«السخرية» تغلق «ماربل آرش ماوند» غداة افتتاحه

إعادة ثمن تذاكر الدخول لأحدث معالم الجذب السياحي في لندن

ماربل ارش ماوند أحدث المزارات السياحية في لندن أثار موجة من الانتقادات والسخرية (أ.ف.ب)
ماربل ارش ماوند أحدث المزارات السياحية في لندن أثار موجة من الانتقادات والسخرية (أ.ف.ب)
TT

«السخرية» تغلق «ماربل آرش ماوند» غداة افتتاحه

ماربل ارش ماوند أحدث المزارات السياحية في لندن أثار موجة من الانتقادات والسخرية (أ.ف.ب)
ماربل ارش ماوند أحدث المزارات السياحية في لندن أثار موجة من الانتقادات والسخرية (أ.ف.ب)

أغلقت بلدية لندن المعلم الذي شيد مؤخراً وحمل اسم «ماربل آرش ماوند» أو «تل ماربل آرش» الذي بلغت تكلفته مليوني جنيه إسترليني بعد يومين فقط من افتتاحه للجمهور في أعقاب وابل من الانتقادات التي وصفت بأنه «أسوأ منطقة جذب في لندن».
أفاد مجلس بلدية وستمنستر بأنه تم رد ثمن بطاقات الدخول بعد وصول الزوار إلى موقع المزار الذي زعم أنه يقدم «منظوراً جديداً» للعاصمة، لكنهم في الواقع لم يجدوا سوى تل محاط بالسقالات والأشجار.
من جانبهم، دافعت شركة «MVRDV» الهولندية الذين شيدت «ماربل آرش ماوند» بأن دعوا سكان لندن إلى «منح الطبيعة بعض الوقت» بعد أن تعرض عملهم الغريب لانتقادات شديدة بسبب مظهره.
تم إغلاق المزار القبيح الذي كان مصدر أذى وتضرر للناظرين بعد يومين فقط من سخرية كل من شاهد المزار ووصفوه بأنه «كومة خبث» و«أسوأ مزار في لندن».
لجأ النقاد إلى وسائل التواصل الاجتماعي للسخرية من الهيكل الذي بلغ ارتفاعه 25 متراً (82 قدماً)، حيث قارن البعض المناظر الطبيعية الوعرة بالرسومات التي شوهدت في لعبة الفيديو «سوبر ماريو».
وأشارت الصحف البريطانية إلى أنه تم تصنيف «ماربل آرش ماوند»، الذي تم افتتاحه في 26 يوليو (تموز)، فور افتتاحه على أنه أسوأ موقع في عاصمة المملكة المتحدة، لأنه بدلاً من أن يكون هضبة من العشب المورق والأشجار التي تنبت على جوانبها، فهو لم يكن سوى كومة من التراب فوق الأرض.
كان المشروع الذي بلغت تكلفته 2.8 مليون دولار والذي يقع على مدخل شارع أكسفورد قد وعد بإطلالات شاملة على لندن من منصته البانورامية، المرتفعة بزاوية 130 درجة.
لم تكن مناظر شارع أكسفورد قد شوهدت من هذا الارتفاع من قبل، بحسب ما أكد المصممون للزوار المنتظرين، ولذلك ستكون أول فرصة للاستمتاع بالمشهد الجديد، ناهيك عن حديقة «هايد بارك» كان من المقرر أن ينشأ هناك. كذلك جرى إبلاغ الزائرين بأنهم سيجدون حدثا مثيرا داخل التل يتمثل في معرض فني، إلى جانب مكان لشراء طعام من محلات «مارك أند سبنسر».
وأشارت شبكة «سي إن إن» أن الواقع جاء مخالفا للخيال تماما حيث أفاد سكان لندن الحريصون على تجربة المزار السياحي الجديد الذي صممه معماريون هولنديون أن المكان لم يكن سوى كومة غير مكتملة من الأنقاض.
قال أحد الزوار وهو ينشر صوراً للمناظر، «مواقع البناء والسقالات وحركة المرور تسير أدناه: «ماربل آرش ماوند» هو أسوأ شيء رأيته في لندن على الإطلاق». وكتب آخر أن الجزء الداخلي عبارة عن «منطقة تخزين فارغة» وهناك لفات عشوائية من الكابلات بالخارج، ربما تكون مرتبطة بعرض الضوء الموعود.
أظهرت الصور التي نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أن الكومة لم تعكس منظرا طبيعيا، بل كانت دعامات خشبية لم تغط بعد بالأشجار والعشب. وفي بيانه، أقر مجلس بلدية «وستمنستر» بأن المناظر الطبيعية تحتاج إلى «المزيد من الوقت للاستقرار والنمو»، وأن «الكومة هي مبنى حي حسب التصميم (قابل للنمو والتحسن نظرا لما يغطيه من نباتات)».
من جانبها دافعت شركة «MVRDV»، التي يقع مقرها في روتردام، عن تصميمها لكنها أكدت لسكان لندن أنه «سيتحسن»، مضيفة في تصريح لـ«لأركتيكت جورنال» – مجلة المعماريين - «إنه لأمر مؤسف أن الكومة افتتحت قبل الأوان بكثير».
دائماً ما يكون الأمر غير متوقع عند العمل باستخدام النباتات والأشجار، خاصةً في الظروف الجوية الصعبة. فبسبب موجة الجفاف الأخيرة، تبدو الأزهار الجميلة بنية وذابلة لكنها ستتحسن، بحسب بيان الشركة.
أضاف البيان أن «البنية الحالية ضعيفة بلا شك، لكننا نحتاج فقط إلى منح الطبيعة بعض الوقت. فقد تم تصميم الكومة ليس فقط لفصل الصيف، لكن أيضاً مع وضع الخريف والشتاء في الاعتبار، ومن المفترض أن تكون ذات مظهر أخضر عام عند اكتمال العمل».
وأضاف المتحدث باسم الجهة المنفذة: «اخترنا إحضار نباتات إلى هذا الجزء من لندن لسبب هو أننا نعتقد أنه يمثل رمزاً للمكان الذي نحتاج إلى الذهاب إليه في المستقبل، وهو أن نرى المدينة وقد كستها الخضرة. كلما زادت أعداد النباتات التي نضيفها إلى المدن الداخلية وعلى الأسطح وفي الشوارع، انخفض تأثير الحرارة وكلما كانت المدينة أفضل في التعامل مع ارتفاع درجات الحرارة. إن ماربل آرش ماوند يرمز إلى هذه الرغبة ونحن ندعو الجميع ليروا بأنفسهم قريبا».



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».