تصعيد الحوثيين في مأرب يجبر 414 عائلة على النزوح خلال شهر

TT

تصعيد الحوثيين في مأرب يجبر 414 عائلة على النزوح خلال شهر

في وقت تواصل فيه الميليشيات الحوثية تصعيد هجماتها واستهداف الأحياء السكنية في مدينة مأرب اليمنية (173 كيلومتراً شرق صنعاء) البالغ عدد سكانها أكثر من مليوني نسمة، قالت منظمة الهجرة الدولية، إن هذا التصعيد أجبر أكثر من 414 أسرة على الهرب من منازلها إلى أماكن عدة خلال شهر يونيو (حزيران) الماضي.
وأوضحت المنظمة، أن العائلات التي أجبرتها هجمات الجماعة الانقلابية على النزوح خلال تلك الفترة كانت تقطن في مديريات صرواح، ومدغل، ورغوان بمحافظة مأرب، وانتقلت عقب تصاعد الأعمال الحوثية العدائية إلى مدينة مأرب ومديريتي مأرب الوادي والجوبة.
وقدرت المنظمة الدولية للهجرة، في تقرير صادر عنها، أن عدد الأشخاص النازحين هذا العام نتيجة ذلك التصعيد بلغ نحو 3 آلاف و353 أسرة، بقوام 23 ألفاً و371 شخصاً.
ووفقاً للمنظمة، فقد ارتفع عدد النازحين منذ بدء هجمات الحوثيين مطلع 2020 إلى 22 ألفاً و68 أسرة، في حين تقدر السلطة المحلية بمأرب أن نحو مليون شخص نزحوا في جميع أنحاء المحافظة.
ولفتت المنظمة إلى أن أكثر الضحايا المدنيين المبلغ عنهم من مناطق رغوان ومدغل وصرواح، وهي المناطق الأكثر تضرراً من هجمات الميليشيات العدائية.
وعلى رغم أن محافظة مأرب تعد منطقة صحراوية غنية بالنفط وموطناً لنحو 400 ألف شخص قبل الحرب، فإن حروب الميليشيات التي أشعلتها في مناطق يمنية عدة في أعقاب انقلابها رفع عدد سكانها وفق بيانات محلية إلى نحو 2.7 مليون نسمة نتيجة حركة النزوح الواسعة إليها، كونها باتت الملاذ الآمن للكثير من الفارين من بطش الجماعة المدعومة إيرانياً.
وكانت الأمم المتحدة حذرت في وقت سابق من الآثار الإنسانية المترتبة على تصعيد الحوثيين للعمليات القتالية في غرب مأرب. وقال مكتبها للشؤون الإنسانية إن ما يقارب 400 ألف من المقيمين في مخيمات النزوح قد ينزحون مجدداً إلى المحافظات المجاورة، مع استمرار القتال والتصعيد الحوثي، كما يتوقع أن يواصل المزيد من المدنيين الفرار نحو الضواحي الشرقية لمدينة صرواح وإلى مدينة مأرب.
وذكرت الأمم المتحدة، في بيان لها عن الحالة الإنسانية، أن مواقع النازحين باتت مكتظة بالفعل وقدرات الاستجابة فوق طاقتها، محذرة من انتقال الأعمال القتالية نحو المدينة والمناطق المحيطة بها؛ إذ إن ذلك سيؤدي إلى نزوح 385 ألف شخص آخرين إلى خارج المدينة وإلى حضرموت، مع تقييد وصول المساعدات الإنسانية ووضع ضغوط كبيرة على الموارد المحدودة أصلاً.
وتستضيف مديرية صرواح بمأرب وحدها نحو 30 ألف نازح في 14 موقعاً على الأقل، في حين تشير تقارير عدة إلى أن بعض النازحين قد نزحوا للمرة الثالثة في المتوسط بعضهم حملوا مأواهم معهم إلى مواقعهم الجديدة.
وبعكس الأرقام التي أوردتها الأمم المتحدة، كانت الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت في إحصائية سابقة عن حالة النزوح في مأرب أن المحافظة استقبلت حتى مطلع مايو (أيار) الماضي أكثر من 2.2 مليون نازح، وأن هؤلاء يشكلون 60 في المائة من إجمالي عدد النازحين في البلاد.
وأظهر تقرير الوحدة، أنه حتى منتصف أبريل (نيسان) الماضي بلغ عدد النازحين الفارين من المخيمات التي استهدفتها الميليشيات منذ بداية فبراير (شباط) الماضي، 24 ألفاً، أغلبهم كانوا في مخيمات أقيمت في صرواح التي استهدفتها الجماعة بالقذائف والرشاشات.
على صعيد متصل، قالت منظمة إنقاذ الطفولة، إن مليوناً و700 ألف طفل نازح في اليمن مقطوعون عن الخدمات الأساسية، لا يحصل نصف مليون منهم على تعليم رسمي.
وأجبرت هجمات الميليشيات ما يقرب من 4 ملايين يمني على النزوح من منازلهم إلى محافظات أخرى، كما تؤدي هجماتها المتواصلة إلى مضاعفة أعداد النازحين يومياً. وذكرت المنظمة، أنه في عام 2020، أُجبر ما يقدر بنحو 115 ألف طفل على الفرار من منازلهم بسبب تصاعد العنف، لا سيما حول مناطق مأرب والحديدة وحجة وتعز، في حين اضطر نحو 25 ألف طفل وعائلاتهم إلى مغادرة منازلهم في النصف الأول من عام 2021.
ولفتت إلى أنه مع استمرار العنف في اليمن وإجبار الأطفال وعائلاتهم على ترك منازلهم، فإن 9 من كل 10 أطفال في مخيمات النازحين لا يتمتعون بإمكانية الوصول الكافي إلى الأساسيات مثل الطعام والمياه النظيفة والتعليم.
ودعت إلى الوصول الكامل إلى مجتمعات النازحين، لتحسين الخدمات للأطفال في المخيمات، مؤكدة أنهم يضطرون إلى المشي لساعات للعثور على مياه شرب آمنة وحطب للطهي، وأن كثيرين منهم ليس لديهم خيار سوى العمل من أجل المساعدة في دخل الأسرة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».