عون مستعد للإدلاء بإفادته أمام المحقق العدلي في ملف انفجار المرفأ

خليل: لم يعد مبرراً عدم القبول برفع الحصانات عن الجميع

الرئيس اللبناني ميشال عون مجتمعاً أمس مع القاضي غسان عويدات (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون مجتمعاً أمس مع القاضي غسان عويدات (دالاتي ونهرا)
TT

عون مستعد للإدلاء بإفادته أمام المحقق العدلي في ملف انفجار المرفأ

الرئيس اللبناني ميشال عون مجتمعاً أمس مع القاضي غسان عويدات (دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال عون مجتمعاً أمس مع القاضي غسان عويدات (دالاتي ونهرا)

أبدى الرئيس اللبناني ميشال عون استعداده للإدلاء بإفادته في ملف انفجار مرفأ بيروت «في حال قرر المحقق العدلي الاستماع إليه عملاً بالمادة 85 من قانون أصول المحاكمات الجزائية»، ولاقاه النائب علي حسن خليل بتأكيد «استعدادنا للمثول أمام المحقق العدلي»، مضيفاً أنه «لم يعد مبرراً عدم القبول برفع الحصانات عن الجميع من دون استثناء».
وساد جدال بين القوى السياسية اللبنانية حول ادعاء المحقق العدلي في ملف انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق البيطار على أربعة وزراء سابقين وأمنيين وموظفين وقضاة، مع تلميحات إلى شبهات بالاستنسابية، ما عرقل ملف الاستدعاءات. وكان الرئيس سعد الحريري تقدم باقتراح يقضي بـ«تعليق كل المواد القانونية التي تقدم الحصانات لرئيس الجمهورية ورؤساء الحكومات والنواب ‏والوزراء وحتى المحامين» بما يتيح الادعاء عليهم في الملف.
وأشار الرئيس عون خلال استقباله النائب العام لدى محكمة التمييز القاضي غسان عويدات، إلى «ضرورة إحقاق العدالة كاملة في جريمة انفجار مرفأ بيروت في 4 أغسطس (آب) 2020، وقد أصبحنا على مشارف أيام معدودة من الذكرى السنوية الأولى لهذه الفاجعة الإنسانية والعمرانية التي تركت ندوباً في جسد الوطن ولدى كل مواطن».
وقالت الرئاسة اللبنانية في بيان، إنه «مع حرصه على مجريات التحقيق وسريته وسلطان تقدير المحقق العدلي، أبدى رئيس الجمهورية استعداده المطلق للإدلاء بإفادته في حال قرر المحقق العدلي الاستماع إليه عملاً بالمادة 85 من قانون أصول المحاكمات الجزائية»، معتبراً أن «لا أحد فوق العدالة مهما علا شأنه، وأن العدالة إنما تتحقق لدى القضاء المختص الذي تتوافر في ظله ضمانات القضاة والمتقاضين معاً».
وكان عون أقر بأنه تبلغ تقرير المديرية العامة لأمن الدولة بتاريخ 20/ 7/ 2020، أي قبل أسبوعين من الانفجار بسبب وجود كمية كبيرة من نيترات الأمونيوم في أحد عنابر مرفأ بيروت. وقالت الرئاسة إنه فور تبلغ ‏الرئيس بالتقرير المذكور، قام مستشاره العسكري والأمني ‏بإعلام الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع في رئاسة مجلس الوزراء بهذا التقرير لإجراء اللازم.
ولم يطلب المحقق العدلي في وقت سابق الاستماع إلى الرئيس اللبناني. ووسط التباينات السياسية، لاقى النائب علي حسن خليل، عضو كتلة «التنمية والتحرير» الذي ادعى عليه القاضي البيطار في وقت سابق على خلفية كونه كان وزيراً للمال أثناء وجود النيترات في المرفأ، الرئيس اللبناني في الموقف، مؤكداً استعداده للمثول أمام المحقق العدلي.
وقال خليل في تغريدة أمس: «انسجاماً مع ما أعلنه فخامة رئيس الجمهورية، نؤكد كما قلنا منذ اليوم الأول استعدادنا للمثول أمام المحقق العدلي في جريمة المرفأ للاستماع إلينا والخضوع للتحقيق أمام القضاء المختص، وبالتالي لم يعد مبرراً عدم القبول برفع الحصانات عن الجميع من دون استثناء».
وادعى البيطار على أربعة وزراء؛ هم علي حسن خليل (كان وزيراً للمال، وهي المرجعية الإدارية للجمارك)، ووزيرا الأشغال العامة السابقان غازي زعيتر ويوسف فنيانوس (وزارة الأشغال هي المرجعية الإدارية لإدارة المرافئ)، ووزير الداخلية الأسبق نهاد المسنوق، إلى جانب مدير عام الأمن العام اللواء عباس إبراهيم، ومدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا، وقائد الجيش السابق العماد جان قهوجي، وموظفين آخرين وقضاة.
وقالت وسائل إعلام محلية أمس، إن المحقّق العدلي في جريمة تفجير المرفأ طلب الحصول على إذن ملاحقة مدير عام أمن الدولة اللواء طوني صليبا من المجلس الأعلى للدفاع. وكان البيطار تقدّم بالطلب نفسه إلى رئاسة الحكومة، إلا أنّ رئاسة الجمهوريّة طلبت رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل، فكان ردها بأن صلاحيّة إعطاء الإذن منوطة بالمجلس الأعلى للدفاع.
وتعقد الخلافات السياسية استدعاء الوزراء السابقين، بينهم 3 نواب يفترض بمجلس النواب أن يرفع الحصانة النيابية عنهم. وقال النائب خليل، وهو المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري في حديث تلفزيوني: «هناك محاولة للتصوير بأن هناك مشكلة في الحصانات النيابية وغيرها». وقال: «نحن في كتلة التنمية والتحرير قلنا إننا نؤيد رفع الحصانة عن كل المسؤولين في البلد، ونؤيد السير في مشروع رفع الحصانات»، مضيفاً: «اليوم هناك تصويب على المجلس النيابي، وتوجد محاولة لحرف التحقيق عن مساره، ما يطرح علامات استفهام حول ما يريده هؤلاء وحول تصفية الحسابات».
وأكد خليل أن «من تعاون مع المحقق العدلي السابق هو المجلس النيابي، ولا علاقة لنا لا من قريب ولا من بعيد بقضية المرفأ»، متهماً قوى سياسية في الداخل بأنها «لا يهمها أهالي الشهداء، بل تريد استغلال الدماء لمصالح خاصة، وتسعى إلى حرف المسار عن الحقيقة، منذ وصول الباخرة حتى الانفجار»، لافتاً إلى «أننا قلنا للمحقق العدلي إنه قادر على تصويب المسار وتحديد المسؤوليات وفق النص الدستوري».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.