جيما نونو كومبا... وإدارة «التعايش الصعب»

أول امرأة ترأس برلمان جنوب السودان

جيما نونو كومبا... وإدارة «التعايش الصعب»
TT

جيما نونو كومبا... وإدارة «التعايش الصعب»

جيما نونو كومبا... وإدارة «التعايش الصعب»

لن يكون على عاتق جيما نونو كومبا، الرئيسة الجديدة لبرلمان جمهورية جنوب السودان، إصدار تشريعات لازمة لبناء الدولة الوليدة فقط، بل مهمة أثقل، تتمثل في حفظ وتثبيت السلام الهش، وإدارة تعايش وُصف بـ«صعب» بين طرفين متناحرين، وممثلين معاً داخل المجلس النيابي المعاد تشكيله.
كومبا، الأمينة العامة الحالية للحزب الحاكم في جنوب السودان، عُينت خلال الأسبوع الماضي رئيسة جديدة لمجلس النواب، لتغدو أول امرأة تحوز هذا المنصب، في هذه الدولة التي نالت استقلالها منذ 10 سنوات فقط. وجاء تعيين كومبا عقب اجتماع للجمعية العامة للحزب في العاصمة جوبا، برئاسة سلفا كير ميارديت رئيس جمهورية جنوب السودان. وبدا أن الرئيسة الجديدة للبرلمان تحظى بتوافق كبير وسط قيادات الحزب الحاكم، إذ قوبل إعلان تعيينها بـ«تصفيق حار» من جميع الخصوم السياسيين.
الكلمات الأولى للرئيسة الجديدة، بعد توليها منصبها، جاءت معبرة عن إدراكها حجم الأعباء والمهام الملقاة على كاهلها، التي تشتمل على مواءمات سياسية أكثر من كونها إجراءات قانونية وممارسات تشريعية معتادة. ولذا استهلت كومبا كلامها بالقول صراحة إن «الأمر لن يكون سهلاً... إذ تتطلب الممارسة الحالية للسياسة انخراط الجميع، وتستدعي توحيد الأهداف».
وتجدر الإشارة إلى أن جنوب السودان استقلت عن السودان عام 2011 إثر استفتاء شعبي، قبل أن تغرق الدولة الوليدة في أتون حرب أهلية في ديسمبر (كانون الأول) 2013، أوقعت نحو 380 ألف قتيل خلال 5 سنوات. وبالفعل أدّت هذه الحرب إلى نزوح نحو ثلث السكان، متسببة بأزمة إنسانية خطيرة. وفي وقت لاحق، وُقع اتفاق سلام رسمياً، بحضور وإشراف دولي، خلال شهر سبتمبر (أيلول) 2018 بين الرئيس سلفا كير، وغريمه رييك مشار، والرجلان يديران البلاد حالياً، الأول بصفته رئيساً، والثاني بصفته نائباً له.
تنحدر جيما نونو كومبا (55 سنة، فهي من مواليد عام 1966) من مقاطعة تومبورا (طمبورة) بولاية غرب الاستوائية. وإبّان سنوات طفولتها، انتقلت من مقاطعة تومبورا إلى مخيم للاجئين في جمهورية أفريقيا الوسطى. ثم التحقت بعد ذلك بالمدرسة الثانوية من 1983 إلى 1986 في جوبا، من ولاية غرب الاستوائية.
بدأت الرئيسة الجديدة للبرلمان حياتها السياسية في وقت مبكّر، فانضمت إلى متمردي الحركة الشعبية لتحرير السودان في أوائل التسعينات في حربها ضد الخرطوم. وعملت مديرة لشركة لها علاقات بتنظيم «الجيش الشعبي لتحرير السودان»، ثم صارت منسقة لمجلس كنائس السودان الجديد.
وبعدما عيّن زوجها ممثلاً لـ«الحركة الشعبية لتحرير السودان» في جمهورية ناميبيا المتاخمة لجمهورية أفريقيا، انتقلت كومبا معه. وللعلم، فإن زوجها هو وزير الثروة الحيوانية والسمكية السابق فيستو كومبا، وللزوجين 4 أطفال. وأثناء وجودها في ناميبيا، التحقت هناك بجامعة ناميبيا؛ حيث درست الإدارة العامة من 1999 إلى 2002. ومن ثم، نشطت بقوة في صفوف «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، وفي عام 2002 شاركت في مباحثات السلام نيابة عن «الحركة» في كينيا. وبعد عقد اتفاق السلام الشامل (CPA) عام 2005، شغلت كومبا منصب عضو برلمان في الخرطوم، ثم شاركت في مفاوضات السلام بين «الحركة الشعبية لتحرير السودان» والحكومة السودانية، بقيادة الرئيس السوداني آنذاك عمر البشير.
- ظهور لافت ومميز
ظهور جيما نونو كومبا اللافت والمميز، أهّلها لتكون أول امرأة تشغل منصب حاكمة بعد اتفاق السلام الشامل، إذ جرى تعيينها حاكمة لولاية غرب الاستوائية خلال عام 2008. قبل أن تخسر المنصب في انتخابات أبريل (نيسان) 2010 لصالح بانغاسي جوزيف ماريو باكوسورو.
لكن، على الرغم من هذه النكسة المؤقتة، عاودت كومبا مسيرتها، وتبوأت على التوالي عدة وزارات. ففي 10 يوليو (تموز) 2011 عيّنت وزيرة للإسكان والتخطيط العمراني في مجلس وزراء جنوب السودان. ثم في 3 أغسطس (آب) 2013، في أعقاب إجراء رئيس جنوب السودان عملية تعديل وزاري، شملت تبديل عدد من الوزراء وعدد من الوزراء والنواب، أسند إلى كومبا منصب وزيرة الكهرباء والسدود والري والموارد المائية، وبحلول يوليو 2016 عيّنت وزيرة لحماية الحياة البرية والسياحة.
أيضاً، خارج نطاق مجلس الوزراء، عيّنت كومبا خلال أكتوبر (تشرين الأول) 2015، في منصب نائب الأمين العام لـ«الحركة الشعبية لتحرير السودان». في الوقت نفسه، أقدم الرئيس سلفا كير على حل الأمانات الوطنية، وكلّف كومبا بالتوصية بأمانات الحزب الجديدة. ثم ما لبثت حلّت محل آن إيتو ليوناردو في منصب نائب الأمين العام لـ«الحركة»، وأدت اليمين الدستورية يوم 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 2015.
- مهارات سياسية تفاوضية
تتمتع جبما نونو كومبا بمهارات سياسية كبيرة في التفاوض، أهّلتها تماماً لتكون محل ثقة بين قادة السلطة في جنوب السودان. ذلك أنه بخلاف المناصب الحكومية التي تولّتها، عُهد إليها بكثير من المهام الخاصة بحل النزاعات القبلية والعرقية، من بينها في الفترة رئاسة لجنة لحل الصراعات الدائرة في مقاطعة تومبورا بين قبيلتي «البلندا» و«الزاندي»، وذلك بالاتفاق بين سلفا كير ومشار. ولقد شكّلت اللجنة من رجالات الدين والشباب والمجتمع المدني والقيادات العسكرية والسياسية من الحكومة الانتقالية. وأوصت بعقد مؤتمر صُلح بين أبناء المنطقة إلى جانب الاتفاق على ترحيل قوات المعارضة والحكومة من تومبورا إلى مريدي.
- مهمة جديدة صعبة
وفقاً لاتفاق السلام الموقع عام 2018، حُل برلمان جنوب السودان، ثم أعيد تشكيله في مايو (أيار) الماضي، بتعيين 550 نائباً بدلاً من 400. موزّعين على 3 مجموعات؛ الأولى تضم 332 نائباً من قبل الرئيس سيلفا كير، و128 من قبل رييك مشار، بينما تُعين الأطراف الأخرى الموقعة على الاتفاق 90 نائباً. كذلك سيكون نائب الرئيس - الذي لم يعيّن بعد - من هذا الحزب أيضاً. وهنا تجدر الإشارة إلى أنه اتُفق على أن يضم البرلمان ممثلي جميع الأطراف الموقعة على اتفاق السلام، في أعقاب حملة ضغوط كثيرة وقوية مارستها أطراف دولية وإقليمية على أطراف الاتفاق لتكملة هياكل ومؤسسات الفترة الانتقالية.
وفي أول المهام، دعا الرئيس كير رئيسة البرلمان الجديدة وأعضاء «الحركة الشعبية» إلى التركيز على تنفيذ بنود اتفاقية السلام، التي لم يتم تنفيذ كثير من بنودها بعد. ومما قاله الرئيس في كلمته للنواب: «يجب أن تكونوا سفراء السلام»، كما طالب كومبا والمجلس بأكمله إلى «التركيز على الهدنة»، التي جرى الالتزام بشروط قليلة منها.
هذا، ويعوّل في داخل جنوب السودان وخارجه على البرلمان ورئيسته في تحقيق تقدم على صعيد التوافق السياسي وتهدئة الأوضاع الأمنية، وإكمال استحقاقات اتفاقية السلام التي يعلق كثير من السودانيين الجنوبيين عليها آمالاً عريضة لتغيير أحوال الدولة. إلا أن كثرة من المراقبين ما زالوا يتوقعون صدامات بين مكوّنات البرلمان، بسبب تضارب المصالح بين التيارات المتنافسة.
وفي المقابل، في مطلق الأحوال، ينتظر أن يساعد البرلمان في إجازة قوانين تتوافق مع اتفاق السلام المنشَّط، إلى جانب سن تشريعات جديدة تتعلق بالإصلاحات الاقتصادية والمالية التي نصّت عليها اتفاقية السلام نفسها، بجانب إدماج الاتفاقية في الدستور بعدما تفرغ لجنة صياغة الدستور من أعمالها.
وهنا نشير إلى أن البرلمان الجنوبي تلقى دعماً دولياً واضحاً، حين أقدمت دول أفريقية وأوروبية على تهنئة حكومة الوحدة الوطنية بدولة جنوب السودان بمناسبة إعادة تشكيل البرلمان الذي اعتبرته دفعة لعملية السلام المتعثرة بالبلاد.
وقالت بريطانيا والنرويج وكندا وفرنسا والسويد، ومعها الاتحاد الأوروبي، في بيان مشترك: «إن إعلان تكوين الهيئة التشريعية يمثل خطوة مهمة في سبيل تنفيذ بنود اتفاق السلام». وأضاف البيان: «نأمل أن تقوم الحكومة أيضاً بتكوين مجلس الولايات والهيئات التشريعية الولائية لمعالجة قضايا التشرد والنزوح والنزاعات المجتمعية».
- انتصار للمرأة
على صعيد آخر، لا يختلف حال المرأة في جنوب السودان عما هو عليه وضع النساء في أنحاء العالم الثالث، وبالأخص، من ناحية تعرضها للاضطهاد والتحرش والعنف الجسدي، بل ربما هو الأسوأ بحسب تقارير رسمية. ولذلك جاء تعيين كومبا بمثابة انتصار للمرأة الجنوبية، التي تعاني من ضعف واضح في التمثيل السياسي.
وللعلم، تطالب القيادات النسوية بدولة جنوب السودان، منذ نحو 10 سنوات، أطراف اتفاق السلام، بمراعاة نسبة تمثيل المرأة، وأن تكون تلك النسبة وفقاً لما حددته اتفاق السلام بـ35 في المائة. وبالفعل، خصصت اتفاقية السلام نسبة 35 في المائة من المقاعد للنساء على مستوى الحكومة المركزية وحكومات الولايات، بجانب المجالس التشريعية في المركز والولايات. غير أن الأطراف فشلت حتى الآن في الالتزام بتلك النسب المخصصة لهن دون تقديم أي مبررات. وبالتالي، ينظر إلى الفشل في تحقيق تلك النسبة كواحد من الإخفاقات الكبيرة التي ستؤثر على وضعية النساء في المجال العام بالبلاد.
وفي السياق نفسه، ظلّت الأطراف الموقعة على اتفاق السلام المنشَّط في جنوب السودان «تماطل في تنفيذ النسبة المخصصة للنساء»، كما تشير أيا بنجامين واريلي، وزيرة النوع والطفل والرعاية الاجتماعية بجنوب السودان، التي اعتبرت أن ذلك «يمثل انتهاكاً صريحاً لحقوق النساء بالبلاد». وأضافت: «نحن أطراف اتفاقية السلام لم نلتزم بتمثيل المرأة في المستويات المختلفة للسلطة، ولا أحد يعلم ما هو السبب وراء ذلك، لكننا سنظل نسأل باستمرار عمّا حدث بخصوص تمثيل النساء في أجهزة الحكم المختلفة بالبلاد». كذلك قال واريلي: «كنساء قياديات في الحكومة الانتقالية، فإننا سنواصل الضغط من أجل حصول النساء والأطفال على حقوقهم، في إطار سعينا لتحقيق السلام المستدام بالبلاد».
مما يُذكر أنه سبق أن هدد نشطاء في مجال حقوق المرأة بدولة جنوب السودان، باللجوء للقضاء بسبب قلة التزام أطراف اتفاق السلام بالنسبة التي خصصتها اتفاقية السلام المنشطة لتمثيل النساء في جميع أجهزة الحكم التنفيذية والتشريعية على مستوى المركز وبقية الولايات العشر. في حين يشكل دور المرأة في البلاد مبعث قلق لبعثة الأمم المتحدة هناك، وسط استمرار العنف الطائفي الذي يهدد كل المدنيين، بما في ذلك أعداد كبيرة من النساء والأطفال. ودعا تقرير سابق للأمم المتحدة إلى المساواة بين الجنسين وتعزيز التنمية الدستورية في جنوب السودان، ولا سيما بلد منقسم بسبب الولاءات العرقية والقبلية.
ووفق التقرير الشامل الأول عن «حجم وحشية» العنف في مناطق النزاع في جنوب السودان، الصادر في نوفمبر 2017، فإن حجم العنف ضد النساء والفتيات في جنوب السودان يبلغ ضعف المتوسط العالمي. وأوضح التقرير أن ما يصل إلى 65 في المائة من النساء والفتيات اللواتي أجريت معهن مقابلات، تعرضن للعنف الجنسي أو البدني.
وأخيراً، يرى مثيانق شريلو، رئيس تحرير صحيفة «الموقف» في جنوب السودان، أن موقع المرأة في المناصب السياسية يعكس «انتكاسة كبيرة للحزب الحاكم في جنوب السودان وشعاراته بشأن تمكين النساء، ويعكس في ذات الوقت تراجعاً كبيراً لمواقف الحركة التي تبدو على الأرض أنها تسير إلى الوراء بشكل واضح». ويضيف في مقال له: «لم يجد البعض إجابات وافية بشأن التهميش المتعمد لنساء الحركة في هذا التوقيت الذي يشهد تقدم صفوف بقية النساء في حركة مشار، الغريم الأساسي للحركة التي يقودها الرئيس كير».



تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
TT

تطوّر العلاقات السعودية ـ الصينية... شراكة استراتيجية على مختلف الأصعدة

الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)
الرئيس الصيني شي جينبينغ مستقبلاً خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز في بكين في مارس 2017 (أ.ف.ب)

عقدت أخيراً في الرياض الجولة الثانية من المشاورات السياسية بين وزارة الخارجية السعودية ووزارة الخارجية الصينية، وترأس الجانب السعودي نائب وزير الخارجية وليد الخريجي، وترأس الجانب الصيني نظيره نائب الوزير دنغ لي. وبحث الجانبان تطوير العلاقات الثنائية، مع مناقشة المستجدات التي تهم الرياض وبكين. يذكر أن العلاقات السعودية الصينية شهدت تطوراً ملحوظاً خلال السنوات الأخيرة، إذ تعززت الشراكة بين البلدين على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية والثقافية. وتعود العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية إلى عام 1990، عندما افتتحت سفارتا البلدين رسمياً في العاصمتين بكين والرياض. مع أن علاقات التعاون والتبادل التجاري بين البلدين بدأت قبل عقود. وعام 1979، وقّع أول اتفاق تجاري بينهما، واضعاً الأساس لعلاقات قوية مستمرة حتى يومنا هذا.

تُعدّ الصين اليوم الشريك التجاري الأكبر للمملكة العربية السعودية، وانعكست العلاقات المتنامية بين البلدين بشكل كبير على التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما؛ إذ أسهمت في وصول حجم التبادل التجاري إلى أكثر من 100 مليار دولار أميركي في عام 2023. تستورد الصين النفط الخام من السعودية بشكل رئيسي، وتعدّ المملكة أكبر مورد للنفط إلى الصين، إذ تصدر ما يقرب من 1.7 مليون برميل يومياً. ولقد تجاوزت الاستثمارات الصينية في المملكة حاجز الـ55 مليار دولار. وبحسب تقرير لـ«edgemiddleeast»، ضخّت الصين 16.8 مليار دولار في المملكة في 2023 مقابل 1.5 مليار دولار ضختها خلال عام 2022، استناداً إلى بيانات بنك الإمارات دبي الوطني، وهي تغطي مشاريع في البنية التحتية والطاقة والصناعات البتروكيماوية. وفي المقابل، استثمرت المملكة في عدد من المشاريع داخل الصين، منها الاستثمارات في قطاعات التكنولوجيا والنقل. واستضافت الرياض أيضاً في شهر يونيو (حزيران) من هذا العام «مؤتمر الأعمال العربي الصيني» الذي استقطب أكثر من 3600 مشارك. وبعد أسبوعين فقط، أرسلت السعودية وفداً كبيراً بقيادة وزير الاقتصاد السعودي إلى مؤتمر «دافوس الصيفي» في الصين. وبالإضافة إلى هذا الزخم الحاصل، دعت الصين المملكة العربية السعودية كضيف شرف إلى «معرض لانتشو الصيني للاستثمار والتجارة» الذي أقيم من 7 إلى 10 يوليو (تموز) من هذا العام. وكانت وزارة الاستثمار السعودية حثّت الشركات على المشاركة بفاعلية في المعرض، والجناح السعودي المعنون «استثمر في السعودية». كذلك وقّعت السعودية والصين اتفاقيات متعددة لتعزيز التعاون في قطاع الطاقة، بما في ذلك مشاريع الطاقة المتجددة. وتسعى المملكة لتحقيق «رؤية 2030» التي تهدف إلى تقليص الاعتماد على النفط وتعزيز استخدام الطاقة المتجددة، في حين تسعى الصين إلى تأمين إمدادات الطاقة اللازمة لتنميتها الاقتصادية. وبالفعل، جرى أخيراً توقيع اتفاقية بين شركة «تي سي إل تشونغ هوان» لتكنولوجيا الطاقة المتجددة الصينية، وشركة توطين للطاقة المتجددة، وشركة «رؤية للصناعة» السعوديتين، لتأسيس شركة باستثمار مشترك، من شأنها دفع توطين إنتاج الرقائق الكهروضوئية في المملكة العربية السعودية. ووفقاً للاتفاقية، يبلغ إجمالي حجم الاستثمار في المشروع المشترك نحو 2.08 مليار دولار. التعاون السياسي والدبلوماسي تتعاون المملكة والصين على مستوى عالٍ في القضايا الدولية والإقليمية. وتستند العلاقات السياسية بين البلدين إلى احترام السيادة الوطنية والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية. كذلك تتبادل الدولتان الدعم في المحافل الدولية، مثل الأمم المتحدة ومنظمة التعاون الإسلامي، ولقد لعبت الصين دوراً محوَرياً في الوساطة بين السعودية وإيران، ما أدى إلى تحقيق نوع من التوافق بين البلدين، أسهم في توطيد الاستقرار، وقلّل من حدة التوترات، وعزّز من الأمن الإقليمي. الزيارات الرسمية والقمم المعروف أنه في مارس (آذار) 2017، قام الملك سلمان بن عبد العزيز بزيارة رسمية للصين حيث التقى الرئيس الصيني شي جينبينغ. وخلال الزيارة، وُقّعت 14 اتفاقية ومذكرة تفاهم، تضمنت التعاون في مجالات الطاقة والاستثمارات والعلوم والتكنولوجيا. وفي وقت سابق، كان خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبد الله بن عبد العزيز قد زار الصين رسمياً عام 2006، كانت تلك الزيارة بمثابة نقطة تحوّل في تعزيز العلاقات الثنائية، وشملت مباحثات مع القيادة الصينية وشهدت توقيع اتفاقيات عدة في مجالات الطاقة والتجارة والاستثمار. كما زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الصين في فبراير (شباط) 2019 كجزء من جولته الآسيوية. خلال هذه الزيارة، وقّعت 35 اتفاقية تعاون بين البلدين بقيمة تجاوزت 28 مليار دولار، وشملت مجالات النفط والطاقة المتجددة والبتروكيماويات والنقل. بعدها، في ديسمبر (كانون الأول) 2022، قام الرئيس الصيني شي جينبينغ بزيارة تاريخية إلى الرياض، حيث شارك في «قمة الرياض»، التي جمعت قادة دول مجلس التعاون الخليجي والصين. وتركّزت هذه القمة على تعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية والأمنية بين الجانبين، وخلالها وقّع العديد من الاتفاقيات في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتكنولوجيا. من الزيارات البارزة الأخرى، زيارة وزير الخارجية الصيني إلى السعودية في مارس (آذار) 2021، حيث نوقش التعاون في مكافحة جائحة «كوفيد 19» وتعزيز العلاقات الاقتصادية،