فاروق حسني وآدم حنين.. لوحات ومنحوتات تحلق بين الواقع والخيال

في معرض بدبي ضم 20 لوحة تجريدية و11 منحوتة برونزية

فاروق حسني وآدم حنين.. لوحات ومنحوتات تحلق بين الواقع والخيال
TT

فاروق حسني وآدم حنين.. لوحات ومنحوتات تحلق بين الواقع والخيال

فاروق حسني وآدم حنين.. لوحات ومنحوتات تحلق بين الواقع والخيال

في حوارية فنية بين أعمال اثنين من أهم الفنانين المعاصرين في مصر والعالم العربي، يحتضن غاليري ورد دبي معرضا لأعمال الفنان فاروق حسني، والنحات الكبير آدم حنين، اللذين يتمتعان بمكانة خاصة بين الفنانين المعاصرين في العالم. يحمل المعرض عنوان «مسارات مرتبطة.. ذكريات الماضي» وهو اللقاء الفني الثاني الذي يجمع بينهما بعد اللقاء الفني الأول عام 2000 في متحف المتروبوليتان بنيويورك، حيث أقاما معرضا حقق نجاحا كبيرا.
افتتح المعرض مساء أول من أمس الأربعاء الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع بدولة الإمارات العربية، والوزير عبد الرحمن العويس وزير الصحة ورئيس دائرة الثقافة والفنون بدبى، والوزير الدكتور أنور قرقاش وزير الخارجية بدولة الإمارات العربية. كما شاركت في الافتتاح الشيخة مي بنت خليفة وزيرة الثقافة بمملكة البحرين.
كما حضر الافتتاح الفريق أحمد شفيق، رئيس وزراء مصر الأسبق، والقنصل العام المصري السفير شريف بديوي، والسيد علي خليفة أمين عام جائزة الشيخ حمدان بن راشد، وبعض رجال الأعمال. ولقي المعرض إقبالا جماهيريا من الشخصيات الأجنبية والعربية المهتمة بالفن، وبعض أبناء الجالية المصرية بدبي. وأحيا حفل الافتتاح مجموعة من بيت العود بأبوظبي للفنان نصير شمه. ويأتي هذا المعرض باعتباره حدثا فنيا هاما موازيا لفعاليات معرض «آرت دبى» الدولي.
يعرض فاروق حسني 20 عملا فنيا يجمع بين التجريد والتشخيص، ويجسد مرحلة فنية جديدة من مسيرته الفنية، بها خلاصة تجربته التشكيلية وتحمل وهجا خاصا، بينما يقدم آدم حنين 11 قطعة نحتية من الأعمال التي تميز بها، المستلهمة من الحضارة المصرية القديمة، لكنها في الآن ذاته تجاري الفن الأوروبي المعاصر.
ويشترك الفنانان في تأثيراتهما على حركة الفن المصري المعاصر بأعمالهما المستوحاة من الحضارة المصرية العريقة وتراثها الثري وطبيعتها، لكنها تنطق بلغة عالمية معاصرة في تأثيرها على المتلقي. بل تنتقل إليك شحنة من المشاعر الفنية تتجاذب فيما بينها وتدخل المتلقي مجالها، وتنقله إلى فضاء خاص يمتزج فيه الخيال بالواقع.
وبنظرة على لوحات فاروق حسني ستجد أنها ترتكز على مضمون آيديولوجي مستقى من الأفكار الفلسفية للوجود، فهو دائما ما ينتقي لونا يكون هو بمثابة الطبقة العليا التي تترك إشعاعها على باقي ألوان لوحته، تتجلى في اللوحات مجموعات لونية تعكس الخبرة والبراعة في توظيف النسب والظلال والضياء وتحريف العناصر والأشكال وتجريدها من هيئتها لتخلق عمقا منظورا إيهاميا يشي بما وراء الأشكال والألوان فيعطي المتلقي فرصة للتأمل والتأويل وفقا لثقافته.
ونظرا لاتجاه الفنان لدمج التشخيص مع التجريد، فإنك للوهلة الأولى تشعر بأن اللوحات تخلق نوعا من الألفة بين المتلقي العربي والفن التجريدي الذي ظل معزولا عن المجال الفني؛ إذ يعتبره الكثيرون «شخبطة» لا معنى لها. وهو أمر يرجع للتوقعات والافتراضات المسبقة للمتلقين والصورة النمطية للفن التشكيلي، مثل: لوحات تصور المرأة، الطبيعة، أو موروثات شعبية، وهكذا. ورغم إخلاصه في لوحاته للتجريد اللاشكلي فإنه استحضر خلاصة التجريد التعبيري والتتبعي والحركي والروحاني والمنيمالي Minimal Art، لذا تنبض اللوحات بالحداثة وتكتسي بخصوصية شديدة، فهي بما تجسده من حوار ما بين قلب اللوحة وحافتها تعطي انطباعا بأن اللوحة في حالة تماهٍ مع العالم الخارجي، بل إن العالم أكثر تجريدية مما نتصور.
يقول حسني لـ«الشرق الأوسط»: «أنا لا أجسد الطبيعة ولا أجسد تأويلا أدبيا أو فلسفيا معينا، وإنما أجسد إيقاع الوجود من حولي، وكل ما يحيط بي في مجتمعي، معايشة الفنان للمحيطين به للحالة الاجتماعية والسياسية هي مشاعر تتراوح بين تضاد الأحداث: البشاعة والجمال، وهذا التضاد يخلق نوعا من الطاقة المتجددة بقراءاته وتفكيره وتأمله. فأنا أعتبر اللوحات تعبيرا عن مكنون الفنان، وأعتبرها فضاء خاصا للتعبير عن حريتي، ومن ثم فهي تمثل مشهدا قابلا للامتداد والاتساع».
ويضيف: «لم أتصور يوما أن لوحاتي سوف تشي للنقاد الأجانب بخلفيتي وتأثري بالإسكندرية، لم أدرك أنها تظهر في لوحاتي بمناخها وبحرها اللامتناهي ومناخها الثقافي والحضاري، فالمدركات الكلية تعتمد بكل تأكيد على الذكريات السابقة التي تكتسبها عبر تراكم الخبرات الحسية السابقة، وللسلوك الفني دوما مرجعية ومصادر عقلية تتعامل مع المفاهيم المجردة، أما الإدراكية التي تتعامل مع القيم الحسية كالمقاس والحركة والشكل والفراغ واللون وهو ما لعبت فيه الإسكندرية دورا كبيرا بالنسبة لي». وتنطوي اللوحات على تشكيلة متنوعة من الألوان ذات إيقاع قوي نابض، وبها نقلات لونية جريئة خلقت علاقات غير متوقعة، وتظهر فيها أسطح من الأصفر والأزرق والبنفسجي مع تقاطعات مدهشة من الأحمر الصارخ أو الأخضر المتوهج وأطياف بنية وأشكال سوداء غامضة مع ضربات فرشاة صفراء صريحة، تجذب العيون نحو نقاط الانطلاق اللوني.
تتراوح اللوحات ما بين ألوان الباستيل والأكريللك، ورغم ظهور اللونين «الأوكر» و«الألترا مارين» فإن حسني يرفض تفسير استخدامه لهما باعتبارهما يرمزان للصحراء والبحر، يقول: «الألوان هي الأبدية الخالدة وهي الانفجار العاطفي، حينما تتاح أمامي الأدوات وتتحرك بداخلي المشاعر لا أتعمد اختيار ألوان بعينها بل أنساق وراء ما تمليه اللوحة، فالأشكال تغذي ضوءها الذاتي».
يقف حسني وسط حشد من عشاق الفن التشكيلي في الإمارات من مختلف الجنسيات يتبارون في محاولة تفسير فحوى اللوحات، ودار النقاش حول التدمير الإجرامي لآثار العراق، فاستنكر قائلا: «إنهم يحاولون محو تاريخ البشرية، هي أكثر من آثار، إنها بصمات الإنسان ودليل وجوده في هذا الكون». وأتساءل: ماذا سوف تتخذه مؤسسة اليونسكو باعتباره كان قريبا من آليات عملها؟ قال: «لا أتوقع دورا حيويا فاعلا لليونسكو بسبب ضآلة ميزانيتها الحالية، وسوف يتوقف دورها عند الشجب والبيانات». يلتقط النحات الكبير آدم حنين طرف الحديث من منظوره الفني، قائلا بنبرة مطمئنة: «النحت في العالم العربي بخير وكل ما نشاهده هي حالات مرضية مؤقتة ناجمة عن الجهل، لن تؤثر على ذائقتنا النحتية، اليوم هنالك في كل دولة عربية سمبوزيوم دولي يكشف عن وجود مبدعين، فالنحت تعبير عن وجود الإنسان، والرصيد الحقيقي لأي أمة هو ما تيسر لها من حلم وقدرة على الخيال، وكلما أمعنا في استخدامه ازداد ثراء عالمنا لينبض بالفن والحياة».
حالة التجانس بين لوحات ومنحوتات آدم حنين خلقت حوارية تنقل إليك شحنة من المشاعر الفنية تتجاذب فيما بينها وتدخل المتلقي مجالها، وتنقله إلى فضاء خاص يمتزج فيه الخيال بالواقع.
وبين منحوتات «كاهن النحت» آدم حنين التي تستنطق البرونز بلغة الحجر وتلعب على أوتار اللذة الجمالية؛ يقف تمثال ضخم «القارئة» ليجسد حالة الاندماج وحوار حنين مع المادة واستشهاده بها، فالمرأة هنا محور تدور حوله أعماله الفنية، وهي النموذج الذي سعى من خلاله إلى التعبير عن الظلم الاجتماعي. يقول: «قضيتي الفنية واحدة وهي البحث عن الإيقاع المصري الخالص التي تجدينها في الجلباب المصري مثلا، لذلك أعمالي تمثل متوالية من حياتي، وتجاربي في التعبير عن مشاعري تشرح خط السير الخاص بي وكيف أبحث عن الهوية المصرية في كل شيء، رغم اختلاف فترات تنفيذها».
حرص آدم حنين على أن تحاكي المعروضات تقلباته الفنية وحواراته المختلفة مع المادة؛ وما بين «الطائر» و«المحارب» و«الحمار» في كل منحوتة تستشعر شغفه المتوقد دائما للنحت، وهو لا يطلق على منحوتاته أسماء، وإنما مجرد وصف ويتركها تبوح للمتلقي بمشاعره ومكنوناته الداخلية، فتمنح المتلقي الدهشة في كل مرة تقع عينه عليها.
تعكس أعماله النحتية المتبلورة أكثر من نصف قرن من الإبداع حيث اختزال التفاصيل وتربيع الأجساد الأسطوانية والإحساس التعبيري بالهدوء التأملي والتأهب للحركة في الحيوان المنحوت، ثم اتجاهه إلى نزعة أكثر تجريدا ورمزية، فأصبحت الأعمال ذات بعدين دون نقلات في التضاريس اعتمد فيها على الخطوط «الكونتورية» وعلى الثقوب والفراغات الإيقاعية.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.