«حديقة الأزهر» في مصر وجهة لجلسات تصوير الزفاف

تنسيقها المميز وإطلالتها الفريدة يجذبان الجمهور

جانب من إحدى جلسات تصوير الزفاف في حديقة الأزهر (تصوير: عبد الفتاح فرج)
جانب من إحدى جلسات تصوير الزفاف في حديقة الأزهر (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«حديقة الأزهر» في مصر وجهة لجلسات تصوير الزفاف

جانب من إحدى جلسات تصوير الزفاف في حديقة الأزهر (تصوير: عبد الفتاح فرج)
جانب من إحدى جلسات تصوير الزفاف في حديقة الأزهر (تصوير: عبد الفتاح فرج)

على مقربة من قلعة صلاح الدين الأيوبي الأثرية في القاهرة، تُطل حديقة الأزهر، بأشجارها ونباتاتها الخضراء شديدة التناسق وبحيرتها الصناعية، على مدينة الألف مئذنة، مستفيدة من الرؤية المتفردة التي توفرها التبة المرتفعة التي كانت فيما مضى مقلباً للقمامة، لكنها تحولت منذ نحو 15 عاماً إلى وجهة دائمة لتنزه المصريين، حيث تتيح الحديقة مناظر طبيعية جميلة لالتقاط الصور التذكارية التي يكون في مقدمتها «جلسات تصوير الزفاف»، والتي يقبل عليها عدد كبير من الشباب، على الرغم من ارتفاع رسوم التصوير داخل الحديقة، حتى بات مشهد دخول العروسين بزي الزفاف الشهير (البدلة والفستان) مألوفاً لدى الزوار وموظفي الحديقة.
وتبدأ جلسات تصوير الزفاف عادة مع انكسار أشعة الشمس الحارة عقب الثالثة عصراً، وتستمر لما بعد الغروب. ويستخدم مصورو هذه الجلسات حالياً تقنيات حديثة وعاكسات ضوء لالتقاط صور ومقاطع فيديو ذات جودة عالية، ويتنافس في ذلك عشرات الفوتوغرافيين.
ووفق أحمد عبد الحميد، مسؤول العلاقات العامة بحديقة الأزهر، فإن أعداد الزوار تأثرت بفعل جائحة كورونا خلال الشهور الماضية بشكل عام، وامتحانات الثانوية العامة وذهاب كثيرين إلى الشواطئ بشكل خاص. وعلى الرغم من ذلك، فإن الإجازة الأسبوعية التي تزامنت مع إجازة عيد الأضحى شهدت زيارة نحو 8 آلاف فرد.
وعن أسباب إقبال الشباب المصريين على تصوير جلسات زفافهم بالحديقة، يقول عبد الحميد لـ«الشرق الأوسط»: «تتمتع الحديقة بعدة مميزات، من بينها إطلالتها الفريدة على جامع محمد علي التاريخي، ومسجدي السلطان حسن والرفاعي، وعدد كبير من المساجد الأثرية الأخرى، كما تتيح بحيرتها الصناعية ومناظرها الخضراء خلفيات رائعة لتصوير هذه الجلسات، بالإضافة إلى الطرز المعمارية الإسلامية للبوابة الرئيسية ومطاعم الحديقة حيث بُنيت من حجر الهاشمة المستخرج من جبل المقطم القريب من الحديقة».
ونشرت صفحة الاتحاد الأوروبي الرسمية على موقع «تويتر» أخيراً فيلماً قصيراً لسفير دولة مالطا، يوضح فيه أسباب اهتمامه الدائم بزيارة الحديقة التي عدها مكانه المفضل في القاهرة، لما تتيحه من مشاهدة مواقع أثرية مميزة، على رأسها قلعة صلاح الدين التي تتشابه مع مبان تاريخية في بلاده.
وللحفاظ على مستوى الحديقة التي يبلغ ثمن تذكرتها 30 جنيهاً مصرياً (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، تستعين إدارة الحديقة بشركات نظافة وتأمين خاصة، وأخرى داخلية، لمتابعة الإجراءات الاحترازية من وباء كورونا، إلى جانب الانتشار في جميع أرجاء الحديقة للمتابعة، على حد تعبير عبد الحميد.
وعلى الرغم من ارتفاع رسوم تصوير جلسات الزفاف في حديقة الأزهر، التي يبلغ قيمتها 600 جنيه مصري لكل جلسة، تشمل دخول معدات التصوير والعروسين والمصورين، فإنها تجتذب كثيرين لتفرد الحديقة بمناظر رائعة، حسب وصف محسن محمد (30 سنة)، أحد المستفيدين من الخدمة، الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «مع أن جلسة التصوير كلفتني نحو 1500 جنيه (رسوم الدخول + أجر المصورين)، فإنني سعيد باللقطات التي التقطت لي ولعروسي؛ لا شك أنها ستكون ذكرى جميلة».
وتتوسط حديقة الأزهر التي يبلغ مساحتها أكثر من 80 فداناً مجموعة كبيرة من البنايات القديمة لمنطقة الدرب الأحمر والمقابر، وكانت تستغل في الماضي بصفتها مقلباً للقمامة والمخلفات، وهي تقدم تصميماً عصرياً مستوحى من الحدائق الإسلامية التاريخية. وتساهم حديقة الأزهر بجذب أكثر من مليوني زائر سنوياً، إضافة إلى تقديمها لمساحة خضراء تشتد الحاجة إليها في أكثر مدن العالم كثافة، حسب الموقع الإلكتروني لصندوق أغا خان للتنمية الثقافية.
وتستقبل حديقة الأزهر نحو 10 جلسات تصوير زفاف يومياً في موسم الصيف، وتزيد في العطلات الرسمية والإجازات الأسبوعية، حسب عبد الحميد الذي يرجع ارتفاع ثمن تذكرة الدخول أخيراً إلى الخدمات المتعددة التي تقدمها الحديقة، على غرار ركن لعب الأطفال المجاني، ودورات المياه التي تحتاج إلى متابعة وتعقيم على مدار الساعة، إلى جانب السماح بدخول المأكولات والمشروبات، والحفاظ على المستوى نفسه من رونق الحديقة منذ افتتاحها في منتصف العقد الأول من القرن الحالي. وقد أعادت الحديقة فتح أبوابها مجدداً أمام الجمهور في شهر أغسطس (آب) من العام الماضي، بعد إغلاقها بضعة أشهر بسبب وباء كورونا.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».