حارث الضاري عادى العملية السياسية في العراق ومات في إسطنبول

رحيل أمين عام هيئة العلماء المسلمين في العراق

حارث الضاري
حارث الضاري
TT

حارث الضاري عادى العملية السياسية في العراق ومات في إسطنبول

حارث الضاري
حارث الضاري

على الرغم من انتمائه إلى عائلة عريقة في العراق ومحافظة الأنبار (جده ضاري المحمود شيخ مشايخ عشائر زوبع وقاتل الكولونيل الإنجليزي الشهير ليجمان)، فإن تداول اسم حارث الضاري بدأ عقب الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003 حين أعلن عن تأسيس هيئة علماء المسلمين في العراق التي ضمت عددا من كبار رجال الدين السنة. وجاء تأسيس الهيئة في بداياتها بوصفها مرجعية دينية لأهل السنة على غرار المرجعية الدينية الشيعية التي برزت كثيرا عقب الاحتلال الأميركي للعراق سواء بشخص المرجع الشيعي الأعلى آية الله العظمى علي السيستاني أو عدد آخر من كبار مراجع ورجال الدين الشيعة الكبار.
وبدا أن القضية الأساسية التي واجهتها الهيئة بالإضافة إلى سلسلة الانشقاقات المبكرة بين أعضائها، هي صدامها المباشر مع الأميركان وتبنيها فيما بعد فكرة المقاومة ضد الاحتلال حتى بنسختها الأكثر تطرفا بما في ذلك ممارسات «القاعدة». الأميركان كانوا طوال السنوات الثلاث من احتلالهم للعراق (2003 - 2004 - 2005) قد فتحوا خطوطا مع الهيئة التي اختارت جامع أم القرى في جانب الكرخ ببغداد مقرا لها، لكن هذا لم يدم طويلا بعد انخراط الهيئة في مشروع المقاومة ظالمة أم مظلومة. الأمر نفسه تكرر مع الحكومة العراقية آنذاك، ففي الوقت الذي بدت فيه العلاقة طبيعية، وبدا أن هناك اتجاها لدى الحكومة آنذاك للتعامل مع الهيئة بوصفها رقما صعبا في المعادلة السياسية، فإن الخلافات بدأت تكبر، ولم يعد بمقدور أمين عام الهيئة الدكتور حارث الضاري ونجله مثنى البقاء داخل العراق.
وحين خرج الضاري ونجله وعدد من قيادات الهيئة الأكثر تشددا من أمثال الشيخ محمد بشار الفيضي ومحمد عياش الكبيسي، خارج العراق، اتخذوا خطا متشددا في التعامل مع ما يجري في العراق، إيجابيا كان أم سلبيا، نزع عن الهيئة آخر ما تبقى لها من رمزية سنية وجعلها حتى من خلال القناة الفضائية التي تملكها (قناة الرافدين) طرفا معاديا للجميع بمن في ذلك أهل السنة الذين دخلوا العملية السياسية نوابا ووزراء، بل وحتى داخل المؤسسة العسكرية «جيشا أو شرطة اتحادية»، وتعدى ذلك إلى كثير من الوظائف المدنية.
أهل السنة يأخذون على الهيئة إصدارها فتاوى جعلتهم (السنة) يخسرون كثيرا ويتأخرون سنوات للحاق بما حققه نظراؤهم في الوطن؛ الشيعة والأكراد. وهناك من يشبه فتاوى الشيخ الراحل حارث الضاري بعدم المشاركة في كتابة الدستور ومنع الناس من المشاركة بالانتخابات أو الالتحاق بالوظائف، بما كان أصدره علماء الشيعة أوائل عشرينات القرن الماضي بحجة الاحتلال البريطاني.
وفي وقت كان فيه والد الشيخ حارث الضاري يصوّب بأمر من أبيه الشيخ ضاري المحمود أحد قادة ثورة العشرين في العراق، البندقية باتجاه الكولونيل ليجمان فيرديه قتيلا وهو ما أثار غضبا شديدا في بريطانيا مما أطلق العنان لأهازيج تمجد فعل الضاري آنذاك ومنها الأهزوجة الشهيرة: «هز لندن ضاري وبجّاها»، فإن وفاة الضاري بعد صراع مع المرض في إسطنبول أمس، طبقا للبيان المقتضب لهيئة علماء المسلمين جاء بعد أن عمل طوال السنوات الماضية على أن يصارع من الخارج النفوذ الإيراني في العراق. ولعل الضاري قبل موته بساعات كان يشاهد موكب الجنرال قاسم سليماني وهو يمر في طريقه إلى صلاح الدين بالقرب من الخان المشهور في قضاء أبي غريب وهو «خان ضاري» الذي يضم رفات جده ضاري المحمود، بينما سيوارى جثمان الحفيد حارث في إحدى مقابر الغرباء في عمان.



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).