤسسات الرسمية.



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.