«بن آند جيري» و«التنصت» تثيران الانتقادات ضد إسرائيل

مصنع شركة مثلجات (بن آند جيري) جنوب إسرائيل (إ.ف.ب)
مصنع شركة مثلجات (بن آند جيري) جنوب إسرائيل (إ.ف.ب)
TT

«بن آند جيري» و«التنصت» تثيران الانتقادات ضد إسرائيل

مصنع شركة مثلجات (بن آند جيري) جنوب إسرائيل (إ.ف.ب)
مصنع شركة مثلجات (بن آند جيري) جنوب إسرائيل (إ.ف.ب)

لفت تقرير صحافي أميركي، إلى تصاعد الانتقادات الأميركية لإسرائيل على خلفية ممارساتها السياسية والقمعية للفلسطينيين، في الوقت الذي تتواصل فيه ردود الأفعال على فضيحة برنامج التجسس الذي تبيعه شركة إسرائيلية لدول في العالم، وموقف الحكومة الإسرائيلية، من قرار شركة مثلجات أميركية وقف عملياتها في الأراضي الفلسطينية التي تحتلها إسرائيل.
وفيما وصف تقرير صحيفة «نيويورك تايمز»، موقف الحكومة الإسرائيلية، بأنه «غير دقيق» لناحية اعتباره قرار شركة (بن آند جيري)، «دعماً ورضوخاً لحملات المقاطعة»، أضاف أنه يعكس إصرار إسرائيل على متابعة ممارساتها غير العادلة تجاه الفلسطينيين، في الوقت الذي تتغاضى فيه عن فضيحة التنصت. وقال إن القضيتين تسلطان الضوء على اثنتين من المؤسسات الوطنية التي تحدد هوية إسرائيل: التكنولوجيا العالية والاحتلال العسكري الدائم.
وأكد التقرير، أن إسرائيل بتركيزها على قضية «بن آند جيري»، تحاول تصوير نفسها على أنها ضحية لخطوة معادية وغير أخلاقية، و«كأن إسرائيل نفسها لا تشارك في أي سلوك غير أخلاقي خاص بها ولا يمثل أي مشكلة، كهدم المنازل، والتمييز المؤسسي ومصادرة الأراضي، والاعتقال الإداري، وإطلاق النار على المتظاهرين الفلسطينيين العزل». وأضاف التقرير «كما لو أن شركة إسرائيلية تبيع تكنولوجيا مثيرة للجدل إلى حد كبير، ليس موضع شك أكثر من شركة الآيس كريم التي تحرم العملاء الذين يعيشون في مناطق معينة من منتجاتها».
وأضاف أن رد الفعل الرسمي في إسرائيل على قرار «بن آند جيري»، يعكس بخلاف إجماع المجتمع الدولي، إجماعاً سياسياً إسرائيلياً، على عدم التمييز بين الأراضي الإسرائيلية داخل حدودها المعترف بها دولياً والأراضي التي احتلتها عام 1967، ورغم ذلك، يضيف التقرير، أن رسالة «بن آند جيري» تشير إلى أن المناطق المحتلة ليست جزءاً شرعياً من إسرائيل، وهي خطوة لا تتوافق فقط مع المعايير الدولية، بل ومع بعض الاتفاقات السياسية لإسرائيل، كاتفاقية التعاون التي وقعتها حكومة بنيامين نتانياهو عام 2018، مع الاتحاد الأوروبي والتي استبعدت المستوطنات، دون أن تثير «البكاء حول معاداة السامية».
وأضافت الصحيفة، أنه في الوقت الذي يريد فيه المسؤولون الإسرائيليون، أن يرى العالم، إسرائيل، على أنها دولة ناشئة، أخلاقية وخيّرة وليبرالية، ويعمل وزير الخارجية لبيد بجد لإصلاح العلاقات الدبلوماسية لإسرائيل حول العالم، وتحاول الحكومة الجديدة تغيير لهجتها قليلاً عن سابقتها بعد خروج نتنياهو من السلطة، لا يزال الاحتلال مستمراً منذ عقود، وموقفها لا يزال كما هو، خصوصاً بعد كشف فضيحة التنصت. وأضافت أن هذا يكشف بوضوح أن إسرائيل هي «قوة محتلة محاربة ولديها صناعة مراقبة إلكترونية هجومية ومزدهرة».
وقال التقرير، إن إسرائيل تعد مُصدِّراً رائداً لتقنيات المراقبة الحديثة، مثل التعرف على الوجوه ومراقبة الإنترنت وجمع البيانات البيومترية. وشكلت صناعة التكنولوجيا العالية 46٪ من إجمالي الصادرات الإسرائيلية في عام 2019، وهي تختبر وتستخدم هذه الأدوات كل يوم في الأراضي المحتلة، كجزء من نظامها المعقد للسيطرة على حركة ملايين الفلسطينيين وحياتهم. وفي السنوات الأخيرة، قام الجيش الإسرائيلي بتركيب آلاف الكاميرات وأجهزة المراقبة عند نقاط التفتيش في الضفة الغربية، بما في ذلك برنامج التعرف على الوجه الذي طورته شركة «أني فيجين» الإسرائيلية. وأكد التقرير أن إسرائيل خاضت حربها الأخيرة في مايو (أيار) الماضي في غزة، بشكل أساسي، من ملجأ تحت الأرض، معتمدة على الاستخبارات والتكنولوجيا الرقمية لتوجيه قوتها الجوية إلى الأهداف التي ستضرب عليها.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».