دراما الرعب والتشويق تُسيطر على المسلسلات المصرية القصيرة

بوستر مسلسل «شقة 6»
بوستر مسلسل «شقة 6»
TT

دراما الرعب والتشويق تُسيطر على المسلسلات المصرية القصيرة

بوستر مسلسل «شقة 6»
بوستر مسلسل «شقة 6»

يسعى بعض المنتجين المصريين للاستفادة من النجاحات المتتالية التي حققتها المسلسلات القصيرة خلال الآونة الأخيرة، عبر إنتاج أعمال جديدة من المتوقع عرضها خلال الفترة القصيرة المقبلة على غرار مسلسلات «الثمانية» و«شقة 6» والجزء الثاني من مسلسل «إلا أنا»، وتسيطر دراما الرعب والغموض والتشويق على هذه المسلسلات التي نجحت في اجتذاب جمهور المنصات الرقمية بشكل خاص، وجمهور التلفزيون بشكل عام خلال السنوات الأخيرة.
وتدور أحداث مسلسل «الثمانية» من تأليف المستشار تركي آل الشيخ، رئيس الهيئة العامة للترفيه السعودية، في إطار من الأكشن والإثارة، ويجسد فيه الفنان المصري آسر ياسين دور ضابط شرطة ينفذ عدداً من العمليات الخاصة.
ويرجع فنانون، من بينهم ريم مصطفى، ميلهم للمشاركة في المسلسلات القصيرة، إلى اختلاف طبيعة المشاهدة حالياً، وتفضيل المشاهدين للأعمال التي تتسم بالإيقاع السريع، وأشارت في تصريحات صحافية إلى أنّ هذه النوعية من المسلسلات أثبتت قدرتها على جذب الجمهور كما أنّها تعد فرصة للمبدعين، وتعكس تطوراً للمتغيرات التكنولوجية المتلاحقة»، لافتة إلى «أنّها تجسد خلال أحداث مسلسل (الثمانية) شخصية فتاة تعمل في ملهى ليلي، وتتعرف على أحد الأشخاص الذين يترددون على المكان. ويتكون المسلسل من 8 حلقات، ويشارك في بطولته كل من محمد علاء، وخالد الصاوي، وغادة عادل، ومحمود البزاوي، ولارا إسكندر، ومنذر رياحنة، ومن إخراج أحمد مدحت».
ويقول الناقد المصري خالد محمود لـ«الشرق الأوسط»، «إنّ نجاح المسلسلات القصيرة التي تنتمي لنوعية الرعب والإثارة على المنصات الرقمية العربية والعالمية، تسبب في اتجاه كثير من المنتجين المصريين إلى إنتاج أعمال مشابهة»، مشيراً إلى أنّ «تنفيذ أعمال الرعب لا يتوقف على المخرج أو الفنان أو المصور، بل يتطلب عناصر أخرى مهمة، حيث سيضعها المشاهد بالطبع في مقارنة مع الأعمال الأجنبية التي شاهدها على المنصات العالمية، وحتى يستطيع المنتجون توفير كل هذه التقنيات، أرى أنّه من المناسب البحث عن موضوعات جيدة ومبتكرة، لكي لا تبقى أعمالنا مجرد أعمال مقلدة وضعيفة».
وتلعب الفنانة روبي بطولة مسلسل «شقة 6» المقرر عرضه على إحدى المنصات الرقمية بداية الشهر المقبل، المسلسل المكون من 15 حلقة، ستُعرض منه 3 حلقات أسبوعياً، وتدور أحداثه حول شقة تحمل رقم 6 في إحدى العمارات التي تعيش فيها البطلة مع جيرانها، وتحدث أجواء مُرعبة داخل هذه الشقة، تفاجئ سكان العمارة.
ويشارك في بطولة المسلسل هاني عادل، وصلاح عبد الله، ومحمود البزاوي، ورحاب الجمل، وحمزة العيلي، وملك قورة، وهو من تأليف سعاد القاضي، ومحمود وحيد، ورفيق القاضي، ومن إخراج محمود كامل.
وشارك في موسم دراما رمضان الماضي، نحو 3 مسلسلات قصيرة، تنتمي لفئة الـ15 حلقة هي «أحسن أب» بطولة علي ربيع، ومسلسل «كوفيد - 25» بطولة يوسف الشريف، ومسلسل «بين السما والأرض» بطولة هاني سلامة ويسرا اللوزي، المأخوذ عن الفيلم المصري القديم الذي قامت ببطولته هند رستم وأخرجه صلاح أبو سيف.
ووفق صناع دراما مصريين، فإنّ المسلسلات القصيرة، أسهمت في كشف عيوب الأعمال الدرامية الطويلة لما تحتويه من مط وتطويل بغرض التماشي مع عدد أيام شهر رمضان نزولاً على رغبة المعلنين.
ويؤكد محمود: «التجربة أثبتت أنّ العشر حلقات الوسطى في مسلسلات رمضان تكون الأضعف»، مشيراً إلى أن «إنتاج 10 أو 15 مسلسلاً قصيراً خلال موسم الصيف يعد أفضل من إنتاج 6 مسلسلات طويلة، لأنها ستحقق بذلك تنوعاً ومجالاً أوسع لمناقشة قضايا متنوعة».
بدورها، تستعد الفنانة سهر الصايغ لتقديم بطولة حكاية «بيت عز» ضمن الجزء الثاني من مسلسل «إلا أنا»، وذلك بعد مشاركتها في مسلسل «الطاووس» بموسم رمضان الماضي.
ويشارك في بطولة حكاية «بيت العز» رشدي الشامي، وصفاء الطوخي، وسلوى محمد علي، وسامي مغاوري، وتامر نبيل، وعصام السقا، وهاجر الشرنوبي وإخراج أحمد يسري.
وعرضت القنوات والمنصات الرقمية عدداً من الأعمال الدرامية القصيرة، خلال الشهور الأخيرة على غرار «ليه لأ» بطولة أمينة خليل وهاني عادل، و«كل أسبوع يوم جمعة» بطولة منة شلبي وآسر ياسين، ومسلسل «قارئة الفنجان» بطولة أحمد فهمي، و«ما وراء الطبيعة» بطولة أحمد أمين، و«أنصاف مجانين» بطولة أحمد خالد صالح، و«إسعاف يونس» بطولة محمد أنور والمكون من 10 حلقات.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».