«الاتحادية» العراقية تمنع البرلمان من الهيمنة على المفوضية الحقوقية

أفتت باستقلاليتها المالية والإدارية

TT

«الاتحادية» العراقية تمنع البرلمان من الهيمنة على المفوضية الحقوقية

قضت المحكمة الاتحادية العراقية بعدم دستورية ارتباط المفوضية العليا لحقوق الإنسان بمجلس النواب أو أي سلطة أخرى، وأكدت استقلاليتها الإدارية والقانونية والمالية حفاظاً على استقلاليتها ودعم أعمالها ومهامها، والحفاظ على سمعة العراق دولياً. ويبدو أن الحكم مرتبط بالنقاشات حول بعض المواد المختلف عليها في قانون المفوضية، وبخاصة تلك المتعلقة بما إذا كانت مرتبطة بالجهة التنفيذية ممثلةً بمجلس الوزراء، أو التشريعية ممثلةً بالبرلمان. ويتزامن الحكم مع موعد انتهاء ولاية مجلس المفوضين الحالي المحددة بأربع سنوات.
وكان نائب رئيس البرلمان حسن الكعبي، ومن منطلق اعتقاده بارتباط مفوضية الحقوق بالبرلمان، قد وجه، الأحد الماضي، كتاباً إلى مجلس المفوضين وطالبهم بعدم ممارسة مهامهم الإدارية والمالية لانتهاء ولايتهم القانونية.
وقال الكعبي في الكتاب إنه ستتم إدارة المفوضية «مؤقتاً من لجنة مشكّلة من مجلس النواب بسبب عدم تمكن مجلس النواب من التصويت على لجنة الخبراء لاختيار أعضاء المفوضية الجديدة وذلك لتسيير الأمور المالية والإدارية اليومية لحين تشكيل مجلس المفوضين الجديد أصولياً».
ومع الحكم الجديد الصادر عن المحكمة الاتحادية، فإن تعليمات وكتب البرلمان ستكون غير قابلة للتنفيذ، حسب مطّلعين، ذلك أن مهمته تشكيل لجنة خبراء للبت بتشكيل مجلس المفوضين الجديد وليس تعيين أشخاص لإدارة المفوضية لحين انتحاب أعضاء المجلس الجدد.
بدورها، أعربت البعثة الأممية في العراق (يونامي)، أمس، عن أسفها لـ«عدم تمكن مجلس النواب من تشكيل لجنة الخبراء لاختيار أعضاء جدد في المفوضية، وبالتالي تأخير تعيين مجلسٍ جديدٍ للمفوضين».
وحثت البعثة (البرلمان) على اتخاذ تدابير فورية لتعيين مجلس المفوضين للمفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق في امتثالٍ تام للمادة 7 من قانون المفوضية العليا لحقوق الإنسان لسنة 2008، وبما يتفق مع «المبادئ الدولية المتعلقة بحالة المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان» (مبادئ باريس).
بدوره، يرى عضو مجلس مفوضية حقوق الإنسان علي البياتي أن «البرلمان هو من يتحمل مسؤولية عدم انتخاب مجلس جديد، وكان يجدر به اتخاذ الخطوات العملية لذلك كي تستمر المفوضية في عملها». ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «طريقة اختيار مجلس الحقوق يشترك فيه ممثلون عن 5 جهات، هي: البرلمان والحكومة والبعثة الأممية والمجتمع المدني ومجلس القضاء».
ويعتقد البياتي أن «انتخاب مجلس جديد في هذه الفترة مهمة صعبة جداً إن لم تكن مستحيلة خصوصاً مع انشغال البرلمان وكتله السياسية بالتحضير للانتخابات المقبلة، وكان يجدر بالبرلمان التخطيط لانتخاب مجلس جديد في وقت مبكر». وحول تدخل البرلمان في شؤون المفوضية، ذكر البياتي أن «الدستور واضح في مهام البرلمان التشريعية والرقابية ولم يمنحه صلاحيات إدارة مؤسسات ذات مهام تنفيذية».
ويعاني معظم «الهيئات المستقلة» حسب الدستور من التدخلات الحزبية والسياسية، وغالباً ما يختار أشخاصاً منتمين أو مقربين من تلك الجهات لشغل المناصب العليا في تلك الهيئات، ما يعرّض مصداقيتها للتصدع.
وذكرت المفوضية وقتذاك، أن «لجنة الاعتماد الدولية للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في جنيف قررت بالإجماع، منح المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق تصنيف A كأعلى تصنيف عالمي يُمنح للمؤسسات الوطنية الفاعلة والناشطة على المستوى الوطني والإقليمي والدولي».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.