«العارف» يخترق «حرب العقول» على طريقة جيمس بوند

المصري أحمد عز يواصل مطاردة «الأشرار» حول العالم

لقطة من فيلم «العارف» بطولة أحمد عز
لقطة من فيلم «العارف» بطولة أحمد عز
TT

«العارف» يخترق «حرب العقول» على طريقة جيمس بوند

لقطة من فيلم «العارف» بطولة أحمد عز
لقطة من فيلم «العارف» بطولة أحمد عز

تنتهي أخيراً سلسلة سوء الحظ التي واجهت الفيلم المصري «العارف» بداية من توقف تصويره أكثر من مرة لظروف مختلفة، مروراً بإغلاق دور السينما المصرية ضمن الإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس «كورونا» وحتى إخفاق الكثير من الأفلام في تحقيق إيرادات مناسبة، لكن الفيلم ينافس حالياً بقوة على إيرادات موسم عيد الأضحى السينمائي في مصر.
تدور حبكة فيلم «العارف - عودة يونس» حول أحد عباقرة الجيل الجديد من قراصنة الكومبيوتر «هاكر» هو يونس. رجل في العقد الأربعيني من عمره لكنه لا يزال يحتفظ بلياقة بدنية عالية، وسيم وممشوق القوام، يجمع بين الثقة والسخرية في آن واحد، يتم تجنيده من جانب أحد الأجهزة الأمنية المصرية بهدف التصدي لـ«هاكر» آخر يدعى «راضي» فينجح في مهمته مؤقتا غير أنه يقرر الانسحاب من المشهد لسبب ما.
تشتعل الأحداث بعد عامين على إثر عدد من المؤامرات الخارجية التي تستهدف أمن واستقرار البلاد. وهنا يتم استدعاء «يونس» مرة أخرى. يبدو مترددا في البداية ليس جبنا أو تقصيرا ولكن رغبة في عدم الانخراط مرة أخرى في مثل هذه الأجواء، ويقول لرئيسه بنبرة ظاهرها الاستسلام: «لم أعد أنفع لمثل هذه المهام فيرد الأخير عليه بحسم: لست أنت من يقرر صلاحيتك من عدمها».
وأمام خطورة الموقف، لا يسع يونس سوى الإنصات لصوت «ضميره الوطني»، يتعرف على ملامح المهمة سريعا، يستعد للسفر عبر العديد من العواصم الأوروبية والآسيوية ليقارع «راضي» في جولة أخيرة حاسمة طرفاها: «الوطنية والخيانة».
ينتمي الفيلم إلى دراما الحركة والتشويق حيث المطاردات بالسيارات والاشتباكات بالأيدي وأزيز أصوات الرصاص ودوي الانفجارات على مدار ما يقرب من ساعتين لا يكاد يلتقط المتفرج فيها أنفاسه من فرط الإثارة الشديدة التي يشعر بها دون مشهد واحد يشعره بالملل على نحو يؤكد مدى البراعة التي بلغها المخرج أحمد علاء في تنفيذ مثل هذه النوعية من الأفلام على غرار السينما الأميركية.
وجاء اختيار ثيمة القرصنة اختيارا ذكيا من جانب المؤلف محمد سيد بشير الذي سبق له اختبار مدى تفاعل الجمهور مع تلك النوعية من الدراما أكثر من مرة.
فيما يواصل النجم أحمد عز في العمل الجديد ممارسة هوايته في مطاردة «الأشرار» عبر العالم والفتك بأعداء الدولة المصرية على أكثر من صعيد كما حدث أخيراً في فيلمي «الخلية» و«الممر» فضلا عن مسلسل «هجمة مرتدة» الذي يبدو متشابها مع أجواء «العارف» من حيث الجاسوسية والمطاردات المثيرة عبر أكثر من عاصمة عالمية.
يستدعي الجو العام للفيلم أجواء شبيهة على نحو ما بسلسلة أفلام «جيمس بوند» لا سيما الجزء الثالث والعشرين «skyfall» بطولة دانيال كريج الذي يبدو «عز» نفسه شبيها به في المواصفات الشكلية وطريقة الأداء وهو إنتاج 2012، كما تستدعي بعض مشاهده لقطات سبق أن تم تنفيذ بعضها في فيلم «atomic blond» بطولة شارليز ثيرون إنتاج 2017.
ويعد حضور النجم أحمد فهمي مفاجأة العمل بامتياز حيث قام بتغيير جلده تماما كواحد من أشهر نجوم الكوميديا في مصر ليظهر في دور غير مسبوق وهو دور الشرير الخائن. فهمي لم يكتف بذلك بل مضى بعيدا في الدور ليضيف إليه ما يلزمه من مشاهد حركة واشتباك، هنا لا يبدو فهمي ذلك المضحك الوسيم، هادئ البال القادر على توليد الضحك بأداء عفوي تلقائي كما اعتاده الجمهور لا سيما في أفلام مثل «كلب بلدي» و«الحرب العالمية الثالثة»، بل يظهر بملامح متجهمة غاضبة عالية الصوت، لحيته مرسلة دون اكتراث وشعره لا يعرف التصفيف.
وأضفت النجمة اللبنانية كارمن بصيبص نكهة خاصةً على الفيلم حيث شكلت ثنائيا مقنعا للغاية مع «عز» على الشاشة باعتبارها فتاة حركة وقوة تهوى المغامرة لكنها تتمتع بحس إنساني وضمير يقظ.
بدوره، يؤكد مخرج العمل أحمد علاء، أنه سعيد بالعمل مع نجم مثل أحمد عز، نافيا أن يكون التعاون بينهما مخطط له ومقصود طوال الوقت حيث كان عز بطل أول أفلام علاء، وهو «بدل فاقد» عام 2009، ثم عادا والتقيا في مسلسل «هجمة مرتدة» في موسم رمضان الماضي، مشيراً في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «عندما تتهيأ الظروف يحدث التعاون بينهما»...
ويضيف علاء: «الفيلم يدور حول حرب المستقبل وهي حرب العقول والمعلومات وليست حرب الجيوش التقليدية، ومن ثم فهو يحمل رسالة إلى جانب فكرة التشويق والمتعة التي يبحث عنها المتفرج في المقام الأول».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».