القاهرة تدعو مجدداً إلى التوصل لحل «عادل» لقضية «السد»

أكدت استمرار التنسيق مع فرنسا للحفاظ على أمنها المائي

مقطع فيديو تم الحصول عليه من السلطات الإثيوبية يُظهر المياه المتدفقة من «سد النهضة» (أ.ف.ب)
مقطع فيديو تم الحصول عليه من السلطات الإثيوبية يُظهر المياه المتدفقة من «سد النهضة» (أ.ف.ب)
TT

القاهرة تدعو مجدداً إلى التوصل لحل «عادل» لقضية «السد»

مقطع فيديو تم الحصول عليه من السلطات الإثيوبية يُظهر المياه المتدفقة من «سد النهضة» (أ.ف.ب)
مقطع فيديو تم الحصول عليه من السلطات الإثيوبية يُظهر المياه المتدفقة من «سد النهضة» (أ.ف.ب)

دعت القاهرة مجدداً إلى التوصل لحل «عادل» لقضية «سد النهضة» الإثيوبي، مؤكدةً «ثوابتها في الحفاظ على أمنها المائي». في حين قالت «الري المصرية» إن «التعاون الثنائي مع دول حوض النيل والدول الأفريقية يعد أحد المحاور الرئيسية في السياسة الخارجية المصرية، في ظل ما تمتلكه مصر من إمكانيات بشرية وخبرات فنية ومؤسسية في الموارد المائية». وتجمدت المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن «السد» منذ أبريل (نيسان) الماضي، بعد أن فشلت في التوصل إلى اتفاق حول آلية ملء وتشغيل «السد»، المقام على الرافد الرئيسي لنهر النيل، الأمر الذي دعا مصر والسودان لعرض النزاع على مجلس الأمن الدولي أخيراً بانتظار البت فيه. وأجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري، اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان، تمت خلاله مناقشة عدد من الموضوعات ذات الاهتمام المشترك، وذلك في إطار التشاور والتنسيق السياسي المستمرين بين البلدين. وقد تناول الاتصال تطورات قضية «سد النهضة»، والوضع السياسي في تونس، والموقف الحالي في لبنان، بالإضافة إلى عدد من الجوانب الخاصة بالعلاقات الثنائية المصرية - الفرنسية. ووفق بيان لـ«الخارجية المصرية» مساء أول من أمس، أكد «الوزير شكري ثوابت الموقف المصري، وعلى رأسها ضرورة التوصل لحل (عادل) لقضية (السد) يحقق الأمن المائي لمصر من خلال اتفاق (قانوني مُلزم) لملء وتشغيل (سد النهضة)»، لافتاً إلى «تطلع بلاده لاستمرار التشاور والتنسيق مع فرنسا في هذا الشأن بوصفها عضواً دائماً في مجلس الأمن الدولي». وتتفاوض مصر والسودان مع إثيوبيا، منذ أكثر من 10 سنوات، بهدف عقد اتفاق «قانوني» ينظّم عمليتي الملء والتشغيل للسد؛ لكن لم يتم التوصل لاتفاق. وأعلنت الحكومة الإثيوبية أخيراً اكتمال مرحلة الملء الثاني للسد، بداعي توليد الكهرباء، في خطوة أثارت غضب مصر والسودان.
وذكرت إثيوبيا أن «الملء الثاني تم بطريقة لم تُلحق أي ضرر بدولتي المصب، مصر والسودان». في غضون ذلك، أكد وزير الري المصري محمد عبد العاطي، أن «التعاون الثنائي مع دول حوض النيل والدول الأفريقية يعد أحد المحاور الرئيسية في السياسة الخارجية المصرية في ظل ما تمتلكه مصر من إمكانيات بشرية وخبرات فنية ومؤسسية متنوعة في مجال الموارد المائية وغيرها من المجالات، ويتم من خلال هذا التعاون تنفيذ كثير من المشروعات التنموية التي تعود بالنفع المباشر على مواطني تلك الدول، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة ورفع مستوى معيشة المواطنين بما يسمح بمواجهة التحديات التي تتعرض لها القارة الأفريقية، مثل الزيادة السكانية، وانتشار الفقر والأمية، والأمراض»، موضحاً أن «التعاون في مجال الموارد المائية بين مصر والدول الأفريقية يعد نموذجاً ناجحاً للتعاون بين مصر وأشقائها الأفارقة».
وشهدت القاهرة خلال الأيام القليلة الماضية، نشاطاً أفريقياً موسعاً، واستقبلت مسؤولين من دول ومؤسسات بارزة، تباحثوا خلالها مع نظرائهم المصريين بشأن العلاقات الثنائية والتعاون الإقليمي. وتؤكد القاهرة «الاهتمام المشترك بتعزيز العلاقات الثنائية مع الدول في مختلف المجالات، والارتقاء بها إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية بما يجعلها نموذجاً يحتذى به للشراكة التنموية بين دول حوض النيل».
وذكر الوزير عبد العاطي خلال لقاء جمعه بنائب رئيس جمهورية جنوب السودان المسؤول عن الملف الاقتصادي جيمس واني، ووزير الموارد المائية والري بجنوب السودان ماناوا بيتر، مساء أول من أمس، أنه «يتم عقد دورة تدريبية سنوية تهدف لبناء وتنمية قدرات الباحثين والمتخصصين من أبناء دول حوض نهر النيل، في مجال هندسة الأنهار والمنشآت المائية، والمساهمة في تدعيم التعاون وتبادل المعلومات والتكامل بين مهندسي المياه بدول حوض النيل»، موضحاً أنه «يتم تدريس الكثير من الموضوعات العلمية المتعلقة بالمياه مثل (تنمية المصادر المائية، والنماذج الهيدروليكية للأنهار، وتصميم المنشآت المائية، وهندسة السدود، ومحطات التوليد الكهرومائية، ونظم المعلومات الجغرافية، والاستشعار عن بُعد)».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.