رفض «الوطني الحر» اقتراح تعليق الحصانات عقبة بوجه «المستقبل»

TT

رفض «الوطني الحر» اقتراح تعليق الحصانات عقبة بوجه «المستقبل»

شكّل رفض كتلة نواب التيار «الوطني الحر» لاقتراح التعديل الدستوري الذي يعمل عليه تيّار «المستقبل» في موضوع تعليق الحصانات في جريمة انفجار المرفأ، عقبة إضافية تَحول دون إقرار هذا التعديل الذي يحتاج إلى موافقة ثلثي أعضاء مجلس النواب، فضلاً عن ضرورة انتظار بدء العقد العادي للمجلس في أكتوبر (تشرين الأول) وشرط وجود حكومة فاعلة لا حكومة تصريف أعمال.
وأشار عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار، إلى أنّ رفض «الوطني الحر» للاقتراح لا يعني تراجع «المستقبل»، فالجولة على الكتل النيابية والتي بدأت منذ يومين مستمرة وستنتهي الأسبوع المقبل، إذ من المفترض أن يلتقي وفد من «المستقبل» اليوم كتلة النائب طوني فرنجية وخلال الأيام اللاحقة كتلة نواب «حزب الله» وحزب «القوات اللبنانية»، لافتاً في حديث مع «الشرق الأوسط» إلى أنّه حتى اللحظة لم تعبّر أي كتلة عن رفضها للاقتراح باستثناء كتلة نواب «التيار الوطني الحر»، فيما أعلنت كتلة رئيس مجلس النواب نبيه بري تأييدها للاقتراح ولم تعطِ كتلة نواب الحزب «التقدمي الاشتراكي» جواباً نهائياً بانتظار دراسة الاقتراح مع تأكيدها التمسك بمبدأ رفع الحصانات.
وأعلن عضو كتلة «لبنان القوي» (تضم نواب التيار) النائب نقولا صحناوي، أمس، أن التكتل رفض اقتراح تيار «المستقبل» الخاص بتحقيقات انفجار المرفأ، لما يتضمنه من معوقات تحول دون تحقيق المطلوب. وأشار صحناوي، خلال مؤتمر لنوّاب بيروت في التكتل، إلى أنهم سيتقدّمون برسالة إلى مجلس النواب تستند إلى دراسة قانونية تشرح موضوع الحصانات، طالباً من المحقق العدلي عدم توفير أي جهد للوصول إلى الحقيقة لمعرفة مَن فجر المرفأ.
وفي حين يشرح الحجار أنّ «المستقبل» قدّم اقتراحين؛ الأول يتعلق بتعليق بعض المواد الدستورية الخاصة بحصانات النواب أو الامتيازات القضائية لكل الرؤساء والوزراء، والآخر قانوني عادي لا يتعلق بالدستور بل بتعليق كل الامتيازات القضائية الممنوحة للقضاة والموظفين والمحامين والأمنيين وبأذونات ملاحقتهم، يشير إلى أنّ الأول يتطلب موافقة 10 نواب على مبدأ التعديل فيطرح الأمر على الهيئة العامة، وهذا الأمر مؤمَّن حتى اللحظة و«المستقبل» سيتقدم بالاقتراح بعد انتهاء الجولة على الكتل النيابية وسيذهب به إلى النهاية بانتظار العقد العادي.
ويرى الحجار أنّ «المستقبل» مع رفع الحصانات ولكن في حال رفعها عن النواب والوزراء السابقين المشتبه بهم في موضوع المرفأ سيبقى هناك مجال للأخذ والرد والاجتهاد حول الجهة التي يحاكَمون أمامها، وبالتالي فإنّ ما يسعى إليه الاقتراح توحيد الجهة التي يحاكَمون أمامها على أن تكون المجلس العدلي، مستغرباً رفض «التيار» هذا الاقتراح الذي من شأنه أن يسهّل مسار التحقيق والوصول إلى الحقيقة.
وشدّد الحجار على أنّه لا أحد مستهدفاً من هذا التعديل، فهو يتعلّق، بالإضافة إلى رئيس الجمهورية، بالوزراء والنواب والقضاة والأمنيين، والهدف منه إزالة كلّ العقبات أمام التحقيق، مشيراً إلى أنّ الاقتراح بالتأكيد لا يعطل مسار العمل القضائي الذي يسير فيه المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار.
وجاء اقتراح تيار «المستقبل» بعد حملة وجّهت ضدّ عدد من نوابه ونواب «حركة أمل» و«حزب الله» والكتلة «القومية» إثر توقيعهم على عريضة ترفض محاكمة النواب أمام القضاء العدلي في قضية المرفأ وتُطالب بأن تكون المحاكمة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء.
وبرزت العريضة بعد شهر تقريباً من توجيه المحقق العدلي في قضية انفجار المرفأ كتاباً إلى مجلس النواب بواسطة النيابة العامة التمييزية طلب فيه رفع الحصانة النيابية عن وزير المال السابق علي حسن خليل، ووزير الأشغال السابق غازي زعيتر، ووزير الداخلية السابق نهاد المشنوق، تمهيداً للادعاء عليهم وملاحقتهم بجناية القصد الاحتمالي لجريمة القتل وجنحة الإهمال والتقصير.
وفي إطار حشد الدعم وبعد لقاء «المستقبل» نواب الحزب «الاشتراكي» وكذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري، خلال اليومين الماضيين، حمل أمس وفد من نواب تيار «المستقبل» عريضة تعليق الحصانات إلى كتلة الرئيس المكلف نجيب ميقاتي التي أيّدت الاقتراحين، كما أعلن النائب نقولا نحاس.
ورأى نحاس أنّ تأييد الاقتراحين جاء من منطلق وجوب إنهاء الجدال الذي يدور حول الموضوع وليس في صلبه، مشيراً إلى أنّ الحصانات يجب أن تُرفع عن الجميع من دون استثناء، لأن انفجار المرفأ شكّل أزمة وطنية حقيقية ولا يجوز التعاطي معه كأنه قضية عادية، فالملف هو بمثابة قضية أمن قومي ولذلك يجب التعاطي معه بشكل استثنائي، من خلال رفع الحصانة التي تعد أساساً في كشف الحقيقة وجزءاً بسيطاً من مسار الوصول إلى الحقيقة.
وفي الوقت الذي يُرجّح ألا يكون موقف «حزب الله» من اقتراح «المستقبل» بعيداً عن موقف كتلة «حركة أمل» المؤيّد، يؤكّد مصدر في «القوات» أنّه وفي هذا التوقيت تكمن الأولوية في التجاوب مع طلب المحقق العدلي رفع الحصانة عن النواب الثلاثة، وأن على رئيس المجلس النيابي أن يدعو الهيئة العامة من أجل النظر بهذا الطلب والتصويت على رفع الحصانات، إذ على الكتل النيابية التي لا تريد التصويت على الموضوع أن تتحمّل مسؤوليتها.
ويضيف المصدر في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ اقتراح «المستقبل» أمر آخر، وهو قابل للدرس والبحث وتحديداً في موضوع المرفأ، مع الإشارة إلى أن تعليق كل الحصانات يستدعي مساراً دستورياً طويلاً يمكن السير به ولكن قبل كل ذلك لا بدّ من التجاوب مع طلب القاضي بيطار.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.