«كوميكسات» تغزو مصر تحذيراً من «قتل الأزواج»

جرائم أحيت «موعد على العشاء» و{غرام الأفاعي»... و{محدش يقول صباح الخير»

كوميكسات متنوعة
كوميكسات متنوعة
TT

«كوميكسات» تغزو مصر تحذيراً من «قتل الأزواج»

كوميكسات متنوعة
كوميكسات متنوعة

كعادة المصريين عند تعاطيهم مع الوقائع المؤلمة والأحداث المأساوية، ضجت مواقع التواصل الاجتماعي في مصر خلال الساعات الماضية بعشرات التعليقات و«الكوميكسات» الساخرة بعد وقوع عدد من حوادث القتل الأسري بين الأزواج، لتخفف هذه الموجة الساخرة من وطأة هذه الجرائم التي هزّت الرأي العام المصري.
وتداول جمهور «السوشيال ميديا» في مصر، على نطاق واسع، المشهد الأخير من فيلم «موعد على العشاء»، ذلك الذي تُخبر فيه بطلته (سعاد حسني) زوجها (حسين فهمي) بكل هدوء أنها وضعت له السُّم في العشاء، ليواكب هذا المشهد «المؤلم» سيلاً من التعليقات النذيرة تحت راية «موسم قتل الأزواج»، مصحوباً بتعليقات ساخرة تستعجب ما وصل له الحال اليوم من قتل متبادل للأزواج، بما يفوق دراما السينما وشطحاتها أحياناً.
إلى جانب هذا المشهد، تزدحم ساحات التواصل الاجتماعي بـ«الكوميكس» المستوحاة من تراث «العنف الزوجي» في السينما كفيلم «غرام الأفاعي» الذي انتهى بقتل متبادل للزوجين، في مواكبة لتواتر حوادث القتل الأسري خلال الأيام الأخيرة في مصر، لتصبح التعليقات الساخرة أحد ردود الأفعال التي تصحب حالة الحوار الدائر حول أسباب تصاعد حالات القتل الزوجي إلى هذا الحد، حيث تم تسجيل ما يقرب من ١٠ حالات قتل وشروع في قتل بمحافظات متفرقة، خلال شهر يوليو (تموز) الجاري، بحسب تقارير صحافية مصرية أطرافها أزواج وزوجات، ينتمون إلى فئات اجتماعية مختلفة.
وسيطرت «الكوميكسات» والتعليقات الساخرة التي تدعو الأزواج لتجنب «غضب الزوجات» عبر مشاركاتهن في أعباء المنزل وإعداد الطعام وزيادة مصروفات البيت، وتصحب تلك «الكوميكسات» عادة صوراً لوجوه سيدات غاضبة توشك على الانفجار، فيما شارك عدد من الفنانين في تلك الموجة الساخرة «المُحذرة» للأزواج ومحاولة اتقاء غضب زوجاتهم، منها مشاركة للفنان المصري أحمد حلمي الذي نشر على صفحته الشخصية مقطع فيديو مُقتطفاً من إعلان تجاري شهير شاركت فيه البطولة زوجته الفنانة منى زكي، يبدأ المقطع وهو يقترب من مطبخ البيت حيث تقف وهي تمسك بسكين، فيقترب منها مُضطرباً ويقول: «صباح الخير»، فترد عليه التحية بشرار غاضب وهي تقبض بيدها على السكين، وأرفق حلمي بهذا المقطع عبارة: «محدش يقول صباح الخير الأيام دي»، وسط سيل من التعليقات الساخرة النذيرة من الرجال على غرار: «كلنا ننام مفتحين الأيام دي» و«انتبهوا لأنفسكم»، فيما أرجع البعض حالات غضب السيدات بسبب «موجة الحر الشديدة» هذه الأيام.
وتعتبر الدكتورة سامية خضر، أستاذة علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس بمصر، أن تلك التعليقات الساخرة تعكس حالة التناقض الحادة في إبداء ردود الأفعال التي تسود المجتمع المصري، ما بين انفعالات بكائية وأخرى هزلية وساخرة كتلك «الكوميكسات» الأخيرة، وتقول، لـ«الشرق الأوسط»، إن «توالي التعليقات التي تسخر من القتل تُعد في حد ذاتها تعليقات (مخيفة) تعكس مدى الاستخفاف بقضية بتلك الحساسية بدلاً من التعامل معها بجدية».
وتشير خضر إلى أن «اختيارات عدم الجدية في تناول الأمور لا تنعكس فقط على جمهور السوشيال ميديا، وإنما لها جذورها في مختلف مؤسسات المجتمع بداية من الأسرة إلى المدرسة ووسائل الإعلام، ما يجعل الشباب وهم أغلب مستخدمي تلك الوسائل يتماهون مع السخرية كطريقة تستسهل التعامل مع الأمور، بدلاً من محاولة الحوار والبحث عن أسباب وأصول تلك الأزمات المتمثلة في العنف الأسري الحاد».
وكان تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، في مارس (آذار) الماضي، قد أشار إلى أن حالات الطلاق لعام 2020 في مصر وصلت إلى 218 ألف حالة مقابل 225 ألف حالة في عام 2019.
ومن بين تلك الحوادث الشهيرة في مصر، حادثة قتل طبيب لزوجته الطبيبة بـ11 طعنة أمام أولاده، بسبب خلافات زوجية، بالإضافة إلى مقتل محاسب على يد زوجته بسكين خلال مشاجرة بينهما.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».